إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

د. كاظم شمهود - اسماء لها تاريخ ..الرسام العراقي بسام فرج.. من اعمدة فن الكاريكاتير العربي..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • د. كاظم شمهود - اسماء لها تاريخ ..الرسام العراقي بسام فرج.. من اعمدة فن الكاريكاتير العربي..

    اسماء لها تاريخ

    د. كاظم شمهود


    بسام فرج، أديب مكي، كاظم شمهود



    - 1 -
    بسام فرج.. من اعمدة فن الكاريكاتير العربي

    كلما درس المرء بناء الاعمال الفنية ومفاهيمها ومظاهرها الجذابة كلما اصبح من الصعب عليه ان ينزل بها الى مستوى القالب او الحدود, وقد اصبح واضحا حتى للاخلاقيين في عصر النهضة انه لا يوجد جمال ممتاز لا يتمتع بالغرابة.
    فن الكاريكاتير يمتاز بالجمال الغريب والعجيب وهو جمال الافكار والمضامين الساخرة والناقدة من خلال المبالغة في الشكل والفكرة , وبالتالي فهي ممارسة اخلاقية ذات ابعاد انسانية لها مردوداتها النفعية للفنان والمجتمع .
    والعمل الفني سواء كان كاريكاتيريا او تصويرا او نحتا او غيره فهو عباره عن تحرير للشخصية , فعندما نتأمل عملا فنيا نشعر بشئ من التنفيس عن مشاعرنا وكذلك نشعر بالتعاطف مع ذلك العمل. والفنان عندما يقوم بعمله يشعر هو ايضا بازالة واخراج المشاعر المكبوتة والمظغوطة ونقلها من عالم الادراك الى عالم المحسوس .
    الحديث عن اعمال بسام فرج يقودنا الى الحديث عن فن الكاريكاتير العربي والعالمي باعتبار ان الفنون المعاصرة اليوم اصبحت اممية المنحى والاتجاه, يضاف الى ذلك تشابك الثقافات والمعارف وتقاطع الاجناس والدماء , مما اصبح وجود التأثيرات وارد ة من كل حدب وصوب . هذا من ناحية اما من الناحية الاخرى فان تقييم اي عمل فني يجب علينا بالعودة الى الموروث والجذور.. فاين يقع فن الكاريكاتير العراقي من العربي؟ واين يقع العربي من العالمي؟ ثم اين نضع بسام من هذا وذاك؟
    كما هو معروف ان مصر تعتبر رائدة فن الكريكاتير العربي المعاصر حيث ظهرت مجلات فكاهية في نهاية القرن التاسع عشر يضاف الى ذلك ظهور معامل الزنكغراف والطباعة وبالتالي اصبحت ميدانا ممتازا لرسامي الكاريكاتير... ويذكر ان في هذه الفترة كان الذين يرسمون في المجلات المصرية هم من الاجانب الى ان جاء الكسندر صاروخان الارمني - 1898-الى مصر سنة 1924 وعمل في مجلة روز اليوسف التي كانت تملكها والدة احسان عبد القدوس الصحفية روز اليوسف .
    ويذكر الرسام طوغان, ان الامير عمر طشتم كان في زيارة الى مدريد فالتقى مع احد فناني الكاريكاتير الاسباني واسمه سانتوس فدعاه الى العمل في مصر فقبل الاخير و جاء الى مصر.
    ثم جاء عبد المنعم رخا - 1911 - الذي فتح الباب امام رسامي الكاريكاتير المصري والعربي, بعد ذلك جاء احمد طوغان- 1926- وقد شكل طوغان وصاروخان المدرسة المصرية الاولى لفن الكاريكاتير, ويتشابهان الاثنان ويتقاربان في الاسلو ب والطراز ويكادا ان يكونا قد ولدا من رحم واحد. وكان اسلوب صاروخان متطور عن الطراز الانكليزي خاصة عن الفنان الكبير هوغار 1697 ويمكن ان نقول عنه انه محور عن الاسلوب الواقعي ويسميه البعض بكاريكاتير البورتريت . وبالتالي فان بداية فن الكاريكاتير المصري المعاصر كان على يد مجموعة من الرسامين الاجانب امثال سانتيز الالماني ورفقي التركي وصاروخان الارمني وغيرهم.

