تويت
حوار في الأنساب - محمد ديب السبسبي الرفاعي (( المشهور بالنجار ))
خالد عواد الأحمد
ليست هناك أمة من الأمم عُنيت بأنسابها عناية الأمة العربية لها ، ولا نعرف أمة عاش ماضيها في حاضرها وكان له الأثر الفعال في توجيه حياتها الإجتماعية والسياسية والدينية كالأمة العربية آية ذلك كثرة ما تحصيه كتب المراجع من المؤلفات التي تناولت أنساب العرب وترجمت لمشاهير علماء النسب كما يقول الباحث أكرم البوشي في دراسة له منشورة في مجلة التراث العربي ويُطلق فن الأنساب على ما يُذكر في أصول القبائل وكيف تفرعت كنسب عدنان يذكر فيه أبناؤهم وهلم جرى ويطلق على جمع النسب اللفظية كالأسدي والمقدسي والنجار ونحو ذلك . جاء في لسان العرب لابن منظور ما يلي :
النسب : نسب القرابات وهو واحد الأنساب - وذكر ابن سيد الناس ( النسبة والنُسبة والنسب القرابة ) وفي التهذيب النسب يكون في الآباء ويكون إلى الآباء ويكون في الصناعة. والنساب : هو العالم بالنسب وجمعه نسابون ، وهو النسابة أدخلوا الهاء للمبالغة والمدح وتلحق التأنيث الموصوف .
ومن أشهر علماء العرب الذين أدلوا بدلوهم وكان لهم الباع الطويل في هذا المضمار الإمام السمعاني وله كتاب " الأنساب " "وابن سيد الناس" في كتابه " عيون الأثر " وابن الأثر في كتابه " اللباب في تهذيب الأنساب “ وابن حزم الأندلسي في " جمهرة أنساب العرب “ وغيرهم كثيرون وأول النسب هو “ الشِعب “ وهو الجد الأول مثل " قجطان وعدنان " والثاني "العمارة" وجمعها عمائر ومكانها كالأطراف من الجسد العلوي ، والشِعب هو الرأس ثم يلي العمارة القبيلة والتي تضم العشائر لأن العشيرة أصغر من القبيلة حيث قال تعالى لرسوله "ص" وأنذر عشيرتك الأقربيين " ثم "العقيلة" وهي القرابة الخامسة والتي توجب الميراث ودفع الدية لقوله “ ص “ (من كل مغرم مغنم )، ثم تأتي البطون في الأفخاذ ثم الفصائل ثم الأسرة .
الأستاذ محمد ديب السبسبي الرفاعي الشهير بالنجار نسابة سوري معاصر يمتلك خبرة واسعة ومعرفة غنية في علم الأنساب إضافة إلى أنه يبحث في إنضال الفروع بأصولها فيما يتعلق بالعشائر .
وحول إهتمامه بهذا المجال يقول النسابة النجار :
إتجهت في بداية إهتمامي بهذا العلم عام 1970 م وتتلمذت على يد فضيلة الشيخ محمد طاهر آل الشريف الكيالي الرفاعي رحمه الله نسابه حمص آنذاك وأخذت عنه علم النسب وقواعده وآدابه والبحث به فأجازني به شفهياً قبل وفاته بقليل ثم تابعت دراستي عند ابن عمه فضيلة الشيخ سليمان الكيالي الرفاعي رحمه الله حيث أجازني خطياً وأعتمدني نسابة لمدينةحمص خادماً لأنساب السادة الأشراف بديلاً عنه دون تقاضي أي أجر خدمة لوجه الله الكريم ليكون قلمي أميناً ونزيهاً فيما يخص أنساب السادة آل بيت رسول الله " ص " ومن فضله تعالى نجد كثيراً من الناس يطمئنون لدينا من هذه الناحية لأن عملنا خدمة خالصة من أي مكسب مادي ومنزه عن أي غرض دنيوي غير شريف.
ويضيف النسابة النجار:
بعد اعتمادي نسابة لمدينة حمص أصبح الكثير من الناس المهتمين بمسألة النسب يراجعونني للشروح والتصديق على أنسابهم أو نسخ وتجديد شجيرات أسرهم ومن هنا اكتسبت المعرفة بالإضافة إلى اكتسابها من الكتب والمحفوظات المتعلقة بأنساب السادة الأشراف مثل "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم الأندلسي، و "سبائك الذهب" للسويدي البغدادي و " العقد الفريد" لابن عبد ربه الأندلسي و "الروض البسام في ذكر البطون القرشية في الشام" للشيخ أبو الهدى الصيادي. وغير ذلك من المراجع الأخرى.
تدوين أنساب الأشراف
لقد كان لكل مدينة من مدن الشام نسّابها الذي يختص بتدوين أنساب الأشراف فيها ويدعى "نقيب الأشراف" وكان يتولى التصديق على النسخ التي تعرض عليه فيما تخص السادة الأشراف. وقد اصطلح على تميز السادة من الأشراف. عند ذكر شريف معنى ذلك أنه منسوب إلى سيدي ومولاي الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب وعند ذكر سيد معنى ذلك أنه منسوب إلى سيدي الإمام الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم وعلى جدهم ألف تحية وسلام.
وكان نقيب الأشراف ينتخب انتخاباً من قبل الأسر الشريفة وأحياناً يُجمعون على رجل تتوفر فيه صفات معينة منها سعة العلم والإطلاع بشرع الله والصلاح والاستقامة والمروءة لتكون أنسابهم بيد أمينة. وكان منزله مفتوحاً لمن يطلب المشورة أو المعرفة. وقد ألغيت هذه الرتبة في مطلع الخمسينات من القرن الماضي بأمر رئاسي من الرئيس السابق " حسني الزعيم".
