إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الضحك على الذقون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الضحك على الذقون

    جدير بالقراءة بارك الله في علم الشيخ وفي عمره

    الضحك على الذقون



    مقال رائع للشيخ الدكتورعائض القرني



    كثرة عدد السكان مع الجودة فضيلة عند الأمم لكن الخطأ أن يكثر العدد بلا نفع ولا إنتاج، والإسلام يحث على طلب الذرية الطيبة الصالحة ، ولكن إذا تحولت كثرة النسل إلى عبء اجتماعي صار هذا خطأ في التقدير، ونحن في الشرق أكثر الأمم نمواً سكانياً مع ضعف في التربية والتعليم، فقد تجد عند الواحد عشرين ابناً لكنه أهمل تأديبهم وتعليمهم فصار سهرهم في دبكة شعبية مع لعب البلوت وأكل الفصفص بلا إنتاج ولا عمل، بل صاروا حملاً ثقيلاً على الصرف الصحي والطرق والمطارات والمستشفيات، بينما الخواجة ينجب طفلين فيعتني بهما فيخرج أحدهما طبيباً والآخر يهبط بمركبته على المريخ ، وأنا ضد جلد الذات لكن ما دام أن الخطأ يتكرر والعلاج يستعصي فالبيان واجب.
    لا زال بعض العرب يرفع عقيرته عبر الشاشات ويقول:أنا ابن جلا وطلاع الثنايا، ثم تجده في عالم الشرع لا يحفظ آية الكرسي، وفي عالم الدنيا لم يسمع بابن خلدون وابن رشد، وتجد الغربي ساكتاً قابعاً في مصنعه أو معمله يبحث وينتج ويخترع ويبدع ، أرجو من شبابنا أن يقرأوا قصة أستاذ ثوره اليابان الصناعية«تاكيو اوساهيرا»وهي موجودة في كتاب«كيف أصبحوا عظماء؟»كيف كان طالباً صغيراً ذهب للدراسة في ألمانيا، فكان ينسل إلى ورشة قريبة فيخدم فيها خمس عشرة ساعة على وجبة واحدة، فلما اكتشف كيف يدار المحرك وأخبر الأمة اليابانية بذلك استقبله عند عودته إلى المطار إمبراطور اليابان، فلما أدار المحرك وسمع الإمبراطور هدير المحرك قال:هذه أحسن موسيقى سمعتها في حياتي!
    وطالب عربي في المتوسطة سأله الأستاذ:الكتاب لسيبويه مَنْ ألَّفه؟قال الطالب:الله ورسوله أعلم، والتمدد في الأجسام على حساب العقول مأساة ، والافتخار بالآباء مع العجز منقصة، لن يعترف بنا أحد حتى نعمل وننتج، فالمجد مغالبة والسوق مناهبة ، وإن النجاح قطرات من الآهات والزفرات والعرق والجهد ، والفشل زخّات من الإحباط والنوم والتسويف،كن ناجحاً ثم لا تبالي بمن نقد أو جرّح أو تهكم، إذا رأيت الناس يرمونك بأقواس النقد فاعلم أنك وصلت إلى بلاط المجد، وأن مدفعية الشرف تطلق لك واحدا وعشرين طلقة احتفاء بقدومك.
    لقد هجر الكثير منّا الكتاب وأصبح يعيش الأمية فلا يحفظ آيةً ولا حديثاً ولا بيتاً ولم يقرأ كتاباً ولم يطالع قصة ولا رواية، ولكنه علّق في مجلس بيته شجرة الأنساب؛ ليثبت لنا أنه من أسرة آل مفلس من قبيلة الجهلة، والوحي ينادي :«إن أكرمكم عند الله أتقاكم» ، والتاريخ يخبرك أن بلال مولى حبشي، وهو مؤذن الإسلام الأول، وأن جوهر الصقلي فاتح مصر وباني الأزهر أمازيغي أمهُ تبيع الجرجير في مدينة سبته ، ولكن النفس الوثّابة العظيمة لا تعتمد على عظام الموتى , لأن العصامي يشرّف قبيلته وأمته وشعبه ولا ينتظر أن يشرفه الناس، لقد كان نابليون شاباً فقيراً لكنه جدّ واجتهد حتى أخذ التاج من لويس الرابع عشر، وفتح المشرق وصار في التاريخ أسطورة، وهو القائل:«الحرب تحتاج إلى ثلاثة: المال ثم المال ثم المال، والمجد يحتاج إلى ثلاثة: العمل ثم العمل ثم العمل».
    لقد أرضينا غرورنا بمدح أنفسنا حتى سكِرَ القلب بخمر المديح على مذهب جرير:أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا؟وقد ركب الآخر بساط الريح وإف 16 والكونكورد. ولو اجتمعنا ما انتجنا سيارة«فولكس فاغن»فضلاً عن«كراسيدا». ورحم الله امرُؤًا عرف تقصيره فأصلح من نفسه ولابد أن تقنع المريض بمرضه حتى يستطيع أن يعالج نفسه على أني اعترف بأن عندنا عباقرة ونوابغ يحتاجون لمراكز بحوث ومؤسسات لرعايتهم ومعامل ومصانع لاستقبال نتاجهم.
    لقد تركت اليابان الحرب وتابت إلى الله من القتال وتوجهت للعمل والإنتاج ، فصارت آيةً للسائلين وكدّس العراق قبل الغزو السلاح واشتغل بحروبٍ مع الجيران، فانتهى قادته إلى المشنقة ، وجُوِّع الشعب ثم قُتِل وسُحِق. سوف نفتخر إذا نظر الواحد منّا إلى سيارته وثلاجته وتلفازه وجواله فوجدها صناعةً محلية.وأرجو أن نقتصد في الأمسيات الشعرية فإن عشرة دواوين من الشعر لا تنتج صاعاً من شعير
    وعلينا أن نعيد ترميم أنفسنا بالإيمان والعمل وتهذيب عقولنا بالعلم والتفكر، وهذا جوهر رسالتنا الربانية الخالدة وطريق ذلك المسجد والمكتبة والمصنع ، والخطوة الأولى مكتبة منـزلية على مذهب الخليفة الناصر الأندلسي يوم ألزم الناس بإنشاء مكتبة في كل منـزل وقراءة يومية مركزة، وهذا خير من مجالس الغيبة والقيل والقال وقتل الزمان بالهذيان !
    «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»

