إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حوار حول " الكاريكاتير " - مع الفنان : نبيل صبح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حوار حول " الكاريكاتير " - مع الفنان : نبيل صبح

    حوار حول " الكاريكاتير "


    نبيل صبح


    (( الكاريكاتير


    اختزال حَدسي


    كما هو في الشكل


    اختزالٌ عبر الخَط ))


    قيل للفنان نبيل صبح ذات مرّة: صدر لك ثلاثة كتب " شعر ـ قصة ـ كاريكاتير " فما صفتك وأين أنت من هذه الانتماءات؟. فكان جوابه: لستُ أيّاً منهم تماماً.


    وقد أكّد أكثر على رفضه صفة / شاعر / لما لحقَ بها من ابتذال. ولستُ أرى عدم تصنيفه لنفسه تقليلاً من شأنه بقدر ما هو رغبة منه بالإحاطة والشمول، ومع ذلك كان حضوره في / الإعلان/ الثقافي قليلاً .. بإرادته، لنفوره من أن يكون جزءً من أوساط لا يراها بالنزاهة التي يقتضيها الأدب والفن .. وهو يشير إلى ذلك كمشكلة حضارية .. وكان سؤالنا الأول هو:


    ــ بأي شكل تتداخل تجربتك في أنماط التعبير الثلاثة / قصة ـ نثر ـ كاريكاتير /؟.


    + يُوَحِّد التنوّعات الصادرة عن ذات ما، طبيعة هذه الذات (بشمول الوعي).أنا أرسم تشكيلاً عدا الكاريكاتير .. قبل أن أكتب .. وما زلت أُميّز بين العمل الفني كَمُنجَز يدوي بحيث تجعل اليد ترى، وبين العمل الفني كَمُنجَز تقني يعتمد على الخبرة في استخدام الكمبيوتر والآلة وتحوير مواصفات المواد الأخرى / لبناء لوحة مثلاً /. هذا لا أعتبره فناً نزيهاً بل فناً / حِرَفيّاً / لا إبداعيّاً، قد أكون خرجت هنا عن حدود السؤال لكن مُقتضى التداعي أجاز ذلك، وأعود للسؤال بحدوده فأقول أنك سترى في نص نثري لوحة أو نصاً كاريكاتيرياً .. والأنماط الثلاثة تتكامل عندي للتعبير عن رؤية شمولية يستطيع المتلقي تجريدها حسب ذكائه. (انظر كمثال نصّي : الدودة ومثلث برمودا).


    ــ أترى في / خط / الكاريكاتير غير ما يراه الآخرون؟.


    + أنا أعرف ما أرى لكني لا أعرف تماماً ما يراه الآخرون لأحدّد التمايز. ربما من الأجدى أن أقول: كيف أرى فن الكاريكاتير: إنه يتجاوز / وسيلة / الرسم كلغة تعبير وحيدة إلى شمول عدّة وسائل، فقد طَبعتُ كتاباً عنوانه / ضد الابتذال / يضم رسوماً ونصوصاً .. وكلها في إطار الرؤية الكاريكاتيرية .. النصوص هي تكوينات صوَريّة في النهاية، هنا يمكن أن نتحدَّث عن الرسم كونه المقصود بالسؤال: فن الكاريكاتير يرتبط بطبيعة فنيّة خاصة أهم سماتها الذكاء الفطري والقدرة على الرؤية من زاوية مختلفة. ثانياً: من الناحية التقنية الكاريكاتير / كرسم / يعتمد الاختزال وتحويل المساحة بتفاصيل العناصر ــ والتي توحي بالبُعد الثالث ــ من منظور قائم بذاته إلى فراغٍ يوحي بتفاصيله الخَطُّ المجرَّد / أي أن يقوم الخط بمهمّة المساحة / من هنا تأتي صعوبة فن الكاريكاتير لذا أرى أن الكاريكاتير المُلوَّن الممتلئ المساحة هو حشوٌ وأقرب لرسوم الأطفال. السمة التقنية الثانية للكاريكاتير هي في إبراز صفة محدودة تتمَحوَر حولها بقية المواصفات.


