رد: - القمم والمؤتمرات الاقتصادية والأمنية من التطبيع إلى الهيمنة -
آليات تحالف كوبنهاجن
حدثت تطورات خطيرة في المنطقة خلال بلورة إعلان كوبنهاجن لم تثن جماعة كوبنهاجن من العرب عن الولوج في شباك العدو الإسرائيلي منها:
أولاً: حرب عناقيد الغضب العدوانية على لبنان ومجزرة قانا التي ارتكبها المعتدي بيرس.
ثانياً: نجاح نتنياهو في الانتخابات وتولي الليكود المتطرف للحكم وتخليه حتى عن الاتفاقات التي أملتها الحكومة الإسرائيلية على قيادة عرفات وأبرمتها معها، وتخليه عن ماتم الاتفاق عليه عن طريق المفاوضات المباشرة بين الحكومة الإسرائيلية السابقة وسورية.
ثالثاً: تسعير حمى الاستيطان اليهودي في القدس والخليل وشق الطرق الإلتفافية وتصعيد عنصرية المجتمع الإسرائيلي. وأدت المواقف والممارسات الإسرائيلية الرسمية والشعبية إلى وصول التسوية إلى حافة الانهيار.
وانطلاقاً من هذه الحقائق على الأقل كان من المفروض على جماعة كوبنهاجن التوقف عندها وقطع الحوار مع الصهاينة والعمل على رصّ صفوف المثقفين العرب للتصدي للأطماع اليهودية المعادية للوطن والمواطن والأمة والدين.
تطالب جماعة كوبنهاجن بوقف أعمال العنف أي وقف المقاومة العربية للاحتلال الإسرائيلي. فكيف تساوي هذه الجماعة بين القاتل والضحية؟! بين المجرم والبريء، بين المستعمر والمحتل والمغتصب للأرض والحقوق والشعب المصادرة أرضه وحقوقه وأسباب حياته؟!
لماذا يتناسى لطفي الخولي جرائم إسرائيل التي لم تتجرأ ألمانيا النازية على ارتكابها على مرأى ومسمع العالم ولن ترتكبها لو وجدت اليوم.
إن اليهود يتذكرون باستمرار جرائم النازية ضد اليهود ونجحوا بحمل الأجيال الألمانية الناشئة على تحمل مسؤولية ما ارتكبته النازية.
لماذا لم يتطرق البيان إلى عنصرية وفاشية ووحشية قوات الاحتلال الإسرائيلي؟!
لماذا لم يتطرق البيان إلى شرعية المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان؟!
فأين مفاهيم الحق والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان لدى جماعة كوبنهاجن وخاصة العرب منهم؟!
لقد تصهين عرب كوبنهاجن وسقطوا في المستنقع الإسرائيلي المعادي للعروبة والإسلام ومفاهيم الحق والعدالة.
أقرت جماعة كوبنهاجن عدة آليات لتنفيذ ماورد في الإعلان وتوسيع دائرته بدعم مالي وسياسي وإعلامي مباشر من اليهودية العالمية والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
واتفقوا على أن يكون للتحالف مجلس أمناء يضم مجموعة من الشخصيات الدولية من أميركا وأوروبا وافريقيا. وشكلوا لجنة توجيه وإشراف تتكون من ممثلين من العرب والإسرائيليين بممثل واحد عن كل بلد بالإضافة إلى عميل الموساد هربرت بونديك عن الدانمارك وممثل من الولايات المتحدة وآخر عن أوروبا، وتركوا اللجنة مفتوحة أمام المثقفين السوريين واللبنانيين.
وانبثقت أيضاً سكرتارية دولية "اتفق على أن تمارس مهماتها مؤقتاً في كوبنهاجن لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد لفترة أخرى، حتى يتم الاتفاق على اختيار موقع دائم لها في منطقة الشرق الأوسط.(227).
وتعهدت وزارة الخارجية الدانماركية بتحمل ميزانية السكرتارية ونشاطها طوال وجودها في العاصمة الدانماركية، وسيجدون التمويل فيما بعد من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات والهيئات والشخصيات المعنية بالتطبيع الثقافي.
وقررت لجنة التوجيه والإشراف في أول اجتماع لها في شباط 1997 تكوين أربع لجان عمل دولية للمراقبة التحقيق والاتصالات والتقارير وعقد الندوات والمحاضرات والاجتماعات الجماهيرية في المنطقة وأوروبا.
وتقرر أن تختص الجنة الأولى بمتابعة المفاوضات بين الحكومات ومراقبتها، وتختص اللجنة الثانية بالعنف والثالثة بالاستيطان والرابعة بالتعاون الإقليمي.
وتدرس جماعة كوبنهاجن بدعم وتأييد كاملين من القوى الخفية التي أوجدتها استكمال اطر ومؤسسات التحالف الدولي، لأنه بحسب قول لطفي الخولي:" يشكل ظاهرة لا سابقة لها في تاريخ ومسار الصراع، ويدخل إلى ساحته قوة حركية جديدة من الشعوب وقواها الفاعلة من المثقفين."(228).
"نحن إذاً أمام أساليب جديدة تتميز بالهجومية، وبالتخطيط طويل المدى والدعم المادي والمعنوية اللامحدود وبالعمل على تصدير الانقسامات وتخليق وبلورة ومشاعر جديدة وتوسيع الثغرات في جدار المقاومة والرفض والتمسك بالحقوق العربية."(229)
اقتصرت الاستراتيجية العربية في الدفاع عن الوطن وتحصينه من عمليات الاختراق الصهيوني على دعامتين:
الأولى: تعبئة النقابات والاتحادات المهنية والمنظمات الشعبية.
والثانية: عقد مؤتمرات وندوات ومحاضرات قطرية وقومية نظمها وينظمها ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي والأحزاب والقوى المناهضة للصهيونية والتطبيع والاستسلام ولجان الدفاع عن الثقافة القومية.
وإزاء تحالف كوبنهاجن وعقد القمم الاقتصادية والأمنية نجد أن هذه الأساليب في التصدي للتطبيع والاستسلام لم تعد كافية رغم أنها أدت دوراً هاماً وبارزاً في التصدي للتطبيع وفرملة الهرولة، لم تعد كافية أمام المخططات والمساعي الأميركية والأردنية وبعض الجهات الفلسطينية والعربية لذلك فالأمة العربية والإسلامية بحاجة ماسة لاستراتيجية هجومية لمواجهة دعاة التطبيع الثقافي والاقتصادي والتصدي لهم بحزم وعزلهم عن مجتمعاتهم، بحاجة إلى حركة قومية جماهيرية على مستوى الوطن العربي.
