إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشاعرة علا عبدالله ..كتبت دراسة عن الشاعر حسن إبراهيم سمعون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشاعرة علا عبدالله ..كتبت دراسة عن الشاعر حسن إبراهيم سمعون

    شكرا لك أستاذة علا عبدالله
    كتبت الشاعرة والناقدة الواعدة علا عبدالله دراسة أدبية حول نصي ( أحبيبتي ) والذي يقع ضمن مساجلة بيني وبين الشاعرة القديرة الصديقة هيلانة عطالله.. وعنونت دراستها بالقراءة السريعة , وأقدم شكري لها وأراها دراسة عاقلة وواعية ومختلفة وأشعر بصدقها وكأنها بذات الشاعر .. وهذه هي محبتي وتقديري للجميع

    قراءة سريعة في نص ( أحبيبتي) للشاعر حسن سمعون
    مساؤكم عابق بالشعر يأسر نفوساً ويمتلك قلوباً..
    اعتدت في دراسة أي نص أدبي الانطلاق من النص نفسه، أما أمام هذا النص فاسمح لي –أستاذي الكريم- أن أبتدئ مني .. من نفسي.. من مزيج مشاعر يتركها النص تجوب كياني ثم تعود لتشد أهدابي إليه..
    قرأته مراراً وأجزم أنها تجاوزت التسع .. ولم أعرف من أين سأبدأ.. مازلت تحت سطوته لذا قررت أن أترك لقلمي خيار الابتداء وأجدني أول ما أصدم بالصورة الموسيقية فلعلها هي صاحبة السلطة عليّ..
    قام النص على مفاعَلتن وجوازها فجاء القسم الأول وكأنه ملحن جاهز للغناء ولا أخفيك قرأته منغماً وربما ساعد ني على ذلك الابتداء ب ( أحبيبتي) وهي لفظة كثيراً ما تبدأ بها معظم الأغنيات العربية الفصيحة حيث استذكرت على الفور أغنية ( أحبيبتي خمر الغوى في مقلتيك فعتقي...) تلاها كلمتان لهما وقع موسيقي واحد
    ( / ْ / ْ) هما ( شكراً وعفواً)
    وانتهى السطر الأول بكلمة (على) فبقي الصوت مفتوحاً .. ثم جاءت كلمة العنقود فكأن ضم الصوت وخفوته عند الواو أغلق المقطع الموسيقي أو الجملة الموسيقية ليفتح بعدها ويغلق سريعاً عند ( الكروم)
    تكرر الأمر في ( يا كرمتي...) وتكرر إغلاق الصوت بنفس الطريقة في ( النجوم) ( متفاعلان)
    سرعان ما تلاشت هذه الخفة الموسيقية مع المضارع المجزوم ( فليخلعوا) وقد ساهمت هذه الفاء بذلك أيضاً بالرغم من أن التفعيلة لم تتغير إلا أن التفعيلة وحدها لا تحمل الصورة الموسيقية إلا بمساهمة الحروف ووقعها والمعاني أحياناً.
    استشعرت تغيراً بالحدة الموسيقية حيث انخفضت عند ( هيلانتي أنت المنى) ليعاود الارتفاع.
    من يكمل النص على هذا النحو لا يخفى عليه أن الشاعر بارع في التلاعب بموسيقا النص وكأن بين يديه آلة يعزف عليها..
    اجتذب الأذن منذ المطلع ب ( عفواً.. شكراً) نفس مواقع الحركات والسكنات وختم ب ( على) ثم أخذ يتكئ على تتالي أحرف المد ( العنقود الكروم النجوم طوى منى التخوم شفاهك هامات خوذات ندى مدى صدى بواريد حسوم شهيد عاشقاً مفطوم محبوس سأعود....)
    وفي تقديري تجلت روعة الموسيقا في ( يا كرمتي وعريشتي في صحوتي)
    فتمكنت هذه الياء من طرق أذن المستمع أو لفت انتباهه بفترات متقاربة فكانت في كل مرة تأتي بعد سبع أحرف حصراً.
    وقد أحس الشاعر بذلك فأخذ يكرر أسلوب النداء ( أيا سوريتي أحبيبتي..)
    وبالطبع لم يقتصر التكرار على الأسلوب بل تجاوزه إلى المفردات والحروف ( سأمارس- سر- السري -سوريتي) فضلاً عن الجناس ( ندى مدى صدى) .
