إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة



    حي على الفلاح
    أربعون فائدة من
    فوائد صلاة الجماعة

    مسند بن محسن

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
    أما بعد:
    فهذه رسالة مختصرة في فضل صلاة الجماعة وفوائدها، جمعت فيها بتوفيق الله – تعالى – ما تيسر من هذه الفوائد، وقد بلغت أربعين فائدة – بحمد الله ، وقد جعلت المرجع الأساس لهذه الرسالة، كتاب الله – تعالى – وسنة رسوله r وذلك لكفاية الوحيين في الاستدلال، ورغبة في عدم التطويل؛ ليسهل الانتفاع بإذن الله – تعالى.
    وقد دفعني إلى الكتابة في هذا الموضوع ما رأيت من أحوال بعض المسلمين في بعض البلدان الإسلامية من عدم الاهتمام بصلاة الجماعة، مما أدى إلى تعطيل المساجد وقلة عمارها، بل إلى قلة عدد المساجد، وقد زرت إحدى المدن العربية التي يربو عدد سكانها على (30) ألف مسلم، ولا يوجد فيها إلا أربعة مساجد فقط، لا تمتلئ حتى في صلاة الجمعة والله المستعان.
    تنبيه مهم: (حكم صلاة الجماعة):
    إن الأصل الأصيل في هذه العبادة (صلاة الجماعة) وفي غيرها من العبادات هو التعبد لله – تعالى ، بفعل أوامره وترك نواهيه.
    وإنما ذكرنا هذه الفوائد ترغيبًا وتشجيعًا للعاملين، وترهيبًا وتحذيرًا للمتكاسلين، وقد ذكرت في خاتمة هذه الرسالة بعض الآثار الواردة عن السلف ومن بعدهم من علماء الأمة مما يوضح بجلاء أهمية وحكم صلاة الجماعة.
    والله نسأل العون والسداد، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
    كتبه
    أبو عبد الله مسند القحطاني



  • #2
    رد: أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة



    الفائدة الأولى
    امتثال أمر الله تعالى
    صلاة الجماعة، فيها امتثال لأمر الله – تعالى – عبادة المؤمنين حيث قال – سبحانه -: ]وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[ [البقرة: 43] قال ابن كثير – رحمه الله – في تفسيره: «أي كونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم، ومن أخص ذلك وأكمله الصلاة، وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب صلاة الجماعة»([1]).
    تنبيه:
    قال ابن القيم – رحمه الله – في كتاب الصلاة ص114: فإن قيل: فهذا ينتقض بقوله تعالى: ]يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ[ [آل عمران: 43] والمرأة لا يجب عليها حضور الجماعة!
    قيل: الآية لم تدل على تناول الأمر بذلك لكل امرأة، بل مريم بخصوصها أمرت بذلك بخلاف قوله: ]وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[ ومريم كانت لها خاصة لم تكن لغيرها من النساء، فإن أمها نذرتها أن تكون محررة لله ولعبادته ولزوم المسجد، وكانت لا تفارقه، فأمر أن تركع مع أهله ... انتهى.
    الفائدة الثانية
    معنى الدين وشعار الإسلام
    صلاة الجماعة معنى الدين وشعار الإسلام وأعظم مظاهر المسلمين.
    قال العلماء: «لو ترك أهل بلد صلاة الجماعة قوتلوا، ولو تركها أهل حارة جُبروا عليها وأكرهوا»([2]).

    الفائدة الثانية
    عمارة لبيوت الله وشهادة بالإيمان
    صلاة الجماعة أهم وأقوى وسائل عمارة بيوت الله – تعالى – ولولا صلاة الجماعة لتعطلت المساجد.
    وقد شهد الله – تعالى – لعمار المساجد بالإيمان، وأنهم ممن هداه الله للحق والصواب.
    قال – سبحانه -: ]إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ[([3]).

    الفائدة الرابعة
    تزكية من الله وفضل عظيم
    إن صلاة الجماعة من أسباب ذكر الله – تعالى – وتسبيحه في المساجد، وقد مدح الله – تعالى – ذلك ووصف أهله بأنهم رجال، وأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وشهد لهم بالإيمان والخوف منه – سبحانه – ثم بين – تعالى – بأن هؤلاء من الذين تقبل حسناتهم ويتجاوز عن سيئاتهم مع ما يتفضل به – سبحانه – عليهم من غير جزاء ([4]).
    قال – عز وجل -: ]فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ[ [النور: 36-38].

    ([1]) انظر تفسير ابن كثير 1/90، وتفسير ابن سعدي 1/44، وتفسير القرطبي 1/348 وكتاب الصلاة لابن القيم 113.
    ([2]) المجموع شرح المهذب 4/182، والموسوعة الفقهية الكويتية 27/165.
    ([3]) انظر تفسير ابن كثير 2/376، وتفسير القرطبي 8/90، وتفسير الطبري 6/325.
    ([4]) انظر تفسير ابن كثير 3/323، والقرطبي 12/264.

    تعليق


    • #3
      رد: أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة



      الفائدة الخامسة
      تعظيم وتأكيد لما عظمه الله وأكدّ عليه رسوله r
      وحرص عليه طيلة حياته
      صلاة الجماعة لها شأن عظيم وأهمية كبرى، حيث لم يقتصر الأمر بأدائها في الأحوال عادية، بل أمر الله بها وأكد عليها حتى في حالة الخوف، وفي ساحة المعركة والقتال، قال – تعالى -: ]وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ[
      [النساء: 102].

