إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحب والغزل يختلفان في المعنى والسلوك كما عبر ..نقاد وشعراء سوريون..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحب والغزل يختلفان في المعنى والسلوك كما عبر ..نقاد وشعراء سوريون..

    نقاد وشعراء سوريون: الحب والغزل يختلفان في المعنى


    والسلوك





    الحب والغزل حالتان إنسانيتان وردتا كثيراً عند الشعراء العرب وقد اختلفوا في طرائق تناولهما ومعاني مواضيعهما، كما اختلف الشعراء والنقاد في التفسير المعنوي والإنساني لمعنى الغزل والحب، كل ذلك أضاف في النتيجة إلى أدبنا العربي كثيراً من الفائدة والثقافة والمتعة.
    وفي رأي الباحث والأديب الدكتور نبيل طعمة الحب نوعان لا ثالث لهما عامودي روحي وأفقي إنساني، والإنساني مرتبط بكامل مكونات الطبيعة من جماد ونبات وحيوان إضافة إلى الإنسان، وأن تطور الحب الحسي المادي يوصل إلى اللامادي في كل أشكاله كونه يجسد صيغ الجمال من المرئي إلى اللامرئي وبالعكس، وفي معادلة لا يمكن تكرارها أو إطلاقها على أي علاقة ثنائية أخرى.
    وأضاف صاحب موسوعة التكوين الفكري، إن الحب يحتاج إلى ثنائية مقنعة تتداخل فيها الحواس السبع، أي الخمس المادية إضافة إلى الحاسة العاقلة والحاسة الناطقة حيث يحدث التذهيب اللغوي والحركة الدقيقة «النطق الجميل».
    أما في الغزل فمن الممكن جداً أن يتضمن الحاجة إلى شيء ما قد يكون وسيلة للحب في حالة الوصول إلى المادي والغزل يخص بشكل خاص الأنثى في الإنسان، أما الذكر فيستخدمه من أجل السياسة والاقتصاد أي أن عناصر الشهوة المادية للشيء تحكم الغزل، فيما الحب الطبيعي لا تحكمه أي شهوة بل هو تجرد من أجل المحبوب والارتقاء بالتفكير به فهي صفات روحانية بعيدة عن أي غرض.
    أما الشاعرة سوزان خليل فقد قالت: «هناك من يخلط بين معاني الغزل والحب، وليس بالضرورة أن يكون كل من قال غزلاً هو عاشق لأن شاعر الغزل يلفظ كلام الحب على شكل تصوير حسي وشاعر الحب يعيشه بشكل وجداني».
    وتابعت خليل: «إن الغزل هو تعبير عن حالة إعجاب تقترب من المديح وتقتصر على وصف المفاتن الجسدية، وهي حالة مرتبطة بعامل غريزي فطري لدرجة أن شاعر الغزل يمكن أن يتجه إلى أماكن في جسد المرأة دون حسيب ولا رقيب، وقد تكون تلك المرأة التي يتفنن في وصفها أقل تمكناً في قلبه أو بالأحرى لا مكان لها أبداً، فهو حديث لا يتعدى اللهو والمتعة أو ربما لكسب رضى امرأة أو لتعزيز الثقة بقدراته الإبداعية لنيل الإعجاب».
    والغزل عند الشاعر والروائي الفائز بجائزة الدولة التقديرية أحمد يوسف داوود هو بداية أولى في طريق الإعجاب، وقد يتنامى هذا الإعجاب فيصل إلى الحب بشكل تدريجي. وبعد أن تتلبس الشاعر حالات الحب لا بد لها من أن تظهر واضحة جلية كما ظهرت في شعر أبي الطيب المتنبي عندما رثى أخت سيف الدولة الحمداني خلافاً لبقية قصائده التي خلت من الحب وكانت لا تتعدى النسيب وطرح المهارات.
