إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قدم الروائي والناقد العراقي عدنان حسين أحمد في الفترة الأخيرة كتابين هامين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قدم الروائي والناقد العراقي عدنان حسين أحمد في الفترة الأخيرة كتابين هامين



    عدنان حسين أحمد: كثيرون من مثقفي العراق ينضوون تحت لواء 'وعاظ السلاطين'
    قراءتي الشاملة لمعظم ما كُتب من أدب السجون في العراق هي التي دفعتني للتخصص في هذا المضمار المضني وتحليله والكتابة عنه.
    ميدل ايست أونلاين
    كتب ـ محمد الحمامصي
    هامش الحرية كان ضيقاً في العراق
    قدم الروائي والناقد العراقي عدنان حسين أحمد في الفترة الأخيرة كتابين هامين، كونهما يشكلان مشهدا بانوراميا للرواية العراقية وما يشغلها من قضايا ورؤى إنسانية، أولهما "الرواية العراقية المغتربة" تناول فيه 30 رواية لـ 16 روائيا من مختلف الأجيال الروائية العراقية في الغربة، والثاني "أدب السجون خلال سنوات الحكم الدكتاتوري في العراق 1963 ـ 2003" الذي لا يكتفي فيه بمجرد القرءاة النقدية لأعمال روائيين عراقيين وعرب عاشوا في العراق بل يقدم رؤية تاريخية لهذا الأدب ومعالجاته الإبداعية.
    وفي هذا الحوار مع الكاتب ناقشناه في رؤيته وما قدمه من قراءات في الكتابين.
    بداية يرى أن كتابه "الرواية العراقية المغتربة" يعكس جانباً من النسيج العراقي بفسيفسائه المتعددة، وهؤلاء الروائيون جميعاً يكتبون عن العراق بالطريقة التي يجدونها مناسبة. وعلى الرغم من تعدد الثيمات والرؤى والمقتربات الفكرية لكل واحد منهم على انفراد إلاّ أن هذا الوطن يلمّهم جميعاً في حضنه الدافئ الذي لا يفرّق بين عربي وكردي، مسلم أو مسيحي، صابئي أو إيزيدي، آشوري أو كلداني، تركماني أو سرياني، عراقي من أصول إيرانية أو من أصول أرمينية أو هندية أو أفغانية وهلّم جرا. فبغداد، عاصمة الرشيد، كانت حاضرة عالمية ظلت تسطع في قلب التاريخ على مدى خمسة قرون ونيّف فلا غرابة أن يستوطنها الناس من أعراق وديانات ومذاهب شتى، وهذا التنوع هو الذي انعكس على كتابي النقدي "الرواية العراقية المغتربة" الذي ضمّ هذه الباقة المنوّعة من الروائيين العراقيين الذين استدار بعضهم إلى العراق متكئاً على ثيماته الداخلية، فيما زاوج البعض الآخر بين الثيمتين العراقية والأوروبية ومع ذلك فإن لكل رواية نكهتها الخاصة وعالمها المميز الذي تدور بين جنباته.
    ويؤكد عدنان حسين أن من يتأمل الرواية العراقية المغتربة بشكل عميق سيجد أن هناك بعض الفروق الجوهرية الناجمة عن البيئة الجديدة لها، فهذا المحيط الجديد يختلف بالضرورة عن المحيط العراقي المؤطر باشتراطات محددة.
    وأنا أتحدث هنا عن الروايات العراقية المغتربة التي تجمع بين الثيمات المحلية للبلدان الأوروبية التي تُكتب فيها وبين الثيمات التي تنتمي للعراق، وكذلك الشخصيات المشتركة الأوروبية والعراقية مثل رواية "تحت سماء كوبنهاغن" لحوراء النداوي، أو "منازل الوحشة" لدُنى غالي، أو "طشّاري" لأنعام كجه جي، ويمكن أن أشير إلى رواية "وأقبلَ الخريف مبكراً هذا العام" للدكتور قصي الشيخ عسكر التي تكاد تكون كل شخصياتها دنماركية باستثناء الراوي وشخصية عبدالله اللوريني التي يستعيدها الراوي مرات عديدة على مدار النص.