  • #2
    رد: الضحك على الذقون

    الأخت مبيسر حرب

    إن الناظر للوطن العربي الممتدّ من المشرق إلى المغرب و المتأمل في عدد

    السكان الذين يقطنونه يلاحظ أننا في حاجة إلى مزيد من الولادات مقارنة بدول

    أخرى كالصين التي نجد عدد سكانها قرابة ربع سكان العالم . و مع أن عدد سكان

    الوطن العربي قليل جدا و بالرغم من أن ثروات الوطن العربي لا تتوفر في كثير

    من البلدان الأروبية الغنية إلا أننا نعيش التخلف و الفقر . و السبب هو ما ذكره

    صاحب المقال من أننا لسنا أمة منتجة بل مستهلكة . و السؤال الذي نطرحه هو

    لماذا نعيش الفقر و التخلف و الجهل و الأمية بالرغم من أننا نمتلك الإمكانيات

    التي تجعلنا في مصاف الدول المتقدمة و المتحضرة ؟ . هل الإشكال يكمن فينا

    و في تربيتنا و نشأتنا و تعليمنا ؟ أم أن المشكلة الأساسية سببها فساد الأنظمة

    السياسية التي عجزت عن توفير المناخ الملائم و التوجه السياسي الذي من شأنه

    أن يشجع الإبداع و الإختراع و البحث العلمي ؟
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #3
      رد: الضحك على الذقون

      لماذا تخلف العرب عن ركب الحضارة المعاصرة المتوثبة؟
      كان هذا هو السؤال الاهم الذي شغل المفكرين العرب منذ اصطدام طلائعهم الاولي بالحضاره الغربية المتفوقة. وحدثت هذه الصدمة اولا مع دخول نابليون الي مصر بعتاده وعلمائه ومدافعه فصدم المصريون الذين كانوا يدافعون بالسيوف والخيول صدمة حضارية هائلة اكتشفوا معها مدي تخلفهم عما وصلت الية الحضارة الغربية، ثم تأكدت الصدمة بعد ذلك عندما بدأت طلائع الدارسين والمفكرين المصريين والعرب تزور اوروبا وخاصة لندن وباريس لتكتشف اسلوبا مختلفا تماما في الحياة وفي التفكير وفي التدبير، ووجدوا حضارة باهرة تتجلي في مدن عامرة زاهرة تتميز بالتخطيط العمراني الرشيد وبالجمال والذوق والنظام والنظافة.. مما لم تعرفه اكبر المدن العربية وقتها وهي القاهرة.

      كما اكتشفوا في الانسان الاوروبي نمطا انسانيا مغايرا لما عرفوة فيمن حولهم.. فهو انسان جاد يعمل بحزم ونشاط وامانة واتقان. كما انه انسان هاد، متعقل لا ينفعل وينفجر لاتفه الاسباب ولا يتقلب في طباعة من النقيض للنقيض ولا يبالغ حتي ان الصفة التي اطلقها المصريون علي الانكليز هي صفة: البرود حين وجدوهم يواجهون الامور بشكل عام بهدوء وعقلانية وليس بانفعال وعاطفية مثل الانسان في الشرق

      ولم تخف علي هذه الطلائع العربية التي ذهبت الي باريس ولندن للزيارة او للدراسة ان لهذه الحضارة الغربية المختلفة التي صدموا بها جوانبها المتكاملة في منظومه حضارية شاملة تتضمن مختلف الفنون والعلوم من عمارة وهندسة وصناعة وطب إلي علوم عسكرية وادارية وانسانية الي الفنون بانواعها من موسيقي ورقص ورسم ونحت الي مسرح وادب وشعر وقصة. يصاحب هذا كله سرعة لاهثة نحو التغيير واكتشاف الجديد والتقدم والابتكار والاختراع، فكل ما حولهم من مظاهر حضارية واليات تقنية ومدارس فكرية وفنية ونظريات علمية هي منتجات الحاضر وليس الماضي التليد.. عمرها كله لا يتجاوز القرن الواحد منذ بزوغ الثورة الصناعية وسيطرة افكار عصر النهضة ومبادئ التنوير التي حررت العقلية الاوروبية من الاغلال الفكرية التي كانت تكبله بها هواجس التزمت الديني والرؤية الدينية المتشددة المنغلقة للحياة.. فاذا بالعقل الاوروبي المتحرر ينطلق كطفل فرح، مندهش ليكتشف اسرار الكون سرا بعد سر وليبدع في كل مجال وكل مكان وقد خفت في وجدانه صوت المتاجرين بالدين المتوعدين بجهنم وبئس المصير.