    وعبرت الشاعرة هناء أحمد عن الحب بقولها إنه حالة انسجام وتناغم ينبثق عنها شعر يعبر عن التوافق والاقتناع وتبادل الرؤى والعواطف، ما يخلق ألفاظاً ومفردات شعرية تجعل الشاعر يرى محبوبه بأبهى صورة. أما الغزل عندها فهو حالة قد تكون روتينية وصفية، كما كان في مطلع جميع قصائد شعراء الجاهلية يخلو من العاطفة ويقتصر على طرح المهارات التي يمتلكها الشعراء.
    ويعتبر الشاعر منهال الغضبان أن الغزل والحب في الشعر هما وجهان لعملة واحدة، فالغزل يعني البوح من قبل الشاعر بأطياف من يحب في متن الكلام مستوحياً معراج الشعر من حضور الحبيب في ساحة الشعور.
    وترى الشاعرة معينة عبود أن الحب هو تأسيس في الأعماق لجذور شديدة الأثر في تكوين عواطف تبادلية وإنسانية، تؤدي إلى معانٍ سامية وأشكال شعرية متنوعة ذات جمال أصيل يعبق بشكل صاف ولا يسبب أي ملل عندما يقرأ المتلقي قصيدة تحمل من مكوناته شيئاً خلافاً للغزل، الذي غالباً ما يقتصر على المديح والوصف ومحاولة إقناع الممدوح بشيء قد لا تكون نتائجه إيجابية، وهذا النوع من الشعر لا يرتكز أبداً على منطق وجداني برغم الجماليات التي قد يحملها كقول طرفة بن العبد لخولة: «أطلال ببرقة ثهمد .. تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد».
    ويقول الشاعر نضال كرم إن الغزل والحب هما جناحان لطائر واحد، هو القلب وريش يصنعه المحب بأحرف من وله ليحلق ويجعل محبوبته شريكة في التحليق في فضاء رحب يجمع بين الخيال والواقع، فتبدع الكلمات غزلاً ويبرع القلب في حس راق لا يضاهيه حس آخر تكون في خافق.
    وفي رأي الشاعر عباس إبراهيم أن هناك فرقاً كبيراً بينهما، فالغزل شيء والحب شيء آخر، فقد يتغزل الشاعر أو أي كائن آخر بامرأة أو أنثى جميلة ليس بالضرورة أن تكون بينهما علاقة حب، لافتاً إلى أن الحب حالة معقدة أكثر من الغزل لأن الغزل يتناول وصف الشكليات الموجودة بالمرأة و الأشياء الخارجية غالباً، ولكن الحب أعمق من ذلك، فكم من الناس أحبوا نساء يعتبرهن الآخرون غير جميلات.
    أما الشاعرة غادة فطوم فترى أن الحب يجمل النفس ويملأ جوانبها ويحملها على تخيل الأجمل والأفضل والأكمل، مبينة أن الحياة العاطفية للإنسان هي التي تقرر سلوكه ومسيرة حياته. وكما قيل إن الغزل هو ضرب من ضروب الخفة العاطفية لعوامل جينية واستعداد نفسي فطري موروث فوق السيطرة لدى الذكر والأنثى على حد سواء.
    وقالت الشاعرة أحلام غانم إن الأغراض الشعرية التي طرقها الشعراء على مر الزمن هي الغزل، فعندما أحب العذريون بقلوبهم أبدعوا، وأحب شعراء المجون بعيونهم فأفحشوا. ولهذا ارتبط الغزل بالجسد بمفهوم الخطيئة، فالكثير من الشعراء حاولوا تحاشيها كي يسلموا من ألسنة النقاد والناس معاً. هكذا ظلت إشكالية الجسد عند شعراء الغزل بين مقبل عليه ومدبر عنه، والأمر نفسه عند الناس بين متذوق ومستهجن. وتوضح غانم أن الغزل سمي بذلك لاستدارته وسرعة دورانه و لسرعة عدوه، وسميت الشمس الغزالة لاستدارتها وسرعتها، فالشاعر هو الغزال واللغة هي الغزالة الأنثى «الشمس ومعنى المعنى هو ابن الشعر.. هذا الشعر الذي نحن في مغطسه "بتعبير سارتر" يدفعنا إلى امتطاء صهوة الموت لولادة القصيدة ولجذوتها في الحدس والمخيلة كملكة لها مسكن في التاريخ والحياة معا وكبذرة من ضوء الأبدية لا ينبذها تراب الأرض».
