إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الـــوقــت هـــو الحـــيــاة والكنز العظيم الذي لايقدر بثمن - إعداد المحامي :بسام المعراوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الـــوقــت هـــو الحـــيــاة والكنز العظيم الذي لايقدر بثمن - إعداد المحامي :بسام المعراوي

    الـــوقــت هـــو الحـــيــاة والكنز العظيم الذي لايقدر بثمن
    إعداد المحامي :بسام المعراوي
    إذا كان التبر هو الذهب الأصفر، و كان البترول (النفط) ذهبا أسودا، فان الوقت هو الذهب الشفاف .
    إن الزمن الذي نعيشه، والوقت الذي نحياه، إنما هو جزء من كياننا الكبير، وقيمته ليس كما يقول المثل ( من ذهب ) فحسب، و إنما هو أغلى بكثير منه، إذ لا مقايسة بين قيمة الذهب و قيمة الوقت، و ذلك لأن الإنسان يستطيع أن يحصل على ما يريد من الذهب بهذا الوقت، لكنه يستحيل عليه إعادة دقيقة – بل ثانية – من عمره و حياته، و لو دفع كنوز العالم ثمناً لذلك .
    فالوقت هو الكنز العظيم الذي لا يقدر بثمن، و حري بمن يملكه، أن يحفظه بعيدا عن الضياع و التلف و السرقة، إن الوقت هو الجوهرة النفيسة التي يبحث عنها اللصوص، ليسرقوها ممن هم في أمس الحاجة إليها، لأنهم على يقين من قدرة الإنسان على أن يستفيد منها في حياته، الأمر الذي لا يريده أولئك اللصوص .
    و لذا فان محاولات الأعداء جاءت لكي تلغي من عقولنا أهمية الوقت و جوهر يته، و هم مطمئنون إلى إننا لو أعطينا للوقت حقه، و عرفناه حق المعرفة، لما وصل بنا الحال إلى هذا العمق من التخلف . و لقد نجح العدو في مخططه، حيث عمل على نسف هذا العامل الخطير و المهم في حياة البشرية ألا و هو الوقت، و عندما نحاول إحصاء مقدار الوقت الذي يذهب سدى في العالم، نرى أنه يشكل – بما مجموعه – سنينا طوالا من الغفلة و النوم و اللهو .
    إن أي حضارة إنما تقوم على مجموعة من المبادئ و عناصر، و هذه المبادئ و العناصر تشكل عوامل نشوء الحضارات، و هي كالتالي :
    الإنسان : و هو العنصر الرئيسي في صناعة الحضارة، و الحاصد الأول لثمرها، بل هو المعنى في هذه الحياة الدنيا قبل غيره .
    المادة الخام : و هي مخمل الإمكانيات المادية المستخدمة في بناء الحضارة، فالأرض - مثلا – بما فيها من عناصر هي إحدى هذه المواد، إذ كيف يمكن للحضارة أن تبنى من دون أرض ؟!
    الفكرة الحضارية :و هي منهج البناء، و مخطط الحضارة، و هي الأفكار و القيم التي يقوم على أساسها الكيان الحضاري، مثل فكرة و قيمة السعي ة العمل و فكرة التعاون و قيمة الحرية، و غيرها من الأفكار و القيم الحضارية .
    الوقت : و هو بمثابة الجانب المغيب في هذا الكون، و يمكن التعبير عنه بأنه روح الكون، فكما أنه لا حياة للإنسان بلا روح، فكذلك الكون لا يمكنه أن يتخلى عن الزمن، و لا يمكن إطلاق اسم الكون دون أن تلتصق به فكرة الزمن، إذ الزمن – أو الوقت – هو السياج الذي تبني الحضارة بداخله و ضمن حدوده .
    ومهما أوتي البشر من علم و معرفة، و قوة و إمكانية، فانه يبقى عاجزا عن فضل هذا العامل ( الوقت )
    عن عملية البناء الحضاري، و لكنه بإمكانه أن يسبق الزمن فيختصر الوقت، ليس أكثر من ذلك .
    و من هنا جاء الإسلام ليعطي للزمن قيمته الحقيقية، ووزنه الفعلي، و ليعيد للإنسان إنسانيته عبر جعله يعيش اللامبالاة اللاهدفية . لقد جاء الإسلام الحنيف، و معه الفكر الحضاري مزموما بالزمن، لينشئ الحضارة المجيدة، و ليبين أهمية الوقت و قدسيته في حياة الفرد، و المجتمع، و الأمة والبشرية جمعاء .
    وما هذا الكتاب إلا محاولة متواضعة لمعرفة أهمية الوقت وقيمته في حياة الإنسان، و على ضوء ذلك نحاول أن نعرف بعضا من القواعد و الأسس في استثمار الوقت
    عسى الله سبحانه و تعالى أن يوفقنا لذلك، و أن ينفعنا به انه سميع مجيب و هو ولي التوفيق .
    محمد العلوي
    الفصل الأول
    الـــوقــت هـــو الحـــيــاة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    و العصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين أمنوا و عملوا الصالحات
    و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر

    ما نقصت ساعة من الدهر إلا بقطعة من عمرك
    الإمام علي عليه السلام

    كثيرون هم الذين يتأوهون من الزمان و من تقلباته، و كثيرون - أيضا – هم أولئك الذين لا يعجبهم الزمان و يلقون المسؤولية عليه و يلومونه و يعاتبونه .
    و لكن هل الزمان بلحظاته، و ثوانيه، و دقائقه، و ساعاته، و أيامه، و شهوره، و سنواته، و قرونه، هو المسؤول عن حياة الإنسان و مصيره ؟!
    بلا شك إن الزمان ليس هو المسؤول، و إنما المسؤول الأول و الأخير هو الإنسان نفسه و لا مسؤول سواه، و إن الزمان - في حقيقة الأمر - ما هو إلا مركب، أو مطية، أو ظرف - كما البيت و المسكن – إن اغتنمه الإنسان في الوجوه الصالحة، أصبح من الناجحين الرابحين، و إلا فهو من الفاشلين الخاسرين.
    فربح الإنسان و نجاحه الحقيقي محصور و مقصور في استغلاله لعامل الزمن، في والتزام الحق و عمل الخير .
    إن الزمن هو ظرف، فكما إن الإنسان لكي يشرب ماء، هو بحاجة إلى ظرف أو وعاء، كذلك الأمر بالنسبة للزمن، فهو وعاء زمني – مقترن بالظرف المكاني – يمارس الإنسان دوره الحياتي قيه، و بالتالي فهو وسيلة، كما اللغة وسيلة للتفاهم بين الناس، و جسر للوصول إلى الحاجات و المقاصد، و هذا شاهد على إن الإنسان هو المسؤول (( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، و من يعمل مثقال ذرة شراً يره)) ( الزلزلة / 7-8 ) .

    يقول أبو جعفر الشيباني :
    أتانا يوما أبو مياس الشاعر، ونحن في جماعة، فقال : ما أنتم و ما تذكرون ؟
    قلنا : نذكر الزمان و فساده !! (أي يعتبرون الزمان هو الفاسد و هو المسؤول عن الفساد ) .
    قال : كلا ! إنما الزمن وعاء، و ما ألقي فيه من خير أو من شر كان على حاله، ثم أنسأ يقول :
    اأرى حللا تصان على أناس و أخلاقا تداس فلا تصــان
    يقولون : الزمان به فـساد وهم فسدوا وما فسد الزمان
    ***
    وما جرم الزمان إذا جعله الناس ظرفا و وعاء للفساد ؟!
    أليس الناس هم الذين يفسدون و يفسدون ؟
    يقول تعالى :
    (( و أنيبوا إلى ربكم و أسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * و اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة و أنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا حسرتى على ما فطرت في جنب الله و إن كنت لمن الخاسرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو إن لي كرة فأكون من المحسنين * بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها و استكبرت و كنت من الكافرين )) ( الزمر / 54 – 59 ) .
    و في هذه الآيات القرآنية الكريمة، يبين الخالق - جل و علا – حالة التأسف التي يصاب بها الإنسان بعد مضي الوقت و انقضائه، و من هنا فأن الإنابة و الرجوع إلى الله - عز و جل – هو الطريق السليم في التعامل مع الزمن .
    وإن لم ينب الإنسان إلى الله سيجد أن عذابه يأتيه بغتة و هو لا يشعر .
    إن الزمن يجري بالإنسان و يمضي به، كما جرى بمن قبله و مضى بهم، و ما يأتيه من الزمن، كما مضى، إذ سينتهي و ينقضي أيضا .
    ولو وقف المرء مع نفسه و تأمل فيما مضى من عمره، و في من مضي قبله، لرأى نفسه و كأنه في الحلم ! و إن كان مقصرا سيصان بالندم .
    وحاله الندم على التفريط و التقصير في جنب الله و السخرية من مبادئه، لا تنفعه حينما يأتيه عذاب الله، و حينها لا ينفع تمني الهداية، أو وضع المسؤولية على الله، إذا مضى وقت العمل، وحان موعد الحساب .
    وانك لتجد الكثير من الناس ممن يلغون إرادتهم في الحياة، و يتصورون أنهم مجبرون على كل شيء ! و حينما تكون عاقبتهم سيئة في الدار الآخرة يلقون المسؤولية على الله – سبحانه – مدعين أن وقوعهم في الضلال و زيغهم عن الهداية، هو أمر كتبه الله عليهم، و لا إرادة لهم فيه .
    وهذه المقولة يتذرع بها الكسول المترهل الذي يجلس في بسته و يبرز تقاعسه، و في اليوم الآخر يتمنى لو تعود الكرة له من جديد لكي يصبح محسنا . و كلن لا كرة أن جاءته الآيات و كذب بها و أمسى من المستكبرين و الكافرين، فلا رجعة إلى الحياة الدنيا بعد أن مضى وقتها و تصرم .
    ومما تجدر الإشارة إليه أن الإنسان لا يقرر في نفسه منذ البداية أن يكون منحرفا، و إنما يصل شيئا فشيئا و خطوة بعد أخرى إلى أن يصل إلى مرحلة الانحراف ثم الكفر، فيبدأ بالتكذيب بالآيات . ثم انه من الضرورة النظر إلى الزمن بعين الجد، و استثماره لكي لا يؤخذ الإنسان بغتة في الدنيا ة الآخرة، ولكي لا يصاب بالحسرة و الندم، حين لا تنفعه الحسرة و لا الندم شيئا .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعمل...
X