إن الهرولة في تطبيع العلاقات ستقود إلى زيادة أطماع إسرائيل وطاقاتها العدوانية والتوسعية والاستيطانية وإلى خلق جماعات من رجال الأعمال وبعض الانتهازيين من المثقفين تتفق أرباحهم ومصالحهم وعلاقاتهم في التعامل والتعاون مع إسرائيل بغض النظر عن موقفها من الحقوق والأرض والثروات العربية وعلى حساب السلام العادل والشامل.
إن المصلحة الوطنية والقومية تتطلب وقف اندفاع هذه الأوساط نحو العدو الإسرائيلي، لاسيما وأن اليهودية العالمية التي تسيطر على الرئيس الأميركي والكونغرس ووزارة الخارجية تسعى لأحكام سيطرتها على العالم لفترة طويلة جداً من الزمن.
إن المثقفين العرب مطالبون اليوم أكثر من أي فترة مضت بالتعلم من تجارب الماضي في تعزيز مقاومة الصهيونية والامبريالية والعنصرية والاحتلال الإسرائيلي والتطبيع وتطوير آليات جديدة لزيادة فعاليتها.
يجب أن نؤكد على منطلقاتنا الوطنية والقومية في وجه حملات التشكيك التي تقودها اليهودية العالمية والولايات المتحدة وبعض الحكام العرب.
يجب أن نؤكد على معتقداتنا التي تنطلق من أن عداءنا للصهيونية عداء استراتيجي ثابت ومستمر.ونحن نعاديها لأنها الامتداد الاستراتيجي للامبريالية في الوطن العربي، ومن أخطر أنواع الكولونيالية، نعاديها لأنها اغتصبت أرضنا العربية ولأنها ايديولوجية وحركة عنصرية كولونيالية توسعية، استيطانية تمارس العنصرية والإرهاب كسياسة رسمية.
نعاديها لأنها تهدد وجودنا القومي وتسلب الأمة العربية إمكانيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على إخضاعنا لهيمنتها والهيمنة الأميركية.
فالمعركة مع إسرائيل والولايات المتحدة تدور على عدة جبهات، جبهات سياسية وعسكرية واقتصادية والجبهة الثقافية.
إن ثقافتنا القومية تستنهض من الماضي وخبراته والقيم الشعبية وتبدع وتطور وتضيف من أجل التحرر والوحدة والتكامل الاقتصادي وتحقيق الازدهار الاجتماعي.
أما ثقافة التطبيع، فهي ثقافة التبعية والاستسلام للعدو اليهودي وتعمل على التجزئة والتخلف والتبعية السياسية والاقتصادية وتغذي الفتن الطائفية وتبدد الثروات العربية وتسلبها.
إن ثقافة التطبيع، ثقافة التبعية ترسخ حالة التبعية السياسية والاقتصادية بينما تقوم الثقافة الوطنية بأثراء حركة التحرر الوطني العربي.
إن الثقافة العربية المقاومة لا تخضع لإرادة الصهيوني المنتصر، لا تخضع لإرادة القوة المسيطرة بالاحتلال والقهر والعدوان والإذلال وتتخاذل أمامه بل تتصدى له وتخوض معه معارك على جميع الجبهات لوقف الغزو اليهودي وردعه وتحرير المنطقة منه لأنه يهدد المصير القومي باستعمار استيطاني يهودي وعنصري وأخطر أنواع الاستعمار والاستيطان الذي عرفته البشرية ويهدد الوطن العربي بالهيمنة والتبعية.
وإن ثقافة المقاومة تتجلى في رفض المثقف الفلسطيني أولاً والعربي ثانياً للكيان الصهيوني رفضاً غير قابل للمساومة.
إن الصراع العربي الإسرائيلي لا يمكن أبداً حله من خلال هنبكات عرفاتية وكعكات اقتصادية وإنما فقط من خلال انسحاب القوات الإسرائيلية المعتدية وإعادة الحقوق العربية المغتصبة وتدمير المستوطنات والتوقف عن الهجرة اليهودية وترحيل العرب.
فالصراع لا يمكن حله إلاّ من خلال الانسحاب الشامل وعودة اللاجئين وحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وتجريد إسرائيل من السلاح النووي والتقليدي.
ويأتي بعد ذلك العامل الاقتصادي أي بعد تسوية جوهر الصراع ويجب التوقف أولاً عن قبول التسويق الأميركي للتعاون الاقتصادي بحجة "إغراء إسرائيل" على التوجه إلى السلام الإسرائيلي، فهذه الذريعة أكذوبة من أكاذيب إسرائيل سوّقتها الولايات المتحدة الأميركية بوعود كاذبة وأساليب ملتوية ومخادعة.
إن الدول العربية مطالبة باستخدام آليات الجامعة العربية لوقف التطبيع وإحياء المقاطعة وتشديدها وتفعيل التنسيق فيما بينها وتجاوز خلافاتها وتوحيد جهودها ودعم الموقف السوري واللبناني والمقاومة الفلسطينية واللبنانية وزيادة تسلحها وتقوية جيوشها للاستعداد للمواجهة القادمة في المستقبل.
إن المشروع الصهيوني لإقامة الشرق الأوسط الجديد يعطي إسرائيل الدور القيادي في المنطقة والمهيمن على الاقتصادات العربية ويصفي فكرة الوحدة العربية والوحدة الاقتصادية. ولكن المشروع العربي هو البديل الوطني والقومي والشرعي والوحيد لمواجهة المشروع الصهيوني ولتحقيق تنمية عربية متكاملة ولحماية الأمن القومي العربي وتحسين حياة المواطنين العرب، لذلك لا يجوز على الإطلاق القبول بما يفرضه الأعداء الصهاينة علينا، فالمطلوب رفض النظام الإقليمي الجديد ورفض السوق الشرق أوسطية ورفض التطبيع الثقافي والاقتصادي والتصدي لمروجيه.
فالتناقض الأساسي بين المشروع الصهيوني- الامبريالي والمشروع العربي يفرض على القوى الوطنية والقومية والدينية العمل لتحقيق المشروع العربي وقتل المشروع الشرق أوسطي في المهد قبل الإقلاع.