    ـ هل كُرِّسَ الكاريكاتير كفن سياسي ـ اجتماعي، خلافاً للفنون الأخرى؟.


    + وإن كان الأكثر استخداماً بين الفنون في هذا المجال فإني أرى المشكلة في الوجه الآخر .. وهو التقصير في تغطيته للجوانب النفسية والفردية والفلسفية رغم أنّه كالفلسفة، يضع يده على جوهر العلاقات ويعتمد النمط التحليلي. فنان الكاريكاتير مُفترَضٌ أن يكون له فلسفته الشخصية.


    ــ كيف ترى دور الكاريكاتير مستقبلاً؟.


    + أن تُرافق اللوحة النص. هذا مثل لوحة إيضاحية .. وهو مهم في الصحافة الدورية المواكِبة للحدث لكنها ذات طابع آني عارض معظم الأحيان .. وهناك اللوحة المستقلة التي تطرح طبيعة رؤية يمكن أن نستنبط منها فلسفة رؤية .. هذه لها ديمومتها.عموماً أرى في الكاريكاتير مفتاحاً بصرياً للحوار.


    ــ لكننا نلاحظ هامشية الكاريكاتير عندنا وخاصة في الصحافة ؟


    + هناك تهميش للإبداع، لا تمارسه المؤسسات بقدر ما تفسح المجال للتفاهة والضحالة لإلغاء الإبداع الفردي عبر هَيمَنَة / الموجة / السائدة.


    ــ اقترن فن الكاريكاتير في أذهان الناس بالمفارقة المضحكة. إلى أية درجة يَصدق هذا التصَوُّر .. فيما تبتعد رسومك عن المفارقة كونها سمة مميّزة للكاريكاتير.


    + مفهوم / المُفارَقَة المضحكة / لا يستغرق مفهوم / المُفارَقَة /، هناك خَلْط ومُماثلة بين النكتة والكاريكاتير. النكتة لها وجه كاريكاتيري. فإن كانت النكتة ذكية كانت كاريكاتيراً بامتياز لأنها تُبرِز مُفارَقَة تعكسها أطراف العلاقة في المُنجَز الفنّي، فماذا تعني المُفارَقة؟ .. إنها أولاً خروج عن المنطق المألوف في الوعي .. ولها وُجوه لا مُتناهية بقدر تَنَوّع واحتمالات التناقض في الحركة الإنسانية بكافة سَويّاتها وتجلّياتها .. وهي ليست محدودة لنضع تعريفاً لها بين قوسين .. هذا يفتح الباب لتحليل بنيوي فلسفي قد يستغرق كتاباً في علم النفس الضمني والسلوكي والجَمعي. وهناك سَويَّات للوحة الكاريكاتير فيما تطرحه / بغض النظر عن التقنيّة / فمنها ما يتعامل مع تناقضات شكلانيّة ظاهرية وهي أقرب للتلاعب وليست ذات قيمة ومنها ما يُشير إلى إشكاليات جوهرية، هنا يُساعد الكاريكاتير على إنتاج الوعي فهو اختزال حَدسي مثلما هو في الشكل اختزال عبر الخط المُتَضمِّن بحركته للتفاصيل المُفْتَرَضة.


    ــ كثير من الفنانين يعمدون إلى التعليق اللغوي المرافق للوحة. هل أنت مع هذا الخَيار، خاصة وأننا نلاحظ وجود عناوين على جزء كبير من أعمالك.