    عندما تصدمك هذه المعزوفة فإنها تأسرك لاشك وتدفعك لمعاودة القراءة ومحاولة قراءة النص قراءة واعية.. بغية الكشف عن مواطن الجمال فيها
    النص بدأ من حيث انتهى .. بمعنى أنه يكشف عن فكرته في نهايته ( سأعود إما شهيدأ أو عاشقاً) وهذا أيضاً أسلوب يدفعك إلى معاودة القراءة .
    ( شهيد) لفظة من المعجم الحربي أو الوطني.
    ( عاشقاً) لفظة من معجم الغزل أو الحب.
    وإذا فتحنا المجال لرصد معجم النص اللفظي فإننا سنجده تراوح بين هذين المعجمين ( حبيبتي المنى اللحظ عينيك شفاهك القبل خمر الغزل // الرهان سيف يقطع رقبة الهامات خوذات المحبوس الحبس)
    النص كتب ردأ على نص افتتح ب ( شكراً حسن) فجاء الرد منطقياً كما يبدو وقريباً من ردود مألوفة ( لا شكر على)
    افتتح الشاعر نصه بنداء القريب(أ) و نادى ( حبيبتي) ...
    بوح: حركة نشر .. خروج من الداخل إلى الخارج.
    النديم: رفيق الشراب.. الرفيق أو الصاحب.
    جذوة: قطعة من النار أو قطعة ملتهبة
    الكروم: إذا ربطتها بكلمة (نديم) فإنها ستحيلني إلى أنها أصل الخمرة.. أصل الانتشاء أو سره .. والبوح مرتبط عموماً بحالة نفسية معينة قد تكون مشابهة لحالة السكر أو الانتشاء تحت تأثير الخمر أو تحت تأثير تعب أو إنهاك من ثقل ما.. ومؤداه: الراحة نتيجة هذا البوح
    ( لاشكر على بوح رفيق الخمر لأصل الخمرة)
    // على الهامش لا أعرف لم عرضت في ذهني فكرة المكافأة بعد هذه السطور.. كوفئت الكرمة ببوح النشوة.. ولا أعرف إن كان هذا يخفي قناعة شخصية مترسخة في لا شعور الشاعر أو رؤية حول فكرة المكافأة أو أن الفعل يقابله رد فعل يليق به أو ما شابه ذلك.. لا أريد الغوص في هذا الأمر الآن ولكنها فكرة عرضت لي فكتبتها)
    هيهات أن ترقى لنعليك النجوم
    لم يقل ( أن تصل) .. أصر على حالة الارتقاء والتسامي.
    ثم لماذا قال ( لنعليك) لماذا جاء بهذه المفردة؟
    سرعان ما يأتي الفعل فليخلعوا فيلمح إلى ( اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى) إلى الآن حصلنا على وصفين لهذه المخاطبة ( جذوة العنقود. أصل الخمرة .. والسمو)
    التوت: مصدر هذه اللفظة الكناية الشعبية ( سقطت ورقة التوت) أي تعرت الحقيقة انكشفت وزال الضلال.
    توت الرهان: لم يكشف الشاعر في النص عن أي رهان يتحدث؟
    واللحظ من عينيك نور الشمس أو سيف بكف الخضر يقطع رقبة التنين في تلك التخوم.
    نور الشمس: حقيقة إشراق وضوح
    السيف: في الثقافة العربية طالما رمز إلى الحق والحقيقة أو إلى حسم الأمور ( السيف أصدق إنباء)
    سيف بكف:
    أتساءل: لم لم يقل الشاعر بيد بدلاً من بكف؟
    قد يكون لأن اليد اقترنت بالعطاء في ثقافتنا.. وقد يكون للاستفادة من لفظ الفاء الشفوي الذي يلزمك بالتوقف والإحساس بوقعه.. وقد يكون نوعاً من الإلماح إلى مصدر الفعل كف بمعنى منع
    وقد يكون كل هذه الأمور مجتمعة..وقد يكون من باب التقيد بالمعنى المعجمي للفظة الكف وطبعاً أنا لا أعني أن الاستخدام واعٍ مئة بالمئة إنما مصدره اللاشعور ويأتي نتيجة الخبرة الطويلة والتعاطي بكثرة مع الشعر وإلا فهذا لا يتأتى لأي كان.