      وكذلك أكد النبي r على صلاة الجماعة وأمر بها وحث عليها، وحرص على أدائها في إقامته وسفره، بل حتى في مرض وفاته، ولم يرخص في تركها إلا بعذر كما سيمر معنا إن شاء الله.
      ومن ذلك أن رجلاً أعمى جاء إلى النبي r يستأذنه في ترك صلاة الجماعة، حيث ذكر أن بيته بعيد وليس له قائد يقوده، وفي طريقه هوام وسباع وغير ذلك من الأعذار، فقال له النبي r: «أتسمع النداء؟» قال: نعم، قال: «أجب»، وفي رواية قال: «لا أجد له رخصة»([1]).
      ورحم الله عامر بن عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه -، إذ سمع المؤذن وهو يجود بنفسه، فقال: خذوا بيدي، فقيل: إنك عليل، قال: اسمع داعي الله فلا أجيبه فأخذوا بيده، فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات ([2]).

      الفائدة السادسة
      امتثال لأمر رسول الله r
      واتباع لسنته وحصول الهداية
      ومغفرة الذنوب بذلك والسلامة من العقوبة
      في صلاة الجماعة امتثال لأمر رسول الله r واتباع لسننه القولية، والفعلية، فقد أمر – عليه الصلاة والسلام – بإقامة صلاة الجماعة والسعي إليها، فمن ذلك قوله r في الحديث: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر»([3])، وقوله r: «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم»([4]).
      كما أن اتباع الرسول r في هذه العبادة العظيمة، صلاة الجماعة، وفي غيرها من العبادات من أسباب الهداية، ومحبة الله – تعالى – ومغفرته لذنوبنا، ومن أسباب النجاة من النار ودخول الجنة.
      قال – تعالى -: ]وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا[ [النور: 54].
      وقال – تعالى -: ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[ [آل عمران: 31].
      وقال – عليه الصلاة والسلام -: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى»([5]).
      وقال r: «إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار»([6]).

      الفائدة السابعة
      من أعظم مقاصد الإسلام
      الجماعة عمومًا من أعظم مقاصد الإسلام، فقد وردت النصوص الكثيرة التي تحث على الجماعة ولزومها وتحذر من الفرقة والابتعاد عن الجماعة المسلمة.
      قال تعالى: ]وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[. وقال r: «يد الله مع الجماعة»([7]).

      الفائدة الثامنة:
      تعظيم وإظهار لشعائر الله
      صلاة الجماعة فيها إظهار وتعظيم لشعيرة من شعائر الإسلام، بل من أعظم شعائر الإسلام، وهي الصلاة، وقد قال الله – تعالى – فيمن يعظم شعائره: ]ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[ [الحج: 32].
      وقد أحسن من قال:
      إليك اعتذاري من صلاتي قاعدًا




      وعجزي عن سعي إلى الجماعات


      وتركي صلاة الفرض في كل مسجد




      تجمع فيه الناس للصلوات


      فيا رب لا تمقت صلاتي ونجني




      من النار واصفح لي عن الهفوات




      الفائدة التاسعة:
      من سنن الهدى
      صلاة الجماعة من سنن الهدى التي علمنا رسول الله r وتركها ضلال ونفاق، قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -: «من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنها بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف». وفي رواية: «إن رسول الله r علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه»([8]).

      ([1]) مختصر مسلم (321)، والرواية الأخرى في صحيح سنن أبي داود (516).
      ([2]) سير أعلام النبلاء، 5/219.
      ([3]) رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه وغيرهما، انظر صحيح الجامع (6300).
      ([4]) رواه مسلم شرح النووي 5/172.
      ([5]) رواه البخاري، فتح الباري 13/249.
      ([6]) رواه مسلم وغيره، مختصر مسلم 325.
      ([7]) صحيح سنن الترمذي (1760).
      ([8]) رواه مسلم، شرح النووي 5/156.

