إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"حديث الذاكرة"قراءة في كتاب لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي - بقلم: إبراهيم بوملحة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "حديث الذاكرة"قراءة في كتاب لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي - بقلم: إبراهيم بوملحة

    قراءة في كتاب "حديث الذاكرة" ... (3– 5)لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسميبقلم: إبراهيم بوملحة
    1/1
    “حديث الذاكرة” لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يأتي بعد كتاب “سرد الذات”، ويؤرخ سموه في هذا الكتاب للأحداث والمواقف في مرحلة من أهم المراحل التي مرت بالوطن إبان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وما رافق قيامها من تحديات ومواقف .

    إبراهيم بوملحة كتب قراءة في هذا التأريخ القيم لمرحلة مهمة من تاريخ الدولة والمنطقة تنشرها “الخليج” على حلقات .

    زايد أكد بعد حرب أكتوبر استمرار دعم دول المواجهة حتى تحقيق أهداف الأمة

    تستمر لطافة الشيخ سلطان بحيث تجدها في مواقع كثيرة من ترجمته، فقد ذكر أنه حين حضوره مباراة لعبة البيسبول كانت هناك شاشة كبيرة تعرض النتائج والإعلانات ومنها ترحيب بالشيخ سلطان ضيف الشركة التي اكتشفت النفط بكميات تجارية في بلده، وأخذ الإعلان يتكرر بشكل أوحى للشيخ سلطان بأنه تسويق للشركة ذاتها أكثر مما هو ترحيب به، فقال الشيخ سلطان لمدير الشركة إن (هذا يذكرني باليهودي البخيل الذي طلب من إحدى الصحف أن تكتب له تعزية في صديق له وقد أعطاهم جملة واحدة “كوهين يعزي ميشيل” فقال له صاحب الصحيفة هذا لا يكفي لابد من إكمال السطر فقال اليهودي: إذن أكتب: “كوهين يعزي ميشيل، ويصلح راديوهات في العنوان كذا وكذا)ص ،49 والشيخ سلطان من المهتمين بتحصيل العلم والزهد بجانبه في المناصب السيادية فقد زار مركز أبحاث البيئة، الذي كان قد عرض عليه مديره قبل سنتين أن يكمل دراسته العليا فيه، وربما كان الكاتب قد تأسف وأظهر ندمه على عدم التحاقه بدراسته فيه، وتذكّر عندما حاور شقيقه الشيخ خالد بن محمد القاسمي في ذلك الوقت وكيف طلب منه أن يتركه يقدم استقالته من الوزارة ليلتحق بجامعة أريزونا بأمريكا . . ومما لفت نظر الشيخ سلطان في ذلك المركز أن قدم له باحث أمريكي موجزاً عن بحثه عن شجرة الأشخر، فلما سأله الكاتب من أين أتى بأشجار الأشخر؟ قال له جمعت بذورها من خلف قصركم بالشارقة ص 52- ،53 ومن لطافته ونكاته أيضاً يذكر أنه عندما زار القاهرة في عام 1973م وزار كلية الزراعة، كليته التي تخرّج فيها، وفي غرفة العميد وقف يسلم على أساتذته فرداً فرداً حتى وصل إلى الدكتور شرف الدين أستاذ مادة الأغنام في قسم الحيوان والذي كان في كل محاضرة ينادي على أسماء الحضور من الطلبة، وعندما يصل إلى اسم سلطان يبدأ يستهزئ به ويقول له سلطان على إيه . . ما تشوف لك اسم غيره اسمك لا يعجبني، وأحياناً كان الدكتور ينادي باسم محمد صقر القاسمي فلا يرد الشيخ سلطان عليه فيأخذ يسأل فيه إيه ده غايب ؟ فيقول له اسمي سلطان فيرد الدكتور بغضب . . خلاص عرفنا . . لكن الموقف اليوم يختلف بالنسبة لهذا الدكتور عما قبله من تلك الأيام السابقة، فقد وصل الموكب تتقدمه الدراجات النارية وهي تصرخ بصفارات الإنذار ومجموعة الحرس تتقدمه لتفسح الطريق أمامه فعندما كانت يده في يد الشيخ سلطان سأله هل يعجبك اسمي الآن؟ فيرد الدكتور هو انته لسه فاكر؟ . .