      كان طبيعيا ان يتساءل هؤلاء الزوار العرب الاولون عن اسباب تفوق الاوروبيين وتخلف العرب. وكان طبيعيا ان يبدأ البحث عن الاجابة في اكثر جوانب الاختلاف وضوحا. وكان من السهل ملاحظة ان الأوروبيين يختلفون عن المصريين والعرب في الدين واللغة والشكل الجسدي.

      كانت اللغة هي اسهل هذه العوامل في تفنيدها واستبعادها اذ ان اوروبا نفسها لا تتكلم لغة واحدة اذ هناك الانكليزية في لندن والفرنسية في باريس والالمانية في برلين وهذه كلها مراكز حضارية بارزة اذن ليست اللغة هي مفتاح الحضارة الاوروبية وبالتالي ليست اللغة العربية هي سبب التخلف العربي.

      اختلاف الدين كان عاملا اكثر صعوبة علي التفنيد والاستبعاد اذ ان اوروبا برمتها كانت تدين بالمسيحية سواء في مذهبها الكاثوليكي في فرنسا او البروتستانتي في انكلترا والمانيا بينما كان المصريون والعرب بشكل عام يدينون بالاسلام. ولكن اختلاف الدين لم يصمد طويلا كسبب اساسي لتخلف العرب لان العرب قرأوا لباحثين ومؤرخين اوروبيين يعترفون بالتفوق السابق للحضارة الاسلامية حينما كانت اوروبا تعاني الاندحار والتخلف بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ورقاد اوروبا كلها في ظلمات العصور الوسطي بينما كان الشرق العربي من بغداد الي الاندلس يتوهج بالعلوم والفنون والمدنية الزاهرة. وراينا عالما مسلما مثل ابن خلدون يؤسس علم الاجتماع ومفكرا مثل ابن رشد يضع العقل فوق النقل وفوق النص ورأينا الاندلس العربي يحتضن الاقليات اليهودية والميسحية في تفتح وتسامح لم تعرفه اوروبا بعد ذلك بسنوات طويلة حين راحت تنصب محاكم التفتيش لكل من يختلف عن الفكرالسائد المتزمت.

      اما اختلاف الجنس اوالعرق الذي يظهر واضحا في الشكل الاوروبي ذي العيون الزرقاء والخضراء والبشرة البيضاء والشعر الاشقر والذي قد تؤيده بعض الدراسات الانثرويولليجية فهو الآخر لم يصمد طويلا كسبب للتخلف العربي اذ يمكن حتي للانسان العربي الجاهل سواء في صعيد مصر او في العراق او لبنان ان ينظر حوله ليري آثار حضارات قديمة صنعها اجداده في فجر التاريخ. هذا اذن انسان عرف كيف يصنع الحضارة ذات زمن سحيق بينما كان قرينه في اوروبا يعيش في عصور ما قبل التاريخ او ما قبل الحضارة. فاذا صنع المصري تلك الحضارة المصرية الشاهقة في فجر الانسانية فلماذا يتخلف عن الحضارة الانسانية اليوم؟

      اختلاف الجنس والدين واللغة اذن لا تشكل منفردة او مجتمعة سببا مقنعا لتخلف العرب عن ركب الحضارة العالمية المعاصرة. ما سبب هذا التخلف اذن؟

      ومما يزيد في حيرة الكثيرين من المثقفين العرب المهمومين بهذا التساؤل الوجودي المصيري الهام هو انهم ينظرون حولهم الي بقية شعوب الارض فيجدون ان معظم هذه الشعوب بما فيها تلك التي تشترك معهم في الكثير من الظروف التاريخية وتلك التي كانت زميلة لهم في وضعهم كدول نامية منذ حوالي ثلث قرن فقط قد قطعت شوطا طويلا علي طريق التقدم الحضاري واصبحت تتفوق عليهم بشكل ملحوظ.. ومن هذه الدول الهند والصين واليابان وبعض دول امريكا اللاتينية ودول اوروبية لا تكاد تملك اية ثروات طبيعية مثل سويسرا وايرلندا.

      واصبح من الموجع حقا للمثقف العربي المخلص لأمتة ان يلاحظ بشيء من التعميم ان العالم كله يتقدم ما عدا العرب. بل ان الادهي من ذلك ان بلدا رائدا للمنطقة العربية كلها مثل مصر ليس فقط يتخلف عن الركب الحضاري العالمي بل يتخلف مقارنة بماضية الحديث نفسه اذ يمكن القول بلا مبالغة ان مصر في القرن العشرين وحتي نهاية الستينيات منه هي افضل من مصر اليوم حضاريا وثقافيا وعلي جميع الاصعدة.

