إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ههنا، الآن ، وهنا و الآن/محمود درويش/- اللوحة للفلسطيني :عماد الطيب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ههنا، الآن ، وهنا و الآن/محمود درويش/- اللوحة للفلسطيني :عماد الطيب






    نادي حمص الثقافي الاجتماعي





    /ههنا، الآن ، وهنا و الآن/محمود درويش/

    ههنا
    ههنا ، بين شظايا الشيءِ
    و اللاشيء، نحيا
    في ضواحي الأبدية
    نلعبُ الشطرنجَ أحياناً، ولا
    نأبهُ بالأقدارِ خلفَ البابْ..
    ما زلنا هنا
    نبني من الأنقاضِ
    أبراجً حمامٍ قمرية..
    نعرفُ الماضي، و لا نمضي
    و لا نقضي ليالي الصيف بحثاً
    عن فروسيات أمسِ الذهبية..
    نحن من نحن، ولا نسأل
    من نحن، فلا زلنا هنا
    نرتقُ ثوبَ الأزلية..
    نحن أبناء الهواءِ الساخنِ-الباردِ
    والماء، و أبناءُ الثرى والنارِ والضوءِ
    وأرض النزواتِ البشرية..
    ولنا نصفُ حياةٍ
    ولنا نصفُ مماتٍ
    ومشاريعُ خلودٍ... و هوية..
    وطنيون ، كما الزيتون
    لكنا مللنا صورة النرجسِ
    في ماءِ الأغاني الوطنية..
    عاطفيون ، بلا قصدٍ
    غنائيون ، عن قصدٍ
    و لكنا نسينا كلمات ِالأغنياتِ العاطفية..
    ههنا ، في صحبةِ المعنى
    تمَّردنا على الشكلِ
    و غيرنا ختامَ المسرحية..
    نحن ، في الفصلِ الإضافي
    طبيعيون، عاديون
    لا نحتكرُ الله
    و لا دمعَ الضحية..
    نحن ما زلنا هنا،
    و لنا أحلامنا الكبرى،كأن
    نستدرجَ الذئبَ إلى العزفَ
    على الجيتارِ في حفلةِ رقصٍ سنوية..
    و لنا أحلامنا الصغرى، كأن
    نصحو من النوم معافين من الخيبة
    لم نحلم بأشياءٍ عصية..
    نحن أحياءٌ و باقون.... و للحلمِ بقيَّة..
    ههنا، في ما تبقى من كلامِ الله
    فوق الصخرِ
    نتلو كلماتَ الشكرِ في الليلِ وفي الفجرِ
    فقد يسمعنا الغيبُ، و يوحي
    لفتىً منا بسطرٍ من نشيدِ الأبدية..

    الآن...

    الآن، بين الأمسِ والغدِ ، تغسلُ امرأةٌ
    زجاج البيت. لا تنسى ولا تتذكر
    الآن السماءُ نظيفةٌ
    الآن يسألني صديقٌ: ما هي الآن السعادة؟
    ثم يمضي مسرعاً قبل الجوابْ
    الآن، بين الأمسِ والغدِ برزخٌ متموجٌ ومؤقتٌ
    يقف الزمان، كأنه يقفُ الهنيهةَ بين منزلتينْ
    الآن، البلادُ جميلةٌ وخفيفةٌ
    الآن ترتفع التلالُ لترضعَ الغيمَ الشفيفَ
    وتسمعَ الإلهام. و الغدُ يانصيبَ الحائرينْ
    الآن، يصقلُ أمسنا أيقونةً حجريةً قمريةً
    الآن، نحيا ماضيا ًو غداً معاً. و نسيرُ في
    جهتينِ قد تتبادلانِ تحيةً شعريةً
    الآن، للمعنى خدوشُ الحاضرِ المكسورِ كالجغرافيا
    الآن في قيلولةِ الزمنِ الصغيرِ تغيرُ الأبديةُ
    البيضاءُ أسماءَ المقدس. لا نبيَّ على
    الطريقِ الساحلي
    الآن يولد ُشاعرٌ فينا. و قد يختار أماً ما ليعرفَ نفسهُ
    الآن، بنيتُ حاضر ٌمن زهرةِ الرمانْ..
    الآن، المدى ملك السنونو وحدها
    الآن، أنت اثنان، أنت ثلاثة، عشرون،
    ألفٌ، كيف تعرفُ في زحامكَ من تكون؟
    الآن، كُنتْ..
    الآن، سوفَ تكون
    فاعرف مَنْ تكون... لكي تكون.

    ههنا... والآن..

    ههُنا، والآن... لا يكترثُ التاريخُ بالأشجارِ
    والموتى, على الأشجارِ أن تعلو, وأن
    لا تشبهَ الواحدةُ الأخرى سمواً وامتداداً.
    وعلى الموتى, هنا الآن, أن يستنسخوا
    أسماهم, أن يعرفوا كيف يموتون فرادى.
    وعلى الأحياءِ أن يحيوا جماعات,ٍ وأن لا
    يعرفوا كيف سيحيون بلا أسطورةٍ مكتوبةٍ
    تنقذهم من عثراتِ الواقعِ الرخوِ، وفقهِ الواقعية..
    وعليهم أن يقولوا:
    نحن ما زلنا هنا
    نرصد نجماً ثاقباً
    في كل حرفٍ من حروفِ الأبجدية..
    وعليهم أن يغنّوا:
    نحن ما زلنا هنا
    نحملُ عبءَ الأبدية.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    (اللوحة للفنان الفلسطيني المبدع "عماد الطيب)





يعمل...
X