فالمشروع الصهيوني يقود إلى التبعية وإلى هيمنة إسرائيل والولايات المتحدة على الدول العربية وينطلق نظام الشرق الأوسط الجديد من نظرة يهودية استعلائية عنصرية تنظر للعرب نظرة كراهية واحتقار وكبقرة حلوب وتحويلهم إلى خدم وأجراء وقوة عمل رخيصة وسوق استهلاكية فقط للمنتجات الإسرائيلية والغربية.
إن الشرق أوسطية لا تخدم إعادة الاعمار وإزالة الدمار الذي خلفته إسرائيل في فلسطين وسورية ولبنان والأردن ومصر وتتحمل الدول العربية نفسها ودول النفط العربية مسؤولية إعادة الإعمار، ولكن السوق الشرق أوسطية تعمل على تسريع نمو الأسواق أمام الدول الصناعية وعلى رأسها إسرائيل ويزيد النظام الإقليمي الجديد من قدرة إسرائيل على حل أزماتها الاقتصادية وجذب الاستثمارات العالمية والشركات المتعددة الجنسيات إليها.
أما القول بأن الشرق أوسطية سوف تجلب التقدم والازدهار وترفع من مستوى شعوب المنطقة فإنها على الأرجح تخدم إسرائيل بالدرجة الأولى وتخدم هيمنتها على الاقتصادات العربية في ظل الامتيازات والحماية التي تحصل عليها من النظام الإقليمي الجديد، وتؤدي إلى تزويد الاقتصاد الإسرائيلي بعناصر قوة جديدة تمكنه من استيعاب المزيد من المهاجرين وإقامة المزيد من المستوطنات، وتصبح مركزاً قائداً ومهيمناً داخل النظام الجديد.
وستتحول إسرائيل إلى رأس جسر وقاعدة للشركات المتعددة الجنسية وستزيد من تبعية المنطقة العربية لها.
إن ممارسات إسرائيل مع منطقة الحكم الذاتي في الضفة والقطاع تعطي مؤشراً على هيمنة إسرائيل وسلوكها الاستعلائي تجاه العرب واستخدامها القوة والتطبيع والكذب والخداع والولايات المتحدة الأميركية وضعف وهزالة واستسلام المفاوض الفلسطيني لفرض سلام غير متكافئ على العرب يعطي الأولوية لأمن ومصالح إسرائيل الاقتصادية على حساب البلدان العربية.
إن نظام الشرق الأوسط الجديد الذي تتمتع إسرائيل فيه بالتفوق العسكري التقليدي والنووي وبالسيطرة الاقتصادية والإعلامية وعلاقات التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة تجعل العرب في وضع التبعية والخضوع لها وللتفرقة بين الدول العربية واستخدام العرب ضد العرب لحراسة وحماية وترسيخ وتعزيز المصالح الإسرائيلية والأميركية.
ويتطلب نجاح التنمية الاقتصادية العربية والتكامل الاقتصادي قيام المستثمرين العرب بدور فعال في التنمية الاقتصادية وإزالة كافة العقبات أمام الاستثمار العربي في البلدان العربية.
أجبرت الولايات المتحدة الدول العربية على عقد القمم الاقتصادية بحضور وفود رسمية والقطاع الخاص ورجال الأعمال العرب لتحقيق التطبيع الشعبي بعد أن فرضت على العديد من الدول العربية الموافقة على التطبيع الرسمي.
وأدى ذلك إلى خلافات وانقسامات حادة بين المفكرين والسياسيين العرب بين رافض للقمم الاقتصادية وموافق عليها ويبرر الفريق الرافض موقفه بمايلي:
1- إن الدخول في اجتماعات ومؤتمرات اقتصادية "شرق أوسطية" يعني السماح لإسرائيل بالهيمنة على الأسواق العربية.
2- إن تقدم الاقتصاد الإسرائيلي والتكنولوجيا الإسرائيلية وروابط تل أبيب برأس المال العالمي يعني إخضاع الاقتصادات العربية لأساليب استعمارية.
3- إن التعاون الاقتصادي سيكون أداة لتسلل وتجسس إسرائيل على المجتمعات العربية.
4- إن التعاون الاقتصادي سيعطي إسرائيل قدرات اقتصادية إضافية تسمح باستيعاب المزيد من اليهود (المهاجرين) ومن ثم تجري عمليات تهويد ماتبقى من الأراضي العربية المحتلة.
5- إن القبول بالتعاون الاقتصادي مع إسرائيل يُعطي مشروعية للوجود الإسرائيلي ويقلل من إرادة المقاومة لدى العرب.
6- إن إسرائيل ستخلق من خلال التطبيع جماعات مصالح موالية لها داخل العالم (الوطن) العربي.
7- إن المشروع الشرق أوسطي يهدف بالأساس إلى تجاوز المشروع العربي وطمس هوية المنطقة ونزع خصوصيتها العربية(230).
وتحاول إسرائيل باللعب بين الأطراف العربية الحصول على أكبر التنازلات والامتيازات، ونجحت في القمة الاقتصادية في الدار البيضاء في جعل إسرائيل مركز التعاون الاقتصادي في المنطقة وتبوأت دور القيادة بدلاً من مصر وركزت على الأردن.
أما قمة عمان الاقتصادية فأدت إلى انهيار التنسيق العربي وهرولة بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي. وتنافست قطر ومصر على عقد القمة الاقتصادية في القاهرة مما دفع شمعون بيرس إلى القول: "من كان يتوقع أن تتنافس الدول العربية فيما بينها على استضافة مثل هذا المؤتمر(231).
ويتطلب البديل العربي في مواجهة النظام الشرق أوسطي التركيز على البعد السياسي والاجتماعي العربي وتأكيد الحقائق التالية:
* إن العرب أمة واحدة ذات حضارة ولغة وقيم وتقاليد مشتركة وتعيش في منطقة واحدة من المحيط إلى الخليج جزأها الاستعمار لخدمة مصالحه ومصالح اليهودية العالمية. وإن التنمية العربية الشاملة ترفع مستوى حياة أبناء الوطن العربي بأسره وتخدم رسالة الأمة العربية للإنسانية.
وإن التنمية العربية لكي تحقق الاستقلال بشقيه السياسي والاقتصادي والأمن القومي العربي وتطوير مستوى حياة أبناء الأمة تستلزم التوجه العربي نحو التكامل العربي والوحدة العربية
رافق عملية التسوية التي بدأت في مدريد مظاهر خلل أساسية ليست في صالح الدول العربية وإنما صبت في صالح العدو الإسرائيلي ومنها:
أولاً: الخلل في ميزان القوى العربي والإقليمي والعالمي لصالح العدو الإسرائيلي وانحياز الراعي الأميركي في عملية التسوية لإسرائيل وتصميم إسرائيل على فرض شروطها على الأطراف العربية.
