إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يصوغ الفنان (حسن عبد علوان) لنفسه لغة أسطورية جديدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يصوغ الفنان (حسن عبد علوان) لنفسه لغة أسطورية جديدة

    الفنان (حسن عبد علوان) يصوغ لنفسه لغة أسطورية جديدة

    حسن عبد علوان

    يؤخذ على أغلب الفنانين عدم تعمقهم في الاطلاع أو فهم التراث الفني الشرقي بشكل واعي، وإن اغترفوا منه فإنهم يستقون بشكل مباشر لا يضيف إلى التراث شيء، ولا إلى فنهم عمقا يبحثون عنه. لكن الفنان التشكيلي العراقي (حسن عبد علوان) وجد الطريق في التواصل مع هذا التراث بشكل متفرد، شأنه شان عدد من التشكيليين العراقيين الرواد ممن حاولوا ربط الحاضر بالماضي في محاولة لتأصيل وترسيخ الارتباط بالجذور للخروج بصيغة شرقية معاصرة.

    ففي بداية السبعينات من القرن الماضي وباسلوب حداثوي يتميـز بالبساطة والوضوح عرض (حسن عبد علوان) أول أعماله حيث الغوص في جماليات العمل وأجوائه الخيالية فهو يحاول أن يكشف الحالة الإنسانية والانفعالية العبقة بالتاريخ العراقي والشرقي من الجانب الإنساني والديني والوجدي عبر معالجة المعمار المكاني والجسد البشري (الأنثوي والذكوري) برؤية بها لون من الرومانسية، وفي ذات الوقت بها نوع من التعبيرية إذ تتكرر بنيات الدلالة لديه مع تكرر الثيم الأساسية التي تشكل محور إنتاجه الفني والتي تتمحور بإعادة صياغة المضامين التراثية الشعبية للبيئة البغدادية مستفيدا من التراث الفني للمدرسة البغدادية التي تمثلها رسوم يحيى الواسطي وأجواء ألف ليلة وليلة.

    فهو إذ يهتم بالحكائية قدر اهتمامه بالنقاء الفني لعمله من أجل إعادة الفن للجمهور وقربه من عقول العامة بالإضافة الى اهتمام المختصين مما ساعده على الانتشار الواسع والسريع حتى غدا أحد الرموز الفنية العراقية وعرف عربيا وعالميا وعرضت أعماله في أغلب عواصم العالم من باريس الى موسكو مرورا بتركيا واليونان وأسبانيا والسويد وبولونيا ومن تونس الى البحرين فالقاهرة وغيرها الكثير عبر معارض مشتركة وشخصية.

    إن الماضي يشكل لديه هاجس يمتد الى جسد الحاضر، فجذور الفنان مغروسة بطين ذلك الماضي وبأجمل ما فيه، فهو المولود عام 1945 في مدينة الناصرية بين أحضان الماء والموروث الأسطوري للجنوب السومري ثم ينتقل إلى مدينة بغداد وأجواءها وحارتها الشعبية ويكمل دراسته هناك متخرجا من معهد الفنون الجميلة عام 1965 مما يجعله يحاول الولوج داخل المعنى المتعمق للزمن باعتبارة تراكم ممتع، اذ يبدو الحاضر وهما وانعكاسا لحقيقة الماضي فيحول الحدث الاسطوري الى ذاكرة جمالية تجسد فكرته الفلسفية عن الجمال وايجاد فضاءات اكثر اتساعا عبر تحفيز اللامرئي من خلال ما هو مرئي في ثيم اللوحة ، بالانزياح عن الاسطورة الاولى للوصول الى اللاوعي الجمعي الحكائي للمشاهد ، فهو لا ينتقي منها نموذج متكرر بل يصوغ لنفسه لغة اسطورية جديدة تميز اسلوبه الفني يوظف فية الواقع ويعدله كي يصل الى المشاهد بعمق المباشرة وبرؤية مستحدثة لاشكال مدهشة ولغة تعبيرية تجسد تدفق الخيال .

