إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لغة "الحليب" وحليب اللغة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لغة "الحليب" وحليب اللغة

    ما من شك في أن الوضع العربي الراهن بكل تجلياته قد ألقى بظلاله على الإنتاج الثقافي فمال إلى السلبية والقناعة ، واضمحلت بذلك أسئلة الذات والهوية في غياهب الروح الاستسلامية والفتور الذي طال مفاصل الحراك الاجتماعي وأعاق النشاط الإبداعي فنزع إلى الاستهلاك ، والتسليم للوافد والمنتَج الخارجي ، ومن يستطيع الوقوف أمام هذه المضخات الإعلامية الكبرى ، والوسائل الاتصالية التي تغمر الكوكب ، تتلاعب بالعقول وتصنع الآراء والأذواق ؟ من الذي يقف محافظا على هيئته وملامحه وثوبه الثقافي ؟ إنه ذلك الذي يستمد شرايينه من الأرض التي يقف عليها وتتصل همته بالسماء ، ممتلئ الكيان بمعناه وأشواقه وأحلامه ، فيتمسك بحقه في الوجود وأخذ الكلمة وإبداع الرأي ، باعتباره كائنا له مميزاته وفرادته وكونه الذي لايمكن إلغاؤه أو اقتلاعه ، وله أسئلة كثيرة واحتجاجات صاخبة على عالم تختل فيه الموازين وتضطرب فيه القيم والمعايير، ذلك الإنسان العربي المطالَبُ بالتحدي والعنفوان مازال بحاجة ماسة إلى رياح الحرية ودروب الحركة والإنطلاق ، أي أن إبداع الذات لايكون إلا في ظلال الحرية وتنفيذ العشق لايتم إلا في فضاء الانعتاق من القيود والأغلال . في غياب ذلك تنكفئ الكلمات وتنطوي على نفسها وتلجأ إلى الهمس أو المصانعة والنفاق ، أو الإنفعال والحماس ، فتسقط في كل الحالات في فعل مرتبك متوتر، يخاتل الواقع والسائد متوجسا من الرقابات، قلِقا كأن الريح تحته .
    هذا ما ينطبق تقريبا على حالتنا الأدبية الراهنة إذ تقلص فيها حضور الإبداع الحق وتراجعت مكانة القراءة والكتاب لأسباب متنوعة أبرزها انهيار الثقة بالأفكار والقيم في عصر يحتكم إلى القوة المادية ، إلى جانب اتساع الهوة بين “النخبة ” والناس إذ تضخم السلوك ” الديبلوماسي” لدى عدد من “المثقفين” على حساب الحقيقة ، فتراجع العديد منهم عن الإنتصار لسلطة المعرفة وانخرط في معرفة السلطة بما توفره من راحة وظلال وعيش رغيد ، وانساق آخرون في النهج “الإنتهازي ” باقتناص “الندوات “و”الملتقيات ” هنا وهناك للإرتزاق وربط العلاقات المصلحية ـ وهذه الحالة تشمل “المبدعين” وعددا من النقاد على حد سواء ـ ،أما الإنتاج الثقافي فإن القارئ لايجد فيه ما يسدّ جَوعته إلى المعنى والصدق والأمل الحقيقي ، كل ذلك إلى جانب اكتساح الصورة و”الكليب” للمجال السمعي والبصري بفعل تكريس ثقافة الترفيه والتسلية والترويح ، وغمط الأصوات الجادة ، فساهم ذلك في تحييد النصوص الإبداعية الحقيقية ، وفسح المجال “للموضة” أو “الومضة” إلى الحد الذي يتعجب فيه السامع أو القارئ من الكثير من نصوص الأغاني و”الكليبات” التي لامعنى لها أصلا والتي تُصب على الناس صباح مساء ، كُرها وكُرها . إن العزوف عن النص نابع من زلزال الثقة في النص أصلا وفي مدى جدوى كلمات بلا معنى وبلا رسالة ،.. يضاف إلى ذلك فقدان شريحة من رموز الإبداع لمصداقيتهم الفكرية وتراجعهم عن الوقوف مع قضايا الناس والأرض والهوية ، لقد فقد الكثير منهم حتى مصداقيتهم الأخلاقية وانغمس في زجاجة اتخذ من عنقها قلما وألما وعالما فريدا…هنا ” نتفهّم” موقف القارئ السلبي من كثير من الشعر الحديث ، لأنه لا يفهمه ولا يجد فيه ذاته ولا قضاياه ، بل إنه لا يجد فيه معنى أو وموقفا ، كما يعسر عليه تذوقه والصبر عليه .. وإذا استثنينا العوامل الموضوعية المتعلقة بالمجتمع العربي والتي أشرنا إليها في البداية ، فإن المسؤولية تقع مباشرة على عاتق المبدع أو الشاعر في حالتنا هذه ، لأنه تخلى عن أن يكون صوت ذاته وبريد أمته أو شعبه إلى العالم ، وتخلى عن دوره كمثقف مناضل في سبيل قيم الحق والعدل والحرية ، ولم يجتهد في إبداع تجربة تليق بلغته ومكانته التاريخية من حيث النضج والعمق ، على نحو تعود فيه اللغة إلى نبض الشارع ، وتنفتح على عوالم جديدة وآفاق رحبة .
    لستُ أدري ...
    ما سيأتي بعد هذا الغيم ...
    صبح أم مساء ..؟
    ما يهدّ النفس فعلا
    غربة المعنى ..
    وفوضى الانتماء