      اما الذي يبعث علي الضحك المؤلم الذي هو نوع من البكاء فهو ان هنالك جماعه في مصر والعالم العربي اليوم لا تشارك اغلبية المثقفين العرب والعالم اجمع الاعتراف بتخلف العرب الحالي، بل تقول ان المجتمعات العربية تعيش حالة من الصحوة يسمونها الصحوة الاسلامية . وهذه الجماعه هي جماعة ما يطلق عليه اسم الاسلام السياسي ومنهم اعضاء في الاخوان المسلمون وحركات اخري اكثر تشددا فهؤلاء جميعا ينظرون الي مصر - الرائدة التاريخية للنهضة العربية فيجدون انهم قد نجحوا في تحجيب نسائها المسلمات عن بكرة ابيهم بما في ذلك زوجات العديد من المثقفين المصريين الذين لا يعتقدون ان الحجاب فرض، حتي هؤلاء لم تستطع نساؤهم مقاومة الضغوط الرهيبة التي نجح الاسلاميون في فرضها علي الوجدان الشعبي دون مقاومة فكرية ثقافية من احد.

      ينظر الاسلاميون الي هذا المجتمع الذي لم يكن يعرف الحجاب حتي مطلع السبعينيات من القرن العشرين فيرونه قد صار مجتمعا محجبا وبعضه منقبا ويرون مظاهر التدين الخارجية في كل مكان فيعتبرون ان هذه صحوة اسلامية، فالمتشدد في الدين سواء كان مسلما او مسيحيا او يهوديا ينظر الي العالم حوله بنظرة دينية احادية طاردة لكل منظور اخر وبالتالي لا يستطيع فسيولوجيا ان يري من العالم حوله سوي مظاهر التدين وحدها، ويعمي عن رؤية اي مظاهر اخري لانها ليست في مدي اهتمامة البصري الخاضع لاهتمامه الوجداني الفكري المنحصر في الدين وشعائره ومظاهره.

      وبهذا لا يستطيع المتشدد دينيا ان يري ما حوله من المظاهر الواضحة للفساد الشديد والتخلف العلمي والحضاري المصاحب لمظاهر الصحوة الدينية.. لان فرحه الجنوني بمظاهر التدين الخارجية تمنحه نشوة وجودية كالتي يبعثها حفل الزار في مريديه من الراقصين.. فيكاد من فرط نشوته التي اغرقتها عاطفته الدينية الفياضة ان يذهل عن الوجود والواقع الذي حوله ويدخل في حالة من الشبق الديني المخدر اللذيذ فيروح يهلل ويسبح بحمد الله الذي اغدق عليه كل هذه النعم الواضحة من مظاهر الهداية والتقوي والورع حتي ولو كانت محاطة بكل مظاهر التردي الحضاري في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والفنية التي تصاحب بالضرورة حالات التشدد الديني في كل مجتمع يصاب بهذه الحالات مهما اختلف اسم الدين السائد في ذلك المجتمع.

      وقد حدث هذا في اوروبا من قبل حين كان الباباوات في روما ومن تحتهم من كاردينالات وقساوسة لهم سطوة هائلة علي البشر راحوا بموجبها يبيعون لهم فيها مفاتيح السماء علي هيئة صكوك غفران تغفر لهم خطاياهم وتعدهم بالخلاص وحياة النعيم بعد الموت. ولا شك ان المتشددين في تدينهم المسيحي في ذلك الوقت كانوا يرون في هذا صحوة دينية عظيمة حتي ثار علي هذا كله في النهاية رجل دين مستنير من داخل الكنيسة هو مارتن لوثر الذي دفعه سخطه علي هذا التسلط الخانق لرجال الكنيسة الي الغاء نظام الكهنوت من اساسة والغاء كافة منظومة الشعائر والمظاهر الخارجية التي كانت تدخل الناس في دوامة لا تنتهي من الصلوات والشعائر والعبادات والممارسات التي لا تفيد المجتمع ككل اية فائدة.. اذ هذه كلها جهود ضائعة في هباء بلا منتوج ولا مردود يضيف فعالية للحياة او يبعد عنها الامراض او يسخر لها الطبيعة او يطيل من عمر الانسان او يبني له العمران كما يفعل ذلك كله العلم والعمل الجاد الذي انخرط فية الانسان الاوروبي بعد ذلك منذ عصر النهضة والتنوير والي اليوم.

      هذا الفكر المدهش الذي يري في التردي الحضاري الشامل للمجتمعات العربية صحوة اسلامية هو احد المفاتيح الاساسية للبوابة التي يمكننا من خلالها الدخول الي المخدع المحرم او قدس الاقداس الذي ينام فيه نومة اهل الكهف سر اسرار التخلف الحضاري للانسان العربي المعاصر. هذه النظرة الدينية الاحادية بالغة الضيق لا بد ان تكون هي دليلنا الاول الذي نسترشد به في متاهتنا هذه نحو فهم واكتشاف اسباب التخلف العربي الحالي بشكل لا تعاني منه امة اخري علي وجه الارض ربما باستثناء بعض القبائل الافريقية في بعض الادغال النائية من القارة الهائلة.

