إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موليير بالجلباب ( الطيب العلج ) النجار الذي ارتقى بالدارجة المغربية يرحل ّ عن الدنيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موليير بالجلباب ( الطيب العلج ) النجار الذي ارتقى بالدارجة المغربية يرحل ّ عن الدنيا

    رحيل الطيب العلج .. النجار الذي ارتقى بالدارجة المغربية



    جمع بين كل أشكال الإبداع الفني. كتب القصيدة والمسرحية والأغنية واقتبس أعمالا مسرحية عالمية. لكنه، وفي عز نمو الفكر القومي العربي، واصل طريقه بعناد، ناثرا درره الإبداعية بين عامة الناس، يخاطبهم بلسانهم بل ينقل على لسانهم حكايات وقصصا يعبر بها عبر حدود الوطن الضيقة فتنال التقدير والإعجاب. ومن يكون غير الفنان أحمد الطيب العلج الذي تبنته العامية المغربية بعدما وجدت فيه خير سفير لها ومعبر عن مكنون صدفاتها المخزونة في المغرب العميق. أحمد الطيب العلج "بعث روحا جديدا في الدارجة" المغربية، يقول الشاعر والزجال المغربي أحمد لمسيّح.

    موليير بالجلباب
    ظهر اسم أحمد الطيب العلج لأول في أواسط العشرينات من القرن الماضي مقترنا بأولى الأعمال المسرحية في المغرب، ولم يتوقف عطاؤه الفني حتى رحيله في الأول من ديسمبر الجاري عن عمر ناهز الرابعة والثمانين. اختار منذ بداياته الإبداعية أن يخاطب الناس باللهجة المغربية التي تعتبر عند الكثيرين موغلة في المحلية. أحمد الطيب العلج المشبع بروح الإبداعات العالمية، كيف له أن ينغمس في المحلي واليومي العادي، قد يقول قائل؟ الشاعر والزجال أحمد لمسيّح يعتبر على العكس أن الراحل ارتقى بالعامية المغربية إلى "سماء الإبداع".
    "الفقيد أحمد الطيب العلج ارتقى بالدارجة من الاستعمال اليومي البسيط والعادي، وسما بها إلى سماء الإبداع وخاصة عندما نستحضر اللحظة التي ظهر فيها أحمد الطيب العلج، إذ لم يكن أمامه تراكم موروث كما هو موجود في الشرق مثل بيرم التونسي وصلاح جاهين إلى غير ذلك، بل كان أمامه مجرد ما هو شفوي وتراثي محض (...) فهو بالنسبة لي كأنه بعث روحا جديدا في الدارجة".
    لعل عفوية الطيب العلج في إبداعاته وسمو كلماته المنتقاة راجعة إلى فطرته كإنسان عصامي لم تتعرف قدماه على باب مدرسة قط. فهو امتهن النجارة قبل يلج باب الإبداع الفني وعلم "نفسه بنفسه"، كما يصفه تلميذه وصديقه وجاره الشاعر أحمد لمسيح في اتصال أجرته معه إذاعة هولندا العالمية. هذا "النجار" راح ينهل من التراث المسرحي العالمي بأصالة أثارت نقاد المسرح في المشرق فلقبوه بـ "موليير المغربي أو موليير بالجلباب".
    خارج مملكة الإبداع
    استخدام الدارجة أو العامية في الإبداع يعتبر في نظر حراس الفصحى كمن يشتم في كنيسة، كما يقول مثل أوروبي. خطيئة لا تغتفر لأن الدارجة لغة السوقة والهوامش، بينما الفصحى هي لغة الصفوة والنخبة. ولذلك أقصيت الدارجة من حلبة الإبداع، أزيحت إلى "خارج مملكة الإبداء" بتعبير الشاعر لمسيح، إلا ما كان يوضع تحت خانة الفن "الشعبي". بيد أن عبقرية الراحل لعلج أعادت للدارجة المغربية مكانها ضمن مملكة الإبداع. يقول لمسيّح:
    "هذه العبقرية التي اعتمدت على الدارجة في وقت كانت الدارجة تعتبر على أنها يجب أن تبقى خارج مملكة الإبداع. فالفصحى لها السيادة ولها الرفعة والسمو، والدارجة للاستهلاك اليومي في التواصل أو للإبداع في المجال الهامشي".
    وعلى عكس ما هي عليه الصورة الآن، لم يكن استخدام الدارجة في زمن أحمد الطيب العلج بالأمر الميسور. "ربما يبدو لنا الأمر عاديا الآن، يقول لمسيّح، لكن في الوقت الذي ظهر فيه أحمد الطيب العلج والمد القومي كانت الروح العروبية تهيمن وتعتبر أن الدارجة منافسا رديئا وبذيئا للعربية الفصحى".

    "ما أنا إلا بشر"
    تجاوزت إبداعات أحمد الطيب العلج خشبة المسرح إلى التمثيل والعزف الموسيقي والشعر المغنى. ويتميز شعره المغنى على يد مطربين مغاربة مشهورين بكونه عابرا للأجيال. فجيل اليوم يردد كلام أحمد الطيب العلج وكأنه واحد منه، فكيف استطاع أحمد الطيب العلج أن يمد جسر التواصل مع الأجيال الشابة؟
    "الإبداع الحقيقي يظل خالدا، يوضح الشاعر لمسيّح، إذا توفرت فيه شروط الإبداع. فبقدر ما يكون مرتبطا بالراهن بقدر ما يكون صالحا للاستعمال المستقبلي".
    واحدة من أغانيه المشهورة هي أغنية "ما أنا إلا بشر" التي قيل إن ملك المغرب الراحل الحسن الثاني طلب من المغنية اللبنانية المشهورة صباح أن تؤديها بصوتها كما أدتها المطربة السورية أصالة وغيرهم من الفنانين العرب، وهي أصلا بصوت الفنان المغربي عبد الوهاب الدكالي.
    إلا أن عشق أحمد الطيب العلج للدارجة المغربية لم يكن على حساب اللغة العربية. بل على العكس كان "يقدس العربية ويبوؤها المكان اللائق"، يقول السيد لمسيّح، وفي الوقت نفسه "كان يدافع عن حق الدارجة في الوجود وفي الإبداع بها".
يعمل...
X