  • #2
    رد: لغة "الحليب" وحليب اللغة

    الأخ سالم المساهلي

    أشكرك على هذا المقال الذي يكشف الواقع العربي و يبين هناته و أسباب ضعفه .

    و أهمّ ما شدّني في هذا المقال هو تحميل المسؤولية إلى الجميع من أفراد

    و مجموعات و سلط في ما نعيشه من تخلف على مستوى الفكر و من تراجع على

    مستوى القرار السياسي و الإنتاج الإبداعي أيضا . فلا شكّ أن العلاقة جديلية بين

    الأنا و الآخر و بين الفرد و المجتمع و بين السلطة و الشعب و لا يمكن بأي حال

    من الأحوال أن نفصل بين هذه المكونات التي تؤسس المجتمعات و التي من

    المفروض أن تتعاون على بنائها و تطويرها لا أن تكون حجر عثرة في سبيل

    نموها و تقدّمها .

    تحياتي العطرة
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    تعليق


    • #3
      رد: لغة "الحليب" وحليب اللغة

      مرحى بعودة الاخ سالم الى واحته .منذ البدء كنا نعلم ان ثمة قلم ليس ككل الاقلام ..قلم مشاكس.. متمرد.. مبدع ..متسائل..
      آلمنا ان يغيب عنا قلم سالم زمنا ولكنا كنا واثقين ان مبدئية سالم وهواجسه النضالية والثقافية لن تمنعه عنا طويلا وها هو يطلّ علينا بهذا المقال الرائع الذي هجر المهادنة والمجاملة وأطلّ علينا يدلّي لسانه في وجوهنا ويمعن في استفزازنا وتوريطنا
      معك كل الحق اخي سالم ليس ثمة من هو معفى من المساءلة كلنا مسؤولون حتي المواطن المغلوب على امره يشارك بصمته في الجريمة في حق الهوية الثقافية العربية وانزياحنا عن مهامنا العضوية
      حييت اخي سالم وننتظر المزيد
      وطني علمني ان حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء
      وطني علمني ان التاريخ البشري بدون حب عويل ونكاح في الصحراءhttp://www.wahitalibdaa.com/image.ph...ine=1272034613