      تعليق


      • #4
        رد: أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة


        الفائدة العاشرة:
        أفضل من صلاة الفذ
        صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، وورد كذلك أنها أفضل بخمس وعشرين درجة.
        قال r: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»([1])، ورواية: «بخمس وعشرين درجة»([2]).
        وقد جمع العلماء – رحمهم الله – بين الروايتين، وبينوا الأسباب المقتضية للدرجات المذكورة، قال ابن حجر – رحمه الله -: «وقد نقّحت ما وقفت عليه من ذلك، وحذقت ما لا يختص بصلاة الجماعة، فأولها إجابة المؤذن بنية الصلاة في الجماعة، والتبكير إليها في أول الوقت، والمشي إلى المسجد بالسكينة، ودخول المسجد داعيًا، وصلاة التحية عند دخوله، كل ذلك بنية الصلاة في الجماعة، سادسها: انتظار الجماعة، سابعها: صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له، ثامنها: شهادتهم له، تاسعها: إجابة الإقامة، عاشرها: السلامة من الشيطان حين يفر عند الإقامة، حادي عاشرها: الوقوف منتظرًا إحرام الإمام أو الدخول معه في أي هيئة وجده عليها، ثاني عشرها: إدراك تكبيرة الإحرام كذلك، ثالث عشرها: تسوية الصفوف وسد فُرَجِها، رابع عشرها: جواب الإمام عند قوله: سمع الله لمن حمده، خامس عشرها: الأمن من السهو غالبًا وتنبيه الإمام إذا سها بالتسبيح أو الفتح عليه، سادس عشرها: حصول الخشوع والسلامة عما يلهي غالبًا، سابع عشرها: تحسين الهيئة غالبًا، ثامن عشرها: احتفاف الملائكة به، تاسع عشرها: التدرب على تجويد القرآن وتعلم الأركان والأبعاض، العشرون: إظهار شعائر الإسلام، الحادي والعشرون: إرغام الشيطان بالاجتماع على العبادة والتعاون على الطاعة ونشاط المتكاسل، الثاني والعشرون: السلامة من صفة النفاق ومن إساءة غيره الظن بأنه ترك الصلاة رأسًا، الثالث والعشرون: رد السلام على الإمام، الرابع والعشرون: الانتفاع باجتماعهم على الدعاء والذكر وعود بركة الكامل على الناقص، الخامس والعشرون: قيام نظام الإلفة بين الجيران وحصول تعاهدهم في أوقات الصلوات، فهذه خمس وعشرون خصلة ورد في كل منها أمر أو ترغيب يخصه، وبقي منها أمران يختصان بالجهرية وهما: الإنصات عند قراءة الإمام والاستماع لها والتأمين عند تأمينه ليوافق تأمين الملائكة ...» انتهى ([3]).
        قال الإمام محمد علي الشوكاني – رحمه الله -: «ولكن المحروم من حرم صلاة الجماعة، فإن صلاةً يكون أجرها أجر سبع وعشرين صلاة لا يعدل عنها إلى صلاة ثوابها ثواب جزء من سبعة وعشرين جزءًا منها إلا مغبون، ولو رضي لنفسه في المعاملات الدنيوية بمثل هذا لكان مستحقًا لحجره عن التصرف في ماله، لبلوغه من السفه إلى هذه الغاية، والتوفيق بيد الرب – سبحانه -» انتهى ([4]).

        الفائدة الحادية عشرة:
        أزكى عند الله من صلاة الفرادى
        صلاة الجماعة ولو كان عددهم قليلاً، أزكى عند الله – تعالى – من صلاة الفرادى ولو كانوا أكثر.
        قال رسول الله r: «صلاة رجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عند الله من صلاة أربعة تترى، صلاة أربعة يؤمهم أحدهم أزكى عند الله من صلاة ثمانية تترى، وصلاة ثمانية يؤمهم أحدهم أزكى عند الله من صلاة مائة تترى»([5]).

        الفائدة الثانية عشرة:
        العصمة من الشيطان
        صلاة الجماعة تعصم المسلم بإذن الله – تعالى – من عدوه اللدود الذي لا يهدأ ولا يفتر، وتمنعه من أن يستحوذ عليه.
        قال r: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية»([6]).

        الفائدة الثالثة عشرة:
        البعد عن التشبه بالمنافقين
        صلاة الجماعة والمحافظة عليها: تبعد المسلم عن التشبه بالمنافقين، ومن أشهر صفاتهم التخلف عن صلاة الجماعة خصوصًا صلاتي العشاء والفجر.
        قال r: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا...»([7]).
        وقد مر معنا قول عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق»([8]).

        الفائدة الرابعة عشرة
        من أسباب مغفرة الذنوب
        إن صلاة الجماعة من أسباب مغفرة الذنوب، بل ما تقدم من ذنب، قال r: «إذا قال الإمام – غير المغضوب عليهم ولا الضالين – فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه»([9]).
        وقال r: «إذا قام الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»([10]).
        وقال – عليه الصلاة والسلام -: «من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشي إلى الصلاة المكتوبة، فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد، غفر الله له ذنوبه»([11]).

        ([1]) متفق عليه.
        ([2]) فتح الباري 2/131.
        ([3]) فتح الباري 2/133.
        ([4]) السيل الجرار 1/246.
        ([5]) انظر صحيح الجامع (3836).
        ([6]) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم، انظر صحيح الجامع (5701).
        ([7]) متفق عليه، انظر اللؤلؤ والمرجان (383).
        ([8]) انظر الفائدة التاسعة.
        ([9]) متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان (231).
        ([10]) متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان (229).
        ([11]) رواه مسلم، مختصر مسلم (132).

        تعليق


        • #5
          رد: أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة



          الفائدة الخامسة عشرة:
          من أسباب عجب الرب – تبارك وتعالى
          من صفات ربنا – تبارك وتعالى – العجب، ومن أسباب عجبه – سبحانه وتعالى – صلاة الجماعة، وعجبه – سبحانه – دليل على رضاه عن هذا العمل ومحبته لفاعله.
          قال رسول الله r: «إن الله ليعجب من الصلاة في الجمع»([1]).
          وقد أجمع السلف على ثبوت العجب لله، فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وهو عجب حقيقي يليق بالله – جل وعلا -([2]).