    حافظ سلامة

    وكان لدى الشيخ سلطان احترام وتقدير كما قلنا لذوي المقامات المعنوية من الشخصيات التي تعمل في ميادين الخير والعمل الديني، فعندما كان موجوداً كما يذكر في مكتب محافظ السويس وكان هناك ازدحام شديد على باب مكتب المحافظ من الذين قدموا للسلام على الشيخ سلطان، وكان من ضمنهم الشيخ حافظ سلامه الذي كان يحاول أن يدخل إلى المكتب ليصافحه، فخرج إليه الشيخ سلطان وصافحه بحرارة ولم ينتظر دخوله المكتب . . ويذكر الشيخ سلطان لهذا الرجل أنه عندما قامت حرب 1973م وحوصرت السويس من قِبَل قوة “إسرائيلية” دخلت من ثغرة الدفرسوار إذا بالشيخ حافظ، كما يشرح الكاتب، صاحب الجسم الضئيل أكبر من جبل عتاقة في السويس، وينقل لنا شيئاً من بطولة الشيخ حافظ سلامة في مقاومته للقوات “الإسرائيلية” وكيف تصدّى لرتل من الدبابات “الإسرائيلية” فأبادها . . ويتحدث الكاتب بشيء كبير من الفخر والاعتزاز عن قطع الشيخ زايد البترول عن الدول المساندة ل”إسرائيل” وقت اشتداد المعارك على جبهة القتال، وبعدها بيومين أعلنت المملكة العربية السعودية قطع النفط عن الدول المساندة . . ويذكر عن اجتماعه مع الشيخ زايد لبحث الموقف العربي “الإسرائيلي” للاستمرار في حشد الإمكانات لدعم النضال العربي وتنسيق المواقف خلال تلك المرحلة، كما خصص جزءاً من الاجتماع لبحث السياسة الداخلية للاتحاد وتدعيم أجهزته . . ونقل الكاتب في ترجمته خطاب الشيخ زايد للمجلس الوطني في جلسته الافتتاحية في 20/11/1973م حيث رسم الخطاب معالم سياسة الدولة، ومن أهمه ما خصص الجزء الأكبر منه للحديث عن وقوف الدولة مع دول المواجهة ل”إسرائيل” لتدعيم قدراتها لصد العدوان، وتأكيده أن هذا الموقف سيستمر حتى تتحقق الأهداف العادلة للأمة العربية، وتعرّض الخطاب لقيام الدولة بقطع البترول عن الدول المساندة من منطلق أن البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي من ص67 إلى 27_ هذه الجملة التي أصبحت بعد ذلك مثلاً يردده ملايين العرب . . وتحت عنوان (أعمال كرّهت العالم فينا) حيث يذكر الشيخ سلطان أن مجلس الوزراء كان في اجتماع بتاريخ 21/7/1973م ولكن حال دون استمرار الاجتماع هبوط طائرة يابانية مختطفة استقطبت اهتمام ومتابعة القيادة، لتطورات الموقف الذي أسفر عن الإفراج عن رهينتين وإقلاع الطائرة بركابها المئة والأربعين تحلق في أجواء عديد من الدول إلى أن هبطت في بنغازي، حيث تم تفجيرها وسط هلع وخوف الركاب الذين كانوا يجرون في كل الاتجاهات . . مما يبين عن إدانة الشيخ سلطان لهذه الأفعال المشينة وكرهه لها ولفاعليها لكونها موجهة ضد المدنيين الآمنين الذين لا ذنب لهم، والتي يرى أنها تسيء إلى القضية وتشوه الممارسة الثورية ويكون مردودها ونتيجتها أكثر سلبية وسوءاً وتشويهاً لسمعة العرب جميعاً، فلأجل ذلك هو يدينها ويرفضها جملة وتفصيلاً، لذلك اختار لها في كتابه عنوان (أفعال كرّهت العالم فينا) . .