    لقد انتشرت تأثيرات فن الكاريكاتير المصري الى الدول العربية ومنها العراق, وكان غازي عبد الله العراقي اول المتأثرين بالمدرسة المصرية وظهرت رسومه لاول مرة في مجلة قرندل و جريدة الحصون سنة 1947 , ولو قارنا او وضعنا رسوم صاروخان وطوغان الى جانب رسوم غازي عبد الله لظهر بوضوح قوي التأثيرات و التشابه بينهم........ ولكن مع ذلك فان غازي رسم له خصوصية عراقية تمثلت في السحنة البغدادية والرجل البغدادي وترجمة الاشعار والامثال الشعبية الى رسوم غاية في الجمال والمتعة, كما نرى قوة وطاقة هائلة في التخطيط والتعبير وقدرة كبيره على التحكم بالشكل و تطويعه حيث ما اراد ضمن منضومة شعرية وفكرية وقيم انسانية عالية, إضافة الى ذلك الحس الفني العالي والرفيع الذي يتمتع به غازي. ويجمع النقاد والمحللين بان غازي قد رسم اول ملامح مدرسة الكاريكاتير العراقي.
    وقد اثر غازي على الجيل الذي تبعه من رسامي الكاريكاتير العراقي منهم بسام فرج وقد اعترف بسام في احد المقبلات بانه كان في البدايات يقلد رسوم غازي وانه تأثربه كثيرا . ولكن بسام خرج بعد ذلك بخصوصية لامعة ميزته عن استاذه الكبير سواء كان في الاسلوب او طرح ومعالجة الافكار. وامتازت رسوم فرج بالاناقة والرشاقة والهدوء عكس استاذه غازي الذي امتازت رسومه بالقوة وعنف الخط وشدته والذي يعبر عن حرقة متراكبة خلفها جور الاستعمار ايام زمان ..
    كما امتازت رسوم فرج بالانسيابية والاسترسال والعذوبة والخيال الواسع والتي قلما نجدها عند الفنانين الكاريكاتيريين العراقيين .... كما نشاهد في رسوم فرج التبسيط والاختزال وذلك خدمة لبروز وظهور الفكرة المراد ايصالها الى المشاهد وهو اتجاه سلكته المدارس الفنية التقدمية الحديثة
    حيث اعتبرت المضمون هو الاساس في العمل الفني .
    والخط عند فرج مبسط منحني ومرسل ومغلق , وقلة في التفاصيل كما نرى الاشكال مسطحة ومختزلة خاصة في الوجة و الايدي والملابس والحذاء وهي تأثيرات غربية .....
    لقد اطلعت عل عدد من المجلات الغربية كما اشتغلت مع بعضها فوجدت ان هناك ملامح تاثيرات
    على رسوم فرج قادمة من فنانين اجانب منهم . انريك مانويل غونثالث - 1930- Enrich Manuel Gonzalez كان يرسم منذ 1950 في عدد من المجلات الاسبانية و ربما ايضا من الفرنسية منها " mata ratos و -DER - وهناك ايضا فنان كاريكاتيري اسباني آخر يعتبر من اعمدة الفن الاسباني المعاصر يدعي فرانثيسكو ايبانيث من مواليد 1936 francisco Ibañez وقد نال شهرة عالمية واصبحت قصصه تترجم الى كل لغات العالم كما حولت الى افلام كارتون . وقد اخترع عدة شخصيات منها شخصيتين كاريكاتيريتين اشتهرت في صحافة الاطفال هما مورتاديلو وفيليمون mortadelo y Filemón , وقد ظهرت هذه الرسوم لاول مرة سنة 1958 في مجلة Pulgarcito ... في هذه الاشكال ارى ملامح وتأثيرات على رسوم فرج ' وسواء هذه قد وردت عن توارد خواطر ام تأثيرات ثقافية فان رسوم بسام عبرت الحدود لتعلن انسانيتها .
    والجمالية التي نراها في اعمال فرج تكمن في الفكره الساخرة والفكاهية وعملية الاداء والتعبير وكشف الحقيقة للجمهور. وكان كانط على حق عندما قال " الجمال هو الحقيقة " ولم نرى في رسوم الكاريكاتير للفنان الاسباني غويا -1746-( النزوات ) اي مظهر من مظاهر الجمال ولكن نشعر بطاقة جمالية كبيرة تتمثل في المعاني والمقاصد والتي يطرحها من خلال اشكاله المشوهه والمبالغ فيها .
