إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقدمة ابن خلدون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    رد: مقدمة ابن خلدون

    الفصل التاسع عشر في أن من عوائق الملك المذلة للقبيل
    و الانقياد إلى سواهم

    و سبب ذلك أن المذلة و الانقياد كاسران لسورة العصبية و شدتها فإن انقيادهم و مذلتهم دليل على فقدانها فما رئموا للمذلة حتى عجزوا عن المدافعة فأولى أن يكون عاجزاً عن المقاومة و المطالبة و اعتبر ذلك في بني إسرائيل لما دعاهم موسى عليه السلام إلى ملك الشام و أخبرهم بأن الله قد كتب لهم ملكهم كيف عجزوا عن ذلك و قالوا: إن فيها قوماً جبارين و إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها أي يخرجهم الله تعالى منها بضرب من قدرته غير عصبيتنا و تكون من معجزاتك يا موسى و لما عزم عليهم لجوا و ارتكبوا العصيان و قالوا له: اذهب أنت و ربك فقاتلا و ما ذلك إلا لما أنسوا من أنفسهم من العجز عن المقاومة و المطالبة كما تقتضيه الآية و ما يؤثر في تفسيرها و ذلك بما حصل فيهم من خلق الانقياد و ما رئموا من الذل للقبط أحقاباً حتى ذهبت العصبية منهم جملة مع أنهم لم يؤمنوا حق الإيمان بما أخبرهم به موسى من أن الشام لهم و أن العمالقة الذين كانوا بأريحا فريستهم بحكم من الله قدره لهم فأقصروا عن ذلك و عجزوا تعويلاً على ما في أنفسهم من العجز عن المطالبة لما حصل لهم من خلق المذلة و طعنوا فيما أخبرهم به نبيهم من ذلك و ما أمرهم به فعاقبهم الله بالتيه و هو أنهم تاهوا في قفر من الأرض ما بين الشام و مصر أربعين سنة لم يأووا فيها العمران و لا نزلوا مصراً و لا خالطوا بشراً كما قصه القرآن لغلظة العمالقة بالشام و القبط بمصر عليهم لعجزهم عن مقاومتهم كما زعموه و يظهر من مساق الآية و مفهومها أن حكمة ذلك التيه مقصودة و هي فناء الجيل الذين خرجوا من قبضة الذل و القهر و القوة و تخلقوا به و أفسدوا من عصبيتهم حتى نشأ في ذلك التيه جيل آخر عزيز لا يعرف الأحكام و القهر و لا يساهم بالمذلة فنشأت بذلك عصبية أخرى اقتدروا بها على المطالبة و التغلب و يظهر لك من ذلك أن الأربعين سنة أقل ما يأتي فيها فناء جيل و نشأة جيل آخر سبحان الحكيم العليم و في هذا أوضح دليل على شأن العصبية و أنها هي التي تكون بها المدافعة و المقاومة و الحماية و المطالبة و أن من فقدها عجز عن جميع ذلك كله و لحق بهذا الفصل فيما يوجب المذلة للقبيل شأن المغارم و الضرائب فإن القبيل الغارمين ما أعطوا اليد من ذلك حتى رضوا بالمذلة فيه لأن في المغارم و الضرائب ضيماً و مذلة لا تحتملها النفوس الأبية إلا إذا استهونته عن القتل و التلف و أن عصبيتهم حينئذ ضعيفة عن المدافعة و الحماية و من كانت عصبيته لا تدفع عنه الضيم فكيف له بالمقاومة و المطالبة و قد حصل له الانقياد للذل و المذلة عائقة كما قدمناه. و منه قوله صلى الله عليه و سلم شأن الحرث لما رأى سكة المحراث في بعض دور الأنصار ما دخلت هذه دار قوم إلا دخلهم الذل فهو دليل صريح على أن المغرم موجب للذلة هذا إلى ما يصحب ذل المغارم من خلق المكر و الخديعة بسبب ملكة القهر فإذا رأيت القبيل بالمغارم في ربقة من الذل فلا تطمعن لها بملك آخر الدهر و من هنا يتبين لك غلط من يزعم أن زناتة بالمغرب كانوا شاوية يودون المغارم لمن كان على عهدهم من الملوك و هو غلط فاحش كما رأيت إذ لو وقع ذلك لما استتب لهم ملك و لا تمت لهم دولة و انظر فيما قاله شهر براز ملك الباب لعبد الرحمن بن ربيعة لما أطل عليه و سأل شهر براز أمانه على أن يكون له فقال أنا اليوم منكم يدي في أيديكم و صعري معكم فمرحباً بكم و بارك الله لنا و لكم و جزيتنا إليكم النصر لكم و القيام بما تحبون و لا تذلونا بالجزية فتوهونا لعدوكم فاعتبر هذا فيما قلناه فإنه كاف.
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #32
      رد: مقدمة ابن خلدون