    اللقاء مع الشاه

    ويشير الكاتب بأن الإنجليز كانوا يحاولون معه بشتى الطرق كي يقبل الدعوة التي ستقدّم إليه من شاه إيران لزيارة إيران ولم يكن الشيخ سلطان يرفضها رفضاً قاطعاً وإنما كان يتعلل بالانشغال والارتباطات المسبقة . . وفي بداية عام 1974م زاره مسؤول إيراني كبير هو الجنرال نصيري وأخبره بأنه يحمل دعوة رسمية من الإمبراطور شاه إيران لزيارة إيران، ولم يكن رد الشيخ سلطان حاضراً وقتها وإنما طلب منه أن يمهله عدة أيام، وسرعان ما قام بلقاء الشيخ زايد وأخبره عن هذا الموضوع وزيارة المسؤول الإيراني له، وقد وافق الشيخ زايد على زيارته لإيران فأخبر الشيخ سلطان الجنرال نصيري بموافقته على تلبية الدعوة التي حددت في 14/5/1974م من ص73 إلى ،74 وفي خضم مقابلات الشيخ سلطان الإعلامية أدلى بحديث إلى صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قال فيه ص 74 “إن إنتاج البترول في الشارقة سوف يبدأ بعد أشهر قليلة، وإن هذا البترول سوف يسهم في النهضة المأمولة لإمارة الشارقة وأبناء دولة الإمارات العربية المتحدة جميعاً بدون أي تفرقة” . . ما يبين منه أن الكاتب يرى أن ما تنعم به الشارقة من نعم ليس مقصوراً على إفادة مواطنيها فحسب وإنما هو ذخر لجميع أبناء الدولة دون تفرقة . . رجل وحدوي ينظر إلى أبناء الإمارات جميعاً نظرة واحدة دون تمييز بينهم . . ويجيب على سؤال عن العلاقات العربية الأمريكية بما يفهم منه جلياً استعداد العرب لفتح صفحة جديدة مع الأمريكيين إذا ما تخلوا عن تحالفهم مع أعداء العرب عندها سيجدون يد العرب ممدودة إليهم ناصعة بيضاء كما يقول . . والشيخ سلطان في إجابته يفرق بين الصهيونية واليهودية كدين حيث يقاتل ويعادي الصهيونية التي تقتل النساء والأطفال والشباب وتمثل بهم، لكنه يعترف باليهودية التي أمر ديننا بالإيمان بها . . وتحدث عن وجهة نظره في طريقة الحكم في الشارقة جواباً عن سؤال لأحد الصحافيين الأمريكان فقال (إننا نعيش بين الناس جميعاً، نحن منهم وهم منا، فنحن جميعاً أسرة واحدة ونقبل المناقشة والحوار المخلص . . ويقول (إن الخطة الآن هي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وتقسيم العمل والتخصص فيه، وتعيين الرؤساء الصالحين لإدارة الأعمال وخدمة الشعب) ص ،79 فهو أحد أفراد الشعب الذين يعتبرهم أسرة واحدة ويفتح صدره للمناقشة معهم وتقبّل آرائهم . . ويرى الكاتب أن عليه مسؤولية اختيار المناسبين من المسؤولين في الأمكنة المناسبة،وأن مسوغ الاختيار لديه صلاحهم للإدارة وخدمة الشعب، وذلك إبراء لذمته في ما ولاه الله عليه من مسؤولية كبيرة، حيث يبذل طاقته في اختيار من يوليهم مسؤولية العمل تحت إدارته لخدمة الناس في إمارته . . ومن مدى فطنة الشيخ سلطان وحكمته، رغم صغر سنّه في ذلك الوقت، ما ذكره من ص84 إلى 90 من أنه كان في زيارة لشاه إيران، وقد اتسم الشاه حينها بشيء كبير من الشدة في جلسته والغطرسة فيها، وفي أثناء الحديث بينهما كان الشيخ سلطان يستشهد بأشعار الشاعرين الفارسيين حافظ وسعدي ويضمّن حديثه بعض الحكم الفارسية تبين عن معادن الناس وأصلهم وفصلهم، وقد عملت كلمات الشيخ سلطان وحسن حديثه ودقة استدلالاته فعل السحر في ذهن وضمير الشاه، ما دعاه لأن يسترخي في جلسته ويتبسط معه ويبتسم في حديثه مع الشيخ سلطان حيث ارتاح له أيما ارتياح، وطرح الشاه بعض الأمور للمناقشة معه واستمع منه إلى آرائه وحلوله فيها، فارتاح لها وآنس بها وألقى إليه سمعه منصتاً بدقة مكبراً فيه شجاعته وحكمته وبعد نظره، ما دعى الشاه بعد انتهاء جلسة المحادثة بأن يصر على توديعه إلى باب السيارة . . وكان من فرط سعادته بزيارة الشيخ سلطان أن أخبر الجنرال نصيري بذلك وأبدى له مدى ارتياحه لهذه الزيارة، حيث نقل نصيري بدوره إلى الشيخ سلطان أن الشاه كان سعيداً بزيارته إلى حد بعيد ومما قاله له: أن الشاه يشكره على الترتيبات التي قام بها من أجل زيارة الشيخ سلطان وإن الشاه على استعداد لتقديم أية مساعدة تطلبها الشارقة . .

