إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التسويف - إعداد المحامي :بسام المعراوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التسويف - إعداد المحامي :بسام المعراوي

    التسويف
    إعداد المحامي :بسام المعراوي
    قال تعالى : (( و أنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدهم الموت فيقول رب لو لا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق و أكن من الصالحين، و لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها و الله خبير بما تعملون)) ( المنافقون /10-11) .
    لا يشك العاقل في أن تأجيل الأعمال إحدى مهدرات الوقت .
    و لكن جهل الإنسان و نظراته الضيقة تجعله مسوفا في أعماله، و لربما يلسع المرء من هذا العقرب ألا و هو عقرب التأجيل و التسويف، و لكنه يعود إليه بكسله و توانيه، و الكل منا قد مر بحالات – أو حالة على الأقل – من هذا النوع، و عرف نتيجة التسويف جيدا، و لكنه البش الذي يتوب فيعود، و بعودته هذه يفقد وقته و عمره و حياته .
    و في هذا المضمار كتب الأستاذ ( مالك بن نبي ) في كتابه ( بين الرشد و التيه ) تحت عنوان ( وزن الوقت ) :
    ((إن الزمن نهر قديم يعبر العالم،و يروي في أربع و عشرين ساعة الرقعة التي يعيش فيها كل شعب، و الحقل الذي يعمل به، و لكن هذه الساعات التي تصبح تاريخا هنا و هناك، قد يصير عدما إذا مرت فوق رؤوس لا تسمع خريرها )) .
    فقد تمر على الإنسان فرص كثيرة، لو أنه استثمرها لصنع تاريخا جديدا، و لربما كانت فرصة واحدة تمر على أحدنا، لو أنه اغتنمها لنقش اسمه في صفحات التاريخ المشرق، و لكن الإنسان يخادع نفسه فيقول : ( الوقت طويل، فلم العجلة ؟ ) و كأنه قد ضمن حياته ! و ليس له أن يضمها .
    إن التسويف يسرق من الإنسان عمره، و يقعد بصاحبه عن القيام بواجبه، فيحول بينه و بين ما يطمع و يتمنى و كل ذلك تحت طائلة التسويف و التأجيل .
    يذكر الكاتب المعروف ( دايل كاربجي ) في كتابه ( كيف تكسب الثروة و النجاح و القيادة ) قصة تلامس مشكلة التسويف فيقول ( أخبرني مدير إحدى دور النشر أن آلة الكاتبة فقدت من حجرة مكتبه، و ظلت مفقودة أكثر من عامين، ثم اتفق بعد ذلك أن كان يبحث مع سكرتيرته عن ورقة خاصة بين الأوراق المتراكمة على المكتبة، فإذا هما يعثران على تلك الآلة المفقودة مطمورة بين تلك الأوراق ) .
    و سبب ضياع الآلة راجع إلى تأجيل الأعمال المدونة في تلك الأوراق بلا شك .
    و في موقع آخر كتب ( لقد روى الدكتور (( وليم سادلر )) – أحد كبار الأطباء النفسانيين – أن مدير إحدى المؤسسات الكبيرة بشيكاغو،جاء إلى عيادته يوما يشكو التعب و الاجتهاد، و بينما هو يروي قصته، دق جرس التلفون، و إذا بمدير المستشفى الذي يعمل فيه الدكتور منه موافاته بتقرير عن مسألة معينة، فأسرع إلى كتابة التقرير، و أرسله لساعته.
    ( ثم عاد يستمع لقصة زائره، و لكن جرس التلفون دق مرة أخرى، و كان هناك طلب عاجل أيضا، فبادر إلى تنفيذه، و ما كان يفعل حتى جاء زميل له يستشيره في حالة مريض في حالة خطرة، فأدلى إليه بالمشورة المطلوبة .
    ثم أقبل على زائره – مدير الأعمال – معتذرا عن تأخيره، و شد ما كان عجبه حين رد عليه قائلا : لا داعي للاعتذار، إن الدقائق التي قضيتها الآن هنا، جعلتني ألمس مصدر علتي، و قد تعلمت منك عمليا كيف أعالجها بأن أنجز مثلك كل ما أستطيع إنجازه من الأعمال، دون أن أؤجله ساعة أخرى ) .
    و في هذا المجال أكثر المقولات و الأحاديث الرائعة التي سطرها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، و هنا عرض لبعض منها :
    يقول صلى الله عليه وآله وسلم : (( يا أبا ذر، إياك و التسويف بأملك، فانك بيومك، و لست بما بعده، فان يكن غدا لك لم تندم على ما فرط في اليوم )) بحار الأنوار (ج77،ص75) .
    يشير الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث إلى أن الأمل الكاذب يؤدي بالإنسان إلى التسويف، و أن يوم الإنسان هو الذي في يده، و إذا جاء الغد و استثمره فانه يحق له أن يندم على ما فاته .
    يقول الإمام علي عليه السلام : (( فتدارك ما بقي من عمرك، و لا تقل غدا أو بعد غد، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني و التسويف، و حتى أتاهم أمر الله بغته و هم غافلون)) بحار الأنوار (ج73،ص75) .
    و يقول الإمام الباقر عليه السلام :
    (( إياك و التسويف ! فانه بحر يغرق فيه الهلكى )) بحار الأنوار، ( ج73،ص36) .
    و يقول عليه السلام أيضا : (( أوسع أبواب جهنم باب يسمى باب الموسوفين )) .
    و لأن الموسوفين كثرة أ جعل أوسع أبواب الجنة مخصصة لهم .
    و جاء في دعاء للإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام :
    (( و أعني بالبكاء على نفسي، فقد أفنيت بالتسويف و الآمال عمري، و قد نزلت الآيسين من خيري ))، بحار الأنوار (ج98،ص88) .
    و لا ملامة إن بكى الإنسان حسرة على ما ضيعه من عمره بالتسويف ! فالتسويف لا يغنى سوى حرق ساعات العمر دون فائدة !
    يقول الشاعر في صورة أدبية رائعة :
    إذا أنت لم تزرع و أبصرت حصادا ندمت على التفريط في زمن البذر
    إن أقوى سلاح يجب أن يشهره الإنسان في وجه التسويف، هو أن يتذكر الآخرة و الموت تذكرا دافعا إلى مبادرة الأعمال الصالحات، و ليس تذكرا لا يعدو كونه خيالا سرعان ما يتبخر .
    و يشير عبد الله بن المعتز في أبيات شعر له، إلى حقيقة التفريط و التسويف، فيقول منشئا :

    نسير إلى الآجال في كـل سـاعة و أيامنا تطوى و هـن مـراجـل
    ولم نرى مثل الموت حقـا كأنـه إذا ما تخطته الأمــاني بــاطـل
    و ما أقبح التفريط في .مـن الصبا فكيف به و الشيب في الرأس شامل
    ترحل عن الدنيا بزاد من التقـى فـعـمرك أيـام تــعد قـلائل

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعمل...
X