    يظهر في هذه الجملة توظيف لقصة الخضر عليه السلام الذي منع التنين من ابتلاع الفتاة البريئة وأنا هنا أتعمد استخدام كلمة (منع) لتناغمها مع إيحاء الكف.// أيضاً هنا عرضت لي فكرة وهي أن الخضر امتلك أسراراً وأنه كان يثير دهشة موسى عليه السلام بتصرفاته والتي تبدو شريرة لكن باطنها خير.. قد أكون ذهبت بالتحليل بعيداً ولكن لا بأس. هي فكرة خطرت لي فكتبتها)
    · لحظ المحبوبة سيف بكف الخضر
    · النجوم لا ترقى لنعليها
    · هناك مخاطب سقط رهانه
    نلاحظ إضفاء صبغة القداسة على هذه المحبوبة وهذه القداسة يتقرب بها الشاعر فهو يستخدم نداء القريب ثم يضع ياء المتكلم حين يخاطبها كرمتي عريشتي هيلانتي
    · السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لم هذه القداسة؟ من هي المحبوبة التي أسقطت الرهان والتي لحظها سيف بكف الخضر يمنع به حدوث الشر؟
    · لا يطول الانتظار كثيراً حتى يأتي الجواب (أيا سوريتي)
    · إذن منذ البداية يزاوج الشاعر بين المحبوبة وسورية فالمحبوبة وطنه والوطن معشوقه ولا أرى هذا التحليل بعيداً فقد ألفنا ذلك في الشعر العربي
    بشفاهك الظمأى أـيا سوريتي: بالطبع النص حديث وهو مرتبط بشكل أو بآخر بهذه الفترة العصيبة لذا يصف سورية بالظمأى
    الظمأ عطش وافتقار إلى شيء ما.
    سأمارس المحظور في طقس القبل: السؤال: ما المحظور؟ ويأتي الحواب:
    سيقبل الهامات والخوذات: رمز للجندي
    إن رؤية الشاعر اتضحت الآن وهي: (( هذه الأرض ذات طابع مقدس .. هي معشوقة كل من يهوى القداسة أو يبحث عنها))
    سر الرشيم بقمحة تهوى الندى ملأت سنابلها المدى:
    القمح:خير، مادة الحياة.
    الرشيم: جنين القمح ( ولادة جديدة وانبعاث أو عهد جديد)
    الشاعر يستبشر خيراً سيعم المكان.
    لتلم باقي الصوت من قاع الصدى
    الصوت:قد يكون صوت الحق أو صوت الخير صوت الضميرٍ
    الصدى رجع الصوت.. الأثر
    رجع الصوت عميق .. أجنة القمح ستلمه
    قد يكون الشاعر يريد أن يقول:
    ((إن خيراً نتج من جنين القمح سيستقطب كل خير ذهب أو غاص عميقاً ))
    فبحبلها السري سر عروبتي:
    هذه ثالث مرة يستخدم فيها كلمة السر هنا.. ما السر الذي يتحدث عنه؟ سأعلق السؤال.. وليس بالضرورة أن نصل إلى إجابة
    الحبل السري صلة الوصل بالحياة القادمة .إشارات الولادة والانبعاث بدأت تتكثف ( رشيم حبل سري مفطوم)
    سأعود عاشقاً أو شهيداً.. عاد ليزاوج بين عشق الوطن وعشق المحبوبة ويشير إلى حالات واقعية في هذه الحرب.
    أختم بالقول:
    يتسم النص برؤية واضحة لا تحتاج إلى كثير تحليل ملخصها: (( أنا متجذر في هذه الأرض والتي أراها أرض قداسة عبر التاريخ طالما أن بذور الخير موجودة فالبعث أو الولادة أمر محتوم.. مادام هناك جندي ينتظر عودته شهيداً فالولادة قادمة))
    لا تخفى فنية النص على أحد ولعل أهم سماته الفنية خلوه من التكلف -على قوة اللغة ومتانتها- ومجيئه مرتاحاً يطرق باب القارئ ويدخل قلبه دون استئذان.
