إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لقاء الماغوط النادر مع مجلة الناقد 1991م -إعداد جميل جرعتلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لقاء الماغوط النادر مع مجلة الناقد 1991م -إعداد جميل جرعتلي

    محمدالماغوط
    إعداد جميل جرعتلي
    هذا اللقاء النادر مع ( محمد الماغوط ) الذي أثار منذ عام 1991،

    ومايزال ، زوابع في الأوساط الثقافية العربية

    نعرضه كما هو ، ويبقى ماجاء فيه ماغوطياً بحتاً بعبّر به عن رأيه

    وبأسلوبه ( الساخر ) المعهود .

    أجرى الحوار : يحيى جابر _ يوسف بزّي
    مجلة الناقد / العدد السادس والثلاثون / حزيران ( يونيو ) 1991


    المكان : دمشق
    الزمان : آذار 1991
    المشهد : محمد الماغوط في منزله .

    نجلس إلى محمد الماغوط ( مواليد السلمية " سوريا " 1934 ) ، كأنك

    تجلس إلى جوار جبل ، لكنك لاتطمئن إلى براكينه المخبأة في جيوبه ،

    حيث يشتم ويصخب المكان من حوله ويتحوّل إلى لسان من نار .

    نحتسي القهوة معه في مقهى " برازيليا " ونشم كوابيسه التصاعدة مع

    رائحة البنّ الأسود ، ثم يأخذنا إلى منزله لنتفرّج على أحلامه وهو يطفو

    في بحيرة من الويسكي . وثمة جرح ملتهب في الكف اليمنى " حطّمت

    الكأس بين أصابعي في حرب الخليج " .

    عندما رافقناه في الشوارع تحوّلنا إلى " زعران " . كان الماغوط شرساً

    ، متوتّراً ، ويصرخ ( احموني يا شباب ... يا كلاب ... أنا الماغوط " ملكيّ
    m حزني " ) .

    تقطّع اللقاء إلى أكثر من عشرين ساعة ، ويغادر الحوار أحياناً منادياً

    سلافة لتقبّـله أو ليحضن شـام . ( ابنتاي جناحاي في العاصفة .. )

    منفرد ، كعود ثقاب متجوّل ليشعل الحرائق خلفه وبعده وينحاز إلى

    الحياة . ( اكتبوا كل ما أقول . )

    نفتح معه ألبوم صور ويضحك على نفسه والآخرين ويسخر منا ، لكننا

    ننهب معاً صندوق ذكرياته ، ونتوسطه ليقرأ لنا في كف الأمة العربية .

    محمد الماغوط ، شـــاعر حواس خمس ، رجل من منامات والورد يليق به .

    ليس حواراً ، أو محادثة ، لكن بشيء من الألفة ، كان بوحاً وكلام سهر

    وتسجيلاً سريعاً لكلمات تروح وتجيء ، من الخمسينات إلى الهزيمة

    الأخيرة . يروح ويجيء إلى المطبخ . إلى الطاولة . وبين الجملتين التفاتة

    إلى الإبنتين ( شـــام و ســـلافة ) ، أو إلى لوحة لرفيق شـــرف أو نذير

    نبعة .

    محمد الماغوط يأخذنا في الشارع ، بقبعة رمادية تحت مطر خفيف كما

    يليق " بديكتاتور " الشعر ، ودمشق مشهد يتصاعد إلى قاسيون ويلتمع

    بالنيون . يســأل عن بيروت ، عن شعراء ، عن نســاء . نتابع إلى حي

    المزرعة .

    ســهرة مع ويسكي مهربة من شــتورا ' الكلام يكرّ ، فكرة فكرة ،

    ويستطرد : ( انتوا محتالين ، أنا مابعمل مقابلة مع حدا ، بس انتوا جيتوا

    بالوقت اللي بدي فش خلقي فيه ) .

    يهمدر بصوته ، يرتج وجهه ، يقوله بسرعة قبل أن يدخل شرطي النسيان

    وحرارة الحكي تتدفق ، كأن الماغوط _ كعادته _ على موعد مع

    المطاردة ، لا يلتفت إلى أسئلتنا ينظر بحدّة ثم يتابع سباحته " كسمكة

    سانتياغو الضخمة " ونحن كصيادين مبتدئين نلهث وراءه بأسئلة ، أو

    بصنّارة دون جدوى لم نكن أمينين جداً في التسجيل ، أخذنا " اللمعات "

    من الحديث ، صفوته ، لحظات الغضب والتأمل ، لحظات التذكر ولحظات

    الشعر . حذفنا أسئلتنا من الحوار لنبقي على الصيغة الأصلية لأسلوب

    الحديث وليبقى منولوغاً لا يجيده أحد إلاّ الماغوط .