    فهو راصد جيد للحياة الاجتماعية والاجواء الفولكلورية ورسم معالمها اذ يرتقي بعوالمه الخاصه للكشف عن مناخات رمزية للمضمون المحلي مبتعدا به عن السائد والمألوف. إنه يتحكم بالأجواء تعديلا وتوظيف كي يؤائم بين الأسطورة والواقع فيبتدع شخوصا من الموروث ليقدمها بطريقة موثرة وهذا من أسرار نجاحه، حيث هامش التجديد والتفرد مع أنه يكرر تلك الثيم من الشخوص والاماكن في جميع اعماله وبالاسلوب ذاته، لكنه وكما يقول المثل (إذا كان النول واحدا فان النسيج متنوع تنوعا غنيا جدا).

    إن الحكائية في أعمال (حسن عبد علوان) تعبير في الشكل والمحتوى وهي جوهر العمل على المستوى المضمر الدلالي وعلى التعبير البياني للمضمون، مع أنه يشتغل على الغموض المقصود بوصفه مستوى آخر في قراءة اللوحة وتحويلها من ماضوية متجاوزة إلى حالة مستحدثة ومعنى معاصر. فمن الممكن ان نصف تجربته بصفتها تسجيلية سردية ذات بعد بصري ومفهوم فلسفي لافت اذ تنبض الحياة بشخوصها وأماكنها الشعبية وبجمالية الحركة الايقاعية الحية المنبثقة من رؤية حلمية تتدفق تلقائية وعفوية وشفافية في اللون تشع بهجه وروح مرحه انعكاسا من مرح الروح البغدادية.

    إن توزيع المساحات اللونية والفراغات الضوئية والخلفيات الواسعة تشكل احد العناصر التي تكون بناء اللوحة وتخدم تميز الشكل الفني، فالون البني المعتق المتكحل بشفافية اللون الاصفر يتداخل مع عناصر القدم في الموضوع ليعطينا تكوين متالف مع زرقة السماء. إن تداخل ألوانه وكأنها تذوب مع بعضها البعض مستخدما تقنية تخفيف الألوان الزيتية وتبقعها بشفافية تقترب من الالوان المائية، ومع ان اغلبها الوان بارده لكن لها ميزة ساحرة تلائم اسطورية الاجواء وهندسية الاسلوب المكاني ووهمية الفضاءمع تجاوز مقصود لقواعد المنظور.

    إن عوالم الفنان (حسن عبد علوان) ترتبط بأذهان الناس بمعاني وافكارميثولوجية موحية ، فالمرأة والتي تتكرر في كل اعماله تتمتع برشاقة شرقية إنها تشبه الغيوم السابحة بأنثوية طاغية، أشبه ما تكون بالنموذج المقدس أو الآلهة التي لا نجدها إلا بين السحاب. فيما يتكرر الرجل والحصان كرمز للقوة كما السيف والديك، اما السمكة فرمز للخصب والقباب والشناشيل البغدادية ومشاحيف الأهوار للارتقاء والتواصل والعود للطرب وكثير من المفردات الأخرى الموحية بطابع جذري بعيد عن النظرة الحيادية، فهي تحمل إشارات ثنائية بين اليومي/ التراثي والأرضي/ السماوي فتحوله إلى فضاء ممتلئ بالغموض كثيف بالمعاني مقبول بالمعقولية عبر تعبيرية انطباعية مدهشة.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
    ‎‏ بمشاركة ‏صورة‏ ‏د.هادي الشمري‏.


    الفنان القدير حسن عبد علوان في ذمة التاريخ. فقدنا اليوم واحد من فناني العراق الذين جاهدوا في البحث عن اصالة فنية ونجحوا في تحقيق شخصية متميزة لهم. الذكر الطيب له والعبرة في حفظ تراثه الفني في أروقة متحف الفن المعاصر في العراق .



    رحمة الله وسعت كل شيء انا لله وانا اليه راجعون رحل واحد آخر من اصدقائي فنان عراقي اصيل متفرد باسلوبه سخي بعطائه كان نجما في سماء الرسم العراقي الاصيل
    رحل حسن عبد علوان بصمت
    رحمه الله والهم اهله وذويه واصدقاءه الصبر والسلوان
    الى روحه ثواب الفاتحة يرحمنا ويرحمكم الله

    ـــــــــــــــــــ
يعمل...
X