    لا بد من التنويه إلى أن هامش الحرية كان ضيقاً في العراق قبل بداية الألفية الثالثة قياساً بأوروبا وأميركا وبقية بلدان العالم المتحضرة، لكن جانباً من هذه الحرية قد تحقق بعد عام 2003 وصار بإمكان الكاتب العراقي أن يكتب ما يشاء غير أن هذا لا يعني أن الحكومات العراقية التي جاءت بعد الاحتلال راضية عن هذا الهامش الكبير من الحرية، فهي مجبرة عليه كي يتلاءم مع طروحاتهم الجديدة في الديمقراطية، والحريات العامة والخاصة، والحكم الرشيد وما إلى ذلك، فهم في حقيقة الأمر غير ديمقراطيين ولا يؤمنون بالحريات الخاصة والعامة، ويتخبطون في حكمهم الطائفي الأرعن كما ترون وقد حولوا بعض مدن العراق إلى بؤر متوترة كي يظلوا متشبثين بسُدة الحكم إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
    ويلفت عدنان حسين أحمد إلى أن اهتماماته لا تقتصر على الرواية العراقية المغتربة وإنما تمتد إلى أكثر من جنس أدبي ربما تكون القصة القصيرة والرواية في مقدمتها "لأنني معني بالنثر ومهتم به أكثر من اهتمامي بالشعر".
    ويضيف "أنني معني بالثقافة البصرية التي تتوزع بين السينما والمسرح والفن التشكيلي والفوتوغراف وقد صدرت لي بعض الكتب في هذا الصدد من بينها "أطياف التعبيرية. غواية الحركة ورنين اللون في تجربة ستار كاووش الفنية". كما اضطرتني الأوضاع المزرية في العراق أن أكتب في الشأن السياسي، ليس حُباً بالسياسة وإنما استجابة للواجب الوطني الذي يجبرني على أن أضع النقاط على الحروف وأعرّي الساسة اللصوص والفاشلين والطائفيين. لا شك في أن هذا التشتت يفقدني التركيز على تجربتي النقدية ولكنني أعمل ببسالة الفارس، وروح العامل المنقطع إلى مشغله، والمُحب الذي لا يرى في العالم غير وجه حبيبته التي يختزل فيها كل النساء".
    وحول كتابه عن أدب السجون والملامح المميزة التي تجعلنا عندما نقرأ رواية أو نصا شعريا يمكن أن ندرجه تحت هذا الأدب، يقول عدنان حسين "ما أدهشني عبر هذا البحث الطويل الذي لا أزال منهمكاً فيه هو المخيلة التي تتفتق عن آخرها حينما تضع الأديب المبدع في زنزانة، وتصادر حريته الشخصية حيث يطوف هذا السجين العالم كله وهو جالس بين أربعة جدران كابية وحيّز معتم لا تتوفر فيه أبسط شروط العيش الإنسانية. ويمكن العودة إلى روايات عبدالرحمن منيف وفاضل العزاوي وهيفاء زنكنة وغيرهم الكثير لتكتشف صحة ما أذهب إليه. فالثيمات والزمان والمكان والشخصيات كلها سجينة مأسورة إلى أجل غير مسمّى، كما أن التعويل على بصيص الأمل يمنح القارئ ثقة كبيرة بالمستقبل الذي يجب أن ينطوي على تغييرات محددة حتى وإن كانت تقع في خانق المستحيل".