      وهنا نصل الي نقطة اختلاف اخري بين العرب والغرب لم نلاحظها من قبل حين رحنا نلاحظ اختلاف الجنس والعرق واللغة والدين. وهذه النقطة هي الاختلاف الزمني بين عمر الديانة المسيحية علي الارض وعمر الدين الاسلامي. فقد ظهر الاسلام في شبه الجزيرة العربية بعد حوالي ستمائة عام من ظهور المسيحية في فلسطين. هذه الستة قرون هي فترة زمنية لا يستهان بها في تاريخ الشعوب وتطور الحضارات فنحن نعرف ان النهضة الاوروبية الحديثة عمرها حوالي ثلاثة قرون والولايات المتحدة نفسها كدوله عمرها مائتان وثلاثون عاما فقط ويمكن القول ان الشعوب المسيحية قد استغرقت حوالي ستة عشر قرنا حتي تصل في النهاية الي معادله معقولة بين الاحتياج الانساني للايمان الديني وبين احتياجه المماثل للحرية الفكرية والوجدانية التي توفرها درجة من البعد المناسب عن الرؤي الدينية المتشددة المتزمتة.

      لقد مرت المجتمعات المسيحية بقرون طويلة من الصراع الدامي بين الفئات التي تصعد في كل جماعة للتسلط علي الاخرين رافعة رايات دينية عالية التوهج وبين فئات المفكرين والفنانين المنحازة الي الحرية الانسانية والي العقل وابداعاتة في العلم والفن والفكر. راحت الفئتان تتصارعان علي مدي اجيال عديدة للاستحواذ علي عقل ووجدان الغالبية من البشر.. فئة المتسلطين باسم الدين تستخدم الترهيب والترغيب معا. ترهيب البشر بتلك الصورة بالغة الرهبة والبطش.. صورة جهنم الي ابد الابدين التي يصعب علي الانسان المسكين حتي تصور مداه. وترغيبهم بصورة الجنة والنعيم الي ابد الابدين.

      وحين يمكنك ان تمزج الصورتين معا فتقدم للانسان البسيط اعظم صور العقاب والعذاب اذا عارضك ولو بفكرة او همسة.. وفي نفس الوقت تقدم له اعظم صور الثواب والنعيم اذا هو خضع لك واستسلم استسلاما فكريا وحياتيا كاملا تكون قد نجحت في استلاب والاستيلاء علي الغالبية العظمي من البشر المساكين. ولا يفلت من يديك سوي اعتي الرجال الذين يملكون عقولا هائلة ووجدانا بالغ الجسارة لا تروعه هذه الصور عظيمة الترهيب والترغيب. بينما لم تكن فئة المفكرين والفلاسفة تملك سوي قوة المنطق وحده محاولة ان تقنع به بشرا يغط معظمهم في ظلام الجهل المطبق.

      هذا هو تاريخ الصراع المرير الذي دام ستة عشر قرنا كانت فيها السطوة للمدعين النطق باسم الله المالكين مفاتيح السماء. ومع اختراع المطبعة وانتشار الكتب ومعها الثقافة والعلم والفكر راحت تتراجع سطوة المتسلطين باسم الدين وتتقدم طلائع التنوير علي الارض الاوروبية بمختلف لغاتها وجنسياتها. وكان عصر النهضة وعلي رأسه المفكر الفذ فولتير هو بمثابة الانتصار النهائي للعقل الحديث اذ توصلت علي اثرة المجتمعات الاوروبية الي المعادلة الذهبية التي تحفظ للانسان حاجته للايمان المتزن الوسطي المسترشد بالعقل. واصبح رجل الدين المسيحي انسان خدمة روحية حقيقية وليس انسان تسلط وادانة وطغيان ومحاكمة كما كان في عصر الظلمات.

      هذا الفارق الكبير في العمر الزمني بين ظهور المسيحية وظهور الاسلام يعني ان المجتمعات الاسلامية لم تصل بعد الي مرحلة حسم الصراع بين المتسلطين باسم الدين وبين فرسان التحرر الديني والفكري والفني، ففي خلال خمسة قرون من حكم الخلافة العثمانية كان الصوت والسوط الديني هو السائد ولذلك لم تكن هنالك حضارة او علوم او فنون او حياة انسانية كريمة متفتحة بأي معني من معاني الكلمة. وما ان سقطت الخلافة العثمانية حتي بدأت حركة النهضه في مصر علي يد محمد عبده والطهطاوي وقاسم امين وغيرهم واستمرت هذه النهضة مع ثورتي سعد زغلول ثم جمال عبد الناصر حتي بلغت اوجها في الستينات من القرن العشرين ليعود الصوت والسوط الديني للصعود مرة اخري للسيطرة علي الشارع في مصر والعالم العربي منذ بداية السبعينات والي اليوم.

      التوصل الي المعادلة الذهبية بين الدين والحرية وسحب البساط من تحت المتسلطين باسم الدين علي عقول ووجدان العباد مرة واحدة ونهائية لتحرير الانسان العربي هي مرحلة لم تصل اليها المجتمعات العربية بعد. وقد تحتاج الي قرن او قرنين من الصراع المرير بين قوي التسلط وقوي التحرر. اذ قد يحتاج الامر نفس الفترة الزمنية التي احتاجتها المجتمعات المسيحية للتوصل الي تحرير انسانها من التسلط الديني.. وربمــــا يكون لنا في تسارع التقدم الحضاري المطرد امل في ان تختصر المجتمعات العربية هذه الفترة الي اقل من مثيلتها الاوروبية.