    كنت دائماً في غرفة ضيقة . كان لدي بابور كاز وفرشة وليس معي مال لدفع الايجار ، فكنت أترك الأغراض كبدل . مرة حين قررت الهرب إلى بيروت ، تسللت من الغرفة ، فقبضت عليّ صاحبة الغرفة وأعطتني الأغراض قائلة : الله معك .

    * كل يوم ، تقريباً ، الثالثة فجراً أذهب مشياً إلى مدخل دمشق ، إلى منطقة الربوة ، من المزرعة مكان ( إقامتي ) إلى جسر الهامة . أمشي ساعتين أو ثلاثاً في النهار . هذا المشوار صداقة مع نهر بردى .

    * طفولتي في ضيعة السلمية ، بقدر ماكانت بائسة ، نمّـت فيّ إحساس التمرّد . طبيعتها أمراء وفلاّحين . مقابر خاصّة للأمراء ومدارس لأولادهم فقط . ابن الفلاّح لايدرس . من هذا الخلل أتت عزّة النفس والتمرد . أذكر مرة أن أتى أمير فارس ليرمي ، أثناء دفن ، حنطة للفقراء _ كالعادة _ فضربته بحجر .

    * في طفولتي ، أكثر ماأحببت ، ذاك الدكان الذي كان يبيع دخان لف وقضامة .

    * أحب الله . لستُ متديّـناً أو خائفاً . لدي جذور دينية تربوية . كنت أضع القرآن في كيس قماش حرصاً عليه . ربما من هنا إلفتي للكتاب ، وإلفتي للشجر والطبيعة . كنت أحس برائحة صفحات القرآن العتيقة أثناء نزهاتي .

    * أمي أعطتني الحس الساخر ، الصدق والسذاجة ، رؤية العالم بشاعرية . الأمور الأخرى تعلمتها من أبي . مرة كنا مسافرين إلى طرطوس ، طلبوا من أبي أمام الحاجز بطاقة الهوية فقدم فاتورة الكهرباء . منه أتى حس المفارقة والسذاجة أيضاً .

    * التقيت مرة بكميل شمعون ، وكان قد لفت نظره زاوية كنت أكتبها في مجلة ( البناء ) سنة 1958 واستفسر عن اسمي الحقيقي من جوزيف نصر ( كنت أكتب باسم مستعار ) وطلب مقابلتي . كنت نعساناً جداً . دهش وسألني عن تعبي . قلت : ( أنا نعسان لكن أنتم نائمون ) فقال : ( اعفوني من لسانه ) .

    * نعم ثمة حسد ثقافي مني ، على الدوام . أحسه ولكني غير مكترث . المرحلة التي مضت هي المسؤولة عن تكويني ، كانت مرحلة خصبة ، وهم أتوا في فترة ضحلة . المثقفون بعيدون عني .

    * من طبيعتي أن ليس لي أصدقاء . لا أجلس وسط المثقفين . أحب عزلتي وأحاول الحفاظ عليها . أحب الجماهير وهي بعيدة عني .

    * السجن المبكر جاء أول صحوة الشباب ، فبدل رؤية السماء رأيت الحذاء ، حذاء عبد الحميد السراج ، وهذا ماأثر على بقية حياتي .

    * كتبت ( العصفور الأحدب ) لأنني كنت مختبئاً في غرفة ( نصفية ) ، أي عندما تقف يضرب رأسك في السقف ، كنت فيها كالأحدب ، وفي هذه الغرفة كتبت أيضاً ( غرفة بملايين الجدران ) .

    * غادرت قريتي وعمري 14 عاماً . كنت سأدرس الهندسة الزراعية . في مدرسة خرابو في الغوطة ، كنت متفوّقاً وفجأة أحسست أن ليس اختصاصي الحشرات الزراعية بل الحشرات البشرية .