    اتفاقية النفط

    وهنا يبدو شيء كبير من حكمة الشيخ سلطان متجلية في هذا التصرّف الحكيم، إذ استدعى الشيخ سلطان رئيس دائرة النفط الذي أحضر معه بناء على طلبه نسخة من الاتفاقية الموقعة بين الشارقة وإيران، والتي نصت في إحدى موادها على أن إدارة عمليات النفط حول جزيرة أبوموسى تعود للشارقة . . وطلب الشيخ سلطان من الجنرال نصيري رسالة موجهة من الشاه تفيد مباشرة هذا المعنى المنصوص عليه في الاتفاقية، حيث طلب الجنرال نصيري أن يأخذ نسخة من هذه الاتفاقية لعرضها على الشاه ثم يعيدها إليه، وفي اليوم التالي قابل الشيخ سلطان ومعه رسالة باللغة الفارسية موجهة من الشاه إلى الشيخ سلطان، تفيد بأن إدارة عمليات النفط حول أبوموسى تعود للشارقة وحدها . . ويذكر الشيخ سلطان في هذا الصدد حادثة مهمة وطريفة في آن واحد، وهي أنه عندما وصل الشارقة انعقدت اللجنة الفنية الخاصة بالنظر في عمليات إنتاج النفط حول أبوموسى وكانت ممثلة من الجانبين، وكان المهندس البترولي خليلي ممثل شركة النفط الإيرانية حاداً وشديداً في مناقشاته، وكان الشيخ محمد بن سلطان رئيس دائرة النفط بالشارقة، رحمه الله، غاضباً من مناقشة المهندس، فكان يطلب من الشيخ سلطان أن يصفعه برسالة الشاه على وجهه، وعندما احتد النقاش وضاق الشيخ سلطان ذرعاً بتعصّبه أخرج له رسالة الشاه، فلما قرأها خليلي قبّلها ووضعها على رأسه واعتذر عما بدر منه ص ،90 وحيث إن الشيخ سلطان كان محباً لقائده الشيخ زايد حباً عميقاً لا يدعه يخفي عنه شيئاً من المعلومات والأخبار، فسرعان ما ذهب إليه في أبوظبي وأخبره عما تم بهذا الخصوص وأحاطه علماً بكل ما دار بينه وبين الشاه، وما أسفر عنه لقاؤه معه من نتائج . . وكان الإنجليز على درجة من الفضول لاستقصاء معلومات زيارة الشيخ سلطان لإيران وما دار بينه وبين الشاه من حديث، وما تمخضت عنه الزيارة من نتائج، فزاره القنصل البريطاني في دبي . . وقال له القنصل: لقد كنت في أيدي السافاك، حيث إن الجنرال نصيري كما يذكر رئيس جهاز المخابرات الإيرانية السافاك سيئ السمعة . .

    وكان الشيخ سلطان من خلال فقرة وردت في محادثته مع القنصل البريطاني يقول فيها (حدثته عن الجنرال نصيري والحشد الكبير من المواطنين الذين قاموا بخدمتنا خلال زيارتنا لإيران) وكأنه يريد أن يقول لنا إنه لم ينقل شيئاً للقنصل البريطاني من الذي دار بينه وبين شاه إيران وإنما حوّر حديثه حول الجنرال نصيري والموظفين الذين وفرهم نصيري لخدمتهم أثناء زيارة إيران إلى غير ذلك من الموضوعات غير المهمة التي أراد الكاتب أن يملأ ذهن القنصل بها ليبعده عن حقيقة الأمور التي دارت بينهما، وذلك ما يبين فطنة وتصرفاً جميلاً من الشيخ سلطان الذي أبقى كنه الموضوعات المهمة في هذه المحادثة ضمن أسراره التي لا يطلع عليها إلا ذو الصلة بها في حين أنه يكشف تفاصيل هذه الزيارة لقائده الشيخ زايد من ص91 إلى ،92 وبدأ حفر الآبار حول جزيرة أبوموسى وإنتاج البترول من هذه الآبار في يوليو 1974م، وزف الديوان بالشارقة هذا الخبر السعيد إلى المواطنين، وقد تضمّن الخبر تمنيه أن يكون مصدر خير للشارقة ولدولة الإمارات العربية المتحدة وللشعب العربي بأجمعه . .

