إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بعدسات الصغار بقرية النبي صالح المعاناة الفلسطينية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بعدسات الصغار بقرية النبي صالح المعاناة الفلسطينية

    «أنا من النبي صالح»
    المعاناة الفلسطينية بعدسات الصغار



    رام الله – بديعة زيدان


    تشتهر قرية النبي صالح الفلسطينية الواقعة شمال رام الله، بأنها أرض حرب كل يوم جمعة، إثر قمع قوات الاحتلال الإسرائيلية لمسيرات شعبية ضد الاستيطان. وقرر عشرة أطفال من القرية بقيادة صحافية وناشطة أميركية ومصور فوتوغرافي فلسطيني، مواجهة الاحتلال بطريقة مختلفة، بعيداً من رشق الحجارة. فاتجهوا إلى التسلح بكاميرات، لا توثق معاناتهم المباشرة جراء إجراءات جنود جيش الاحتلال فحسب، بل يعبرون من خلالها عما يجول في دواخلهم، مسلّطين الضوء على زوايا مختلفة من حيواتهم اليومية.

    تحت عناوين مثل «متجر أمي» و «نفاية» و «أماكن مهجورة» و «اجتياح» و «أماكن للعب» و «فقر» و «مياه»، وغيرها، تحتضن الأكاديمية الدولية للفنون في رام الله معرض «أنا من النبي صالح» لصور التقطها هؤلاء الأطفال، وجميعهم من أسرة التميمي، لتتجول المجموعة في ما بعد في مدن فلسطينية عديدة، ثم تطير مطلع العام المقبل إلى الولايات المتحدة، وبالتحديد إلى نيويورك وواشنطن وبوسطن، إضافة إلى برشلونة الإسبانية والعاصمة الدنماركية كوبنهاغن وسيدني الأسترالية.

    في «متجر أمي» يصور الطفل محمود التميمي منزله ووالدته والأسرة، مبرزاً دور أمه في العمل داخل المنزل لتوفير مصدر رزق إضافي للأسرة التي تعاني، كالكثير من الأسر الفلسطينية، ضيق ذات الحال، مؤكداً أنه أراد أن يقول عبر هذه الصور لوالدته: «شكراً».

    وفي «أماكن للعب»، سلّطت الطفلة ليالي التميمي الضوء على مخلفات جيش الاحتلال، بعد اشتباكات كل جمعة، وكيف أصبحت «ألعاباً خطرة» يلهو بها أطفال «النبي صالح». في حين اختار وعد التميمي موضوع المياه، مبرراً ذلك بأن «مأساة المياه كارثية في النبي صالح، تتدفق مرة واحدة في الأسبوع، وليس إلى كل منازل القرية. أنا وأسرتي نعاني شحّ المياه، خصوصاً أن المستوطنين في مستوطنة «حلاميش»، المنشأة على أراضي قرى فلسطينية من بينها «النبي صالح»، يتحكمون في تدفقها عبر «المفتاح» الموجود في جوار المستوطنة».

    أما روان التميمي التي اختارت الفقر موضوعاً لصورها، فأشارت إلى أن حالة الفقر تتنامى في المجتمع الفلسطيني ككل، وفي النبي صالح بطبيعة الحال: «كان شهر رمضان شاهداً على زيادة نسبة الفقر بين الأسر الفلسطينية، وخصوصاً في قريتنا».

    ووصف المشاركون تجربة المعرض، الذي كان ثمرة ورشة تدريبية استمرت شهراً في أحد منازل القرية، بأنها «رائعة»، مؤكدين أنها شجعت معظمهم على الاستمرار في التصوير، للخروج بصور أفضل من حيث الجودة والعمق، وجعلتهم يدركون أهمية الصورة في التعبير عنهم وعن أهل قريتهم، مؤكدين أن للصورة تأثيراً كبيراً في نقل معاناتهم في النبي صالح.

    وقالت الصــحافية والناشطة الأميركية أليسون هريمر: «أتواصل مــع الأهالي في قرية النبي صالح منذ سنتين تقريباً، وأوثق معاناتهم بعدستي، بل أرسل تقارير مصورة عن القرية إلى العديد من وسائل الإعلام الأميركية، لأرصد آثار الاجتياحات المتكررة، والاشتباكات الأسبوعية مع أهالي القرية، خصوصاً الأطفال منهم. يعيش الصغار حياة صعبة على أكثر من صعيد، لا سيما نفسياً، ومن هنا جاءت الفكرة ليعبر الأطفال عما في دواخلهم بطرق سلمية ومفيدة، أي من خلال الكاميرا».

    أضافت: «كان التدريب يتم في أحد منازل القرية، وكان الأطفال متحمسين للبوح بما في دواخلهم، وبيومياتهم المتداخلة مع الأوضاع الخاصة للقرية، وباتوا أكثر حماسة بعدما تُرجمت ورشة التدريب إلى معرض صور سيتجول في عواصم ومدن عالمية».

    أما المصور الفلسطيني عيسى فريج فقال إن «الفكرة تتمحور على الطاقات الكامنة في داخل أطفال النبي صالح، هي محاولة لفتح أمامهم آفاق جديدة، وعبر الكاميرا، ليعبروا عن أنفسهم،
    وليقدموا مختلف جوانب حيواتهم اليومية وبطريقة فنية. أردنا أن يدرك هؤلاء الأطفال الموهوبون تفاصيل فن التصوير، وأن أي تفاصيل في حياتهم يمكن أن تكون محور اهتمام الكثيرين في فلسطين والعالم، فهذا الاهتمام لا ينحصر بالضرورة في الأحداث العسكرية التي تشهدها قريتهم».

    مطلع العام الماضي، سيطر المستوطنون الإسرائيليون على نبع المياه الرئيس لقرية النبي صالح. ومنذ ذلك الحين، انضمت القرية، بسكانها الذين يقلّ عددهم عن ألف نسمة، إلى المقاومة الشعبية الفلسطينية ضد الاستيطان. وترجموا توجههم ذاك في مسيرات أسبوعية، كل يوم جمعة، لتصبح القرية في عين الحدث عالمياً، مرة كل أسبوع على الأقل. إلا أن هذا المعرض الفوتوغرافي يمكّننا، من رؤية النبي صالح بعيون أطفالها، بمشهديتها اليومية، لعلنا نفهم المعاناة التي تتخذ أبعاداً إنسانية إضافية، وربما بذلك تكتمل الصورة.
يعمل...
X