    * دخلت أصلاً إلى المدرسة لأنها تقدم الطعام والشراب مجاناً . هربت منها ومشيت 15 كيلومتراً ومنذ ذلك الحين بدأت أكتب بين القصة والشعر . كنت أقرأ ( الآداب ) و( الأديب ) . محمد حيدر كان جاراً لي وكان يناديني للقراءة . كنت أقرأ في هاتين المجلتين لعبد الملك نوري وجبرا ابراهيم جبرا . ولم أكن أعرف لغات أجنبية .
    رامبو مثلاً كان يقرأه لي مترجماً . أذكر أن سليمان عواد كان ينشر وقتذاك وعرّفني على الأدب الحديث . كانت لي كتابات في سن ( 14 _ 16 ) عن " الزعيم " والحزب ( أنطون سعادة والحزب القومي ) .

    * سنة 1955 كنت في سجن المزة ، أكتب على ورق دخان تركي ، افتكرت هذه الكتابات عبارة عن مذكّرات . لم أعرف أنها شعر . هرّبتها إلى الخارج عبر المحامي محمد آقبيق ، وهو الذي قال لي أنها شيء مهم ، وأنها شعر . كتبتها على ورق المحارم أيضاً ورق دخان ( بافرا ) . قسم منها هرّبته فقط ، قبل أن أمزّق البقية بعد إخلاء سبيلي منها ، على ماأذكر ، قصيدة ( القتل ) .

    * عندما عيّـنوني رئيس تحرير مجلة ( الشرطة ) بقيت يومين أقف للحاجب خوفاً .
    سنيّة

    # لم أكن عائلياً ، محباً لحياة الأسرة . الآن فقط ، بعد رحيل سنية ، أصبحت محباً للمنزل والعائلة .

    # كل ماكتبته من ( العصفور الأحدب ) إلى قسم من ( غرفة بملايين الجدران ) و ( الفرح ليس مهنتي ) ، كانت سنية هي المرأة فيها . لم أكتبها بالغزل ، كانت كعروق الذهب في الأرض . سنية موجودة في كل حرف أكتبه .

    # عندما صممت قبر سنية وكتبت : ( هنا ترقد الشاعرة سنية صالح آخر طفلة في التاريخ ) ، قلت لابنتي شام : ( أليس القبرُ جميلاً ؟ )
    فقالت : ( ما من قبر جميل في العالم )

    # لم أشبع من سنية في حياتها ، ولا أشبع منها في الأحلام . وقليلاً ما أراها في مناماتي ، ربما الأشخاص الذين نحبهم لا نراهم في الأحلام .
    ثمة شرطة للأحلام .

    سنية شاعرة لم يأتِ على ذكرها النقاد المؤمنون ، وكذلك الملحدون . هي من الجمرات الأولى في الشعر العربي الحديث .

    # الخطأ الكبير هو زواجنا من بعض ، لأن اسمي غطى عليها

    فقالوا عنها : زوجة محمد الماغوط .
    # حقّي مغبون

    # ليس الوقت مناسباً للـ ( مهرّج ) .

    # أحس نفسي مُطارداً . إنه إحساس قديم . مزّقتُ من الخوف قصــائد

    كثير ة .

    # لايمكن ترويضـي إلاّ بالموت .

    # لديّ أعصـاب عظيمة تمنعني أن أنحني .

    # أنا لستُ عنترة ، لكني صادق ، لاأعرف الكذب .

    # ليس لدي القدرة على تدخين الغليون والاستماع إلى الموسيقى

    الكلاسيكية في غرفة مرتبة ومكتب أنيق ، كما يفعل أدونيس أثناء

    الكتابة . كل ماكتبته كان في مقهى ( أبو شفيق ) الشعبي ، وسط

    الضجيج والناس .

    # أنا أجلد الجماهير لأحركها .

    # أكره روح القطيع .

    # لاأتحاشى الأذى . في وقت الصمت أحب أن أتكلم . هذه غريزة .

    # لم تخذلني الجماهير ، مع أني كنت قاسياً .. لكنها قساوة أب مع

    أطفاله . نحو غوغول كان كان يعبد روسيا ومع ذلك قال مرة : ( هذه

    الأمة الروسية السافلة ) .

    أنا كرم على درب فليسرقوني . أنا نهر سائر في أرض عطشى فلتشرب

    . أعرف مثلاً أن ثمة قصصاً مأخوذة من مقاطع شعرية لي .