    ويشير إلى أنه "لا فرق كبير بين العراق وبقية الدول العربية من حيث طبيعة الحريات المتاحة وحجم القمع الموجود في سجونها ومعتقلاتها، بل في حياتها العامة. فبعد سقوط الأقنعة فيما يسمّى بالربيع العربي اكتشف العالم كله أن البلدان العربية متساوية مع فروقات بسيطة في اضطهاد شعوبها لكن العراق كان يتصدر قائمة الدول العربية فهو لا يجد حرجاً في أن يدفن خمسة آلاف مواطن وهم أحياء في يوم واحد، ولا يخشى من أن يستعمل الأسلحة الكيمياوية ضد العراقيين العزّل في شمال الوطن أو وسطه أو جنوبه، ولا ترتعد له فريصة حينما يطهِّر السجون ويبيد المئات من البشر في مدة زمنية قياسية.
    كما اخترت العراق أنموذجاً لأن غالبيه مبدعيه قد ذاقوا مرارة الاعتقال والسجن والتعذيب، بل أن معظم رؤساء العراق الذين تربعوا على كرسي الحكم قد بدأوا حياتهم في السجن أو انتهوا إليه في خاتمة المطاف. وربما تكون قراءتي الشاملة لمعظم ما كُتب من أدب السجون في العراق هي التي دفعتني للتخصص في هذا المضمار المضني وتحليله والكتابة عنه. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أكتب فيه عن أدب الحريات وليس عن أدب السجون والمعتقلات".
    وردا على تساؤل حول علاقة المثقف بالسلطة خاصة أنه تناول جوانب تجمع بين السلطة والمبدع والمثقف مثل سلطة الرقيب وثقافة العنف، يقول "علاقة المثقف بالسلطة هي علاقة إشكالية بامتياز. ففي العراق تحديداً ينقسم المثقفون إلى ثلاثة أقسام حيث يتخندق القسم الأكبر مع السلطة وهم وعّاظ السلاطين حسب توصيف عالم الاجتماع العراقي علي الوردي، فيما يقف القسم الثاني مناوئاً ومناهضاً لهذه السلطة وهم قلّه نادرة تقاتل إلى أن تنفد ذخيرتها ثم تلوذ بالمنافي الداخلية أو الخارجية، ولك أن تتأكد من عدد المثقفين العراقيين الذين تركوا بغداد الآن في ظل الديمقراطية المزعومة وهربوا إلى أربيل، تمثيلاً لا حصرا، أما القسم الثالث فيختار الابتعاد عن الأضواء أو الانسحاب إلى المقاعد الخلفية أو العزلة البيتية.
    وقال: أود أن أنوّه هنا بأن كلمة الثقافة لم ترد في الدستور العراقي لأن السياسيين العراقيين لا يريدون للمثقف العراقي أن يحظى بمكانة مرموقة، ويفضّلونه أن يكون تابعاً لهم، وربما تكون نسبة المثقفين الذيول أعلى بكثير من نسبة المثقفين الحقيقييم المناهضين للسلطة أو المنسحبين من أجوائها البائسة في أقل تقدير".
    وفي ضوء قراءاته ومتابعاته للمشهد الإبداعي العراقي، يرى عدنان حسين أن وضع المبدع أو المثقف لم يتحسن كثيراً في العراق في مرحلة ما بعد التغيير. فلقد قُتل العديد من الكُتاب والصحفيين المعارضين في ظروف غامضة، كما أُبعِد البعض الآخر منهم لا لشيء إلاّ لمعارضتهم للنظام أو تبّنيهم لآراء وقناعات مغايرة. فهذا النظام الجديد المتمترس خلف قناع ديمقراطي كاذب يستعمل نفس الأساليب القديمة في خلق الصحافة الحزبية التي تستقطب أكبر عدد ممكن من الكُتّاب والصحفيين والمثقفين وتجيّرهم لمصلحتهم الخاصة الضيقة. فالمثقف العراقي لا يستطيع أن يعيش إلاّ في الفضاءات الحرة النقية التي تقدّم مصلحة الوطن على مصلحة هذا الحزب المهيمن على السلطة أو ذاك، فكيف سيكون الأمر مع بعض الأحزاب العراقية التي انبثقت من فراغ أو انبجست من بعض دول الجوار التي تتربّص بالعراق وتضمر له الشر؟


    عدنان حسين أحمد: كثيرون من مثقفي العراق ينضوون تحت لواء 'وعاظ السلاطين'
    قراءتي الشاملة لمعظم ما كُتب من أدب السجون في العراق هي التي دفعتني للتخصص في هذا المضمار المضني وتحليله والكتابة عنه.
