إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفراغ - إعداد المحامي :بسام المعراوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفراغ - إعداد المحامي :بسام المعراوي

    الفراغ
    إعداد المحامي :بسام المعراوي
    الفراغ آفة مدمرة، و مرض قاتل، و هنا من المهم أن نتساءل :
    ترى، كم من العمر بذهب فراغاً ؟
    لو حاسب كل نما نفسه، و أحصى أوقاته، و رسم جدولا يقسمها فيه، لوجد أن نسبة الفراغ في حياته، كبيرة جدا، و لا عجب في ذلك، باعتبار أن الإنسان يميل إلى التحرر و الانطلاق، أو إلى الفرار من الالتزام،إذ الالتزام يكلفه، لذلك لا لوم على من يموت حسرة على واقعنا المر، و على اسلوبنا الساذج في التعامل مع أوقاتنا .
    و هذه الطريقة لا تمت إلى المهج الإسلامي – بصلة – في التعامل مع الوقت، لأننا – كمسلمين – لا نطيق الأساليب و التعاليم الإسلامية – و يا للأسف – و قصارى ما نفعله، أن نتحدث عن هذه التعاليم !
    و إذ نتناول هنا خطأ الأسلوب في التعامل مع الوقت، فإنما نشير إلى خطأنا في تطبيق المنهج الإلهي، من دون أدنى ريب في سلامة تعاليم الإسلام الحنيف في هذا الجانب الحياتي المهم .
    و بإلقاء نظرة عابرة على مجتمعاتنا –لا حول الوقت و إمضائه – نجد ما يلي : ثمان ساعات للنوم، ثلاث ساعات للأكل، و أربع لمشاهدة برامج التلفاز، و واحدة للنزهة و التجوال، و اثنتان للأحاديث و المجادلات، و بذلك يبقى من الوقت ست ساعات للعمل، و يا ليت أن معدل عمل الفرد ست ساعات يوميا ! .
    إن بعض الإحصائيات تشير إلى أن في بعض الدول، معدل إنتاج الفرد – يوميا – ساعة واحدة فقط ! و صاحبة الشأن العظيم تلك الدولة التي يكون معدل إنتاج الفرد فيها أربع ساعات يوميا ! و هذا بالنسبة لعالمنا الذي يطلق عليه ( العلم الثالث )، أما بالنسبه للدول الغربية ة الأوربية فالحديث عن الوقت يأخذ منحى آخر
    إن الحديث عن البطالة في عالمنا الإسلامي يلهب القلب، فبالإضافة إلي نقص فرص العمل، هناك الكسل و الركود إلى ضيق الأفق، فالشاب يفضل الفراغ على العمل إذا كان الأخير يكلفه جهدا، و كأن الجهد يبذل الفراغ و النوم، لا للرزق و العمل و التحرك .
    و هذه الحالة من الفراغ هي في ذاتها مرض خبيث،ينخر في المجتمعات فيهدها هداً، إذ أن للفراغ نتائج غير حميدة، حتى و إن لم يستعمل لممارسة الشر و الباطل، فإذا لم يكن خيرا فهو شرير، و إذا لم يكن مع الحق فهو مع الباطل، ولا وجود لمنطقة وسطى .
    و من هنا ففراغ الإنسان إما أن يكون لصالح الخير و هذا لا يتأتى إلا بتطبيق التعاليم الإسلامية، و النصوص الدينية من آيات و أحاديث شريفة، التي تدعوا إلى ملئ الفراغ و استغلاله في العمل الصالح .
    و إما أن يكون لجانب الشر، و الشيطان يترصد هذه اللحظات، فيشغلها بإغواء البشر، و ما نراه في عصرنا الحاضر من انتشار الفساد، و شيوع المخدرات و ارتفاع معدل وقوع الجريمة، إنما هو – بسبب الفراغ، سواء كان الفراغ ماديا و معنويا .
    إن مسعا مكثفا لابد أن يبذل لحل المشكلة الحقيقية ألا و هي مشكلة الفراغ، و من العقل يقول : أن أكثر الناس انشغالا هم أوفرهم وقتا ؟
    لماذا ؟
    لأن الانشغال بالعمل الهادف دليل الهدفية، و من ضروراتها : التخطيط، و مادام الإنسان يخطط لحياته، فهو يعتصر الوقت الإضافي فيشغله في الصلاح أيضا .
    ألا نلاحظ أن الشخصيات العاملة، و رجالات المجتمع النشطة، على الرغم من انشغالهم، إلا أنهم يجدون الوقت الكافي لنزهة قصيرة، و للحديث مع العائلة و لممارسة الرياضة البدنية، و بإمكان المرء أن يجد وقتا للجلوس معهم و التحدث إليهم ؟ و كل ذلك يرجع إلى تنظيم الوقت و في الطرف المقابل قد تسأل البعض : لماذا لا تحضر الندوة التي ستقام في الموقع الكذابي أو المؤسسة الكذابية ؟
    فيجيبك : و هل تظنني فارغا إلى هذه الدرجة ؟! .
    ثم بعد ذلك تجده قابعا في منزله يقضي وقته في النوم، أو متسكعا في الطرقات دون شغل أو عمل .
    لقد تناول أهل البيت عليهم السلام هذه الآفة الخطيرة ( الفراغ ) بالتبين و التشخيص و العلاج في كثير من المواقع و المواقف،و عبر شتى الأساليب للتنبيه إلى ضرورة مواجهة خطرها المميت.
    فقد ورد في الحديث عن رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
    ((خصلتان كثير من الناس فيها مفتون : الصحة و الفراغ)) ( فروع الكافي / ص152 ).
    و قال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا : ((إن الله يبغض الصحيح الفارغ، لا في شغل الدنيا و لا في شغل الآخرة )) ( شرح نهج البلاغة / ج17،ص146 ) .
    و يقول الإمام علي عليه السلام مؤكدا أن الفراغ أقرب إلى الضر منه إلى النفع .
    (( اعلم أن الدنيا دار بلية، لم يفرغ صاحبها قط ساعة، إلا كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامة )) ( شرح نهج البلاغة / ج17،ص145) .
    و يضيف عليه السلام قائلا :
    »إن يكن الشغل مجهدة، فاتصال الفراغ مفسدة « بحار الأنوار (ج77،ص419) .
    إن تبعات الفراغ خطيرة بمستوى خطورة الفراغ ذاته، إذ من الفراغ تحدث الغفلة، فالكسل، فالتقصير، فضياع العمر، فالانحراف شيئا فشيئا، و في دعاء الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام يعلمنا فيه ضرورة سد الفراغ بالصالح من الأعمال ، بقوله :
    (( اللهم صل على محمد و آله، و اشغل قلوبنا بذكرك عن كل ذكر، و ألسنتنا بشكر عن كل شكر، و جوارحنا بطاعتك عن كل طاعة، فان قدرت لنا فراغا، فاجعله فراغ سلامة لا تدركنا فيه تبغة، و لا تلحقنا فيه سأمة )) .
    إنها لخسارة عظمى أن تهرب منا الساعات و الأيام بعد أن نهرب منها غافلين، فيصدق علينا قول الشاعر :
    ونحن في الدنيا كراكب لجة نظل قعودا و الزمان بنا يجري
    أليس من الخسران أن ليالينا تمر بلا نفع و تحسب من العمر
    لذا كان من الضروري فهم الفراغ كمشكلة، لابد أن توضع على مائدة البحث و التشريح للتخلص منها و من تبعاتها .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
يعمل...
X