ثانياً: عدم وجود مرجعية واضحة محددة متفق عليه حيث تتباين التفسيرات للقرارين 242 و 338 وعدم رغبة الولايات المتحدة بممارسة الضغط على إسرائيل لحملها على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
ثالثاً: استمرار عملية التسوية منذ عام 1991 بدون تحديد مدة زمنية محددة، حيث تعلن إسرائيل عزمها على التفاوض مدة طويلة جداً لمراهنتها على عامل الزمن في خلق حقائق يهودية على أرض الواقع في الأراضي العربية المحتلة.
رابعاً: تنصل إسرائيل من المواعيد التي تم الاتفاق عليها في المفاوضات وتضمنتها الاتفاقات المبرمة واعتبارها أن المواعيد غير مقدسة وعدم الالتزام بها والتفاوض من جديد على الاتفاقات التي تم التوصل إليها.
فالأطراف العربية أمام عملية تفاوضية ليس لها مرجعيتها المحددة والمتفق عليها، وليس لها مدة زمنية، وإنما هي عملية طويلة الأجل تفرض فيها إسرائيل شروطها عن طريق راعي عملية المفاوضات المنحاز لها، وتعمل على استغلال الزمن لتفتيت ماتبقى من النظام العربي وتغيير التحالفات العربية لمصلحتها وإجبار الجهات الرسمية العربية على الهرولة إلى تطبيع العلاقات معها.
إن اليهود لا يفكرون إلاّ في أرباحهم الفاحشة على حساب مصالح الشعوب الأخرى، فاستغلوا دافعي الضرائب في الولايات المتحدة وألمانيا، وصادروا أرض فلسطين العربية، ونزعوا عنها طابعها العربي واستغلوا شعبها وثرواتها، ودمروا المنجزات العربية، في فلسطين وسورية ولبنان والأردن ومصر. ويسعون حالياً لاستغلال الأسواق والأموال والثروات والمواد الخام والأيدي العاملة العربية.
وإن اليهودية العالمية تسعى لاتخاذ إسرائيل قاعدة لامبراطورية يهودية عالمية تسيطر على البلدان العربية بموقعها الاستراتيجي الهام وثرواتها الطائلة، ولذلك يجب الوقوف والتصدي لاختراق إسرائيل للمجتمعات العربية تحت أوهام وأكاذيب الازدهار والسلام. فالمطلوب:
تأسيس لجان لمناهضة التطبيع والاستسلام في كل المحافظات في كل بلد عربي.
* عقد سلسلة من المؤتمرات لشرح أبعاد المخطط الصهيوني.
* تضم الحركة كافة القيادات السياسية والفكرية والثقافية، والأحزاب والمستقلين.
* بدأ التطبيع مع الحكومات رسمياً وانتقل إلى رجال الأعمال والمثقفين ورجل الشارع، وذلك لمحاصرة المستقبل العربي والتغلغل في كافة نواحي حياتنا السياسية والثقافية والاقتصادية. وجوب توحيد جميع الجهود للدفاع عن هويتنا، هوية أمتنا ومصالحها التاريخية في سيادتها على أرضها ومواردها واستقلال قرارها السياسي.
* دعوة الأمة باستخدام حقها الشرعي في استخدام كافة وسائل المواجهة.
* السعي لإحكام الحصار الشعبي على الكيان الصهيوني، بما في ذلك المقاطعة الشعبية الشاملة للبضائع والأفراد والمشروعات الصهيونية.
* مواجهة النظام الشرق أوسطي وعمليات التطبيع وإبداع الأدوات والأساليب الكفيلة بتحقيق الهدف.
* يهدف المشروع الصهيوني، إلى السيطرة على عقل الأمة وروحها ومقدراتها الاقتصادية ومقدساتها الدينية ومحو هويتها لتحقيق إسرائيل العظمى.
* وجوب إحكام الحصار الشعبي على الكيان الصهيوني ومقاومة كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
* السماح بوجود الصهاينة على أرض الأردن جريمة لا تغتفر.
* إن البعد الشعبي هو السلاح الرئيسي في معركة مقاومة الضغوط الأميركية.
* إن الذي يفرط في قضية القضايا: فلسطين لا أمان له ولا صدق ولا إخلاص فيما يطرحه من آراء أو أفكار في أية قضية أخرى.
* إن الذي يدافع عن أرضه ووطنه وعقيدته لا يجوز إطلاقاً القبول بوصفه بالإرهابي فحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي هم مجاهدون، هم طلائع الأمة في مواجهة الأطماع الصهيونية.
* إعادة الاعتبار للمقاطعة العربية والتمسك بميثاق الشرف للمثقفين العرب.
* عدم التلاقي بين المشروع العربي والاستعمار اليهودي الاستيطاني.
* التصدي للأصوات والأوساط المتصهينة في الضفة والقطاع وبقية البلدان العربية.
* رفض الهزيمة والاستسلام والهيمنة والمزاعم والأساطير والخرافات والأكاذيب والأطماع الصهيونية وتهيئة الأجواء للأجيال القادمة لاستمرار الصراع.
* تقدير الشهادة و الشهداء والعمليات الاستشهادية وذكرى سليمان خاطر وسناء محيدلي ولولا عبود وأبطال العمليات الاستشهادية في فلسطين العربية. المقاومة أفضل من اليأس والاستسلام.
* اكتسح التطبيع معظم الدول العربية مقدمة لتذويب الهوية العربية في الشرق أوسطية.
* وجوب تثبيت اعتبار الصراع صراع وجود وتثبيت العداء والكراهية ورفض الصلح والاعتراف والتعايش مع العدو تغذية إرادة المواجهة والمقاومة. واعتبار أن الصراع صراع ديني وقومي ووطني.
* التركيز على البعد العربي لقضية فلسطين والتفاعل بين المنظور القومي والإسلامي بشأن فلسطين.
* علينا أن نقول للمواطن العربي كن على حذر، هذا هو العدو بشخصه أو بمؤسسته أو بأصدقائه وعملائه أو بمنتجاته وبنفوذه وجمع المعلومات عن العدو وأماكن اختراقه وأساليبه هو الواجب الأول والأساسي.