    ميدل ايست أونلاين
    كتب ـ محمد الحمامصي
    هامش الحرية كان ضيقاً في العراق
    قدم الروائي والناقد العراقي عدنان حسين أحمد في الفترة الأخيرة كتابين هامين، كونهما يشكلان مشهدا بانوراميا للرواية العراقية وما يشغلها من قضايا ورؤى إنسانية، أولهما "الرواية العراقية المغتربة" تناول فيه 30 رواية لـ 16 روائيا من مختلف الأجيال الروائية العراقية في الغربة، والثاني "أدب السجون خلال سنوات الحكم الدكتاتوري في العراق 1963 ـ 2003" الذي لا يكتفي فيه بمجرد القرءاة النقدية لأعمال روائيين عراقيين وعرب عاشوا في العراق بل يقدم رؤية تاريخية لهذا الأدب ومعالجاته الإبداعية.
    وفي هذا الحوار مع الكاتب ناقشناه في رؤيته وما قدمه من قراءات في الكتابين.
    بداية يرى أن كتابه "الرواية العراقية المغتربة" يعكس جانباً من النسيج العراقي بفسيفسائه المتعددة، وهؤلاء الروائيون جميعاً يكتبون عن العراق بالطريقة التي يجدونها مناسبة. وعلى الرغم من تعدد الثيمات والرؤى والمقتربات الفكرية لكل واحد منهم على انفراد إلاّ أن هذا الوطن يلمّهم جميعاً في حضنه الدافئ الذي لا يفرّق بين عربي وكردي، مسلم أو مسيحي، صابئي أو إيزيدي، آشوري أو كلداني، تركماني أو سرياني، عراقي من أصول إيرانية أو من أصول أرمينية أو هندية أو أفغانية وهلّم جرا. فبغداد، عاصمة الرشيد، كانت حاضرة عالمية ظلت تسطع في قلب التاريخ على مدى خمسة قرون ونيّف فلا غرابة أن يستوطنها الناس من أعراق وديانات ومذاهب شتى، وهذا التنوع هو الذي انعكس على كتابي النقدي "الرواية العراقية المغتربة" الذي ضمّ هذه الباقة المنوّعة من الروائيين العراقيين الذين استدار بعضهم إلى العراق متكئاً على ثيماته الداخلية، فيما زاوج البعض الآخر بين الثيمتين العراقية والأوروبية ومع ذلك فإن لكل رواية نكهتها الخاصة وعالمها المميز الذي تدور بين جنباته.
    ويؤكد عدنان حسين أن من يتأمل الرواية العراقية المغتربة بشكل عميق سيجد أن هناك بعض الفروق الجوهرية الناجمة عن البيئة الجديدة لها، فهذا المحيط الجديد يختلف بالضرورة عن المحيط العراقي المؤطر باشتراطات محددة.
    وأنا أتحدث هنا عن الروايات العراقية المغتربة التي تجمع بين الثيمات المحلية للبلدان الأوروبية التي تُكتب فيها وبين الثيمات التي تنتمي للعراق، وكذلك الشخصيات المشتركة الأوروبية والعراقية مثل رواية "تحت سماء كوبنهاغن" لحوراء النداوي، أو "منازل الوحشة" لدُنى غالي، أو "طشّاري" لأنعام كجه جي، ويمكن أن أشير إلى رواية "وأقبلَ الخريف مبكراً هذا العام" للدكتور قصي الشيخ عسكر التي تكاد تكون كل شخصياتها دنماركية باستثناء الراوي وشخصية عبدالله اللوريني التي يستعيدها الراوي مرات عديدة على مدار النص.