      الفصل العشرون ـ في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة و بالعكس

      لما كان الملك طبيعياً للإنسان لما فيه من طبيعة الاجتماع كما قلناه و كان الإنسان أقرب إلى خلال الخير من خلال الشر بأصل فطرته و قوته الناطقة العاقلة لأن الشر إنما جاءه من قبل القوى الحيوانية التي فيه و إما من حيث هو إنسان فهو إلى الخير و خلاله أقرب و الملك و السياسة إنما كانا له من حيث هو إنسان لأنهما للإنسان خاصة لا للحيوان فإذاً خلال الخير فيه هي التي تناسب السياسة و الملك إذ الخير هو المناسب للسياسة و قد ذكرنا أن المجد له أصل يبنى عليه و تتحقق به حقيقته و هو العصبية و العشير و فرع يتمم و جوده و يكمله و هو الخلال و إذا كان الملك غاية للعصبية فهو غاية لفروعها و متمماتها و هي الخلال لأن وجوده دون متمماته كوجود شخص مقطوع الأعضاء أو ظهوره عرياناً بين الناس لم إذا كان وجود العصبية فقط من غير انتحال الخلال الحميدة نقصاً في أهل البيوت و الأحساب فما ظنك بأهل الملك الذي هو غاية لكل مجد و نهاية لكل حسب و أيضاً فالسياسة و الملك هي كفالة للخلق و خلافة لله في العباد لتنفيذ أحكامه فيهم و أحكام الله في خلقه و عباده إنما هي بالخير و مراعاة المصالح كما تشهد به الشرائع و أحكام البشر إنما هي من الجهل و الشيطان بخلاف قدرة الله سبحانه و قدره فإنه فاعل للخير و الشر معاً و مقدرهما إذ لا فاعل سواه فمن حصلت له العصبية الكفيلة بالقدرة و أونست منه خلال الخير المناسبة لتنفيذ أحكام الله في خلقه فقد تهيأ للخلافة في العباد و كفالة الخلق و وجدت فيه الصلاحية لذلك. و هذا البرهان أوثق من أن أول و أصح مبنى فقد تبين أن خلال الخير شاهدة بوجود الملك لمن و جدت له العصبية فإذا نفرنا في أهل العصبية و من حصل لهم من الغلب على كثير من النواحي و الأمم فوجدناهم يتنافسون في الخير و خلاله من الكرم و العفو عن الزلات و الاحتمال من غير القادر و القرى للضيوف و حمل الكل و كسب المعدم و الصبر على المكاره و الوفاء بالعهد و بذل الأموال في صون الأعراض و تعظيم الشريعة و إجلال العلماء الحاملين لها و الوقوف عند ما يحددونه لهم من فعل أو ترك و حسن الظن بهم و اعتقاد أهل الدين و التبرك بهم و رغبه الدعاء منهم و الحياء من الأكابر و المشايخ و توقيرهم و إجلالهم و الانقياد إلى الحق مع الداعي إليه و إنصاف المستضعفين من أنفسهم و التبدل في أحوالهم و الانقياد للحق و التواضع للمسكين و استماع شهوى المستغيثين و التدين بالشرائع و العبادات و القيام عليها و على أسبابها و التجافي عن الغدر و المكر و الخديعة و نقض العهد و أمثال ذلك علمنا أن هذه خلق السياسة قد حصلت لديهم و استحقوا بها أن يكونوا ساسة لمن تحت أيديهم أو على العموم و أنه خير ساقه الله تعالى إليهم مناسب لعصبيتهم و غلبهم و ليس ذلك سدىً فيهم و لا وجد عبثاً منهم و الملك أنسب المراتب و الخيرات لعصبيتهم فعلمنا بذلك أن الله تأذن لهم بالملك و ساقه إليهم و بالعكس من ذلك إذا تأذن الله بانقراض الملك من أمة حملتهم على ارتكاب المذمومات و انتحال الرذائل و سلوك طرقها فتفقد الفصائل السياسية منهم جملة و لا تزال في انتقاص إلى أن يخرج الملك من أيديهم و يتبدل به سواهم ليكون نعياً عليهم في سلب ما كان الله قد أتاهم من الملك و جعل في أيديهم من الخير وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا و استقرىء ذلك و تتبعه في الأمم السابقة تجد كثيراً مما قلناه و رسمناه و الله يخلق ما يشاء و يختار و اعلم أن من خلال الكمال التي يتنافس فيها القبائل ألو العصبية و تكون شاهدة لهم بالملك إكرام العلماء و الصالحين و الأشراف و أهل الأحساب و أصناف التجار و الغرباء و إنزال الناس منازلهم و ذلك أن إكرام القبائل و أهل العصبيات و العشائر لمن يناهضهم في الشرف و يجاد بهم حبل العشير و العصبية و يشاركهم في اتساع الجاه أمر طبيعي يحمل عليه في الأكثر الرغبة في الجاه أو المخافة من قوم المكرم أو التماس مثلها منه و أما أمثال هؤلاء من ليس لهم عصبية تتقى و لا جاه يرتجى فيندفع الشك في شأن كرامتهم و يتمحض القصد فيهم أنه للمجد و انتحال الكمال في الخلال و الإقبال على السياسة بالكلية لأن إكرام أقتاله و أمثاله ضروي في السياسة الخاصة بين قبيلة و نظرائه و إكرام الطارئين من أهل الفضائل و الخصوصيات كمال في السياسة العامة فالصالحون للدين و العلماء للجاءي إليهم في إقامة مراسم الشريعة و التجار للترغيب حتى تعم المنفعة بما في أيديهم و الغرباء من مكارم الأخلاق و إنزال الناس منازلهم من الإنصاف و هو من العدل فيعلم بوجود ذلك من أهل عصبيته انتماؤهم للسياسة العامة و هي الملك و أن الله قد تأذن بوجودها فيهم لوجوب علاماتها و لهذا كان أول ما يذهب من القبيل أهل الملك إذا تأذن الله تعالى بسلب ملكهم و سلطانهم إكرام هذا الصنف من الخلق فإذا رأيته قد ذهب من أمة من الأمم فاعلم أن الفضائل قد أخذت في الذهاب عنهم و ارتقب زوال الملك منهم و إذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له و الله تعالى أعلم.
      إذا الشعب يوما أراد الحياة
      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