آليات تحالف كوبنهاجن
حدثت تطورات خطيرة في المنطقة خلال بلورة إعلان كوبنهاجن لم تثن جماعة كوبنهاجن من العرب عن الولوج في شباك العدو الإسرائيلي منها:
أولاً: حرب عناقيد الغضب العدوانية على لبنان ومجزرة قانا التي ارتكبها المعتدي بيرس.
ثانياً: نجاح نتنياهو في الانتخابات وتولي الليكود المتطرف للحكم وتخليه حتى عن الاتفاقات التي أملتها الحكومة الإسرائيلية على قيادة عرفات وأبرمتها معها، وتخليه عن ماتم الاتفاق عليه عن طريق المفاوضات المباشرة بين الحكومة الإسرائيلية السابقة وسورية.
ثالثاً: تسعير حمى الاستيطان اليهودي في القدس والخليل وشق الطرق الإلتفافية وتصعيد عنصرية المجتمع الإسرائيلي. وأدت المواقف والممارسات الإسرائيلية الرسمية والشعبية إلى وصول التسوية إلى حافة الانهيار.
وانطلاقاً من هذه الحقائق على الأقل كان من المفروض على جماعة كوبنهاجن التوقف عندها وقطع الحوار مع الصهاينة والعمل على رصّ صفوف المثقفين العرب للتصدي للأطماع اليهودية المعادية للوطن والمواطن والأمة والدين.
تطالب جماعة كوبنهاجن بوقف أعمال العنف أي وقف المقاومة العربية للاحتلال الإسرائيلي. فكيف تساوي هذه الجماعة بين القاتل والضحية؟! بين المجرم والبريء، بين المستعمر والمحتل والمغتصب للأرض والحقوق والشعب المصادرة أرضه وحقوقه وأسباب حياته؟!
لماذا يتناسى لطفي الخولي جرائم إسرائيل التي لم تتجرأ ألمانيا النازية على ارتكابها على مرأى ومسمع العالم ولن ترتكبها لو وجدت اليوم.
إن اليهود يتذكرون باستمرار جرائم النازية ضد اليهود ونجحوا بحمل الأجيال الألمانية الناشئة على تحمل مسؤولية ما ارتكبته النازية.
لماذا لم يتطرق البيان إلى عنصرية وفاشية ووحشية قوات الاحتلال الإسرائيلي؟!
لماذا لم يتطرق البيان إلى شرعية المقاومة اللبنانية للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان؟!
فأين مفاهيم الحق والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان لدى جماعة كوبنهاجن وخاصة العرب منهم؟!
لقد تصهين عرب كوبنهاجن وسقطوا في المستنقع الإسرائيلي المعادي للعروبة والإسلام ومفاهيم الحق والعدالة.
أقرت جماعة كوبنهاجن عدة آليات لتنفيذ ماورد في الإعلان وتوسيع دائرته بدعم مالي وسياسي وإعلامي مباشر من اليهودية العالمية والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
واتفقوا على أن يكون للتحالف مجلس أمناء يضم مجموعة من الشخصيات الدولية من أميركا وأوروبا وافريقيا. وشكلوا لجنة توجيه وإشراف تتكون من ممثلين من العرب والإسرائيليين بممثل واحد عن كل بلد بالإضافة إلى عميل الموساد هربرت بونديك عن الدانمارك وممثل من الولايات المتحدة وآخر عن أوروبا، وتركوا اللجنة مفتوحة أمام المثقفين السوريين واللبنانيين.
وانبثقت أيضاً سكرتارية دولية "اتفق على أن تمارس مهماتها مؤقتاً في كوبنهاجن لمدة ستة اشهر قابلة للتجديد لفترة أخرى، حتى يتم الاتفاق على اختيار موقع دائم لها في منطقة الشرق الأوسط.(227).
وتعهدت وزارة الخارجية الدانماركية بتحمل ميزانية السكرتارية ونشاطها طوال وجودها في العاصمة الدانماركية، وسيجدون التمويل فيما بعد من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات والهيئات والشخصيات المعنية بالتطبيع الثقافي.
وقررت لجنة التوجيه والإشراف في أول اجتماع لها في شباط 1997 تكوين أربع لجان عمل دولية للمراقبة التحقيق والاتصالات والتقارير وعقد الندوات والمحاضرات والاجتماعات الجماهيرية في المنطقة وأوروبا.
وتقرر أن تختص الجنة الأولى بمتابعة المفاوضات بين الحكومات ومراقبتها، وتختص اللجنة الثانية بالعنف والثالثة بالاستيطان والرابعة بالتعاون الإقليمي.
وتدرس جماعة كوبنهاجن بدعم وتأييد كاملين من القوى الخفية التي أوجدتها استكمال اطر ومؤسسات التحالف الدولي، لأنه بحسب قول لطفي الخولي:" يشكل ظاهرة لا سابقة لها في تاريخ ومسار الصراع، ويدخل إلى ساحته قوة حركية جديدة من الشعوب وقواها الفاعلة من المثقفين."(228).
"نحن إذاً أمام أساليب جديدة تتميز بالهجومية، وبالتخطيط طويل المدى والدعم المادي والمعنوية اللامحدود وبالعمل على تصدير الانقسامات وتخليق وبلورة ومشاعر جديدة وتوسيع الثغرات في جدار المقاومة والرفض والتمسك بالحقوق العربية."(229)
اقتصرت الاستراتيجية العربية في الدفاع عن الوطن وتحصينه من عمليات الاختراق الصهيوني على دعامتين:
الأولى: تعبئة النقابات والاتحادات المهنية والمنظمات الشعبية.
والثانية: عقد مؤتمرات وندوات ومحاضرات قطرية وقومية نظمها وينظمها ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي والأحزاب والقوى المناهضة للصهيونية والتطبيع والاستسلام ولجان الدفاع عن الثقافة القومية.
وإزاء تحالف كوبنهاجن وعقد القمم الاقتصادية والأمنية نجد أن هذه الأساليب في التصدي للتطبيع والاستسلام لم تعد كافية رغم أنها أدت دوراً هاماً وبارزاً في التصدي للتطبيع وفرملة الهرولة، لم تعد كافية أمام المخططات والمساعي الأميركية والأردنية وبعض الجهات الفلسطينية والعربية لذلك فالأمة العربية والإسلامية بحاجة ماسة لاستراتيجية هجومية لمواجهة دعاة التطبيع الثقافي والاقتصادي والتصدي لهم بحزم وعزلهم عن مجتمعاتهم، بحاجة إلى حركة قومية جماهيرية على مستوى الوطن العربي.