    + للإيضاح أولاً: هناك كاريكاتير كالذي نشاهده في مجلات / مثل روز اليوسف وصباح الخير/ وهو / مع جانب الاقتباس فيه/ مصري بامتياز. الشخصيات فيه تتحاور.. إنه مشهد تمثيلي ويأتي على هامش المواضيع المطروحة. وهذا يختلف عن التعليق على اللوحة بـ /عنوان/ هنا ليس سليماً حصر الكاريكاتير بنمط واحد فهناك كاريكاتير دون كلام وآخر بعنوان. أنا مثلاً لدي لوحات من الصنفين ... طبيعة الطرح هو الذي يحدِّد الرسم /بعنوان أو دونه/ فإن كان العنوان مُضافاً إلى الرسم فهذا يعني أنَّ اللوحة غير مكتفية بذاتها / هنا، أنا مع مقولة أن اللوحة المكتفية بخطوطها هي الأقوى/ لكن حين تكون العبارة ـ العنوان موجودة مسبقاً ثم تُطرح في تصوّر جديد يُبْرز ابتذال تلك العبارة أو يوظّفها توظيفاً مغايراً .. فهنا يظهر ارتباط عضوي بين العنوان والرسم، إذ تتشكّل الفكرة بينهما. للإيضاح انظر لوحتي / طبيعة صامتة / و / أنصاف الحلول / هنا: دون العنوان يُمسي الرسم دون غايته وبالتالي دون مبرر.


    ــ أين تجد نفسك في فن الكاريكاتير؟.


    + نحن مقصّرون في تطوير أنفسنا .. إمّا بمحدودية الموهبة / والتي تُمَثِّل بوجه منها مستوىً مُتَدنّياً للتطور التراكمي الذي يَتَّسم به التطور الحضاري/ أو بسبب الضغوط المادية للحياة والتي تجعلنا أكثر يأساً وإهمالاً .. وما نتأخَّر في تطويره في سن مبكرة يصعب تطويره فيما بعد لأننا نُغْلَق على استعدادات نمطية منتهية بعد النَضج ثم يبدأ التراجع، والثمرة في غير موسمها نضجها غير كافٍ وغير سَوي ..عموماً : مجتمعاتنا راوحتْ ثقافياً في نهضتها ثم ارتَكَسَتْ مع الانحطاط السياسي، و ساعد التخلّف الاجتماعي في ذلك ..وكرَّسَه أكثر /بالدرجة الثانية/ الأثر الخارجي. أما عن فن الكاريكاتير، فأرى / تقنياً / أننا بحاجة للتمكّن من الرسم الكلاسيكي للجسد والوجه وبشكل أدق لحركة الجسد والوجه / كونهما العنصران الأساس في هذا الفن / وهذه ضرورة عامّة للفنان التشكيلي ليمتلك القدرة على / إعادة التشكيل / وفي الكاريكاتير / إعادة التشكيل عبر الاختزال / تماماً كما الأديب الذي لن يبدع في إعادة إنتاج اللغة وتجديد الكلمة عبر ارتباطات صورية ومعنوية جديدة إن لم يتمكّن من الأبعاد الموضوعية للغة / متضمنة مدلولات الكلمة / .. هنا يدخل البعد التاريخي والحيوي للمعنى. وكما يحتاج الكاتب لفقه اللغة يحتاج رسام الكاريكاتير لفقه التشريح الظاهري الحركي للجسد / بما فيه الوجه / وفي جانب آخر وليست هناك مواصفات نمطية واحدة لتكوين الخط في الكاريكاتير فقد تتداخل سمات فنيّة لتُنتج خصوصية للفنان. أنا مثلاً أميل للتجريد والاختزال كما في الكتابة .. أَنفُر من الإسهاب وأميل للتكثيف .. لا داعي لكثرة الضجيج وهذا يوحي ببساطة الرسم.


    ــ كلمة أخيرة ...


    + إنَّ حواراً هامشياً في فيلم، أو سطراً أقرأه قد يدفعني للتفكير بأمور كثيرة الأمر يتجاوز /ميكانيكية/ السبب والنتيجة .. وأرى في الكاريكاتير دعوة لإعادة التفكير باستمرار.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ


    حوار حول " الكاريكاتير " - مع الفنان : نبيل صبح
يعمل...
X