      تعليق


      • #33
        رد: مقدمة ابن خلدون

        الفصل الحادي و العشرون في أنه إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع

        و ذلك لأنهم أقدر على التغلب و الاستبداد كما قلناه و استعباد الطوائف لقدرتهم على محاربة الأمم سواهم و لأنهم يتنزلون من الأهلين منزلة المفترس من الحيوانات العجم و هؤلاء مثل العرب و زناتة و من في معناهم من الأكراد و التركمان و أهل اللثام من صنهاجة و أيضاً فهؤلاء المتوحشون ليس لهم وطن يرتافون منه و لا بلد يجنحون إليه فنسبة الأقطار و المواطن إليهم على السواء فلهذا لا يقتصرون على ملكة قطرهم و ما جاورهم من البلاد و لا يقفون عند حدود أفقهم بل يظفرون إلى الأقاليم البعيدة و يتغلبون على الأمم النائية و انظر ما يحكى في ذلك عن عمر رضي الله عنه لما بويع و قام يحرض الناس على العراق فقال: إن الحجاز ليس لكم بدار إلا على النجعة و لا قوى عليه أهله إلا بذلك أين القراء المهاجرون عن موعد الله سيروا في الأرض التي وعدكم الله في الكتاب أن يورثكموها فقال: ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون و اعتبر ذلك أيضاً بحال العرب السالفة من قبل مثل التبابعة و حمير كيف كانوا يخطون من اليمن إلى المغرب مرة و إلى العراق و الهند أخرى و لم يكن ذلك لغير العرب من الأمم و كذا حال الملثمين من المغرب لما نزعوا إلى الملك طفروا من الإقليم الأول و مجالاتهم منه في جوار السودان إلى الإقليم الرابع و الخامس في ممالك الأندلس من غير واسطة و هذا شأن هذه الأمم الوحشية فلذلك تكون دولتهم أوسع نطاقاً و أبعد من مراكزها نهاية، و الله يقدر الليل و النهار و هو الواحد القهار لا شريك له.
        إذا الشعب يوما أراد الحياة
        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

