إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يا أبناء القطاع العام اتحدوا ..!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يا أبناء القطاع العام اتحدوا ..!

    د. محمد عبد الله الأحمد
    نعرف مشاكل القطاع العام و نعرف أن بعضه ولد لأسباب اجتماعية غير ربحية و لا ننسى أن البعض خان القطاع العام و سخره لمصلحته الشخصية و ظن عندما كان يديره أنه يدير دكان والده .
    هذه الصورة السوداء بدت لأكثر من عقدين من الزمن عقب سقوط الاتحاد السوفييتي أنها هي " البورترية " الصورة الوحيدة للقطاع العام ، و تناسى الكثيرون نقاطاً استراتيجية إيجابية يحققها هذا النوع من النشاط الاقتصادي في العالم بحيث تختلف الصورة من مجتمع إلى آخر بحسب الظروف و المعطيات .
    و من المهام الإستراتيجية الكبرى للقطاع العام أنه يشكل على الدوام تلك القاعدة الأكثر ثباتا في حياة الدول لجهة قدرة الدولة على التحكم في نموه و تطوره كما تشاء و ترغب بحسب مصالحها الاجتماعية و السياسية و أولا الاقتصادية ، كما أن هذا القطاع في الدول التي تشبهنا يحمي الطبقة الوسطى و الفقيرة من لؤم نظرية الربح والربح المتزايد التي تعمل بتراتبية هندسية للأعلى وتتخلى - إذا تركت تعمل بحرية مطلقة - عن أي دور اجتماعي إلا على شكل تقديم صدقات وحسنات ( تريح ضمائر ) من يعرفون أن حال الفقير لا يطاق و المطلوب إعطاءه بعض الماء بالقطارة حتى لا يموت أو يحتج !
    ثم من قال أن القطاع العام لا يربح على طول الخط ؟
    لقد حققت بعض شركات القطاع العام في سورية أرباحاً لا يستهان بها عندما تسنى لها قيادات – مقاومة – نعم مقاومة ! فمقاومة تكبير (الكرش) هي أكبر مقاومة و مقاومة الهواتف التي ترد إلى مكتبك من الأسماء اللامعة المتنفذة و الرتب المؤثرة و التي تحيلك من إداري إلى معقب مصالح و معاملات هي أكبر مقاومة !
    و مقاومتك بنفس الوقت لفكرة أنك يمكن أن تعزل من منصبك بجرة قلم و أن تعود ربما ( مهندساً عادياً ) أو ( إدارياً عادياً ) محترماً بكل المقاييس و ربما محتملاً لتقريع زوجتك في المنزل لأنك لم تتنازل و لم تسرق و لم تمش مع التيار هي أكبر مقاومة !!
    أليست هذه مقاومة يا رعاكم الله ؟
    لقد أمنت شركة الإسكان العسكري وحدها قبل عقدين من الزمن 47 ألف فرصة عمل و رغم مرور هذا الوقت و نمو الطلب على سوق العمل فإن المطلوب اليوم من كامل القطاع العام تأمين 68 ألف فرصة عمل سنوياً .. فهل من الصعب علينا أن نعيد استنساخ الأمثلة الناجحة في حياتنا و توفير العناصر الضرورية لهذا الأمر ؟!
    إن من لا ينتبه أن أغلب البنية التحتية السورية من طرقات و مدارس و جامعات و مصانع وسدود وأنفاق و جسور ومحطات توليد الطاقة و مصافي النفط قد بنيت خلال الأربعين عاماً الماضية بيد القطاع العام أو بإشرافه المباشر وأن الكلفة التي دفعناها لهذا البناء كانت لتكون أضعافاً مضاعفة في ظرف إنتاجي آخر ذي فلسفة اقتصادية مختلفة و حتى أغلب الشركات الأجنبية التي ساعدتنا في إنشاء هذه المشاريع كانت قطاعاً عاماً في بلادها .
    القطاع العام هو السقف الأول الذي حمى و سيحمي الوطن والاستقرار و التنمية في بلدنا هو والقطاع الخاص و المشترك بخطوط متوازية دون أن يدخل أي خط على الخط الآخر وإلا فمبدأ التوازي يتم اختراقه ..!
