إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بدأت تشعراللغة العربية بالخوف والحسرة وبخطر المطاردة والانقراض

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بدأت تشعراللغة العربية بالخوف والحسرة وبخطر المطاردة والانقراض



    اللغة العربية بدأت تشعر بالخوف والحسرة وبخطر المطاردة والانقراض
    تجليات اللغة في منحنيات الألوان الساقطة


    خليل الوافي
    اللغة العربية بدأت تشعر بالخوف والحسرة، وبخطر المطاردة والانقراض، وبمرارة أحوالها المتدهورة في مظاهر الإقصاء والتهميش،خلافا لما كانت عليه في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكلما توغلنا وتعمقنا في تاريخ اللغة ،نجد تجليات الابداع في محاسن القول، وبلاغة الصور والمعاني، وسلامة العبارة، وطراوة الأسلوب البديع في أصناف التعابير الراقية.
    وجمالية المحسنات اللفظية والمجازية، وفي أنماط السرد الأدبي، التي تجلت من خلال المقامات، والصور الشعرية وطرق النثر، وتعددت مظاهر اللغة في تداولها اليومي، وحسن اداء متكلمها، ووقعها على سامعها حيث تصل الى القلب مباشرة ,والى الوجدان العربي في فترات عصره الذهبي، الذي لم يخرج عن سياقه العام الذي كانت تغرف منه،ولم تتأثر بالروافد الأجنبية، الدخيلة مثل الفارسية والأفرنجية والعثمانية، ورغم التبادل الثقافي والتجاري، والفتوحات المتتالية التي عززت قيمة اللغة العربية عند المستشرق، والمتتبع للشان العربي الذي كان ينهل من أمهات الكتب والمجلدات والمخطوطات النفيسة التي تضم العلوم العربية وآدابها الخالدة.
    وتجد اللغة نفسها حائرة وحيدة، تسخر من هذا الواقع المزري والهش الذي وجدت تاريخها الحافل يتساقط مثل اوراق الخريف .
    وتواجه مستنقع الجهل والأمية يحاصرها من كل جانب وتفقد خصوصيتها اللغوية لثقافية في زمن العولمة، وهدم كل ما هو محلي بكل مكوناته التراثية، وخصوصية اللغة العربية في تأقلمها مع الأزمنة والحقب التاريخية، التي تخول لها التعايش مع المتغيرات الحضارية، والتقدم العلمي المتسارع بوتيرة مذهلة لا تترك المجال للتفكير والتأمل، بل تحتاج الظرفية الحالية التي يعيشها الواقع العربي المنقسم على نفسه، ويتخبط في مشكلات متعاقبة، في إطار مشروع التبعية العمياء لصانع القرار العالمي.
    وإفشال مظاهر المشروع القومي، وإنشاء تكثل عربي في مواجهة التجمعات الأخرى في الشمال الغربي للقارة الأوروبية، وبموازاة مع المشروع الأمريكي في حماية مصالحه الإستراتيجية في الشرق الأوسط ، والحفاظ على أمن إسرائيل . وتطوير المجال الإعلامي في خدمة نوايا إدارة البيت الأبيض . ونحن نمارس سياسة الإذعان و الاستسلام لما يجري من حولنا، كـأننا دمى أو "كراكيز" تستخدمها أنامل خبيثة، وسلمنا بعدم التحرك للدفاع عن لغتنا من الغزو الثقافي في شتى مجالات الحياة اليومية للمواطن العربي الذي استهوته بضاعة الغرب بكل سلبياتها وايجابيتها، وتركته عديم القيمة مستعد لاستهلاك ما هو اجنبي رغم الضرر الواضح في كيفية استعمال هذا المنتوج او ذاك.
    وهناك من يتساءل عن جدوى وجود بديل عربي ينافس ما تجيد به السياسة الغربية في اجهاض معالم النهضة والتفوق التي يتمتع بها بعض الفئات المهمشة التي تنتظر من يزيل عنها غبار الاهمال، و تعزيز ثقافة القرب والحوار مع كافة مكونات المجتمع المدني في فتح ورشات التغيير ضمن محددات السلوك والوعي الحضاري بقيمة المواطن العربي بنفسه .وهذا يحيلنا الى اعادة النظر في تعاطي السلطة السياسية مع مقدسات الهوية اللغوية، وأسباب تطوير المناهج الدراسية في تجاه ترسيخ مبادئ المواطنة في مظاهر الحياة العامة.
    ناهيك عن مجموعة من المعطيات المتشابكة، التي تسهم في إحداث فجوات عميقة بين العربي ولغته الاصيلة، وتعمقت اكثر في انسداد افق رعايتها، والاهتمام بها من ترسبات الداخل، وذلك من خلال اعلام قطري الذي يستنسخ ثقافة الاخر في تربة لا تنسجم والتقاليد والأعراف والمبادئ الاخلاقية التي تتسم بها الحضارة العربية قبل ان تصيبها رياح التدجين والتهجين، والاستلاب الفكري، ومساهمة قنوات الفضاء السمعي البصري في تكريس صورة مشوهة عن لغة ظلت تقاوم لقرون اشكال الاقصاء والتهميش.
    وتتجلى مظاهر هذا الانزياح اللغوي في موجة المسلسلات التركية المدبلجة والمكسيكية التي ترجمت الى اللهجات المحلية، ولا حديث عن الانحطاط الاخلاقي والتفسخ الاجتماعي الذي تتميز به هذه المسلسلات، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعتمد على - الدارجة - في علاقات التواصل والتفاعل ، وفي احيان اخرى تكتب الجمل بصيغة عامية ، لكن بحروف فرنسية وانجليزية ،ولا يمكن ان تجد طرفين يتجاوبان بلغة عربية سليمة وليس فصيحة.
    وهذا ينم عن قمة الاستهتار بها، وفرض حصار عليها، وتقليص دورها في الفكر العربي المعاصر، لأن المنطق المتداول يفرض التعامل بلغة اجنبية غير العربية، وذلك يتجلى في مجالات الادارة ومؤسسات الدولة، وحتى جمعيات المجتمع المدني، تجد المراسلات باللغة الفرنسية او الانجليزية في أمكنة تنطق عربيا، وتكريس واقعا بات مألوفا نظرا لآثار الاستعمار الاجنبي على هذه الاقطار العربية، وتحديد دورها في كتب الأدب والفقه الإسلامي، وفي ندرة البرامج الثقافية والمسلسلات التاريخية، والبرامج الوثائقية.
    وكلنا يتذكر برامج المسابقات الثقافية التي ظهرت لفترة واختفت او حجبت.... مثل "المفاتيح السبعة"و"بنك المعلومات" وآخرها "من سيربح المليون؟ وأمام هذا الواقع الجديد،الذي تعيشه اللغة العربية، جاء مؤتمر المجلس الدولي الخاص بلغة -الضاد -الذي وقف عند الاخطار المحدقة بها في ظل التكنولوجيا الحديثة، حيث أصدر المجلس وثيقته الأولى حول واقع اللغة،وقد شاركت فيه أكثر من 47 دولة.
    أنا بنت الهاشمي أخت الرجال
    الكاتبة والشاعرة
    الدكتورة نور ضياء الهاشمي السامرائي
يعمل...
X