        تعليق


        • #34
          رد: مقدمة ابن خلدون

          الفصل الثاني و العشرون في أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فلا بد من عوده إلى شعب أخر منها ما دامت لهم العصبية

          و السبب في ذلك أن الملك إنما حصل لهم بعد سورة الغلب و الإذعان لهم من سائر الأمم سواهم فيتعين منهم المباشرون للأمر الحاملون سرير الملك و لا يكون ذلك لجميعهم لما هم عليه من الكثرة التي يضيق عنها نطاق المزاحمة و الغيرة التي تجدع أنوف كثير من المتطاولين للرتبة فإذا تعين أولئك القائمون بالدولة انغمسوا في النعيم و غرقوا في بحر الترف و الخصب و استعبدوا إخوانهم من ذلك الجيل و أنفقوهم في وجوه الدولة و مذاهبها و بقي الذين بعدوا عن الأمر و كبحوا عن المشاركة في ظل من عز الدولة التي شاركوها بنسبهم و بمنجاة من الهرم لبعدهم عن الترف و أسبابه فإذا استولت على الأولين الأيام و أباد غضراءهم الهرم فطبختهم الدولة و أكل الدهر عليهم و شرب بما أرهف النعيم من حدهم و استقت غريزة الترف من مائهم و بلغوا غايتهم من طبيعة التمدن الإنساني و التغلب السياسي شعر. كدود القز ينسج ثم يفنىبمركز نسجه في الانعكاس كانت حينئذ عصبية الآخرين موفورة و سورة غلبهم من الكاسر محفوظة و شارتهم في الغلب معلومة فتسمو آمالهم إلى الملك الذي كانوا ممنوعين منه بالقوة الغالبة من جنس عصبيتهم و ترتفع المنازعة لما عرف من غلبهم فيستولون على الأمر و يصير إليهم و كذا يتفق فيهم مع من بقي أيضاً منتبذاً عنه من عشائر أمتهم فلا يزال الملك ملجئاً في الأمة إلى أن تنكسر سورة العصبية منها أو يفنى سائر عشائرها سنة الله في الحياة الدنيا و الآخرة عند ربك للمتقين و اعتبر هذا بما وقع في العرب لما انقرض ملك عاد قام به من بعدهم إخوانهم من ثمود و من بعدهم إخوانهم العمالقة و من بعدهم إخوانهم من حمير أيضاً و من بعدهم إخوانهم التبابعة من حمير أيضاً و من بعدهم الأذواء كذلك ثم جاءت الدولة لمضر و كذا الفرس لما انقرض أمر الكينية ملك من بعدهم الساسانية حتى تأذن الله بانقراضهم أجمع بالإسلام و كذا اليونانيون انقرض أمرهم و انتقل إلى إخوانهم من الروم و كذا البربر بالمغرب لما انقرض أمر مغراوة و كتامة الملوك الأول منهم رجع إلى صنهاجة ثم الملثمين من بعدهم ثم من بقي من شعوب زناتة و هكذا سنة الله في عباده و خلقه و أصل هذا كله إنما يكون بالعصبية و هي متفاوتة في الأجيال و الملك يخلقه الترف و يذهبه كما سنذكره بعد فإذا انقرضت دولة فإنما يتناول الأمر منهم من له عصبية مشاركة لعصبيتهم التي عرف لها التسليم و الإنقياد و أونس منها الغلب، لجميع العصبيات و ذلك إنما يوجد في النسب القريب منهم لأن تفاوت العصبية بحسب ما قرب من ذلك النسب التي هي فيه أو بعد حتى إذا وقع في العالم تبديل كبير من تحويل ملة أو ذهاب عمران أو ما شاء الله من قدرته فحينئذ يخرج عن ذلك الجيل إلى الجيل الذي يأذن الله بقيامه بذلك التبديل كما وقع لمضر حين غلبوا على الأمم و الدول و أخذوا الأمر من أيدي أهل العالم بعد أن كانوا مكبوحين عنه أحقاباً.
          إذا الشعب يوما أراد الحياة
          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

          تعليق


          • #35
            رد: مقدمة ابن خلدون

            الفصل الثالث و العشرون في أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه و نحلته و سائر أحواله و عوائده