    # أنا ضباب يتوه الناس بي .

    # أنا ( فرويد ) الشيعة .

    # عالمي ويسكي ودخان وحزن . حزني ملكيّ وأنا الملك .

    # لا أمشي على رصيفين .

    # سأطوف يوماً ما ، مثل بردى .

    # الرضى كلمة لاأحبها .

    # أحاول الدفاع عن أشيائي الخاصة ، كالصدق ، الكرامة ، الشهامة ،

    هذه أشرعتي . ولن أتعب .

    # ثمة ( لا ) أبدية رافقتني وسترافقني دائماً .

    # لاأزال سمكة خارج الشبكة .

    # الصحافة لاتعني لي شيئاً ، سوى تلك الدهشة البسيطة .

    # لستُ ( رامبو ) العرب .

    # ما الفائدة إذا كنت مخلصاً والآخر فوقك يخونك .

    # الارهاب لم يترك لي فرصة لأحب أحداً حتى الله .

    # في كل عصر هناك حجّـاج للأحلام .
    # الحرب قد لاتُـبكيني . أغنية صغيرة قد تُـبكيني ، أو كلمة لأنسي الحاج . هو توأمي . ولو لديّ شفاه بطول ألف كيلو متر لقبّـلتهُ عن مقالته " كم أنت أبله أيها العظيم " ، ( " الناقد " العدد : 34 نيسان 1991 ) الذي أحسست أني لو أردت أن أكتب لكتبت مثله .

    # كنت وأنسي الحاج أكثرهم صمتاً ، أيام مجلة " شعر " ، أمام التنظيرات والثرثرة .

    # كان بدر شاكر السياب صديقي الحميم . مرة لقيت رسالة منه بأربعين صفحة . خفت منها . تركها لي قبل سفره إلى لندن ، كتب فيها حياته كلها . كان فيها مديح لعبد الكريم قاسم . خفت فمزقتها .

    # أحبّ ( نزيه أبو عفش ) في الشعر السوري .

    # أحترم أنسي الحاج لأنه بقي في بيروت تحت القصف ، وأحبه شاعراً شاعراً وناثراً وصامتاً .

    # أدونيس هو الذي قدمني في بيروت ، وأعتز بذلك ، لكننا لم نتفق شعرياً . التقيت به لأول مرة عام 1955 من زنزانة إلى زنزانة . كان معروفاً وأنا لا .

    # آخر مرة التقيت بأدونيس في باريس حدّثني عن حنينه لدمشق وبكى ، قلت له : " لايمكن أن تكتب عن الوطن وأنت بعيد عنه أن تتخيل الحرب ولا تعيش في وحل الخندق " .

    # لو بقي أدونيس في بلاده لكان شاعراً مهماً ، لأنه أصيل .

    # أدونيس لبس ثوباً غربياً . إنه مشلول ، أسير الغرب ، رغم إنه يبلعط أحياناً .

    # نزار قباني ، شاعر كبير ، بقضايا صغيرة .

    # مأساة نزار قباني أنه لايحب ولا يكره ، لذلك تبث الاذاعات معظم أشعاره .

    # كنت ألتهم مطبخ يوسف الخال ، وأجلس قرب البراد المفتوح . وأتركهم في الصالون يتحدثون عن الشعر وقضاياه .

    # كان يوسف الخال يحاول أن يجد لنا عملاً في الصحف ويرسلنا أنا وفؤاد رفقة ، حيث نبدأ عملنا بالتعرف إلى السكرتيرة ، ونعرض عليها الزواج فيتصل أصحاب العمل بيوسف ليقولوا : " هؤلاء شغيلة أو خطيبة " .

    # محمود درويش موهوب جداً ، لكنني لاأحبه لأنه غير صادق .

    # دريد لحام امتهنني ، استغلني كشاعر ، كجواز سفر ليعبر .

    # سليم بركات كردي أكثر مما هو عربي ، ثمة حقد عنصري في أعماله .

    # أحب عصام محفوظ كمسرحي وكمقامر ، وفي باريس قال لي : " جيمي كارتر وأنسي الحاج يتآمران عليّ " .

    # جبرا ابراهيم جبرا ليس شاعراً بل مترجماً عظيماً .

    # كمال خير بك بطل وصديق حقيقي فقتلته الشعارات .

    # أنطون سعادة شاعر أخطأ الطريق .

    # أعطيت جائزة نوبل لنجيب محفوظ لأنه اعترف بإسرائيل أنا أرفضها
    # الوضع الآن في انحطاط ثقافي عام . الدول تخاف الآن فكيف الأفراد . كان العالم مطرقة ومنجلاً . ذهب المنجل السوفياتي فبقيت المطرقة الأمريكية . الدول تتحاشى هذه المطرقة . أنا لا أخافها . أنا المنجل العربي .