      تعليق


      • #4
        رد: لغة "الحليب" وحليب اللغة

        اخى سالم المساهلي
        طرح جميل طرحته
        قبل عدة شهورعثر في مدينة بيت لحم على شاعر مبدع ولد في عام 1918 ومنذ ذلك الحين وهو يرفد الثقافة والشعر بفكره وشعره ، عثر عليه ميتا وحيدا في بيته ، مهجورا من كل الناس ، وتبين أنه مات قبل العثور عليه بأكثر من 24 ساعة ، هذه ظاهرة ، وعندما مرض نزار قباني لم يجد ما يمكنه أن يتعالج به ، لولا أن لفت أحدهم نظر الملك حسين في حينه فأمر بمعالجته في لندن على حسابه الشخصي ، وكثير من كتابنا ، يعيشون شظف العيش ، ولا يكرمون إلا بعد موتهم كشاعر الأردن الأول عرار ، وغيره وغيره كثيرون ، ثم إن اهتمام وزارات الثقافة العربية قليلة الاهتمام بتفريغ الشعراء المبدعين والكتاب المتألقين ، وتنفق أموالها على قضايا شكلية لا تفيد في الغالب ، كما أن الكثير الكثير من الشعراء فوق العادة يملكون أكثر من عشرة دواوين شعر لكنهم يفضلون إنفاق مبالغ النشر على أولادهم لأن الدول العربية لا تعتني بالثقافة عناية الغرب .
        ثم إن كثيرا من الشعراء ينشرون دوى حسابهم ، ويريد من أحب أن يقرأ لهم أن يهدى نسخة بتوقيع الشاعر حتى يقرأها ، ولا يجد أحدنا إبداء التعاطف بشراء نسخة من حر ماله يقرؤها ، أو يكتب عليها نقدا منصفا .

        ونحن أخي الكريم رغم ادعائنا الكاذب بأننا مثقفون ونحب الثقافة لسنا كذلك فتجارة كتب الأدب كاسدة ، في عالمنا العربي وتقتنى الكتب فقط لادعاء الثقافة لا للقراءة والفهم والاستفادة من الفكر ، كل هذه العوامل يضاف لها أن كاتبا يكتب باللغة غير العربية يجد له سوقا في المجال الإعلامي بعكسنا الذي لا يوجد لغير السياسة والاختلافات الدينية والمذهبية والطائفية سوقا رائجة .
        تحيتي أخي العزيزسالم وشكري .
        اللهم اجعلني خيرا مما يظنون
        ولاتؤاخذني بما يقولون
        واغفر لي مالا يعلمون

        تعليق


        • #5
          رد: لغة "الحليب" وحليب اللغة

          عزيزي الأخ / سالم المساهلي



          يسعدني هذا الفكر المستنير وذاك التحليل المقالي القيّم :


          لم يعد بمقدورنا اليوم إلا أن نقف عاجزين على مجريات تحول الشاعر والمبدع إلى أداة في يد غيرهما من النفوذ والسلطان ، والأمر تخطى الأبعد عندما نرى أصحاب النفوذ في الفترة الأخيرة أصحاب المال لنسميهم وقد استمالوا لشراء المبدع وتحوله إلى مؤسسة مالية إبداعية في سحب الأموال والربح على حساب النص والإبداع والذوق الأدبي والحس العالي لمعاني الكلمة والإبداع على حد سواء .


          إن المتأمل اليوم في عالمنا يجد أن الكلمة اضمحل دورها وان المتلقي العربي أصابه الوهن من إعلام رديء مسيّس لخدمة النفوذ وأدب منحلّ يجر الربح الوفير، ناهيك عن ذوق المتلقي العام الذي تحوّل للإباحية الفكرية بنسبة عليا عن الأدب الملتزم الذي يخدم الأمة.

          ضاعت الهوية الفكرية وعليه كما أشرت أنت سيدي فالمسئولية على الشاعر والمبدع وأضيف المثقف العربي وكل من بيده قلم حرّ يقدم السؤدد لطريق هذه الأمة .

          الأمة لم تخلو بعد من مناضليها وممن تمسكوا بثوابتها ويناضلوا لمقاومة الغزو الفكري الذي ينخر في جسدها ، وعليهم ينعقد الأمل في طريق أمة عربية لها المكانة كما كانت لها شرف الريادة والسيادة .

          والعمل قادم والأمل منعقد على من مثلكم أستاذي الفاضل
          نحو امة يعاد لها الهيبة والمكانة والعلو

          تعليق

          يعمل...
          X