إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علاقة أسطورية بين الرجل والمرأة بمسرحية تركية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علاقة أسطورية بين الرجل والمرأة بمسرحية تركية

    مكان ما في وسط العالم
    مسرحية تركية تسرد
    علاقة أسطورية بين الرجل والمرأة
    بالتقنية المعاصرة

    دمشق - سانا
    اعتمد المخرج المسرحي التركي محمد نور الله تونجر في مسرحيته "مكان ما في وسط العالم" التي عرضت في دار الأوبرا على قضية تسلط الرجال والعلاقة المتبادلة مع النساء لتكون المنطلق الأساسي لعمل مسرحي امتد لأكثر من 70 دقيقة حمل الكثير من الاحتفالية التقنية والسينوغرافيا المتطورة.
    ويدور العرض الذي وضعه الكاتب التركي أوزن يولا حول عالم النساء الذي يسيطر عليه الرجال بما فيه من عادات ومقولات وقوة مرهونة بالأرض عبر مشاكل تعيشها المرأة كما يتطرق للسيطرة الذكورية ووقوع المرأة رهينة للعادات والتقاليد.
    يبدأ العرض الخيالي للمسرحية بتوصيف الرجل المسيطر والمرأة المحكومة في مزرعة نمطية بمنطقة الأناضول التركية يملكها "إمره بيه" الذي يتصف بالتغطرس والقسوة لكنه يقع في غرام "أهاتان" فيقتل أخاها ويحبسها في المزرعة فتخطط بصمت لفعل الانتقام.
    وفي زحمة السرد المسرحي لما يعتمر داخل أهاتان من مكائد وما يملكه إمره بيه من سلطة ونفوذ تنجب الزوجة الطفل إحسان فيخف عندها هاجس المكيدة وتجيش لديها عواطف الأمومة والحب تجاه ابنها الذي يبث فيها روح الأمل إلا أن دخول النجار جان في حياتها بعد أن صنع سريراً لابنها ووقوعها في حبه يقلب الموازين ويزيد من تأزم الأمور.
    ويصل التسلط الذي يسيطر على عقل إمره بيه إلى فرض الصداقة على جان الذي يهوى ويعشق اكتشاف العالم عبر باخرة يريد صنعها على اعتبار أنه نجار لكن إمره بيه يسارع إلى قتله لخروجه عن سيطرته وليقضي على أمل زوجته أهاتان ويعزلها عن العالم ولاسيما بعد أن عرف بالحب الذي يجمع بينه وبينها.
    أما اللحظة الحاسمة التي صدمت الجمهور فهي عندما تتمرد أهاتان على واقعها وتضع كل عواطف الأمومة خلف ظهرها وتثأر من إمره بيه فتقتل ولدها إحسان وترميه في أحضان أبيه وهي قائلة.. ستحبني وأحبك وستخافني وأخافك وستكرهني وأكرهك.
    واعتمد العرض على المثلث المألوف في رومانسيات المسرحيات الكلاسيكية الحديثة من خلال سرد قصة البطل والحبيبة والحسود واستحضار العواطف الإنسانية من حب وكره وغيرة.
    وإذا كانت الأحداث الدرامية في هذا العرض مادة جاهزة تم توظيفها بشكل يخدم فكرة محورية هي معاناة امرأة في إحدى محميات "إمره بيه" إلا أن السرد السريالي للأحداث على لسان الراوية والمناجاة الداخلية للشخصيات الرئيسية ولاسيما أهاتان المسكونة بهواجس العزلة والثأر كان دليلاً للجمهور لمعرفة مسار هذه الأحداث ودرجة تطورها وحساسية اللحظات التي كانت بحاجة أن يتفاعل معها.