    # المشكلة ، مع المثقفين الجدد ، إن مرحلة الإرهاب النبيل في الخمسينات كان لها تأثير إيجابي على العطاء . التجربة دفعنا ثمنها . الآن النواح السائد هو تكرار دون عمق . يكتبون عن السجن دون أن يُسجنوا ، وعن الإرهاب دون أن يرهبوا . كلمات مثل "الشرطة" ، "الأمن" تفور الآن وتملأ الصفحات دون أن تحسها . هذه هي المشكلة .

    # الرقيب كان داخلي ، صادقته ، مثل الألم . لتستمر عليك أن تصادقه . أجمل رفقة هي بين السجين والسجان . الرقيب هو أيضاً سجين .

    # الكاتب الأصيل ، هو الذي يخرج بالقارىء ، وبنفسه ، من جزئيات الحياة اليومية ، العادية ، ودهاليزها ، إلى أفق القضايا الكبرى كالحية والعدالة والإحتلال والظلم والقهر . والكاتب العادي هو الذي يبدأ بالقضايا الكبرى كالحرية ، والقهر الإجتماعي ، ويعود به إلى دهاليز الحياة اليومية التافهة ، كأزمة السير ، وأزمة السكن وسواها .

    # كل إضاءة إعلامية هي لإخفاء الحقائق .

    # متذوق شعر جيد أفضل من شاعر رديء .

    # متى بدأ الكاتب يخاف سمعته ومكتسباته بدأت نهايته .

    # كل كاتب له رسن . النظام الذكي يطوّل هذا الرسن ، وهذا ما يوهم بالحرية ، لكن إذا ذهب بعيداً خنقه الرسن . أما النظام الغبي فيضيق الرسن .

    # أحب المسرح في الشعر . لا مسرح في التراث العربي لأن الحوار ممنوع .

    # ليس ثمة شرقي إلا وفيه شيء من الخيانة .
    الإنسان الجدّي مريض وفيه خلل .

    # الإيديولوجيا حين تضحك في قالبها ، يعني أنك صرت حذاءاً .

    # بيتي الشعري بلا سقف .

    # لم أكتب الشعر لأنني كنت "قومياً سورياً" ، بل السجن هو الذي علمني كتابة الشعر .

    # لم أندم على قصائدي الأولى ، ولم أحذف أي حرف منها حتى الأخطاء اللغوية .

    # الغيرة الأدبية مشروعة في البدايات .

    # ليس عندي محرمات أو مقدسات في لغتي العربية .

    # الحب هو أبو الشعر ، والكراهية أمه .

    # أنا لست مثقفاً ، أنا أعيش على الهامش .

    # المشهد الثقافي السوري لا يعني لي شيئاً على الإطلاق .

    عرب

    # نحن الآن أمام كربلاء ألكترونية .

    # الشعب العربي الآن يعيش مثل جحا الذي قالوا له يوماً :
    يا جحا مدينتك تعهرت .
    فقال لهم : "عليَّ بحارتي" .
    قالوا له ؛ : "حارتك تعهرت" .
    قال لهم : "عليَّ ببيتي" .
    قالوا له : "بيتك تعهر" .
    قال لهم : "عليَّ بسريري" .
    قالوا له : "سريرك تعهر" .
    فقال لهم : "عليَّ بمؤخرتي" .

    # الغرب وضع الإنسان العربي أمام خيارين : إما البوط العسكري وإما العمامة .

    # عندما غنى فريد الأطرش للوحدة ، انتهت الوحدة العربية .

    # مرحلة الإرهاب في الخمسينات ، التي عانى منها جيل بكامله ، أعتبرها الآن مرحلة إرهاب نبيل . كان إرهاباً بدائياً ، يدوياً .

    # كان يجب إهانة هذه الأمة . أقول ذلك من شعور رؤية ولد يضرب شيخاً هكذا تعامل هذه الأمة أبطالها ، وذاكرتها .

    # علمونا أن الإنتصارات ستُقدم ، هذا وهم . ليس هناك شيء جاهز .

    # أما أفق مظلم ، السجين لا يفكر بالسجن بل بالذكريات الجميلة من هنا نظرتي الدائمة إلى الماضي المفقود . الحاضر العربي سجن .