إن الهرولة في تطبيع العلاقات ستقود إلى زيادة أطماع إسرائيل وطاقاتها العدوانية والتوسعية والاستيطانية وإلى خلق جماعات من رجال الأعمال وبعض الانتهازيين من المثقفين تتفق أرباحهم ومصالحهم وعلاقاتهم في التعامل والتعاون مع إسرائيل بغض النظر عن موقفها من الحقوق والأرض والثروات العربية وعلى حساب السلام العادل والشامل.
إن المصلحة الوطنية والقومية تتطلب وقف اندفاع هذه الأوساط نحو العدو الإسرائيلي، لاسيما وأن اليهودية العالمية التي تسيطر على الرئيس الأميركي والكونغرس ووزارة الخارجية تسعى لأحكام سيطرتها على العالم لفترة طويلة جداً من الزمن.
إن المثقفين العرب مطالبون اليوم أكثر من أي فترة مضت بالتعلم من تجارب الماضي في تعزيز مقاومة الصهيونية والامبريالية والعنصرية والاحتلال الإسرائيلي والتطبيع وتطوير آليات جديدة لزيادة فعاليتها.
يجب أن نؤكد على منطلقاتنا الوطنية والقومية في وجه حملات التشكيك التي تقودها اليهودية العالمية والولايات المتحدة وبعض الحكام العرب.
يجب أن نؤكد على معتقداتنا التي تنطلق من أن عداءنا للصهيونية عداء استراتيجي ثابت ومستمر.ونحن نعاديها لأنها الامتداد الاستراتيجي للامبريالية في الوطن العربي، ومن أخطر أنواع الكولونيالية، نعاديها لأنها اغتصبت أرضنا العربية ولأنها ايديولوجية وحركة عنصرية كولونيالية توسعية، استيطانية تمارس العنصرية والإرهاب كسياسة رسمية.
نعاديها لأنها تهدد وجودنا القومي وتسلب الأمة العربية إمكانيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على إخضاعنا لهيمنتها والهيمنة الأميركية.
فالمعركة مع إسرائيل والولايات المتحدة تدور على عدة جبهات، جبهات سياسية وعسكرية واقتصادية والجبهة الثقافية.
إن ثقافتنا القومية تستنهض من الماضي وخبراته والقيم الشعبية وتبدع وتطور وتضيف من أجل التحرر والوحدة والتكامل الاقتصادي وتحقيق الازدهار الاجتماعي.
أما ثقافة التطبيع، فهي ثقافة التبعية والاستسلام للعدو اليهودي وتعمل على التجزئة والتخلف والتبعية السياسية والاقتصادية وتغذي الفتن الطائفية وتبدد الثروات العربية وتسلبها.
إن ثقافة التطبيع، ثقافة التبعية ترسخ حالة التبعية السياسية والاقتصادية بينما تقوم الثقافة الوطنية بأثراء حركة التحرر الوطني العربي.
إن الثقافة العربية المقاومة لا تخضع لإرادة الصهيوني المنتصر، لا تخضع لإرادة القوة المسيطرة بالاحتلال والقهر والعدوان والإذلال وتتخاذل أمامه بل تتصدى له وتخوض معه معارك على جميع الجبهات لوقف الغزو اليهودي وردعه وتحرير المنطقة منه لأنه يهدد المصير القومي باستعمار استيطاني يهودي وعنصري وأخطر أنواع الاستعمار والاستيطان الذي عرفته البشرية ويهدد الوطن العربي بالهيمنة والتبعية.
وإن ثقافة المقاومة تتجلى في رفض المثقف الفلسطيني أولاً والعربي ثانياً للكيان الصهيوني رفضاً غير قابل للمساومة.
إن الصراع العربي الإسرائيلي لا يمكن أبداً حله من خلال هنبكات عرفاتية وكعكات اقتصادية وإنما فقط من خلال انسحاب القوات الإسرائيلية المعتدية وإعادة الحقوق العربية المغتصبة وتدمير المستوطنات والتوقف عن الهجرة اليهودية وترحيل العرب.
فالصراع لا يمكن حله إلاّ من خلال الانسحاب الشامل وعودة اللاجئين وحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وتجريد إسرائيل من السلاح النووي والتقليدي.
ويأتي بعد ذلك العامل الاقتصادي أي بعد تسوية جوهر الصراع ويجب التوقف أولاً عن قبول التسويق الأميركي للتعاون الاقتصادي بحجة "إغراء إسرائيل" على التوجه إلى السلام الإسرائيلي، فهذه الذريعة أكذوبة من أكاذيب إسرائيل سوّقتها الولايات المتحدة الأميركية بوعود كاذبة وأساليب ملتوية ومخادعة.
إن الدول العربية مطالبة باستخدام آليات الجامعة العربية لوقف التطبيع وإحياء المقاطعة وتشديدها وتفعيل التنسيق فيما بينها وتجاوز خلافاتها وتوحيد جهودها ودعم الموقف السوري واللبناني والمقاومة الفلسطينية واللبنانية وزيادة تسلحها وتقوية جيوشها للاستعداد للمواجهة القادمة في المستقبل.
إن المشروع الصهيوني لإقامة الشرق الأوسط الجديد يعطي إسرائيل الدور القيادي في المنطقة والمهيمن على الاقتصادات العربية ويصفي فكرة الوحدة العربية والوحدة الاقتصادية. ولكن المشروع العربي هو البديل الوطني والقومي والشرعي والوحيد لمواجهة المشروع الصهيوني ولتحقيق تنمية عربية متكاملة ولحماية الأمن القومي العربي وتحسين حياة المواطنين العرب، لذلك لا يجوز على الإطلاق القبول بما يفرضه الأعداء الصهاينة علينا، فالمطلوب رفض النظام الإقليمي الجديد ورفض السوق الشرق أوسطية ورفض التطبيع الثقافي والاقتصادي والتصدي لمروجيه.
فالتناقض الأساسي بين المشروع الصهيوني- الامبريالي والمشروع العربي يفرض على القوى الوطنية والقومية والدينية العمل لتحقيق المشروع العربي وقتل المشروع الشرق أوسطي في المهد قبل الإقلاع.