      تعليق


      • #4
        رد: الضحك على الذقون

        اقتباس:
        المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميسر حرب
        جدير بالقراءة بارك الله في علم الشيخ وفي عمره

        الضحك على الذقون


        مقال رائع للشيخ الدكتورعائض القرني



        كثرة عدد السكان مع الجودة فضيلة عند الأمم لكن الخطأ أن يكثر العدد بلا نفع ولا إنتاج، والإسلام يحث على طلب الذرية الطيبة الصالحة ، ولكن إذا تحولت كثرة النسل إلى عبء اجتماعي صار هذا خطأ في التقدير، ونحن في الشرق أكثر الأمم نمواً سكانياً مع ضعف في التربية والتعليم، فقد تجد عند الواحد عشرين ابناً لكنه أهمل تأديبهم وتعليمهم فصار سهرهم في دبكة شعبية مع لعب البلوت وأكل الفصفص بلا إنتاج ولا عمل، بل صاروا حملاً ثقيلاً على الصرف الصحي والطرق والمطارات والمستشفيات، بينما الخواجة ينجب طفلين فيعتني بهما فيخرج أحدهما طبيباً والآخر يهبط بمركبته على المريخ ، وأنا ضد جلد الذات لكن ما دام أن الخطأ يتكرر والعلاج يستعصي فالبيان واجب.
        لا زال بعض العرب يرفع عقيرته عبر الشاشات ويقول:أنا ابن جلا وطلاع الثنايا، ثم تجده في عالم الشرع لا يحفظ آية الكرسي، وفي عالم الدنيا لم يسمع بابن خلدون وابن رشد، وتجد الغربي ساكتاً قابعاً في مصنعه أو معمله يبحث وينتج ويخترع ويبدع ، أرجو من شبابنا أن يقرأوا قصة أستاذ ثوره اليابان الصناعية«تاكيو اوساهيرا»وهي موجودة في كتاب«كيف أصبحوا عظماء؟»كيف كان طالباً صغيراً ذهب للدراسة في ألمانيا، فكان ينسل إلى ورشة قريبة فيخدم فيها خمس عشرة ساعة على وجبة واحدة، فلما اكتشف كيف يدار المحرك وأخبر الأمة اليابانية بذلك استقبله عند عودته إلى المطار إمبراطور اليابان، فلما أدار المحرك وسمع الإمبراطور هدير المحرك قال:هذه أحسن موسيقى سمعتها في حياتي!
        وطالب عربي في المتوسطة سأله الأستاذ:الكتاب لسيبويه مَنْ ألَّفه؟قال الطالب:الله ورسوله أعلم، والتمدد في الأجسام على حساب العقول مأساة ، والافتخار بالآباء مع العجز منقصة، لن يعترف بنا أحد حتى نعمل وننتج، فالمجد مغالبة والسوق مناهبة ، وإن النجاح قطرات من الآهات والزفرات والعرق والجهد ، والفشل زخّات من الإحباط والنوم والتسويف،كن ناجحاً ثم لا تبالي بمن نقد أو جرّح أو تهكم، إذا رأيت الناس يرمونك بأقواس النقد فاعلم أنك وصلت إلى بلاط المجد، وأن مدفعية الشرف تطلق لك واحدا وعشرين طلقة احتفاء بقدومك.
        لقد هجر الكثير منّا الكتاب وأصبح يعيش الأمية فلا يحفظ آيةً ولا حديثاً ولا بيتاً ولم يقرأ كتاباً ولم يطالع قصة ولا رواية، ولكنه علّق في مجلس بيته شجرة الأنساب؛ ليثبت لنا أنه من أسرة آل مفلس من قبيلة الجهلة، والوحي ينادي :«إن أكرمكم عند الله أتقاكم» ، والتاريخ يخبرك أن بلال مولى حبشي، وهو مؤذن الإسلام الأول، وأن جوهر الصقلي فاتح مصر وباني الأزهر أمازيغي أمهُ تبيع الجرجير في مدينة سبته ، ولكن النفس الوثّابة العظيمة لا تعتمد على عظام الموتى , لأن العصامي يشرّف قبيلته وأمته وشعبه ولا ينتظر أن يشرفه الناس، لقد كان نابليون شاباً فقيراً لكنه جدّ واجتهد حتى أخذ التاج من لويس الرابع عشر، وفتح المشرق وصار في التاريخ أسطورة، وهو القائل:«الحرب تحتاج إلى ثلاثة: المال ثم المال ثم المال، والمجد يحتاج إلى ثلاثة: العمل ثم العمل ثم العمل».
        لقد أرضينا غرورنا بمدح أنفسنا حتى سكِرَ القلب بخمر المديح على مذهب جرير:أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا؟وقد ركب الآخر بساط الريح وإف 16 والكونكورد. ولو اجتمعنا ما انتجنا سيارة«فولكس فاغن»فضلاً عن«كراسيدا». ورحم الله امرُؤًا عرف تقصيره فأصلح من نفسه ولابد أن تقنع المريض بمرضه حتى يستطيع أن يعالج نفسه على أني اعترف بأن عندنا عباقرة ونوابغ يحتاجون لمراكز بحوث ومؤسسات لرعايتهم ومعامل ومصانع لاستقبال نتاجهم.
        لقد تركت اليابان الحرب وتابت إلى الله من القتال وتوجهت للعمل والإنتاج ، فصارت آيةً للسائلين وكدّس العراق قبل الغزو السلاح واشتغل بحروبٍ مع الجيران، فانتهى قادته إلى المشنقة ، وجُوِّع الشعب ثم قُتِل وسُحِق. سوف نفتخر إذا نظر الواحد منّا إلى سيارته وثلاجته وتلفازه وجواله فوجدها صناعةً محلية.وأرجو أن نقتصد في الأمسيات الشعرية فإن عشرة دواوين من الشعر لا تنتج صاعاً من شعير
        وعلينا أن نعيد ترميم أنفسنا بالإيمان والعمل وتهذيب عقولنا بالعلم والتفكر، وهذا جوهر رسالتنا الربانية الخالدة وطريق ذلك المسجد والمكتبة والمصنع ، والخطوة الأولى مكتبة منـزلية على مذهب الخليفة الناصر الأندلسي يوم ألزم الناس بإنشاء مكتبة في كل منـزل وقراءة يومية مركزة، وهذا خير من مجالس الغيبة والقيل والقال وقتل الزمان بالهذيان !