    # أنا لا أعترف بإسرائيل حتى لو رأيت أطفال الحجارة يبصمون على الإعتراف بها .

    # فلسطين ليست ياسر عرفات وميكروفوناً . إنها موجودة في خلايانا .

    # الشعارات اليوم تشبه امرأة تقيَّة تُعرّى أمام أطفالها ببطء .

    # فلسطين ستحررنا ، وليس نحن الذين سنحررها .

    # إن النظام العالمي الجديد لن يصادر حتى حذائي .

    # لديهم نفط ؟ نفطنا دموعنا .

    عواصم

    # صرت جزءاً من دمشق ، ودمشق صارت جزءاً مني . إنها قصة الحب الأول والصوت الأول .

    # ليس هناك إبداع في مصر . هناك سعاد حسني .

    # بيروت مثل أمّ منهمكة في الغسيل وإذا بان فخذاها قالوا عنها عاهرة


    إعداد جميل جرعتلي المصدر مجلة الناقد
    خواطر لا تسّر الخاطر _ عن الأحياء والموتى والمحتضرين _ مشروع زلزال ...


    دمشق
    صحيفة تشرين
    آفاق
    الثلاثاء 10 آب 2004
    نص لمحمد الماغوط
    تعرفت على نزار قباني في مقهى الهافانا والبرازيل والكمال الصيفي والشتوي أنيقاً كخط كوفي

    وأسلوبه في تحقيق أهدافه وأحلامه بدائي كجرائم الهواة، ‏

    غزيراً كإبر الجدات والساحرات في حارات دمشق وسبأ وغرناطة... ‏

    جرحاً سطحياً في جبهة الشعر العربي ولكنه مهيب وساحر! ‏



    بدعوة من الصديق المشترك رياض نجيب الريس التقينا في لندن عاصمة الضباب واختصتنا سونيا فارس أشهر مصممة أزياء في باريس مع أخت تشكيلية نسيت اسمها بعد كل هذه السنين... ‏

    وتصدرت صالة الضيوف بانتظار ما يقدم لي في سهرتي الصباحية الخالدة ‏

    وإذا بنزار يخرج من المطبخ على صدره مئزر مزركش وطلب مني النهوض لمساعدة المضيفتين في إعداد المائدة، فقلت له حاسماً النقاش:



    والله ما جئت من سلمية إلى دمشق إلى بيروت وسجنت في المزة والشيخ حسن والمية والمية وجعت وتشردت وقملت كل هذه السنين لأقشر البصل والثوم في إحدى شقق لندن المجهولة! ‏

    فنعتني بالمتخلف والبدوي والنوري والقرباطي وبسوء التربية، ثم استطرد كما في حلم: ألا تعرف ما هي المرأة؟ ‏

    إنها بلبل، كنار، فراشة، ريشة، سنبلة، أسطورة ‏

    وتركني وهو يبكي بصدق ومرارة على بلاط لندن العتيق المتعجرف! ‏

    ولم أسمع بقية حديثه إلا بعد سنوات في مكتبي في مجلة الشرطة بدمشق وهو يسند جبهته على كتفي والدموع تغطي وجهه وقصائده. ‏



    وعادت حليمة إلى عادتها القديمة ‏

    لا يرى من المرأة إلا نهديها ‏

    ومن الجبال إلا ذراها ‏

    ومن الغابات إلا ثمارها ‏

    ومن البحار إلا لآلئها ‏

    ومن الطائرات إلا درجاتها ‏

    ومن خطفها وتهديدها إلا فديته ‏

    ومن الحروب إلا غنائمها ‏

    ومن الجوامع والكنائس إلا زينتها ‏

    ومن جرائم الشرف إلا سهولتها وتبريراتها ‏

    وهو لو جاع أو تشرد أو أمضى ليلة واحدة من حياته في سجن أو مخفر أو يوماً واحداً من خدمة العلم بألفاظ المدربين المعهودة لكان رامبو العرب بلا منازع ومأساته الكبرى أنه كتب عن حرب السويس والعدوان الثلاثي وعن أهم القضايا المحلية والعربية والدولية والوطنية والدينية والتكتيكية والاستراتيجية، بقلم حمرة! ‏

    إعداد ك جميل جرعتلي عن مجلة الناقد
يعمل...
X