فالمشروع الصهيوني يقود إلى التبعية وإلى هيمنة إسرائيل والولايات المتحدة على الدول العربية وينطلق نظام الشرق الأوسط الجديد من نظرة يهودية استعلائية عنصرية تنظر للعرب نظرة كراهية واحتقار وكبقرة حلوب وتحويلهم إلى خدم وأجراء وقوة عمل رخيصة وسوق استهلاكية فقط للمنتجات الإسرائيلية والغربية.
إن الشرق أوسطية لا تخدم إعادة الاعمار وإزالة الدمار الذي خلفته إسرائيل في فلسطين وسورية ولبنان والأردن ومصر وتتحمل الدول العربية نفسها ودول النفط العربية مسؤولية إعادة الإعمار، ولكن السوق الشرق أوسطية تعمل على تسريع نمو الأسواق أمام الدول الصناعية وعلى رأسها إسرائيل ويزيد النظام الإقليمي الجديد من قدرة إسرائيل على حل أزماتها الاقتصادية وجذب الاستثمارات العالمية والشركات المتعددة الجنسيات إليها.
أما القول بأن الشرق أوسطية سوف تجلب التقدم والازدهار وترفع من مستوى شعوب المنطقة فإنها على الأرجح تخدم إسرائيل بالدرجة الأولى وتخدم هيمنتها على الاقتصادات العربية في ظل الامتيازات والحماية التي تحصل عليها من النظام الإقليمي الجديد، وتؤدي إلى تزويد الاقتصاد الإسرائيلي بعناصر قوة جديدة تمكنه من استيعاب المزيد من المهاجرين وإقامة المزيد من المستوطنات، وتصبح مركزاً قائداً ومهيمناً داخل النظام الجديد.
وستتحول إسرائيل إلى رأس جسر وقاعدة للشركات المتعددة الجنسية وستزيد من تبعية المنطقة العربية لها.
إن ممارسات إسرائيل مع منطقة الحكم الذاتي في الضفة والقطاع تعطي مؤشراً على هيمنة إسرائيل وسلوكها الاستعلائي تجاه العرب واستخدامها القوة والتطبيع والكذب والخداع والولايات المتحدة الأميركية وضعف وهزالة واستسلام المفاوض الفلسطيني لفرض سلام غير متكافئ على العرب يعطي الأولوية لأمن ومصالح إسرائيل الاقتصادية على حساب البلدان العربية.
إن نظام الشرق الأوسط الجديد الذي تتمتع إسرائيل فيه بالتفوق العسكري التقليدي والنووي وبالسيطرة الاقتصادية والإعلامية وعلاقات التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة تجعل العرب في وضع التبعية والخضوع لها وللتفرقة بين الدول العربية واستخدام العرب ضد العرب لحراسة وحماية وترسيخ وتعزيز المصالح الإسرائيلية والأميركية.
ويتطلب نجاح التنمية الاقتصادية العربية والتكامل الاقتصادي قيام المستثمرين العرب بدور فعال في التنمية الاقتصادية وإزالة كافة العقبات أمام الاستثمار العربي في البلدان العربية.
أجبرت الولايات المتحدة الدول العربية على عقد القمم الاقتصادية بحضور وفود رسمية والقطاع الخاص ورجال الأعمال العرب لتحقيق التطبيع الشعبي بعد أن فرضت على العديد من الدول العربية الموافقة على التطبيع الرسمي.
وأدى ذلك إلى خلافات وانقسامات حادة بين المفكرين والسياسيين العرب بين رافض للقمم الاقتصادية وموافق عليها ويبرر الفريق الرافض موقفه بمايلي:
1- إن الدخول في اجتماعات ومؤتمرات اقتصادية "شرق أوسطية" يعني السماح لإسرائيل بالهيمنة على الأسواق العربية.
2- إن تقدم الاقتصاد الإسرائيلي والتكنولوجيا الإسرائيلية وروابط تل أبيب برأس المال العالمي يعني إخضاع الاقتصادات العربية لأساليب استعمارية.
3- إن التعاون الاقتصادي سيكون أداة لتسلل وتجسس إسرائيل على المجتمعات العربية.
4- إن التعاون الاقتصادي سيعطي إسرائيل قدرات اقتصادية إضافية تسمح باستيعاب المزيد من اليهود (المهاجرين) ومن ثم تجري عمليات تهويد ماتبقى من الأراضي العربية المحتلة.
5- إن القبول بالتعاون الاقتصادي مع إسرائيل يُعطي مشروعية للوجود الإسرائيلي ويقلل من إرادة المقاومة لدى العرب.
6- إن إسرائيل ستخلق من خلال التطبيع جماعات مصالح موالية لها داخل العالم (الوطن) العربي.
7- إن المشروع الشرق أوسطي يهدف بالأساس إلى تجاوز المشروع العربي وطمس هوية المنطقة ونزع خصوصيتها العربية(230).
وتحاول إسرائيل باللعب بين الأطراف العربية الحصول على أكبر التنازلات والامتيازات، ونجحت في القمة الاقتصادية في الدار البيضاء في جعل إسرائيل مركز التعاون الاقتصادي في المنطقة وتبوأت دور القيادة بدلاً من مصر وركزت على الأردن.
أما قمة عمان الاقتصادية فأدت إلى انهيار التنسيق العربي وهرولة بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي. وتنافست قطر ومصر على عقد القمة الاقتصادية في القاهرة مما دفع شمعون بيرس إلى القول: "من كان يتوقع أن تتنافس الدول العربية فيما بينها على استضافة مثل هذا المؤتمر(231).
ويتطلب البديل العربي في مواجهة النظام الشرق أوسطي التركيز على البعد السياسي والاجتماعي العربي وتأكيد الحقائق التالية:
* إن العرب أمة واحدة ذات حضارة ولغة وقيم وتقاليد مشتركة وتعيش في منطقة واحدة من المحيط إلى الخليج جزأها الاستعمار لخدمة مصالحه ومصالح اليهودية العالمية. وإن التنمية العربية الشاملة ترفع مستوى حياة أبناء الوطن العربي بأسره وتخدم رسالة الأمة العربية للإنسانية.
وإن التنمية العربية لكي تحقق الاستقلال بشقيه السياسي والاقتصادي والأمن القومي العربي وتطوير مستوى حياة أبناء الأمة تستلزم التوجه العربي نحو التكامل العربي والوحدة العربية
رافق عملية التسوية التي بدأت في مدريد مظاهر خلل أساسية ليست في صالح الدول العربية وإنما صبت في صالح العدو الإسرائيلي ومنها:
أولاً: الخلل في ميزان القوى العربي والإقليمي والعالمي لصالح العدو الإسرائيلي وانحياز الراعي الأميركي في عملية التسوية لإسرائيل وتصميم إسرائيل على فرض شروطها على الأطراف العربية.