    حملت هذه الرؤية بألفاظ وتراكيب كشفت عن عمق أصالة فبصرف النظر عن الاتكاء على الموروث الديني أو الثقافي كانت الألفاظ موحية إلى حد كبير من جهة ( كف رشيم حبل سري) ومحملة بطاقات تعبيرية تستطيع أن تثير في المتلقي عاطفة أو ميلاً باتجاه يريده الشاعر في أقل تقدير (جذوة عنقود كروم عريشتي)
    استطاعت الانزياحات اللغوية رسم صور ذات تأثير عميق (جذوة العنقود) وأحيانا كانت ياء المتكلم وحدها تنهض بالتصوير النفسي.. فعندما يقول الشاعر ( كرمتي وعريشتي) لانستطيع إلا أن نتخيل عمق الارتباط أو عمق التكامل
    تنوعت الأساليب بين خبرية وإنشائية وفق مقتضى الحال وقد كثرت الإنشائية في المقطع الأول أو القسم الأول حيث اعتمد النداء و الأمر معبراً عن حدة الانفعال (فليخلعوا) والتي سرعان ما تلاءمت معها موسيقا السطر حيث لم يغير الشاعر التفعيلة إطلاقاً بل استفاد من الخاء ومن إيحاءات اللفظة.
    أما الأسلوب الخبري فقد بدأ من عند ( واللحظ) إلى آخر النص باستثناء بعض الأماكن.. وقد جاء متناغماً مع المعاني حيث لم يبد أن الحالة الانفعالية تحتاج على الإنشاء فالعاطفة هادئة.
    بلغ التصوير أوجه في تقديري في:
    سر الرشيم بقمحة تهوى الندى ملأت سنابلها المدى..
    جاءت الصورة واقعية وهي من أرقى وأصعب أنواع الصور على الإطلاق .. شخصياً أنا معجبة جداً بهذه الصورة ولا أعتقد أنها ستمر بأحد ولا تعجبه فهي أولاً جديدة مبتكرة.. ثانياً تتجاوب أصداؤها على طول النص وهذا أمر أيضاً لا يتحقق إلا لشاعر متمكن.. ثالثاً كانت قادرة على توضيح الرؤية بدون زيادة أو نقصان
    وبالتالي نهضت بوظيفتها رابعاً ضمت ألفاظاً موحية للغاية ( رشيم/ ولادة- قمح/ خير- سنابل/ خير ووفرة-) خامساً اعتمدت محسناً بديعياً وهو الجناس في ندى ومدى ولا أنفي أن يكون مشغولاً عليه ومتعمداً ولكن لا ضير طالما أنه لم يثقل لعبارة.
    أكتفي بهذا القدر وإن كان النص غنياً ويقال فيه الكثير فيما لو امتلك المحلل وقتاً كافياً للغوص في أعماقه.. اغفر زلاتي .. لكم فائق التقدير والاحترام..
    بقلم علا عبدالله
    وهذا النص
    أحَـبـيبـتي عَـفوًا فلا شكرًا على
    بوحِ النـّـديمِ لِـجَـذوةِ العُـنقودِ في خـُضرِ الكـُرومْ
    يا كـَـرمَـتيْ وعَـريشتيْ في صَحـوتيْ
    هَـيهاتَ أن تـَرقى لِـنعـلـيـكِ النـُّجومْ
    فليخـلعوا توتَ الرِّهانِ بغـيـرِ واديكِ المُقـدَّسِ ياطـُوى
    هـيلانتي أنتِ المُـنى
    واللحـظُ مـن عَـينيكِ نورُ الشـَّمسِ أو
    سَـيـفٌ بكـفِّ (الخـُضرِ) يـَقـطعُ رقـبةَ التـِّـنـينِ في
    تلكَ التـّخـومْ
    بشفاهِـكِ الظـّمأى أيا سوريتيْ
    سأمارسُ المَحظورَ في طـقسِ القـُـبَلْ
    وأقـبـِّلُ الهاماتِ والخـُوذاتِ في مَـفـنى هُـبَـلْ
    أحَـبـيبـتي
    سِرُ الرُشَـيْـمِ بـقـَمْحةٍ تـَهوى النـَّدى
    مَلأتْ سنابـُلها المَـدى
    لتـَـلمَّ باقي الصّوتِ من قاعِ الصَّدى
    فبحَـبلها السِّـريِّ سِـرُّ عُـروبَـتي
    وبنهدِها المَحـبوسِ مَـفـطومٌ على
    خـَمرِ الغـَزلْ
    عَـهـدي إليكِ حَـبـيـبـتيْ
    سأعودُ فانـتـَظري بَـواريدَ الحُسومْ
    إمَّا شهيدًا كـفـَّنوهُ بالعَـلمْ
    أو عاشقـًا يَسعى لِفــَــكِّ الحَبسِ عَـن تلك الخـُتومْ
    حسن إبراهيم سمعون
يعمل...
X