          الفائدة السادسة عشرة
          الثواب الجزيل بالمشي إليها
          صلاة الجماعة تجعل المسلم يخرج إلى المسجد، ويمشي في أغلب الأحيان، ويكثر الخطى، وفي ذلك أجر عظيم وخير عميم لا يعلم منتهاه إلا الله – عز وجل – وقد وردت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله r في فضل الخروج إلى المسجد وكثرة الخطى إلى صلاة الجماعة، فمن ذلك:
          قوله r: «من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس، أو مع الجماعة أو في المسجد، غفر الله ذنوبه»([3]).
          وفي الصحيحين: «أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرًا من الذي يصلي ثم ينام»([4]).
          وقال r: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط»([5]).
          وقال r: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له نزلاً من الجنة كلما غدا أو راح»([6]).
          وقال – عليه الصلاة والسلام -: «من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحطُّ خطيئة والأخرى ترفع درجة»([7]).
          وقال r: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»([8]).
          وقال – عليه الصلاة والسلام -: «من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة، فهي كحجة، ومن مشى إلى تطوع فهي كعمرة نافلة»([9]).
          تنبيه هام:
          هذا الأجر العظيم الذي يناله من يمشي إلى المسجد، ليس في الذهاب إلى المسجد فقط، بل حتى في الرجوع منه، قال r: «من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة وخطوة تكتب له حسنة، ذاهبًا وراجعًا»([10]).
          تنبيه آخر:
          فضل المشي إلى صلاة الجمعة ليس كفضل المشي إلى صلاة الجماعة، فقد ورد في فضل المشي إلى صلاة الجماعة، ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وصححه، أن رسول الله r قال: «من غسّل يوم الجمعة واغتسل، وبكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع، ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها»([11]).

          الفائدة السابعة عشرة
          اجتماع الملائكة في صلاتي الفجر والعصر
          واستغفارهم لمن حضرها
          يجتمع الملائكة الكرام في صلاتي الفجر والعصر، ويستغفرون لمن حضرهما مع الجماعة.
          ففي الصحيحين أن رسول الله r قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون» وفي رواية لابن خزيمة: «فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، فاغفر لهم يوم الدين»([12]).
          الفائدة الثامنة عشرة:
          تعدل قيام نصف الليل أو الليل كله
          صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام نصف الليل، كما أن صلاة الفجر في جماعة تعدل قيام الليل كله.
          قال رسول الله r: «من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله»([13]).
          وفي رواية للترمذي وأبي داود: «من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن شهد العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة»([14]).
          الفائدة التاسعة عشرة
          في ذمة الله تعالى
          صلاة الجماعة من أسباب حفظ الله للعبد، وجعله في ذمته أي في عهده وأمانه، وضمانه، وذلك بصلاة الفجر في جماعة.
          قال r: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله»([15]).
          وفي رواية لابن ماجة والطبراني: «من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله»([16]).

          الفائدة العشرون
          في ظل الله تعالى يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله سبحانه
          صلاة الجماعة مما يجعل المسلم شديد الحب والتعلق بالمساجد حيث تؤدى الصلاة، ومعلق القلب بالمساجد أحد السبعة الذي يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله.
          ففي الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه -، أن النبي r قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – وذكر منهم -: ورجل قلبه معلق في المساجد»([17]).

          ([1]) رواه الإمام أحمد، انظر صحيح الجامع (1820).
          ([2]) انظر شرح لمعة الاعتقاد للشيخ ابن عثيمين ص59 ط مكتبة طبرية.
          ([3]) رواه مسلم.
          ([4]) انظر اللؤلؤ والمرجان (388).
          ([5]) رواه مسلم، مختصر مسلم رقم (133).
          ([6]) متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان (390).
          ([7]) رواه مسلم، مختصر مسلم رقم (234).
          ([8]) رواه أبو داود والترمذي، انظر صحيح الجامع (2823).
          ([9]) رواه الإمام أحمد وأبو داود، انظر صحيح الجامع (6556).
          ([10]) رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه، انظر صحيح الترغيب والترهيب (299).
          ([11]) انظر صحيح الترغيب والترهيب (690).
          ([12]) انظر صحيح الترغيب والترهيب (463).
          ([13]) رواه مسلم، مختصر مسلم (324).
          ([14]) صحيح سنن الترمذي للألباني (183).
          ([15]) صحيح مسلم رقم (657).
          ([16]) صحيح الترغيب والترهيب (461).
          ([17]) اللؤلؤ والمرجان (610).

          تعليق


          • #6
            رد: أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة



            الفائدة الحادية والعشرون
            براءة من النار وبراءة من النفاق
            ومن فوائد صلاة الجماعة، أن من حافظ عليها أربعين يومًا لا تفوته التكبيرة الأولى، كتب الله له براءتين: براءة من النار، وبراءة من النفاق.
            فعن أنس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله r: «من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق»([1]).
            قال العلماء: وهذا ليس خاصًا بمسجد النبي r بل هو عام في كل المساجد.
            ورحم الله إبراهيم بن يزيد التيمي إذ يقول: «إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه»([2]).
            وقد اشتهر عن بعض السلف مثل سعيد بن المسيب والأعمش محافظتهم على التكبيرة الأولى لصلاة الجماعة أربعين سنة.

            الفائدة الثانية والعشرون:
            صلاة الله تعالى وملائكته على المصلين
            ومن فوائد صلاة الجماعة، أن الوقوف في الصفوف لأدائها من أسباب صلاة الله – تعالى – وملائكته الكرام على المصلين خصوصًا الصفوف الأولى.
            قال r: «إن الله وملائكته يصلون على الصفوف المقدمة» وفي رواية «على الصف الأول» وفي رواية: «على الصفوف الأول»([3]).
            قال العلماء: يصلون على الصفوف: أي يستغفرون لأهلها.