    لا بد من التنويه إلى أن هامش الحرية كان ضيقاً في العراق قبل بداية الألفية الثالثة قياساً بأوروبا وأميركا وبقية بلدان العالم المتحضرة، لكن جانباً من هذه الحرية قد تحقق بعد عام 2003 وصار بإمكان الكاتب العراقي أن يكتب ما يشاء غير أن هذا لا يعني أن الحكومات العراقية التي جاءت بعد الاحتلال راضية عن هذا الهامش الكبير من الحرية، فهي مجبرة عليه كي يتلاءم مع طروحاتهم الجديدة في الديمقراطية، والحريات العامة والخاصة، والحكم الرشيد وما إلى ذلك، فهم في حقيقة الأمر غير ديمقراطيين ولا يؤمنون بالحريات الخاصة والعامة، ويتخبطون في حكمهم الطائفي الأرعن كما ترون وقد حولوا بعض مدن العراق إلى بؤر متوترة كي يظلوا متشبثين بسُدة الحكم إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

    ويلفت عدنان حسين أحمد إلى أن اهتماماته لا تقتصر على الرواية العراقية المغتربة وإنما تمتد إلى أكثر من جنس أدبي ربما تكون القصة القصيرة والرواية في مقدمتها "لأنني معني بالنثر ومهتم به أكثر من اهتمامي بالشعر".
    ويضيف "أنني معني بالثقافة البصرية التي تتوزع بين السينما والمسرح والفن التشكيلي والفوتوغراف وقد صدرت لي بعض الكتب في هذا الصدد من بينها "أطياف التعبيرية. غواية الحركة ورنين اللون في تجربة ستار كاووش الفنية". كما اضطرتني الأوضاع المزرية في العراق أن أكتب في الشأن السياسي، ليس حُباً بالسياسة وإنما استجابة للواجب الوطني الذي يجبرني على أن أضع النقاط على الحروف وأعرّي الساسة اللصوص والفاشلين والطائفيين. لا شك في أن هذا التشتت يفقدني التركيز على تجربتي النقدية ولكنني أعمل ببسالة الفارس، وروح العامل المنقطع إلى مشغله، والمُحب الذي لا يرى في العالم غير وجه حبيبته التي يختزل فيها كل النساء".
    وحول كتابه عن أدب السجون والملامح المميزة التي تجعلنا عندما نقرأ رواية أو نصا شعريا يمكن أن ندرجه تحت هذا الأدب، يقول عدنان حسين "ما أدهشني عبر هذا البحث الطويل الذي لا أزال منهمكاً فيه هو المخيلة التي تتفتق عن آخرها حينما تضع الأديب المبدع في زنزانة، وتصادر حريته الشخصية حيث يطوف هذا السجين العالم كله وهو جالس بين أربعة جدران كابية وحيّز معتم لا تتوفر فيه أبسط شروط العيش الإنسانية. ويمكن العودة إلى روايات عبدالرحمن منيف وفاضل العزاوي وهيفاء زنكنة وغيرهم الكثير لتكتشف صحة ما أذهب إليه. فالثيمات والزمان والمكان والشخصيات كلها سجينة مأسورة إلى أجل غير مسمّى، كما أن التعويل على بصيص الأمل يمنح القارئ ثقة كبيرة بالمستقبل الذي يجب أن ينطوي على تغييرات محددة حتى وإن كانت تقع في خانق المستحيل".
