إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عائشة خلاف صاحبة كتاب : فلسفة الموسيقى حاورها : عبد جعفر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عائشة خلاف صاحبة كتاب : فلسفة الموسيقى حاورها : عبد جعفر

    ‏‎Faisel Laibi Sahi‎‏


    كتاب فلسفة الموسيقى للباحثة والمؤلفة الموسيقية عائشة خلاف







    الباحثة عائشة خلّاف: نحن نخاف أن ننظّر لحاضرنا! / حوار : عبد جعفر


    في عنوان مثير، صدر مؤخرا كتاب (فلسفة الموسيقى -التجربة الحسيّة والجماليّة للصّوت-)، عن دار الورّاق للنشر، للباحثة السيّدة عائشة خلّاف وهي من مواليد عنابة في الجزائر عام 1951، تقيم مع زوجها الفنّان فيصل لعيبي صاحي في لندن منذ عام 1991. وهي حاملة شهادة دبلوم في التأليف والكنتربوينت
    ( تقنية التأليف الموسيقي) من جامعة لندن - برباك وحاصلة على بكالوريوس في الاقتصاد السياسي و آخر في العلوم الاقتصادية من جامعة باريس الثامنة.
    وهي بصدد إنجاز كتاب ثانٍ في التحليل والتأليف الموسيقي.
    ويسد هذا البحث (فلسفة الموسيقى) فراغا مهما في المكتبة العربية الموسيقية، لأنه يعد بحثا يطرح رؤية جديدة فيما يتعلق بالتدوين الغربي وعجزه في الاستجابة والنهوض بموسيقانا العربية. ويناقش الكتاب أمورا أخرى حول المعرفة الموسيقية وضرروة التغلب على أميتنا في هذا الجانب.
    ولأهمية هذا البحث كان هذا الحوار معها.
    عنوان الكتاب المثير"فلسفة الموسيقى"، فهل هنالك فلسفة للموسيقى حقا؟ وكيف تتجلى فيها التجربة الحسيّة والجماليّة؟
    -كتابي يبدأ بسؤال محدّد وهو: هل لنا حقا موسيقى؟ فأنا لم أطرح سؤالا عابرا: هل لنا موسيقى؟ فكلمة "حقا" في سؤالي تجعله يحمل مشروع بحث عن حقيقة الموسيقى والحقيقة هنا، هي قانون. لكن طرح سؤال يحمل مشروع البحث عن حقيقة الموسيقى هو في رأيي غير كاف، فلا بد من تشخيص الحاضر أو تشخيص ما يجري في الواقع الموسيقي الحالي. فالتشخيص هنا هو تهيئة الأرضية، بمعنى من المعاني، واتخاذ موقف مما هو موجود، أي التراث الذي أعتَبِره بقايا ثقافية و ليست ثقافة من جهة، وإشكالية التدوين الغربي من جهة أخرى، والذي أعتبره عاجزا عن أن يكون قادرا على إخراج التراث أو الذاكرة الموسيقية إلى فن موسيقي.
    وبعد تشخيص الواقع لابد أن نعرف كيف نجيب عن السؤال أو كيف ندرك الحقيقة؟ هنا تبرز الفلسفة كوسيلة للوصول إلى الحقيقة أو المعرفة. فالحقيقة هنا هي معرفة وإدراك الشييء الذي نحسه، ألا وهو الصوت. فالصوت لن يبقى تلك الظاهرة الطبيعية التي نسمعها فحسب، بل نغمة نحسها من خلال النظريّة الموسيقيّة.
    ذكرت أن (التدوين الغربي) لم يكن قادرا أن يكون محركا لتغيير التراث الموسيقي من حالة الذاكرة إلى فن موسيقي .. كيف يتجلى ذلك؟
    -الذاكرة هي ما تبقى من الموسيقى، الذاكرة هي الأشكال الموسيقية التي بقيت مطبوعة في أذهاننا، نعيد غناءها ونعيد عزفها، فالإنسان له القدرة على إعادة ما يسمعه أو يبصره تلقائيا. ويمكن هنا مقارنة الذاكرة الموسيقية بالذاكرة اللغوية، حيث تعكس الحالتان وضعية الأمية، إذا لن نقرأ و نكتب عن طريق علم النحو في حالة اللغة، فإننا عاجزون عن قراءة وكتابة الموسيقى (التدوين) بدون علم الموسيقى (النظرية الموسيقية). فعلم الموسيقى هو النظرية التي تسمح لنا أن نؤلف ونحلل ما نسمعه في الموسيقى.
    فالتدوين الغربي هو نتاج تراكم معرفي يختلف عن التراكم المعرفي لذاكرتنا الموسيقية، التي تخفي في طيّاتِها نسقا (نظام فكري). فإذا الكشف عن هذا النظام الفكري هو مهمّة بحثي في هذا الكتاب.
    إني أبيّن في كتابي أن النظام الفكري الذي يوحّد ذاكرتنا الموسيقية يختلف كل الإختلاف عن النظرية الموسيقية الغربية.
    ومفهوم النغمة كوِحدة موسيقية يختلف في كلتا النظريتين الموسيقيتين والسبب يعود لكون كل واحدة منهما تعكس نظرة جمالية مختلفة.
    النغمة في الموسيقى الغربية تمرّ بحالتين: نغمة كاملة أو (حالة التصلب) ونصف نغمة أو (حالة التقلّص)، وهما عاجزتان عن تدوين كل موسيقانا، كون النغمة عندنا تمرّ بأربع حالات هي: النغمة المتصلبة، النغمة المحلولة، النغمة المتقلّصة، والنغمة المتمدّدة (فيزيائياً).