            الفائدة الثالثة والعشرون:
            الثواب الجزيل في تسوية الصفوف
            (بيت في الجنة)
            صلاة الجماعة تجعل المسلم يهتم بتسوية الصفوف، كما أمر النبي r فيصل صفًا، أو يسد فرجة، وفي ذلك فضل عظيم وثواب جزيل من الله – تعالى -.
            فعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي r قال: «إن الله وملائكته يصلون عل الذين يصلون الصفوف»([4]).
            وقال – عليه الصلاة والسلام -: «من سد فرجة رفعه الله بها درجة، وبنى له بيتًا في الجنة»([5]).

            الفائدة الرابعة والعشرون
            الحصول على أجرها حتى لو فاتت
            ومن فوائد صلاة الجماعة، أن من جاء إليها يحصل على أجرها، حتى لو وجد الناس قد صلوا.
            روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة – رضي الله عنه -، قال: قال رسول اله r: «من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا».
            قلت: وهذا في من تأخر عنها بعذر، ولذلك قال أبو داود في سننه: باب من خرج يريد الصلاة فسبُق بها.

            الفائدة الخامسة والعشرون
            كمال الصلاة
            صلاة الجماعة من أسباب كمال الصلاة وتمامها، والنجاة والأمن من السهو غالبًا، وتحصيل الخشوع وبالتالي ترتفع درجة قبول الصلاة بإذن الله – تعالى -.
            قال r: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين»([6]).
            قال العلماء: الإمام ضامن، أي متكفل لصلاة المؤتمين بالإتمام([7]).
            قلت: بخلاف المصلي واحده، فغالبًا ما يقع في خطأ أو سهو أو نقص لا يتحمله عنه أحد.
            قال الحسن البصري – رحمه الله -: «لم يبق من العيش إلا ثلاث ... وذكر منها: صلاة في جمع تكفى سهوها وتستوجب أجرها»([8]).

            ([1]) رواه الترمذي، انظر صحيح الجامع (6365).
            ([2]) سير أعلام النبلاء (5/60).
            ([3]) صحيح الجامع (1842).
            ([4]) رواه الإمام أحمد وابن ماجة، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، صحيح الترغيب والترهيب (501).
            ([5]) صحيح الترغيب والترهيب (505).
            ([6]) رواه أبو داود والترمذي، انظر صحيح الجامع (2787).
            ([7]) انظر عون المعبود (2/152).
            ([8]) تاريخ بغداد (6/99).

            تعليق


            • #7
              رد: أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة



              الفائدة السادسة والعشرون
              أفضل الأعمال أداء الصلاة
              في وقتها والمحافظة عليها
              ومن فوائد صلاة الجماعة، أنها من الأسباب المعينة على أداء الصلاة في أول وقتها أو في وقتها على الأقل، وهذا من أفضل الأعمال عند الله – عز وجل -.
              روى أبو داود والترمذي عن أم فروة – رضي الله عنها – قالت: سئل رسول الله r أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة في أول وقتها».
              وفي رواية لمسلم: «أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين»([1]).
              كما أن صلاة الجماعة تعصم المسلم من التهاون بالصلاة أو السهو عنها ونسيانها وتأخيرها عن وقتها، بل إن الكثير من تاركي الصلاة، كانت بداية أمرهم، ترك صلاة الجماعة، ولذلك فإن من رحمة الله – بنا أن نشرع لنا أداء الصلوات الخمس في جماعة.
              وقد توعد الله – تعالى – الساهين عن الصلاة المؤخرين لها عن وقتها بقوله: ]فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ[ [الماعون: 4-5].

              الفائدة السابعة والعشرون
              فرح الرب تعالى
              بعمار المساجد وتقريبه وإكرامه لهم
              قال r: «ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله – تعالى – إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم»([2]).
              قال العلماء: التبشبش أصله: فرح الصديق بمجيء صديقه، واللطف في المسألة والإقبال.
              وهذا يدل على: تلقي الله – تعالى – عبده ببره وتقريبه وإكرامه.
              الفائدة الثامنة والعشرون:
              النجاة من الغفلة
              من فوائد صلاة الجماعة، أن فيها السلامة، من دعوة النبي r على المتخلفين عنها بالختم على قلوبهم كما أن فيها النجاة من الغفلة.
              روى ابن ماجة عن ابن عباس وابن عمر – رضي الله عنهما – أنهما سمعا النبي r يقول: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين»([3]).

              الفائدة التاسعة والعشرون:
              دعاء لا يرد وأدعية مباركة
              في حياتنا أوقات كثيرة، الدعاء فيها مستجاب، بل هناك أوقات لا يرد فيها الدعاء، ومن هذه الأوقات المهدرة والفرص الذهبية، الوقت ما بين الأذان والإقامة.
              ومن أعظم الأسباب المعينة على استغلال هذا الوقت الثمين صلاة الجماعة، إذ غالبًا ما يحضر المسلم قبل الإقامة إلى المسجد ويشتغل بالذكر والدعاء، بخلاف المصلي وحده، فلا ينتبه لهذه الفرصة الثمينة.
              وقد قال r: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة»([4]).
              كما أن من الأدعية المباركة ما يقوله المسلم عند دخوله المسجد وخروجه منه.
              قال r: «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك»([5]).