النسب بين البدو والحضر
ولكن ما هي أهمية علم النسب؟
يقول النسابة النجار: النسب ليس علماً للتَفكه بالناس أو التسلية بهم كما يفعل بعض الحمقى والمغفلين والجهلة وإنما هو علم له آدابه وضروراته كما يقول عنه العلامة ابن حزم. أولاً ضرورة شرعية هي الميراث وكذلك النكاح . الميراث حتى لا يقع المال في غير أهله ذلك حتى يرثه المستحق له. وكذلك النكاح حتى لا يقع المرء في رحم محرمه. وهناك ضرورة اجتماعية لذلك وجب على كل مسلم العناية بنسبه لقوله صلى الله عليه وسلم. فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه " تعلموا أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل. مثراة في المال، منسأة في الأجل مرضاة للرب" أو كما قال رسول الله (ص)
وبما أن مجتمع المدينة يعتمد في أولوياته على الناحية المادية في الأغلب لأن الخليط من الناس الموجود فيه لا يعطي أولوية الاهتمام بهذه الناحية الأدبية والأخلاقية المطلوبة. وإنما ينظر بمنظار المظاهر البراقة دون سبر عميق ما وراء ذلك وما تخفي هذه الشخصيات. فنرى التزلف والنفاق الاجتماعي واضحاً لمن له بصيرة نفاذه. لذا نجد الأمور تقيَّم تقييماً مادياً بحتاً. وخاصة في التزويج فنرى عدم التكافؤ. بالمعيار الأدبي والشرعي حيث الجانب الذي ذكر يغطي على القيم بدل أن تسود أولاً كما هو معروف بالعشائر أهل الطبقات الأولى منها فنرى أن هذا الأمر الأخلاقي الجمالي يراعى أولاً بالانتقاء المتوازن والمتكافىء عن دراية عميقة جداً, حيث وضع العراف وأهل الفضل ممن أحكمتهم التجارب في هذا المضمار. حيث يقول أحدهم " الجارية لو طالت وبنت الأصل لو بارت" فهذا القول يرشدنا بشكل واضح إلى الدلالة الصحيحة في الاستمرارية بالانتقاء لذات الأصل. وكذلك يُقال “يللي بغيت الولد دور له خال" فهذا الأمر ضروري لأن الحديث يقول " كادت المرأة أن تلد أخاها" من الطباع والشبه والعشائر تخاف من الخسة واللؤم في جذور المرأة ويتحاشوا ذلك من البدء. والدليل في هذا المضمار كثير جداً. وقالوا أيضاً "يللي بغيت تضمها اسأل عن أمها" " أنشد عن المنسب ترى الساس جذاب.
شجرة العائلة:
شجرة العائلة هي شكل من أشكال الاستدال على سند الرجال. والشعب التي تنحدر منه الأسر حيث يوجد بجانب كل اسم رجل من رجالها معلومات تفيد القارىء أين ولد هذا الرجل وأين نشأ وأين دفن لأن علم النسب والتاريخ توأمان لا ينفصلان حتى لا يكون هناك مجال للتسلل من قبل لئيم أو حسود أو مبغض للطعن والتشكيك والدس على رجال هذه السلسلة الشريفة الطاهرة.
وتتألف الشجرة من عامود النسب الذي يوجد في أعلاها الجد الأول. ثم تنحدر تدريجياً حتى تتفرع البطون والأفخاذ والفصائل والأسر. وهذه القاعدة الهرمية في النسب هي قاعدة أهل الحجاز والشام أما أهل العراق فلديهم رأي آخر في ذلك حيث يعتمدون الجد الأول في جذر الشجرة أي أسفلها ويفرعون إلى الأعلى.
وبما أن المرء يُنسب إلى قومه وعشيرته وأباه حيث قال تعالى " ادعهم لآبائهم هو أقسط عند الله" لذلك ينتفي ذكر أسماء النساء في شجيرات العائلات ولا تذكر في أي نسب أو تجديد باستثناء سيدتنا فاطمة الزهراء البتول” بنت سيدنا رسول الله “ص”
لأن الرسول "ص" لم يعقِّب من أولاده الذكور وإنما عقبه من أولاد سيدتنا فاطمة زوج سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه من سيدنا الإمام الحسن وسيدنا الإمام الشهيد الحسين عليهما وعلى جدهما ألف تحية وسلام.
وفي ختام اللقاء مع النسابة السيد محمد ديب طلبنا منه أن يسلسل لنا شجرة نسبه كمثال على ما ذكر فأجاب قائلاً:
كنيتي النجار مستحدثة. أضيفت إلى اسم العائلة لأن أحد جدودي وهو السيد الشيخ ابراهيم الكبير السبسبي الرفاعي الحسيني نزيل مدينة حمص 1051 هـ كان يعمل نجاراً يصنع آلات الحراثة فاشتهر بها. وأما النسبة فهي لسيدي ومولاي “ محمد المهدي الرفاعي الشهير بالسبسبي” نزيل حوران حيث دفن بقرية تعرف باسمه وهي "سبسبا" و"السباسب" هي الطرقات المتعرجة بالبوادي التي قطعها في طريقه من العراق إلى الشام ونزل بحوران كما ذكر ومعه محفوظ منسوخ بسقيفة الرصاص بالمدينة المنورة عام 1015هـ عن نسخة أقدم دونت عام 600هـ .