    أما الدكتورة ميساء الدرزي فتعتبر أن شعر الحب بكل أنواعه هو شعر قديم وجد منذ نشوء الحضارة البشرية، لم يكفره دين أو تنبذه عقيدة، يصور لواعج النفس الإنسانية وما يكتنفها من مشاعر وأحاسيس غنية و متنوعة؛ وإن التفريق بين شعر الحب و شعر الغزل يكون بصورة أدق بالتفريق بين الحب العذري والذي نبع منه الغزل العفيف وبين الحب الحسي الذي نتج عنه الغزل الإباحي. كما لفتت الدرزي إلى أن الحب العذري أو الغزل العفيف يعبر فيه الشاعر المحب عن لواعج نفسه وحرقة أشواقه، وغالباً ما يعشق امرأة واحدة جعل عيشه فداءها، فيطغى على شعره رقة القلب و شدة الحنو ويكثر من بيان الصبابة وتوجع الكآبة وقلق الأشواق وألم الفراق مع فرط الحزن والغم واليأس، في نمط شعري يغلب عليه القالب الرشيق واللفظ الرقيق والكلام العفيف. ومن هذا الشعر قصص ليلى العامرية وقيس وعنترة بن شداد وعبلة.
    وعبر الناقد الدكتور غسان غنيم عن معاني الحب والغزل في قوله: «فطرت النفس البشرية على عشق الكلام الجميل، فكل كلام جميل يستميل النفس فتذهب إليه القلوب، وهذا ما فهمه الشعراء في كل أرجاء المعمورة وما فهمه شعراء العربية أيضاً، فقد تذرع كثير من الشعراء العرب بمقدمات قصائد تميل إلى الغزل والنسيب والتشبيب وذكر مرابع الأحبة». وقد درجت القصيدة العربية القديمة التي تقوم مقدمتها على ذكر الأحباب ولواعج قلوب العشاق، فالأعشى الذي أراد أن يهدد أحد أخصامه وجد أن الغزل هو المطلع الذي يمكن من خلاله أن يستميل قلوب المستمعين من كلام لا يقع في إطار الحب الحقيقي فهو يقتصر على إثارة الآخر، فقال:
    ودع هريرة إن الركب مرتحل | وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
    غراء فرعاء مصقول عوارضها | تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل
    ويوضح غنيم أن هناك من الشعراء من وقع في تجربة حب حقيقية فكتب أجمل قصائد الحب التي ما تزال البشرية تتغنى بها حتى الآن، كما في تجربة العذريين الذين تفيض أشعارهم بالعذوبة والرقة وتفوح منها رائحة الحرمان التي جعلت من عاطفة الحب عاطفة سامية صادقة لا يأتيها باطل اللذة الجسدية، كما هو عند كثير عزة وجميل بثينة حيث تميزت أشعارهم بالحب الصادق والحقيقي كقول كثير عزة:
    فوا الله ما قاربت إلا تباعدت..|..بصرم ولا أكثرت إلا أقلت
    «»
    وكشف غنيم عن أصناف أخرى من الشعر التي حاولت أن تتوسل بالشعر الذي يتضمن عاطفة الحب، على الرغم من أن هؤلاء الشعراء ما كانوا ممن يأتون تجربة الحب الحقيقي بل كتبوا مثل تلك الأشعار لاستمالة القلوب والأسماء، وهذا ما سمي في التراث العربي بالنسيب كما هو عند شاعر النسيب عمر بن أبي ربيعة.

    محمد الخضر وشذى حمود
    سانا
    أنا بنت الهاشمي أخت الرجال
    الكاتبة والشاعرة
    الدكتورة نور ضياء الهاشمي السامرائي
يعمل...
X