    ان انتاج فرج -1943- خلال اكثر من اربعة عقود تستوقفنا للتأمل امام فنان يعتبر من اعمدة فن الكاريكاتير العراقي ومكملا ومطورا لمدرسة بغداد التي انشائها غازي عبد الله وبلا منازع ولا يمكن مقارنته بفنان آخر سواء الذين عاصروه او الذين جاؤا بعده. كما يعتبر المحور او القطب لمفهوم رسالة الفن من وجهتها السامية.... وهذا الاتجاه يذكرنا بمفهوم قد طرحه سابقا بعض الفلاسفة والفنانين الذين دعوا اذهان الناس الى الجوانب الاجتماعية ووضع الفن في خدمة المجتمع مثل الفيلسوف تولستوي في كتابه - ماهو الفن - كما كان لآراء برناردشو وراسكين و وليم موريس و جوتييه وغيرهم تأثيرا كبيرا على مسيرة الفن الاجتماعية . فكانوا يدعون الى الاصلاح والتغيير عن طريق الفن في مختلف صوره .
    ان الفيض المتدفق لرسوم وافكار فرج رغم ما اشتملت عليه احيانا من تعارض مع بعض المذاهب الفكرية الا انها قد اغنت الحقل الادبي والفني الى حد كبير في اتجاهها الانساني والتفاعل مع هموم ومشاكل الناس .. ويبدو ان قلم وفرشاة فرج الساخرة ليس لها حدود فهي تطال الجميع علمانيين كانوا او متدينين, قريبين او بعيدين فلا بد من قول الحق. وهذا ما يذكرنا بالجاحظ عندما قال "انه اذا وردته النكتة فسيقولها ولو ادت به في النار"
    ورسالة فن الكاريكاتير هي ليس التشويه وفضح ستر الناس والسخرية من الاخرين وهتك الاشراف
    والتهديم والانتقاص من هذا او ذاك "انما هي البناء والاشارة والتنبيه ورصد الخلل الذي يراه الفنان مستفحلا في المجتمع والذي يعيق مسالك الخير والمنفعة للمجتمع. وان يركب الفنان الصدق بعمق مع نفسه ومع ألآخرين , وان يكون مبدعا في خطابه ولغته الفنية التي تخاطب كافة القطاعات العامة من الناس. وبالتالي فهي مسؤلية كبيرة تقع على عاتق الفنان... لهذا فان ممارسة الفنان لهذا النوع من الفن هي عملية شعورية وجدانية تنطلق من اعماق الحس الانساني, والحدس هو نوع من هذا الشعور الوجداني, وهو يمثل الفكر الذي ينبع من داخل الانسان نتيجة للاستغراق والتأمل العميع في حياة المجتمع.
    لقد قرأت بعض المقالات النقدية عن اعمال بسام ولكنني وجدت ان الجانب العاطفي والقلبي يطغي عليها ولم اجد دورا لميزان العقل كما وجدت تشويها للحقائق التاريخية مع الاسف وهذا العيب نجده منتشرا في عالمنا العربي وهو مما ادى الى تخلف وتاخير النقد العربي عن ركب العالم المتحضر . فالميل الحزبي او المذهبي او القومي او العاطفي نجده فاعلا في التحكم بممارسة النقد, والنقطة الاخرى التي احب ان اشير اليها وهي ان غالبية الذين يمارسون النقد في الفنون التشكيلية هم من الكتاب و الادبا والشعراء وبالتالي فان بعضهم يستخدمون شتى صنوف وغرائب الالفاظ والجمل والنثر وحتى الكولاج - ان صح التعبير -واحيانا نخرج من المقالة ونحن لا نفهم شيئا. وفي هذا السياق قرأت مقالة للفنان الكريكاتيري المصري محي الدين اللباد يتحدث بها عن فن الكريكاتير العراقي تحت عنوان - كاريكاتير ما عداش على مصر - وفيها يقول بان فن الكاريكاتير العراقي له خصوصية وانه لم يتأثر بالمدرسة المصرية.......
    الحقيقة انا لا اعرف كيف يقيم ويحكم ويحلل بعض الفنانين و الاساتذة حول حركة ( الفن العربي المعاصر) هل ان ذلك من باب التعاطف والمجاملة او ان ذلك يعود الى قصور معرفي وتخلف ثقافي؟..