    إننا ندعو بكل مسؤولية وطنية و علمية إلى إعادة تنشيط فكرة " التسيير الذاتي " لأجزاء القطاع العام الخاسرة لا بل والعودة لإنشاء شركات عامة جديدة لتساهم بدورها الطبيعي في البنية التحتية و توفير فرص العمل لأننا ببساطة مع احترامنا لجهود القطاع الخاص لا نضمن مقدرته على النجاح على طول الخط في استثمار البنية التي تقترح الحكومة عليه أن يستثمرها !
    وعندما تبلغ استثمارات القطاع الخاص في بنية القطاع العام ( المطروح تأجيره أو استثماره ) رقماً معيناً فسيكون القطاع الخاص نفسه أيضاً ( ولداً غالياً و مدللاً ) على الدولة ستضطر للتدخل ودعمه بالمال والدعم الإداري مثلما حصل و يحصل الآن في غير مكان من العالم وعندها سنقدم الدعم لقلة من المواطنين بينما عند دعم القطاع العام نقدمه لشرائح كبيرة .. ودونكم تجارب دول أخرى من كبار الدول الرأسمالية التي بدأت تعود للاعتماد على فلسفة القطاع العام وتدخل الدولة المباشر في الإنتاج و حتى دخولها كتاجر في السوق لكي تلعب دور الموازن الاجتماعي للأسعار .
    لقد جاء الوقت على كل الفكر الاقتصادي لكي يقتنع مرة و إلى الأبد أن القطاع العام ينجح في قطاعات و يفشل في أخرى و كذا القطاع الخاص لكن فشل القطاع العام ( أرخص ) من فشل القطاع الخاص إذا اعتبرنا أن جيب الدولة وجيب ( القطاع الواسع من الناس ) هو جيب واحد في نهاية المطاف كما أنه من الضروري جداً أن نفهم أن كوننا من الدول غير الكبيرة و النامية فإن أغلب القطاع الخاص يودع أمواله خارج البلاد ولا يستثمر في بناء قاعدة زراعية و صناعية ضخمة يعتد بها بينما ينحو للتفكير بالدورات الاقتصادية السريعة و أحياناً يعمل بالمضاربات الخفية واقتصاد الظل غير الإنتاجي في الخفاء !
    و هنا لا نقصد بالطبع المزارع السوري العادي الذي يعتبر قطاعاً خاصاً من حيث شكل الملكية الإنتاجية و يقدم بالفعل مثالاً رائعاً في الكفاح الإنتاجي برغم الظروف الصعبة التي يتعرض لها خصوصاً مع ارتفاع كلف الإنتاج لأننا نعتبر هؤلاء من المتكسبين الصغار في الوطن ومصالحهم ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع منهجية الدولة الراعية الاقتصادية أي مع وجود توازن في الكلف والإنتاج يوقف جشع المضاربة التجارية على إنتاجها .
    في العلوم الاقتصادية القديمة تم تقسيم الدول إلى ( دولة حامية ) و ( دولة راعية ) لكن تطور الفكر الاقتصادي يجبر الجميع على دمجهما معاً فلا اقتصار على دور حماية لمنتجين خاصين وجباية ضرائب فقط ولا اقتصار على دور رعاية مانع للمبادرة الفردية ، إن التوازن هو المطلوب و في ظرفنا نحن حيث أغلب أبناء المجتمع ينتمون إلى الطبقة الوسطى والفقيرة يكون القطاع العام هو عنصر التوازن الأول للأسباب التي ذكرنا أعلاه .
    ولأننا لا نوافق على الخطأ في التقييم الذي يبخس هذا القطاع حقه و يقدمه بصورة القطاع العاجز عن الفعل و هو القطاع الذي يقوم حتى الآن بدوره الاجتماعي .. آن لأبناء القطاع العام أياً كان موقعهم أن يقولوا :
    لقد تعلمنا الدرس وسنراقب الإدارات بكل حذر وسنجعلها لا تكبّر ( كروشها ) على حسابنا ولكننا سندافع عن الفكرة دفاعاً حقيقياً لأنها طعام أبنائنا و مستقبلنا !
يعمل...
X