            و السبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب فإذا غالطت بذلك و اتصل لها اعتقاداً فانتحلت جميع مذاهب الغالب و تشبهت به و ذلك هو الاقتداء أو لما تراه و الله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية و لا قوة بأس لم إنما هو بما انتحلته من العوائد و المذاهب تغالط أيضاً بذلك عن الغلب و هذا راجع للأول و لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه و مركبه و سلاحه في اتخاذها و أشكالها بل و في سائر أحواله و انظر ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائماً و ما ذلك إلا لاعتقادهم الكمال فيهم و انظر إلى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية و جند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم حتى أنه إذا كانت أمة تجاور أخرى و لها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه و الاقتداء حظ كبير كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم و شاراتهم و الكثير من عوائدهم و أحوالهم حتى في رسم التماثيل في الجدان و المصانع و البيوت حتى لقد يستشعر من ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء و الأمر لله. و تأمل في هذا سر قولهم العامة على دين الملك فإنه من بابه إذ الملك غالب لمن تحت يده و الرعية مقتدون به لاعتقاد الكمال فيه اعتقاد الأبناء بآبائهم و المتعلمين بمعلميهم و الله العليم الحكيم و به سبحانه و تعالى التوفيق.
            إذا الشعب يوما أراد الحياة
            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

            تعليق


            • #36
              رد: مقدمة ابن خلدون

              الفصل الرابع و العشرون في أن الأمة إذا غلبت و صارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء

              و السبب في ذلك و الله أعلم ما يحصل في النفوس من التكاسل إذا ملك أمرها عليها و صارت بالاستعباد آلة لسواها و عالة عليهم فيقصر الأمل و يضعف التناسل و الاعتمار إنما هو عن جدة الأمل و ما يحدث عنه من النشاط في القوى الحيوانية فإذا ذهب الأمل بالتكاسل و ذهب ما يدعو إليه من الأحوال و كانت العصبية ذاهبة بالغلب الحاصل عليهم تناقص عمرانهم و تلاشت مكاسبهم و مساعيهم وعجزوا عن المدافعة عن أنفسهم بما خضد الغلب من شوكتيهم فأصبحوا مغلبين لكل متغلب و طعمةً لكل آكل و سواء كانوا حصلوا على غايتهم من الملك أم لم يحصلوا. و فيه و الله أعلم سر آخر و هو أن الإنسان رئيس بطبعه بمقتضى الاستخلاف الذي خلق له و الرئيس إذا غلب على رئاسته و كبح عن غاية عزه تكاسل حتى عن شبع بطنه و ري كبده و هذا موجود في أخلاق الأناسي. و لقد يقال مثله في الحيوانات المفترسة و أنها لا تسافد إلا إذا كانت في ملكة الآدميين فلا يزال هذا القبيل المملوك عليه أمره في تناقص و اضمحلال إلى أن يأخذهم الفناء و البقاء لله وحده و اعتبر ذلك في أمة الفرس كيف كانت قد ملأت العالم كثرة و لما فنيت حاميتهم في أيام العرب بقي منهم كثير و أكثر من الكثير يقال إن سعداً أحصى ما وراء المدائن فكالوا مائة ألف و سبعة و ثلاثين ألفاً منهم سبعة و ثلاثون ألفاً رب بيت و لما تحصلوا في ملكة الغرب و قبضة القهر لم يكن بقاؤهم إلا قليلاً و دثروا كأن لم يكونوا و لا تحسبن أن ذلك لظلم نزل بهم أو عدوان شملهم فملكة الإسلام في العدل ما علمت و إنما هي طبيعة في الإنسان إذا غلب على أمر و صار آلة لغيره و لهذا إنما تذعن للرق في الغالب أمم السودان لنقص الإنسانية فيهم و قربهم من عرض الحيوانات العجم كما قلناه أو من يرجو بانتظامه في ربقة الرق حصول رتبة أو إفادة مال أو عز كما يقع لممالك الترك بالمشرق و العلوج من الجلالقة و الإفرنجة فإن العادة جارية باستخلاص الدولة لهم فلا يأنفون من الرق لما يأملونه من الجاه و الرتبة باصطفاء الدولة و الله سبحانه و تعالى أعلم و به التوفيق.
              إذا الشعب يوما أراد الحياة
              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

              تعليق


              • #37
                رد: مقدمة ابن خلدون

                الفصل الخامس و العشرون في أن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط

                و ذلك أنهم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب و عيث ينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة و لا ركوب خطر و يفرون إلى منتجعهم بالقفر و لا يذهبون إلى الزاحفة و المحاربة إلا إذا دفعوا بذلك عن أنفسهم فكل معقل أو مستصعب عليهم فهم تاركوه إلى ما يسهل عنه و لا يعرضون له و القبائل الممتنعة عليهم بأوعار الجبال بمنجاة من عيثهم و فسادهم لأنهم لا يتسنمون، إليهم الهضاب و لا يركبون الصعاب و لا يحاولون الخطر و أما البسائط فمتى اقتدروا عليها بفقدان الحامية و ضعف الدولة فهي نهب لهم و طمعة لآكلهم يرددون عليها الغارة و النهب و الزحف لسهولتها عليهم إلى أن يصبح أهلها مغلبين لهم ثم يتعاورونهم باختلاف الأيدي و انحراف السياسة إلى أن ينقرض عمرانهم و الله قادر على خلقه و هو الواحد القهار لا رب غيره.
                إذا الشعب يوما أراد الحياة
                فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                تعليق


                • #38
                  رد: مقدمة ابن خلدون

                  الفصل السادس و العشرون في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب

                  و السبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش و أسبابه فيهم فصار لهم خلقاً و جبلةً و كان عندهم ملذوذاً لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم و عدم الانقياد للسياسة و هذه الطبيعة منافية للعمران و مناقضة له فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة و التغلب و ذلك مناقض للسكون الذي به العمران و فناف له فالحجر مثلاً إنما حاجتهم إليه لنصبه أثافي القدر فينقلونه من المباني و يخربونها عليه و يعدونه لذلك و الخشب أيضاً إنما حاجتهم إليه ليعمدوا به خيامهم و يتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم فيخربون السقف عليه لذلك فصارت طبيعة وجودهم منافية للبناء الذي هو أصل العمران هذا في حالهم على العموم و أيضاً فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس و أن رزقهم في ظلال رماحهم و ليس عندهم في أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه بل كلما امتدت أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه فإذا تم اقتدارهم على ذلك بالتغلب و الملك بطلت السياسة في حفظ أموال الناس و خرب العمران و أيضاً فلأنهم يكلفون على أهل الأعمال من الصنائع و الحرف أعمالهم لا يرون لها قيمة و لا قسطاً من الأجر و الثمن و الأعمال كما سنذكره هي أصل المكاسب و حقيقتها و إذا فسدت الأعمال و صارت مجاناً ضعفت الآمال في المكاسب و انقبضت الأيدي عن العمل و ابذعر الساكن و فسد العمران و أيضاً فإنهم ليست لهم عناية بالأحكام و زجر الناس عن المفاسد و دفاع بعضهم عن بعض إنما همهم ما يأخذونه من أموال الناس نهباً أو غرامة فإذا توصلوا إلى ذلك و حصلوا عليه أعرضوا عما بعده من تسديد أحوالهم و النظر في مصالحهم و قهر بعضهم عن أغراض المفاسد و ربما فرضوا العقوبات في الأموال حرصاً على تحصيل الفائدة و الجباية و الاستكثار منها كما هو شأنهم و ذلك ليس بمغن في دفع المفاسد و زجر المتعرض لها بل يكون ذلك زائداً فيها لاستسهال الغرم في جانب حصول الغرض فتبقى الرعايا في ملكتهم كأنها فوضى دون حكم و الفوضى مهلكة للبشر مفسدة للعمران بما ذكرناه من أن وجود الملك خاصة طبيعية للإنسان لا يستقيم وجودهم و اجتماعهم إلا بها و تقدم ذلك أول الفصل و أيضاً فهم متنافسون في الرئاسة و قل أن يسلم أحد منهم الأمر لغيره و لو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل و على كره من أجل الحياء فيتعدد الحكام منهم و الأمراء و تختلف الأيدي على الرعية في الجباية و الأحكام فيفسد العمران و ينتقض. قال الأعرابي الوافد على عبد الملك لما سأله عن الحجاج و أراد الثناء عليه عنده بحسن السياسة و العمران فقال: تركته يظلم و حده و انظر إلى ما ملكوه و تغلبوا عليه من الأوطان من لدن الخليقة كيف تقوض عمرانه و اقفر ساكنه و بدلت الأرض فيه غير الأرض فاليمن قرارهم خراب إلا قليلاً من الأمصار و عراق العرب كذلك قد خرب عمرانه الذي كان للفرس أجمع و الشام لهذا العهد كذلك و أفريقية و المغرب لما جاز إليها بنو هلال و بنو سليم منذ أول المائة الخامسة و تمرسوا بها لثلاثمائة و خمسين من السنين قد لحق بها و عادت بسائطه خراباً كلها بعد أن كان ما بين السودان و البحر الرومي كله عمراناً تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم و تماثيل البناء و شواهد القرى و المدر و الله يرث الأرض و من عليها و هو خير الوارثين.
                  إذا الشعب يوما أراد الحياة
                  فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                  و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                  و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                  تعليق