    ولم يكن عنصر الإبهار الموسيقي والمؤثرات الصوتية أقل شأناً من قوة النص ومن المقدرات التمثيلية العالية لفريق العمل ولاسيما أن المخرج تونجر استقى الموسيقا من مقاطع في ألبوم موسيقي صوفي مستمد من ثقافة "باله" التركية والتي كانت وثيقة الصلة بالعمل ككل ومتكاملة مع الديكور والإنارة والحركة أحالت فضاء المسرح المحدود إلى عالم ليست له حدود مكانية وشكلت مساحات منظرية غير مرئية لكنها مدركة في أذهان ومخيلات الممثلين والجمهور.
    واعتمد موسيقار العرض "كان أتيلا" على الإيقاعات الصوتية من أغان وتراتيل جعلت الحدث الدرامي عناصر سمعية في شكل فقرات محددة بهدف التنويع والإثارة والإثراء انطلاقا من النص والتصميم وتنويع مناخ العرض كما في مشاهد أسراب الطيور والمناظر الطبيعية على شاشات القماش.
    كما لجأ "إرسن آشار" مصمم المؤثرات للضجيج الاصطناعي الذي جاء بمجمله قديماً وثابتاً كقصف الرعد وصفير الرياح وهدير البحر بهدف مرافقة التمثيل وتبرير بعض تطورات الحدث.
    الشيء اللافت في العرض هو توظيف الإضاءة المسرحية بشكل جيد والاستفادة منها في إعطاء المتفرج رؤءية واضحة لكل ما يوجد على الخشبة وإظهار الشخصية المسرحية بأبعادها الثلاثة عدا عن الإبهار المنتظر المتلائم مع أسطورية الحكاية وعمقها الفلسفي والمناجاة الداخلية للشخصيات.
    بينما اعتمد الديكور على المناظر التي تغير المنطق الوصفي للأشياء من حيث غنى الألوان واستخدام الحداثة بحرية لتكوين الكثير من المناظر المسرحية بواسطة تشكيل الرؤى والمشاهدات البصرية البعيدة عن الصدق البصري ومؤءكدة للانفعال التراجيدي وإحساسات اللاشعور الداخلي عند الجمهور.
    وفي تصريح لسانا قال مخرج العمل محمد نور الله تونجر إنه استخدم خلال البروفات ست لغات وكان هذا الأمر صعباً على الممثلين الذين رغم ذلك نجحوا من خلال إحساسهم باللغة وامتلاكهم لمجموعة من الإمكانات وإضافاتهم من ملكاتهم ومواهبهم فنيات أخرى أبرزت المسرحية كعمل متكامل.
    وفيما يتعلق بالتقنية الضخمة المستخدمة في مسرحيته لفت تونجر إلى أن كبار رجال المسرح المعاصر ارتبطوا بالتقنية لكنهم آمنوا بأن لا مسرح دون الممثل الذي يشكل الأساس قبل إيجاد الحياة فوق الخشبة.
    واعتبر تونجر الذي نال جائزة تقديرية بمهرجان دمشق المسرحي عام 2004 أن المهرجانات تقرب المسرح من الجمهور الذي يجد نفسه على الخشبة ويعيش المعاناة والحب وكل المشاعر الإنسانية.
    أما الفنانة التركية إسراء رونابار التي أدت دور أهاتان فاتخذت وضعية مستوى صوت متناسب مع المعنى الذي ينطوي عليه حوارها مع حرصها الذكي على الإيقاع الخاص والعام والسرعة أو البطء. فيما استدرج الفنان حسين كوروغلو مكنونات شخصية إمره بيه واستنبط سلوكها سيكولوجياً وفيزيولوجياً فأبرز الشخصية متألقة ومتمازجة مع ظاهر وباطن الحوار والنص.
    وكان إلقاء الفنانة التركية تمريس إنجير التي أدت دور امرأة عجوز تروي مجريات الأحداث وتشارك في بعضها بكلام دقيق وفصيح وواضح حيث حمل صوتها القوة والرخامة معاً.
    بينما لفتت الممثلة التركية إزغي سومر يوغلو التي أدت باللغة العربية دور سناء زوجة إمره بيه غير الولود انتباه الجمهور حيث كانت عنصر مفاجأة أنقذته قليلاً من هم المتابعة الدائمة لشريط الترجمة.
    وأشارت يوغلو إلى أن إتقانها للغة العربية جاء لكون زوجها سورياً وقالت إن أغلب الممثلين الأتراك المشاركين في المسرحية يتكلمون لغات أخرى كالإنكليزية والفرنسية وبهذا يمكن لبعضهم أن يؤءدوا أدوارهم بحسب لغة الجمهور.
    وأضافت يوغلو إن اللغة العربية تملك الكثير من الإحساس والروح وتتملك الممثل فتكون كلماتها معبرة عن الحالة التمثيلية بشكل صحيح ولاسيما عندما يكون الجمهور ذواقاً ومتفهماً للقيم الجمالية مثل الجمهور السوري.

يعمل...
X