              الفائدة الثلاثون:
              ألفة ومودة ومساواة
              من أعظم مقاصد الإسلام، التأليف بين قلوب المؤمنين وحفظ مودتهم والمساواة بينهم، وفي صلاة الجماعة يتحقق هذا، عندما يقف المصلون صفًا واحدًا متراصين متساوين، لا فرق بينهم.
              وقد حث النبي r على تسوية الصفوف وعدم الاختلاف مبينًا أن ذلك من أسباب اجتماع القلوب، فقد ورد في الحديث: «ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ...»([6]).

              الفائدة الحادية والثلاثون
              المحافظة على السنن الرواتب والأذكار
              ومن فوائد صلاة الجماعة، أنها في الغالب تعين المسلم على المحافظة على أداء النوافل والسنن الرواتب والأذكار، مع الصلوات الخمس، وهذا واضح مشاهد في المساجد، بخلاف المصلي وحده، فكثيرًا ما يفرط في هذه الأشياء، التي لها فضل عظيم وأجر كبير.
              فقد قال r: «ما من عبد مسلم يصلي لله – تعالى – في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير فريضة، إلا بنى الله – تعالى – له بيتًا في الجنة، أو: إلا بُنِيَ له بيت في الجنة»([7]).
              وزاد: «أربعًا قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الغداة»([8]).

              الفائدة الثانية والثلاثون:
              معرفة أحكام الصلاة
              ومن فوائد صلاة الجماعة، أنها فرصة عظيمة لتعلم صفة الصلاة، ومعرفة أحكامها وذلك من خلال مشاهدة المصلين لبعضهم، أو الاستماع إلى بعض الدروس في المساجد أو قراءة بعض الأوراق المعلقة بداخلها.
              كما أن صلاة الجماعة فرصة لمعرفة القراءة الصحيحة وتعلم أحكام التجويد، من خلال الاستماع إلى قراءة الإمام، أما المصلي وحده فلا يحصل له شيء من ذلك.


              ([1]) انظر صحيح الجامع (1093 – 1094).
              ([2]) رواه ابن خزيمة وابن ماجة وابن حبان والحاكم (صحيح الترغيب والترهيب، 327).
              ([3]) صحيح سنن ابن ماجة (646).
              ([4]) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، انظر صحيح الجامع (3408).
              ([5]) رواه مسلم، مختصر مسلم (247).
              ([6]) رواه مسلم، مختصر مسلم (267).
              ([7]) رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي.
              ([8]) صحيح الترغيب والترهيب (579).

              تعليق


              • #8
                رد: أربعون فائدة من فوائد صلاة الجماعة



                الفائدة الثالثة والثلاثون:
                تعود النظام وضبط النفس
                ومن فوائد صلاة الجماعة، أن فيها تعليمًا للنظام وضبطًا للنفس، وذلك من خلال متابعة الإمام في تكبيراته وتنقلاته في الصلاة، وعدم التقدم عليه، أو التأخر عنه، أو موافقته، أو مسابقته.
                وقد أكد النبي r على هذا الأمر بقوله: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، وإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا، فصلوا جلوسًا أجمعين»([1]).

                الفائدة الرابعة والثلاثون:
                إظهار عز المسلمين وإغاظة الكفار والمنافقين
                صلاة الجماعة، فيها إظهار عز المسلمين باجتماعهم على مدار اليوم والليلة، وتكثير سوادهم، كما أن فيها إغاظة لأعدائهم من الكفار والمنافقين.
                قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - «الآثار المترتبة على عمل العبد له فيها أجر كبير»([2]) عند قوله: ]مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ ...[ [التوبة: 12].

                الفائدة الخامسة والثلاثون
                تحسين الهيئة والمظهر
                ومن فوائد صلاة الجماعة، أنها تجعل المسلم غالبًا يهتم بتحسين هيئته ومظهره، ونظافة ثيابه وطيب ريحه، وذلك لاجتماعه بإخوانه وملاقاته لهم على مدار اليوم والليلة.
                بخلاف المصلي وحده فغالبًا ما يفرط في هذا الشيء، ويخالف أمر الله – تعالى – في قوله: ]يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[ [الأعراف: 31].
                قال الشوكاني – رحمه الله -: «هذا خطاب لجميع بني آدم وإن كان واردًا على سبب خاص، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والزينة: ما يتزين به الناس من الملبوس، أمروا بالتزين عند الحضور إلى المساجد للصلاة والطواف»([3]).
                الفائدة السادسة والثلاثون
                تعارف وتعرف وتواصل بين المسلمين
                ومن فوائد صلاة الجماعة، أنها فرصة عظيمة للتعارف والتآلف بين المسلمين من خلال اللقاء في الصلوات الخمس، والدخول والخروج من المسجد.
                كما أنها فرصة لتفقد المصلين بعضهم بعضًا، والتعرف على أحوالهم وظروفهم، فيتم من خلال ذلك زيارة المريض، ومساعدة المحتاج، ومواساة المصاب وغير ذلك مما يقوي العلاقة ويزيد الألفة بين المسلمين.