                  • #39
                    رد: مقدمة ابن خلدون

                    الفصل السابع و العشرون في أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة

                    و السبب في ذلك أنهم لخلق التوحش الذي فيهم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض للغلظة و الأنفة و بعد الهمة و المنافسة في الرئاسة فقلما تجتمع أهواؤهم فإذا كان الدين بالنبؤة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم و ذهب خلق الكبر و المنافسة منهم فسهل انقيادهم و اجتماعهم و ذلك بما يشملهم من الدين المذهب للغلظة و الألفة الوازع عن التحاسد و التنافس فإذا كان فيهم النبي أو الولي الذي يبعثهم على القيام بأمر الله يذهب عنهم مذمومات الأخلاق و يأخذهم بمحمودها و يؤلف كلمتهم لإظهار الحق تم اجتماعهم و حصل لهم التغلب و الملك و هم مع ذلك أسرع الناس قبولاً للحق و الهدى لسلامة طباعهم من عوج الملكات و براءتها من ذميم الأخلاق إلا ما كان من خلق التوحش القريب المعاناة المتهيء لقبول الخير ببقائه على الفطرة الأولى و بعده عما ينطبع في النفوس من قبيح العوائد وسوء الملكات فإن كل مولود يولد على الفطرة كما ورد في الحديث وقد تقدم.
                    إذا الشعب يوما أراد الحياة
                    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                    تعليق


                    • #40
                      رد: مقدمة ابن خلدون

                      الفصل الثامن و العشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك

                      و السبب في ذلك أنهم أكثر بداوة من سائر الأمم و أبعد مجالاً في القفر و أغنى عن حاجات التلول و حبوبها لاعتيادهم لشظف و خشونة العيش فاستغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإفلاهم ذلك و للتوحش و رئيسهم محتاج إليهم غالباً للعصبية التي بها المدافعة فكان مضطراً إلى إحسان ملكتهم و ترك مراغمتهم لئلا يختل عليه شأن عصبيته فيكون فيها هلاكه و هلاكهم و سياسة الملك و السلطان تقتضي أن يكون السائس وازعاً بالقهر و إلا لم تستقم سياسته و أيضاً فإن من طبيعتهم كما قدمناه أخذ ما في أيدي الناس خاصة و التجافي عما سوى ذلك من الأحكام بينهم و دفاع بعضهم عن بعض فإذا ملكوا أمة من الأمم جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ ما في أيديهم و تركوا ما سوى ذلك من الأحكام بينهم و ربما جعلوا العقوبات على المفاسد في الأموال حرصاً على تكثير الجبايات و تحصيل الفوائد فلا يكون ذلك وازعاً و ربما يكون باعثاً بحسب الأغراض الباعثة على المفاسد و استهانة ما يعطي من ماله في جانب غرضه فتنمو المفاسد بذلك و يقع تخريب العمران فتبقى تلك الأمة كأنها فوضى مستطيلة أيدي بعضها على بعض فلا يستقيم لها عمران و تخرب سريعاً شأن الفوضى كما قدمناه فبعدت طباع العرب لذلك كله عن سياسة الملك و إنما يصيرون إليها بعد انقلاب طباعهم و تبدلها بصبغة دينية تمحو ذلك منهم و تجعل الوازع لهم من أنفسهم و تحملهم على دفاع الناس بعضهم عن بعض كما ذكرناه و اعتبر ذلك بدولتهم في الملة لما شيد لهم الدين أمر السياسة بالشريعة و أحكامها المراعية لمصالح العمران ظاهراً و باطناً و تتابع فيها الخلفاء عظم حينئذ ملكهم و قوي سلطانهم. كان رستم إذا رأى المسلمين يجتمعون للصلاة يقول أكل عمر كبدي يعلم الكلاب الآداب ثم إنهم بعد ذلك انقطعت منهم عن الدولة أجيال نبذوا الدين فنسوا السياسة و رجعوا إلى قفرهم و جهلوا شأن عصبيتهم مع أهل الدولة ببعدهم في الانقياد و إعطاء النصفة فتوحشوا كما كانوا و لم يبق لهم من اسم الملك إلا أنهم من جنس الخلفاء و من جيلهم و لما ذهب أمر الخلافة و امحي رسمها انقطع الأمر جملة من أيديهم و غلب عليهم العجم دونهم و أقاموا في بادية قفارهم لا يعرفون الملك و لا سياسته بل قد يجهل الكثير منهم أنهم قد كان لهم ملك في القديم و ما كان في القديم لأحد من الأمم في الخليقة ما كان لأجيالهم من الملك و دول عاد و ثمود و العمالقة و حمير و التبابعة شاهدة بذلك ثم دولة مضر في الإسلام بني أمية و بني العباس لكن بعد عهدهم بالسياسة لما نسوا الدين فرجعوا إلى أصلهم من البداوة و قد يحصل لهم في بعض الأحيان غلب على الدول المستضعفة كما في المغرب لهذا العهد فلا يكون ماله و غايته إلا تخريب ما يستولون عليه من العمران كما قدمناه و الله يؤتي ملكه من يشاء.
                      إذا الشعب يوما أراد الحياة
                      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                      تعليق