        «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»




        بداية ألف تحية
        لأستاذنا الفاضل / د. عائض القرني

        الداعية الذي يتوازن به الأمر فيطرح كل شيء وعالم اليوم ومستدحدثات التربية في عالم سبقنا بالآف الأميال نحو جيل يعي مايريد .

        الشيخ الفاضل قدم هنا بهذا العرض النموذج الحي على من يتهم الإسلام بالقصور والعجز وأن علمائه تحجروا ضمن بوتقة التخلف والظلام .

        اليوم القوى البشرية وتنميتها اهم عوامل النجاح المجتمعي وأن التفاخر بالنسب والأصل والفصل والتكاثر من اجل العددية فهذا هو الغثاء الذي يرفضه الإسلام الذي يحث على المؤمن القوي الذي يمتلك كل القوة الفكرية والعقائدية والنصية المؤهلة للعلوم المتقدمة الهادفة لإسعاد البشرية .

        الإسلام يهتم بكثرة النوع لا بكثرة الجنس من البشر... يهتم بعوامل التربية " أطلبوا العلم ولو في الصين " تشديد وتحريص على العلم والتقدم والنمو البشري

        بارك الله في شيخنا الجليل

        وبارك الله في ميسر المتميزة

        تعليق


        • #5
          رد: الضحك على الذقون

          اقتباس:
          المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهادي الزغيدي
          الأخت مبيسر حرب


          إن الناظر للوطن العربي الممتدّ من المشرق إلى المغرب و المتأمل في عدد

          السكان الذين يقطنونه يلاحظ أننا في حاجة إلى مزيد من الولادات مقارنة بدول

          أخرى كالصين التي نجد عدد سكانها قرابة ربع سكان العالم . و مع أن عدد سكان

          الوطن العربي قليل جدا و بالرغم من أن ثروات الوطن العربي لا تتوفر في كثير

          من البلدان الأروبية الغنية إلا أننا نعيش التخلف و الفقر . و السبب هو ما ذكره

          صاحب المقال من أننا لسنا أمة منتجة بل مستهلكة . و السؤال الذي نطرحه هو

          لماذا نعيش الفقر و التخلف و الجهل و الأمية بالرغم من أننا نمتلك الإمكانيات

          التي تجعلنا في مصاف الدول المتقدمة و المتحضرة ؟ . هل الإشكال يكمن فينا

          و في تربيتنا و نشأتنا و تعليمنا ؟ أم أن المشكلة الأساسية سببها فساد الأنظمة

          السياسية التي عجزت عن توفير المناخ الملائم و التوجه السياسي الذي من شأنه


          أن يشجع الإبداع و الإختراع و البحث العلمي ؟




          عزيزي الهادي
          ألف تحية

          الرواسب كثيرة وعديدة في تخلفنا منها ذاتي داخلي ومنها خارجي مبرمج من وجهة نظري .

          أما الداخلي : فهي بواعث كثيرة من الحياة الإقتصادية المريرة في عالمنا الشرق اوسطي الذي بدوره شكل دوراً رئيساً على أمتداد هذا التخلف وحلوله على عالمنا ، ثم سوء الأنظمة التعليمية من هزيان الأنظمة السياسية التي أغفلت عن كل وسائل التنمية العامة منها التنمية البشرية والفكرية ، ثم بواعثنا كأفراد الذين مازلنا نعيش والجهل في ذواتنا معتبرين ان العلم لا يجلب لقمة العيش فالآف المتعلمون لاأكل لهم ولا شراب ، ثم بواعث الإعتماد على الغير من اعتمادنا على نجاحاتنا وإبداعاتنا وتفوقنا العلمي التي تأخرنا بها كثيراً ولم نجد لها طريقاً لليوم .

          وبالعودة للمؤثرات الخارجية المستعمرين الجدد تحت مسميات كثيرة دخلت وأستعمرت عقولنا وأبنائنا وحتى حياتنا فأفسدت علينا كل طريق للأفضل والنمو والتقدم .

          ثم عزيزي الجهل لا يتجزأ :
          فإذا كان الجهل في قطاع واحد تبع ذلك كل القطاعات العامة والأنظمة السائدة .
          وهنا لابد من نظام عام مخلص مجتهد مؤهل يملك ارضية الدعم الشعبي والمؤيد لكل تطوير كتأهيل عام لكل المكونات العامة في المجتمع .