ثانياً: عدم وجود مرجعية واضحة محددة متفق عليه حيث تتباين التفسيرات للقرارين 242 و 338 وعدم رغبة الولايات المتحدة بممارسة الضغط على إسرائيل لحملها على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
ثالثاً: استمرار عملية التسوية منذ عام 1991 بدون تحديد مدة زمنية محددة، حيث تعلن إسرائيل عزمها على التفاوض مدة طويلة جداً لمراهنتها على عامل الزمن في خلق حقائق يهودية على أرض الواقع في الأراضي العربية المحتلة.
رابعاً: تنصل إسرائيل من المواعيد التي تم الاتفاق عليها في المفاوضات وتضمنتها الاتفاقات المبرمة واعتبارها أن المواعيد غير مقدسة وعدم الالتزام بها والتفاوض من جديد على الاتفاقات التي تم التوصل إليها.
فالأطراف العربية أمام عملية تفاوضية ليس لها مرجعيتها المحددة والمتفق عليها، وليس لها مدة زمنية، وإنما هي عملية طويلة الأجل تفرض فيها إسرائيل شروطها عن طريق راعي عملية المفاوضات المنحاز لها، وتعمل على استغلال الزمن لتفتيت ماتبقى من النظام العربي وتغيير التحالفات العربية لمصلحتها وإجبار الجهات الرسمية العربية على الهرولة إلى تطبيع العلاقات معها.
إن اليهود لا يفكرون إلاّ في أرباحهم الفاحشة على حساب مصالح الشعوب الأخرى، فاستغلوا دافعي الضرائب في الولايات المتحدة وألمانيا، وصادروا أرض فلسطين العربية، ونزعوا عنها طابعها العربي واستغلوا شعبها وثرواتها، ودمروا المنجزات العربية، في فلسطين وسورية ولبنان والأردن ومصر. ويسعون حالياً لاستغلال الأسواق والأموال والثروات والمواد الخام والأيدي العاملة العربية.
وإن اليهودية العالمية تسعى لاتخاذ إسرائيل قاعدة لامبراطورية يهودية عالمية تسيطر على البلدان العربية بموقعها الاستراتيجي الهام وثرواتها الطائلة، ولذلك يجب الوقوف والتصدي لاختراق إسرائيل للمجتمعات العربية تحت أوهام وأكاذيب الازدهار والسلام. فالمطلوب:
تأسيس لجان لمناهضة التطبيع والاستسلام في كل المحافظات في كل بلد عربي.
* عقد سلسلة من المؤتمرات لشرح أبعاد المخطط الصهيوني.
* تضم الحركة كافة القيادات السياسية والفكرية والثقافية، والأحزاب والمستقلين.
* بدأ التطبيع مع الحكومات رسمياً وانتقل إلى رجال الأعمال والمثقفين ورجل الشارع، وذلك لمحاصرة المستقبل العربي والتغلغل في كافة نواحي حياتنا السياسية والثقافية والاقتصادية. وجوب توحيد جميع الجهود للدفاع عن هويتنا، هوية أمتنا ومصالحها التاريخية في سيادتها على أرضها ومواردها واستقلال قرارها السياسي.
* دعوة الأمة باستخدام حقها الشرعي في استخدام كافة وسائل المواجهة.
* السعي لإحكام الحصار الشعبي على الكيان الصهيوني، بما في ذلك المقاطعة الشعبية الشاملة للبضائع والأفراد والمشروعات الصهيونية.
* مواجهة النظام الشرق أوسطي وعمليات التطبيع وإبداع الأدوات والأساليب الكفيلة بتحقيق الهدف.
* يهدف المشروع الصهيوني، إلى السيطرة على عقل الأمة وروحها ومقدراتها الاقتصادية ومقدساتها الدينية ومحو هويتها لتحقيق إسرائيل العظمى.
* وجوب إحكام الحصار الشعبي على الكيان الصهيوني ومقاومة كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
* السماح بوجود الصهاينة على أرض الأردن جريمة لا تغتفر.
* إن البعد الشعبي هو السلاح الرئيسي في معركة مقاومة الضغوط الأميركية.
* إن الذي يفرط في قضية القضايا: فلسطين لا أمان له ولا صدق ولا إخلاص فيما يطرحه من آراء أو أفكار في أية قضية أخرى.
* إن الذي يدافع عن أرضه ووطنه وعقيدته لا يجوز إطلاقاً القبول بوصفه بالإرهابي فحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي هم مجاهدون، هم طلائع الأمة في مواجهة الأطماع الصهيونية.
* إعادة الاعتبار للمقاطعة العربية والتمسك بميثاق الشرف للمثقفين العرب.
* عدم التلاقي بين المشروع العربي والاستعمار اليهودي الاستيطاني.
* التصدي للأصوات والأوساط المتصهينة في الضفة والقطاع وبقية البلدان العربية.
* رفض الهزيمة والاستسلام والهيمنة والمزاعم والأساطير والخرافات والأكاذيب والأطماع الصهيونية وتهيئة الأجواء للأجيال القادمة لاستمرار الصراع.
* تقدير الشهادة و الشهداء والعمليات الاستشهادية وذكرى سليمان خاطر وسناء محيدلي ولولا عبود وأبطال العمليات الاستشهادية في فلسطين العربية. المقاومة أفضل من اليأس والاستسلام.
* اكتسح التطبيع معظم الدول العربية مقدمة لتذويب الهوية العربية في الشرق أوسطية.
* وجوب تثبيت اعتبار الصراع صراع وجود وتثبيت العداء والكراهية ورفض الصلح والاعتراف والتعايش مع العدو تغذية إرادة المواجهة والمقاومة. واعتبار أن الصراع صراع ديني وقومي ووطني.
* التركيز على البعد العربي لقضية فلسطين والتفاعل بين المنظور القومي والإسلامي بشأن فلسطين.
* علينا أن نقول للمواطن العربي كن على حذر، هذا هو العدو بشخصه أو بمؤسسته أو بأصدقائه وعملائه أو بمنتجاته وبنفوذه وجمع المعلومات عن العدو وأماكن اختراقه وأساليبه هو الواجب الأول والأساسي.
تعليق