    ويشير إلى أنه "لا فرق كبير بين العراق وبقية الدول العربية من حيث طبيعة الحريات المتاحة وحجم القمع الموجود في سجونها ومعتقلاتها، بل في حياتها العامة. فبعد سقوط الأقنعة فيما يسمّى بالربيع العربي اكتشف العالم كله أن البلدان العربية متساوية مع فروقات بسيطة في اضطهاد شعوبها لكن العراق كان يتصدر قائمة الدول العربية فهو لا يجد حرجاً في أن يدفن خمسة آلاف مواطن وهم أحياء في يوم واحد، ولا يخشى من أن يستعمل الأسلحة الكيمياوية ضد العراقيين العزّل في شمال الوطن أو وسطه أو جنوبه، ولا ترتعد له فريصة حينما يطهِّر السجون ويبيد المئات من البشر في مدة زمنية قياسية.
    كما اخترت العراق أنموذجاً لأن غالبيه مبدعيه قد ذاقوا مرارة الاعتقال والسجن والتعذيب، بل أن معظم رؤساء العراق الذين تربعوا على كرسي الحكم قد بدأوا حياتهم في السجن أو انتهوا إليه في خاتمة المطاف. وربما تكون قراءتي الشاملة لمعظم ما كُتب من أدب السجون في العراق هي التي دفعتني للتخصص في هذا المضمار المضني وتحليله والكتابة عنه. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أكتب فيه عن أدب الحريات وليس عن أدب السجون والمعتقلات".
    وردا على تساؤل حول علاقة المثقف بالسلطة خاصة أنه تناول جوانب تجمع بين السلطة والمبدع والمثقف مثل سلطة الرقيب وثقافة العنف، يقول "علاقة المثقف بالسلطة هي علاقة إشكالية بامتياز. ففي العراق تحديداً ينقسم المثقفون إلى ثلاثة أقسام حيث يتخندق القسم الأكبر مع السلطة وهم وعّاظ السلاطين حسب توصيف عالم الاجتماع العراقي علي الوردي، فيما يقف القسم الثاني مناوئاً ومناهضاً لهذه السلطة وهم قلّه نادرة تقاتل إلى أن تنفد ذخيرتها ثم تلوذ بالمنافي الداخلية أو الخارجية، ولك أن تتأكد من عدد المثقفين العراقيين الذين تركوا بغداد الآن في ظل الديمقراطية المزعومة وهربوا إلى أربيل، تمثيلاً لا حصرا، أما القسم الثالث فيختار الابتعاد عن الأضواء أو الانسحاب إلى المقاعد الخلفية أو العزلة البيتية.


    وقال: أود أن أنوّه هنا بأن كلمة الثقافة لم ترد في الدستور العراقي لأن السياسيين العراقيين لا يريدون للمثقف العراقي أن يحظى بمكانة مرموقة، ويفضّلونه أن يكون تابعاً لهم، وربما تكون نسبة المثقفين الذيول أعلى بكثير من نسبة المثقفين الحقيقييم المناهضين للسلطة أو المنسحبين من أجوائها البائسة في أقل تقدير".
    وفي ضوء قراءاته ومتابعاته للمشهد الإبداعي العراقي، يرى عدنان حسين أن وضع المبدع أو المثقف لم يتحسن كثيراً في العراق في مرحلة ما بعد التغيير. فلقد قُتل العديد من الكُتاب والصحفيين المعارضين في ظروف غامضة، كما أُبعِد البعض الآخر منهم لا لشيء إلاّ لمعارضتهم للنظام أو تبّنيهم لآراء وقناعات مغايرة. فهذا النظام الجديد المتمترس خلف قناع ديمقراطي كاذب يستعمل نفس الأساليب القديمة في خلق الصحافة الحزبية التي تستقطب أكبر عدد ممكن من الكُتّاب والصحفيين والمثقفين وتجيّرهم لمصلحتهم الخاصة الضيقة. فالمثقف العراقي لا يستطيع أن يعيش إلاّ في الفضاءات الحرة النقية التي تقدّم مصلحة الوطن على مصلحة هذا الحزب المهيمن على السلطة أو ذاك، فكيف سيكون الأمر مع بعض الأحزاب العراقية التي انبثقت من فراغ أو انبجست من بعض دول الجوار التي تتربّص بالعراق وتضمر له الشر؟
يعمل...
X