                الفائدة السابعة والثلاثون:
                دعوة عملية إلى الخير والتنافس في طاعة الله
                الخروج إلى المساجد لحضور صلاة الجماعة دعوة عملية لأداء هذه العبادة والمحافظة عليها كما أن من فوائد صلاة الجماعة، أنها دافع إلى التنافس في طاعة الله – تعالى – بصدق وإخلاص، حينما ينظر المصلي إلى إخوانه المصلين، فيتنافس معهم فيما يقربه إلى الله – تعالى – في هذه العبادة العظيمة، بالاستزادة من الخير، كالتبكير إلى الصلاة وأداء السنن الراتبة، وقراءة الأذكار والأدعية وغير ذلك، وقد أمر الله – تعالى – بالتنافس فيما يقربنا من رضوانه وجناته بالأعمال الصالحة، فقال – عز وجل -: ]وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ[ [المطففين: 26].

                الفائدة الثامنة والثلاثون:
                سلامة المروءة
                صلاة الجماعة من أسباب سلامة المروءة، فقد ذكر بعض السلف أن من المروءة المحافظة على صلاة الجماعة ولزوم المساجد في الحضر ([4]).
                أما المتخلف عن صلاة الجماعة، فإنه مخروم المروءة، ومن المعلوم أن مخروم المروءة لا تقبل له شهادة.
                وقال الإمام أحمد – رحمه الله – فيمن علم يتخلف عن الجماعة: «إن هذا الرجل أي رجل سوء»([5]).

                الفائدة التاسعة والثلاثون:
                استشعار للوقوف صفًا في الجهاد
                قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: «ومن فوائد صلاة الجماعة: أن فيها استشعار الناس بهذا وقوفهم صفًا في الجهاد، كما قال تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا[ [الصف: 4] وهؤلاء الذين صاروا صفًا في الجهاد لا شك أنهم إذا تعودوا ذلك في الصلوات الخمس، سوف يكون وسيلة إلى ائتمامهم بقائدهم في صف الجهاد حيث لا يتقدمون ولا يتأخرون عن أوامره»([6]).

                الفائدة الأربعون:
                استشعار ما كان عليه النبي r وأصحابه
                قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -: «ومن فوائد صلاة الجماعة: أن فيها استشعار آخر هذه الأمة بما كان عليه أولها، أي: بأحوال الصحابة، كأنما يستشعر الإمام أنه في مقام رسول الله r في إمامة الجماعة، ويستشعر المأمومون أنهم في مقام أصحاب الرسول – عليه الصلاة والسلام – ولا شك أن ارتباط آخر هذه الأمة بأولها يعطي الأمة الإسلامية دفعة قوية إلى اتباع السلف واتباع هديهم، وليتنا كلما فعلنا فعلاً مشروعًا نستشعر أننا نقتدي برسول الله r وبأصحابه الكرام، فإن الإنسان لا شك سيجد دفعة قوية في قلبه تجعله ينضم إلى سلك السلف الصالح، فيكون سلفيًا عقيدة وعملاً وسلوكًا ومنهجًا»([7]).