                      • #41
                        رد: مقدمة ابن خلدون

                        الفصل التاسع و العشرون في أن البوادي من القبائل و العصائب مغلوبون لأهل الأمصار

                        قد تقدم لنا أن عمران البادية ناقص عن عمران الحواضر و الأمصار لأن الأمور الضرورية في العمران ليس كلها موجودةً لأهل البدو. و إنما توجد لديهم في مواطنهم أمور الفلح و موادها معدومة و معظمها الصنائع فلا توجد لديهم في الكلية من نجار و خياط و حداد و أمثال ذلك مما يقيم لهم ضروريات معاشهم في الفلح و غيره و كذا الدنانير و الدراهم مفقودة لديهم و إنما بأيديهم أعواضها من مغل الزراعة و أعيان الحيوان أو فضلاته ألباناً و أوباراً و أشعاراً و إهاباً مما يحتاج إليه أهل الأمصار فيعوضونهم عنه بالدنانير و الدراهم إلا أن حاجتهم إلى الأمصار في الضروري و حاجة أهل الأمصار إليهم في الحاجي و الكمالي فهم محتاجون إلى الأمصار بطبيعة وجودهم فما داموا في البادية و لم يحصل لهم ملك و لا استيلاء على الأمصار فهم محتاجون إلى أهلها و يتصرفون في مصالحهم و طاعتهم متى دعوهم إلى ذلك و طالبوهم به و أن كان في المصر ملك كان خضوعهم و طاعتهم لغلب الملك و أن لم يكن في المصر ملك فلا بد فيه من رئاسة و نوع استبداد من بعض أهله على الباقين و إلا انتقض عمرانه و ذلك الرئيس يحملهم على طاعته و السعي في مصالحه إما طوعاً ببذل المال لهم ثم يبدي لهم ما يحتاجون إليه من الضروريات في مصره فيستقيم عمرانهمم و إما كرهاً إن تمت قدرته على ذلك و لو بالتغريب بينهم حتى يحصل له جانب منهم يغالب به الباقين فيضطر الباقون إلى طاعته بما يتوقعون لذلك من فساد عمرانهم و ربما لا يسعهم مفارقة تلك النواحي إلى جهات أخرى لأن كل الجهات معمور بالبدو الذين غلبوا عليها و منعوها من غيرها فلا يجد هؤلاء ملجأ إلا طاعة المصر فهم بالضرورة مغلوبون لأهل الأمصار و الله قاهر فوق عباده و هو الواحد الأحد القهار.
                        إذا الشعب يوما أراد الحياة
                        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                        تعليق


                        • #42
                          رد: مقدمة ابن خلدون

                          {
                          بقوم بنقله على الورد ليكون اسهل لى فى القراءه
                          شكــراً اخى الكريم
                          امـ تـنانى،،
                          }

                          تعليق

                          يعمل...
                          X