    فذلك ما يعبّر عن رؤية وخير للشعب العربي بما فيه شعب الإمارات ومواطني الشارقة من ص92إلى ،95 ويبين الشيخ سلطان أن الشيخ زايد طلب من المجلس الأعلى في إحدى جلساته في1/6/1974م مناقشة مسألة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بحيث قرر المجلس دعم هذه المواد بنسبة 35%، وذلك من خلال شراء المواد الغذائية وبيعها بأسعار مخفضة وفتح فرع للشركة الوطنية للاستيراد بجميع الإمارات، وفي ذلك ما يبين تحسس الشيخ زايد وحكّام الإمارات لهموم وآلام الشعب منذ بداية قيام الدولة، خاصة في ما يمس معيشته وأرزاقه لغرض الحد من مسألة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتسهيل أمور حياة الشعب إلى هذه الدرجة من التدخل الحكومي بالدعم وتأسيس الشركات الوطنية لدعم معاش السكان من خلال تخفيض أسعارها بنسبة تقل عن التكلفة الفعلية لها، حيث تم اعتماد 28 مليون درهم لتمويل فروق الأسعار، وكان هذا المبلغ يشكل رقماً كبيراً للدعم في ذلك الوقت . . وفتح فروع للشركة الوطنية للاستيراد بجميع الإمارات ص ،91 نظرة مهمة وفاعلة لدعم متطلبات الشعب في أخص ما يرتبط به من مسألة رزقة ومعيشته .

    الاهتمام بالعلم

    وفي زيارة الكاتب للكويت في 15 مارس 1975م وبصفته رجل العلم والتعليم لا ينسى أن يلتقي مع طلبة وطالبات الإمارات في جامعة الكويت، لكون التعليم يشكّل في نفسه ركيزة أساسية، اهتم وعُرف بها حتى أصبح رجل التعليم في الإمارات، من خلال إنشاء جامعة الشارقة والجامعة الأمريكية ومباني كليات التقنية وغيرها من الكليات، بحيث أنشأ هذا العمران التعليمي على أفضل وأجمل طراز . . وحيث إن الشيخ سلطان كما ذكرت يولي العلم والثقافة اهتماماً بالغاً ليس محلياً فقط وإنما على الصعيد العربي أيضاً، فإن أهم ما يلفت نظره في أعمال الشيخ زايد هو اهتمامه بالتعليم من خلال افتتاح جامعة الإمارات في مدينة العين في 10/11/1977م، هذا الصرح الحضاري الذي ساهم في تخريج أبناء الإمارات مسلحين بسلاح العلم والثقافة، والذي استفاد منه الشيخ سلطان كثيراً، حيث أنشأ بعد ذلك جامعة الشارقة، بمبانيها وعمرانها المتميّز الذي تحدثنا عنه آنفاً . . ونقل الكاتب لنا في سياق ذلك الافتتاح في موضع آخر من الكتاب مقولة الشيخ زايد بمعناها وإبداعها ص291 . “إن أفضل استثمار للمال هو استثمار في خلق أجيال من المتعلمين والمثقفين” . . وأضاف قائلاً: “لقد آن لنا أن نستعيد عزتنا ومجدنا، وليس ذلك بالمال وحده، وما لم يقترن المال بعلم يخطط له، وعقول مستنيرة ترشده، فإن مصير المال إلى الإقلال والضياع!” . . ولم تقتصر زيارة الشيخ سلطان على بلد دون غيره، وإنما قام بزيارات كثيرة إلى دول عربية وأوربية من أجل تقوية الروابط بينهم وبين هذه الدولة الوليدة وقتها التي تحتاج إلى مثل هذه الزيارات واللقاءات المهمة، التي تعكس نتائجها الإيجابية في مجال العلاقات والروابط الأخوية التي بدأت الإمارات منذ ذلك الوقت بترتيبها على هذا الشكل الأخوي والودي القائم على الاحترام، والذي عرفت به بشكل تام ووثيق، حتى غدت الإمارات سفيرة السلام والوئام والعلاقات الودية الناجحة على الصعيد العربي والعالمي . .

    ويتحدث الشيخ سلطان عن زيارته لفرنسا ولقائه بالرئيس جيسكار ديستان في 20 مارس/ آذار 1975م وكيف أن الرئيس سأله عن سياسة فرنسا، فرد عليه بأنها بيضاء كالثوب الذي كان يلبسه الكاتب، ولكن من ناحية عملية وشارحة ومؤثرة أخذ قلماً كان على مكتب الرئيس ووضع به نقطة على هذا الثوب الناصع، وقال له هذه النقطة السوداء هي أيادي فرنسا التي يحاول بعض المغرضين أن يعبثوا بها في وحدة الجزائر . . فما كان من الرئيس الفرنسي إلا أن تناول قلماً وسجل تلك الملاحظة، واستمرت المحادثة بينهما طويلاً حتى إنه عندما فتح الباب وأطل منه رئيس التشريفات أشار له الرئيس بأن يخرج، في ما يعني أن المقابلة استغرقت أكثر من الوقت المحدد لها، ولكنها كانت ذات أهمية واهتمام بها من قبل الرئيس، لم يرد لها أن تقف عند حدود وقتها المحدد لها من ص15 إلى .17 .
يعمل...
X