                الخاتمة
                الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ... وبعد:
                فبعد ذكر هذه الفضائل والفوائد والمنافع لصلاة الجماعة التي لا يعلم منتهاها إلا الله – سبحانه وتعالى – يتضح لنا عظم قدر صلاة الجماعة وأهميتها ومكانتها في الإسلام من خلال نصوص الكتاب والسنة، وإليك أخي القارئ الكريم هذه الآثار عن بعض الصحابة – رضي الله عنهم – ومن بعدهم من علماء الأمة التي توضح لنا بجلاء حكم صلاة الجماعة.
                * فعن ابن مسعود وأبي موسى الأشعرى – رضي الله عنهما – أنهما قالا: «من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له».
                * وعن علي – رضي الله عنه – أنه قال: «من سمع النداء فلم يأته لا تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر».
                * وعن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: «من سمع النداء فلم يجب لم يُرد خيرًا ولم يُرد به».
                * وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: «لأن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصًا عذابًا خير له من أن يسمع المنادي ثم لا يجيبه».
                * وروي عن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه: «سئل عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل لا يشهد جمعة ولا جماعة؟ فقال: هو في النار».
                * وكان عطاء يقول: «ليس لأحد من خلق الله في الحضر والقرية رخصة إذا سمع النداء في أن يدع الصلاة».
                * وقال الأوزاعى: «لا طاعة للوالدين في ترك الجمعة والجماعات، سمع النداء أو لم يسمع»([8]).
                * وقال الإمام البخاري – رحمه الله – في صحيحه: «باب وجوب صلاة الجماعة».
                * وقالت الحنفية والمالكية: هي سنة مؤكدة «أي صلاة الجماعة» ولكنهم يؤثمون تارك السنن المؤكدة ويصححون الصلاة بدونها، والخلاف بينهم وبين من قال إنها واجبة لفظي، وكذلك صرح بعضهم بالوجوب ([9]).
                * وقال العلامة علاء الدين السمرقندي، وهو من كبار فقهاء الحنفية: «إن صلاة الجماعة واجبة، وقد سماها بعض أصحابنا سنة مؤكدة، وكلاهما واحد، وأصله ما روي عن النبي r أنه واظب عليها وكذلك الأمة من لدن رسول الله – عليه السلام – إلى يومنا هذا، مع النكير على تاركها، وهذا حد الواجب دون السنة»([10]).
                * وقال الإمام الشافعي – رحمه الله -: «فلا أرخّص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر»([11]).
                * وقال الإمام النووي – رحمه الله -: «فالجماعة مأمور بها؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة وإجماع المسلمين، وفيها ثلاثة أوجه لأصحابنا، أحدها أنها فرض كفاية والثاني: سنة، والثالثة: فرض عين لكن ليست بشرط لصحة الصلاة، وهذا الثالث قول اثنين من كبار أصحابنا المتمكنين في الفقه والحديث وهما أبو بكر بن خزيمة وابن المنذر، قال الرافعي: وقيل إنه قول الشافعي»([12]).
                * والمشهور من مذهب الإمام أحمد – رحمه الله -: «أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان، يأثم تاركها وليست شرطًا لصحة الصلاة، والرواية الأخرى أن الجماعة شرط لصحة الصلاة».
                قال المرداوي في (الإنصاف): (قوله: وهي واجبة للصلوات الخمس على الرجال لا شرط، هذا هو المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ونص عليه)([13]).
                * قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: «وصلاة الجماعة من الأمور المؤكدة في الدين باتفاق المسلمين، وهي فرض على الأعيان عند أكثر السلف وأئمة أهل الحديث كأحمد وإسحاق وغيرهما وطائفة من أصحاب الشافعي وغيرهم، وهي فرض على الكفاية عند طوائف من أصحاب الشافعي وغيرهم وهو المرجع عند أصحاب الشافعي».
                والمصرّ على ترك الصلاة في الجماعة رجل سوء، يُنكر عليه ويُزجر على ذلك، بل يعاقب عليه وترد شهادته وإن قيها إنها سنة مؤكدة.
                * وقال أيضًا: من اعتقد أن الصلاة في بيته أفضل من صلاة الجماعة في مساجد المسلمين فهو ضال مبتدع باتفاق المسلمين، فإن صلاة الجماعة إما فرض على الأعيان وإما فرض على الكفاية، والأدلة من الكتاب والسنة أنها واجبة على الأعيان، ومن قال أنها سنة مؤكدة ولم يوجبها فإنه يذم ومن داوم على تركها، حتى إن من داوم على ترك السنن التي هي دون الجماعة سقطت عدالته عندهم، ولم تقبل شهادته، فكيف بمن يداوم على ترك الجماعة؟ فإنه يؤمر بها باتفاق المسلمين ويلام على تركها، فلا يمكّن من حُكم ولا شهادة ولا فتيا مع إصراره على ترك السنن الراتبة التي هي دون الجماعة، فكيف بالجماعة التي هي أعظم شعائر الإسلام ([14]).
                وقال ابن القيم – رحمه الله -: «ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان، إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة، والجماعة، فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر، وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار ... إلى أن قال:
                (فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر والله أعلم بالصواب) ([15]).
                * وقد مر معنا كلام الإمام الشوكاني – رحمه الله -: ([16]) وقد جاء في جواب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية (صلاة الفرائض الخمس جماعة في المسجد واجبة على المكلفين من الرجال، فمن ترك صلاتها جماعة في المسجد بلا عذر فهو آثم، لقول النبي r: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر» أخرجه ابن ماجة والدارقطني بإسناد صحيح، وقد سئل ابن عباس – رضي الله عنه – عن العذر فقال: خوف أو مرض» اﻫ ([17]).
                وبعد استعراض هذه الآثار والأقوال لسلف الأمة وعلمائها يتضح لنا بجلاء أن صلاة الجماعة واجبة وجوب عين، وليست بشرط في صحة الصلاة، وأن من تركها بغير عذر فهو آثم عاص لله ولرسوله r.
                كما يتضح بحمد الله أن علماء الأمة وإن اختلفت عباراتهم في تسمية صلاة الجماعة بين (فرض عين) أو (فرض كفاية) أو (سنة مؤكدة) فإنهم متفقون على أن من تركها فهو آثم، وأن اختلافهم إنما هو اختلاف لفظي، فلا يغتر أحد بتساهل البعض في حكم هذه العبادة العظيمة.
                والله أسأل أن يجعلنا ممن يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويركعون مع الراكعين وأن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولجميع المسلمين.
                وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

                ([1]) متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان (234).
                ([2]) انظر تفسير ابن سعدي – رحمه الله.
                ([3]) فتح القدير 2/228.
                ([4]) انظر المروءة وخوارمها، لمشهور حسن سلمان ص36.
                ([5]) الأوسط في السنن والإجماع والخلاف لابن المنذر، 4/137.
                ([6]) الشرح الممتع على زاد المستنقع للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – 4/194.
                ([7]) الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – 4/195.
                ([8]) انظر الآثار السابقة في كتاب الأوسط في السنن والإجماع والخلاف لابن المنذر 4/136/137.
                ([9]) كتاب الصلاة لابن القيم، ص111.
                ([10]) تحفة الفقهاء، 1/358.
                ([11]) كتاب الأم، ص277.
                ([12]) المجموع، 4/183.
                ([13]) انظر أبواب صلاة الجماعة من كتاب الإنصاف والإقناع والمغني.
                ([14]) مجموع الفتاوى 23/253.
                ([15]) كتاب الصلاة، ص137.
                ([16]) انظر الفائدة العاشرة.
                ([17]) فتاوى اللجنة، 7/292.

                تعليق

                يعمل...
                X