تويت
"سمكة" أبرشية متكاملة من الفترة البيزنطية
نورس علي هيكل أثري لأبرشية متكاملة طولانية الشكل، باقية أقواسها الحجرية المتسلسلة الألوان وفق نظام عمارة يعود إلى الفترة البيزنطية المتأخرة، لتحاكي الحاضر بنقوشها التاريخية.
إنها "أبرشية سمكة" أو كما تعرف في المنطقة ب"كنيسة سمكة" واحدة من أهم المواقع الأثرية في المنطقة التي أرخت قبل قسطنطين وبعد قسطنطين، وتعتبر من أقدم أبرشيات الساحل السوري، وهذا بحسب حديث السيد "بسام القحط" رئيس شعبة آثار "صافيتا" لمدونة وطن eSyria التي التقته بتاريخ 12/3/2013 مشيراً بالقول: «بنيت أبرشية "سمكة" كموقع عبادة متكامل على أثر أقبية كانت موقع تعبد وتقرب من الله في الفترة ما قبل "قسطنطين" الذي أعطى الحرية في ممارسة الشعائر الدينية المسيحية، ما دفع الكهنة والنساك لبناء الأبرشية وفق نظامها الحالي الظاهر والباقي حتى الآن على أنقاض تلك الأقبية، فهي تربو على تل أثري يعود بآثاره إلى فترة المسيحية الأولى.
وهذه الأبرشية تعود إلى الفترة التاريخية المسماة بالعصر البيزنطي المتأخر، حيث كان الحد الفاصل والتأريخ يحدد بتاريخ /330/ ميلادية عندما سمح الامبراطور البيزنطي بممارسة حرية الطقوس الدينية».
يتابع: «تتجسد الأبرشية حالياً بما تبقى من أقواسها الملونة الفريدة والجميلة، والذي يرمز كلاً منها إلى حرف من أحرف الاسم "سمكة"، والمبنية بطريقة العقد الحجري ولكن بتسلسل لوني فيما بين الأحجار وفق نظام عمارة يسمى نظام بناء الأقواس الحجرية الملونة، حيث انتشر هذا النظام المعماري مع دخول القرن الرابع الميلادي، أما فيما يخص مناسيب وارتفاعات الأقواس فله مدلولات روحية ومعنوية تتعلق بالتراتبية الدينية للكهنة والنساك.
لقد عرف هذا النظام المعماري للأبرشية في موقع "المدن المنسية" البالغ عددها حوالي /850/ موقعاً أثرياً تتوضع في الشمال الشرقي من "سورية" ما بين "حلب" و"ادلب"».
وعن سبب التسمية يقول: «بما أن اللغة العربية كانت سائدة منذ القرن الأول الميلادي سميت الأبرشية بهذا الاسم "سمكة" لرمزية السمكة في المسيحية، والاسم يعود إلى ما قبل "قسطنطين" حيث لم تكن تتوافر حرية العبادة العلنية».
أما عن مساحة الأبرشية فيضيف: «في تلك الفترة التاريخية كان يسود المساحات الكنسية المعمارية ثلاث أنظمة تتميز عن بعضها بعضاً بمساحاتها، وهي نظام الكنائس الصغيرة، ونظام الكنائس المتوسطة، ونظام الكنائس الكبيرة، وهو ينطبق على الأبرشيات أيضاً، وبالنسبة لأبرشية "سمكة" فهي من النظام المعماري المتوسط الذي يحدد بحوالي خمسين متراً مربعاً كمساحة، ويمكن إدراك هذا من خلال الواجهة القوسية ومساحتها».
في العموم يعرف هذا الموقع الأثري ب"كنيسة سمكة" ولكن الدلائل الواقعية للبناء والهيكل الحجري العام تقول إن الكنيسة هي "أبرشية" متكاملة، وهنا يذكر: «في بداية الحديث هنا يجب القول إن تراتبية ارتفاعات أقواس الواجهة الأمامية تعود إلى منشأ روحي يرتبط بدرجات وتراتبية القائمين على الخدمة فيها من الكهنة والنساك.
إضافة إلى أن جدرانها الخارجية عريضة بعض الشيء، وهذا يعود إلى أمرين أحدهما أن البناء في الأساس هو أبرشية متكاملة وبنيت وفق نظام الأبرشيات الذي تميز بجدرانه الأعرض من جدران بناء الكنيسة العادية، أما الأمر الثاني فهو أن البناء ربما كان كنيسة عادية ذات جدران قليلة العرض لا تتجاوز الخمسين سنتيمتراً ومن ثم حولت إلى أبرشية متكاملة اجتمع حولها المسيحيون بكثرة، وأضيفت جدران أخرى على محيط بناء الكنيسة الأساسي، وهذا يظهر من خلال تراتبية الجدران، والاحتمالان معقولان من حيث النظرة الأثرية على أرض الواقع حالياً ويؤكدان أن البناء القائم هو "أبرشية".
ويمكن القول أيضاً إن أعمدة الأبرشية تميزت بوجود حجارة مميزة نقش عليها صلبان بيزنطية بشكل جميل ورائع».
وفي لقاء مع المهندس "مروان حسن" رئيس "دائرة آثار طرطوس" قال: «يقع هذا الموقع الأثري في المنطقة الجنوبية الغربية من مدينة "صافيتا"، ويبعد عنها حوالي ثمانية عشر كيلومتراً، ويتوافر فيه معاصر للزيتون والعنب، وهذا يعني أن المنطقة كانت خصبة زراعياً وتزرع فيها كروم العنب والزيتون، كما كان يوجد بجواره "بئر نبع" تستخدم مياهه للمعمودية».
يضيف: «في المنطقة بشكل عام استمرارية سكانية حافظت على الماضي وآثاره ومبانيه، ورسمت ملامح حياة جديدة وفقاً للظروف العامة، وهذا بدا واضحاً في الموقع بالمحافظة على الأبرشية وإنشاء بناء ديني إسلامي "مزار" بجانبها نتيجة لاعتناق الإسلام في فترة لاحقة».
الأستاذ "بسام القحط"
موقع الأبرشية على كوكل إرث ضمن المثلث الأسود
المقام بجانب الأبرشية