    إن الاستشراق الغربي أتى بحل وهو (التدوين الموسيقى) لتراثنا الموسيقي وذلك في المؤتمر الموسيقى العربي - الدولي في القاهرة عام 1932، إذ قُرِّر أن لابد أن نأخذ بعين الإعتبار التنويط الغربي، وكان صاحب هذا القرار هو المستشرق الفرنسي الشهير رُدولف دَرلانجي.
    نحن نخاف أن ننظّر لحاضرنا ونواقصنا، لأننا نعتبر الغرب هو الذي يملك الإجابة عن حاضرنا ومشاكلنا ومصيرنا.
    ولهذا نحاول أن نعكس ونجرّب ما يعرفه عنا الغرب، وبهذه الحالة لم نخلق أرضية لتراكم المعرفة أو الإبداع، وفي مجرى التاريخ يصبح كل ما نفعله في الثقافة لا يأتي بشيء جديد.
    والسؤال هنا هو كيف نفهم واقعنا لكي نتخذ منه موقفا شجاعا ونهيء الأجواء لإدراكه وبالتالي نأتي بالمعرفة، فالجواب هو أن نفكّر، و لن يتم ذلك إلّا عن طريق الفلسفة. فالفلسفة هي التي تساعدنا على كشف الأشياء بإدراك النظام المعرفي الذي تخفيه ذاكرتنا الموسيقية من ارقام وهندسة وتجربة علمية وخبرة يومية وخَيال. لأن التدوين الغربي قاصر عن الإجابة أو القيام بالحلول لتراثنا أو النهوض بذاكرتنا الموسيقية.
    تميلين في منهج البحث الى الاختزال رغم أن الأمور بحاجة إلى شرح أكثر خصوصا للقارئ العادي فلماذا هذا التكثيف؟
    -الحقيقة أن الكتاب موجه للمختصين، وهدفه البحث عن حقيقة وجود نظرية ما في تراثنا الموسيقي.
    ونقصد بالنظرية القوانين، لأن الموسيقى لغة بحد ذاتها وهي لغة أرقام حتى وان كانت تثير عند المتلقي أحاسيس مختلفة، كالفرح والحزن والإنطلاق، ولقد أُستُعمِلَت من قِبَل الأطباء والفلاسفة العرب والمسلمين كعلاج قبل العصر الحديث.
    فالأرقام هي التي تصنع هذه الأحاسيس، فإذا كانت العمارة هي هندسة الفضاء، فالموسيقى هي هندسة الصوت.
    ولهذا السبب نستخدم لغة الأرقام والهندسة والفيزياء وهي لغات الإختزال أو لغة العلم.
    وهنا، طبعا، يصعب على القارئ العادي أن يفهم هذه اللغة.
    وأرى ضرورة أن تدرس الموسيقى بشكل أساسي في المدارس منذ الصغر ، كي نفهم عندما نسمع قطعة موسيقية أو غنائية، ونعرف في أي سلم مدونة أو مؤلفة، وماهو شكلها وكيف كتبت ولهذا نستطيع أن نتمتع أكثر بإحساس البعد الفكري للموسيقى.
    والحقيقة لدينا كنوز موسيقية لا نحس ولا نعرف قيمتها في وطننا العربي.
    نحن نجهل من يكون أول إنسان صدح في الغناء أو العزف لكن قد نعرف من كان يستمع ..السؤال يقودنا هل حقا أن التدوين حفظ لنا النظرية الموسيقية؟
    - التدوين هو لغة كأي لغة أخرى، فنحن غير قادرين أن ننفذ في أي ثقافة إذا لم نتعرف على لغتها و في حالتنا، هذه، لم ننفذ في تراثنا الموسيقي إذا لم نتعرف على النظرية أو اللغة الموسيقية التي أنتجته.فسماع قطعة موسيقية للإحساس فحسب، بدون التعرف على النظرية التي أنتجتها يجعلنا نقف عند حد الحس ولن ننتقل إلى مرحلة الإبداع الذي هو ميزة الثقافة.
    فلماذا أبحث عن هذه النظرية الموسيقية؟ لأن التراث يخفي نظاما فكريا (معرفة ثقافية). وما هي هذه المعرفة؟ هي تراكم تاريخي لمعرفة مفهوم الصوت في الموسيقى، ويعني الصوت الذي تحول من مجرد صوت إلى نغمة. وقد مرّ مفهوم الصوت بحقبتين تاريخيتين، الحقبة الأولى هي حقبة الخبرة اليومية وتعكس مستوى معرفة الصوت التي وصلت إليه مجتمعاتنا القديمة، ويكون الصوت فيها مجرد نغمة كاملة (متصلبة) وعلى أساسها شُكِّل السلم الطبيعي وتكون كل النِغَم فيه متساوية، أما الحقبة الثانية هي حقبة التجربة العلمية، فأخذ الفكر يقفز إلى التجربة والتحليل، فأدخلت على النغمة تغييرات وبالتالي أصبحت لدينا سلالم مختلفة في الموسيقى.
    أنا أربط الصوت باللون، فالطيف الصوتي يعادل الطيف الضوئي، والاثنان يتنقلان عبر الأمواج والاثنان نحسهما بحاسة السمع والبصر.
    ويذكر عندما وصلت الحضارة العربية الى الغرب أخذ منها التدوين الموسيقي، بينما التدوين العربي اندثر لأسباب تاريخية لا يتسع المجال هنا للتطرق إليها.
يعمل...
X