    الواقع ان الفن العربي المعاصر ومن ضمنه فن الكاريكاتير بشكل عام يعود في اصوله الى اوربا والى المدارس والمذاهب الفنية التقدمية المعاصرة و بشهادة كثير من المحللين والنقاد العرب والاجانب . نعم هناك ابداع وهناك خصوصية شخصية وهناك مسحة محلية وهناك فكر محلي وهناك تقاليد و عادات و دين وغير ذلك... ولكن العرب اخذوا اصول فن الكاريكاتير المعاصر من الغرب . اما الحديث عن التاريخ فهذا شيئ آخر ...
    كما ان لكل فنان طبيعة ذات تكوين خاص تتضمن كل من الناحية البيولوجية والفسيولوجية والسايكولوجية وتبعا لهذه الطبيعة يتحدد الاسلوب الشخصي لكل فنان . كذلك فان كل انسان له افكاره وقناعاته الخاصة به. ولا يمكن ان نضع الجميع في خط واحد وان عملوا او درسوا سوى في مكان وزمان واحد. والناحية الثانية هي ان النقد له شروطه ومبادئه العلمية يجب احترامها. نعم يمكن لاي شخص ان يطرح رأيه الشخصي او ميله او تذوقه وهو ما يطلق عليه احيانا .- انطباعات شخصية. ومع الاسف ان النقد العربي قائم على اسس عاطفية وليس عقلية وهو من الاسباب التي ادت الى وجود تخلف وازمة في الثقافة العربية وهو ما اشار اليها الدكتور جبرا ابراهيم جبرا ...
    لقد بدا بسام بنشر رسومه سنة 1964 في مجلة القنديل ثم المتفرج بعد ذلك في صوت العمال وجريدة الجمهورية ومجلة الف باء ثم كان لنا الشرف ان نعمل معه في مجلة مجلتي والمزمار سنة 1969 كما عملنا سوى اول فلم كارتوني في العراق سنة 1971 لحساب التلفزيون العراقي يدعى - لعبة الركبة الامريكية - وقد اشترك في عمله بسام فرج و مؤيد نعمة واديب مكي و عبد الرحيم ياسر وكاظم شمهود . هؤلاء الخمسة هم اول من وضع حجر الاساس لصناعة افلام كارتون في العراق .... في تلك الايام , ايام الصبا كنا نتدفق مياه دجلة والفرات بأروائه وخيراته للعراقيين . فكنا لا نمل و لا نكل بين العمل والدراسة وبين القراءة وحضور الامسيات الثقافيةو الفنية التي تقام هنا وهناك بين فترة واخرى .. هكذا كان معظم الشباب التقدميين الطيبين .
    كان فرج واحدا منهم وكان يتصف بغزارة الانتاج والاصالة وحبه لعمله واخلاصه لذلك طيلة حياته ولم يغادره ابدا رغم ما مر عليه من آلام الغربة و فراق الاحبة. ومع الاسف لم تسمح له الظروف الصعبة التي عاشها في الغربة من ان يتبؤا عملا مرموقا في الصحف العربية كما حدث لبعص رسامي الكريكاتير العراقي في الاردن او سوريا او مصر او الامارات او غيرها وبالتالي فقد نالوا شهرة هناك بعد ما وجدوا الساحة فارغة لهم .
    وعندما حل بسام في هنغاريا بقى مستمرا في انتاجه الفني خاصة في صناعة افلام كارتون وعمل في استوديوهات - بانونيا - والتي تعد احد المؤسسات الخمسة او الستة لصناعة افلام كارتون في اوربا او ربما في العالم , واشتغل كرسام ومصمم ومحرك. ثم عمل في القناة الاولى سلسلة من الافلام القصصية والاعلانات, كما قام بعدة معارض فنية.. وبالتالي فاننا لا نستطيع ان نضع مفاضلة او مقارنة بين اي رسام كاريكاتيري عراقي وبين اعمال بسام فرج فهو عالم قائم بوحدة له خصوصية ومزاجية عقلية ونفسية واسلوب ينفرد به عن غيره. وكان له الفضل في تمهيد الطريق الى ظهور حركة الفن الكاريكاتير العراقي المعاصر حيث نجد اليوم هناك نخبة جيدة من الفنانين المحترمين الذين لهم مستقبل مشرق .
    ويعتبر بسام فرج من اعمدة الكاريكاتير العربي الى جانب ناجي العلي , محمود كحيل, علي فرزات, حبيب, محي الدين اللباد, جورج البهجوري, حجازي وغيرهم .


يعمل...
X