          لك تحياتي

          تعليق


          • #6
            رد: الضحك على الذقون

            اقتباس:
            المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميسر حرب

            لماذا تخلف العرب عن ركب الحضارة المعاصرة المتوثبة؟

            اما الذي يبعث علي الضحك المؤلم الذي هو نوع من البكاء فهو ان هنالك جماعه في مصر والعالم العربي اليوم لا تشارك اغلبية المثقفين العرب والعالم اجمع الاعتراف بتخلف العرب الحالي، بل تقول ان المجتمعات العربية تعيش حالة من الصحوة يسمونها الصحوة الاسلامية . وهذه الجماعه هي جماعة ما يطلق عليه اسم الاسلام السياسي ومنهم اعضاء في الاخوان المسلمون وحركات اخري اكثر تشددا فهؤلاء جميعا ينظرون الي مصر - الرائدة التاريخية للنهضة العربية فيجدون انهم قد نجحوا في تحجيب نسائها المسلمات عن بكرة ابيهم بما في ذلك زوجات العديد من المثقفين المصريين الذين لا يعتقدون ان الحجاب فرض، حتي هؤلاء لم تستطع نساؤهم مقاومة الضغوط الرهيبة التي نجح الاسلاميون في فرضها علي الوجدان الشعبي دون مقاومة فكرية ثقافية من احد.

            ينظر الاسلاميون الي هذا المجتمع الذي لم يكن يعرف الحجاب حتي مطلع السبعينيات من القرن العشرين فيرونه قد صار مجتمعا محجبا وبعضه منقبا ويرون مظاهر التدين الخارجية في كل مكان فيعتبرون ان هذه صحوة اسلامية، فالمتشدد في الدين سواء كان مسلما او مسيحيا او يهوديا ينظر الي العالم حوله بنظرة دينية احادية طاردة لكل منظور اخر وبالتالي لا يستطيع فسيولوجيا ان يري من العالم حوله سوي مظاهر التدين وحدها، ويعمي عن رؤية اي مظاهر اخري لانها ليست في مدي اهتمامة البصري الخاضع لاهتمامه الوجداني الفكري المنحصر في الدين وشعائره ومظاهره.

            وبهذا لا يستطيع المتشدد دينيا ان يري ما حوله من المظاهر الواضحة للفساد الشديد والتخلف العلمي والحضاري المصاحب لمظاهر الصحوة الدينية.. لان فرحه الجنوني بمظاهر التدين الخارجية تمنحه نشوة وجودية كالتي يبعثها حفل الزار في مريديه من الراقصين.. فيكاد من فرط نشوته التي اغرقتها عاطفته الدينية الفياضة ان يذهل عن الوجود والواقع الذي حوله ويدخل في حالة من الشبق الديني المخدر اللذيذ فيروح يهلل ويسبح بحمد الله الذي اغدق عليه كل هذه النعم الواضحة من مظاهر الهداية والتقوي والورع حتي ولو كانت محاطة بكل مظاهر التردي الحضاري في المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والفنية التي تصاحب بالضرورة حالات التشدد الديني في كل مجتمع يصاب بهذه الحالات مهما اختلف اسم الدين السائد في ذلك المجتمع.



            الرد في بدايته ربما يحمل بعض مسببات التخلف في العالم العربي والإسلامي من حملة نابليون إلى تباين الحضارة التي بدات تظهر معالمها في وقت من الأوقات إلى تأثر بعض الدراسين العرب والمسلمين في الغرب وتأثرهم بالحضارة الغربية التي زهت في ذلك الوقت عن الحضارات الأخرى .

            لكن لنكن هنا على وضوح :

            أولاً : مفهوم الإسلام هل يقوم على خلع المرأة للحجاب ونزع اللحية من الرجل وهل نستطيع تغيير فروض وسنن الإسلام تحت غطاء نقدنا لما أسموه الإسلام السياسي .

            ثانياً : ماهو الإسلام وماهو الإسلام السياسي ، هل الإسلام كما يراد ان يكون له هو دين حياة وسلوك وتهذيب لا علاقة له بالاسلام والحكم والأحوال الشخصية .
            وهل الإسلام السياسي هي فكرةة مبتدعة ننتقد الإسلام باطناً من خلاله .
            وهل الإسلام هو عبارة عن شقين سياسي وحياتي اجتماعي
            علينا الوقف على المسميات وأصولها حتى لا ندخل في اتون الخلط بين الممفاهيم والأصول ، ونرمي أسباب التخلف على مسميات غامضة هي بعيدة كل البعد عن تلك المسميات والأصول .

            ثالثاً : علينا التمييز بين الجنوح الفكري والعقائدي وبين العقائد أنفسها فلا يجوز لنا ان نختزل عقيدة يدين بها مليارات البشر بمفاهيم البعض القائمة على التشدد نتيجة ظروف علينا الوقوف عليها وتفنيدها
            ودراستها إن كنا سنكون منطقيين بالتعاطي الواقعي لمثل هكذا مشاكل أممية حاضرة وخطرة وصعبة .

            شكراً لك ثانية ميسر

            تعليق

            يعمل...
            X