إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اغتنام فرصة العمر - لا تغفل عن حياتك - إعداد المحامي :بسام المعراوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اغتنام فرصة العمر - لا تغفل عن حياتك - إعداد المحامي :بسام المعراوي

    اغتنام فرصة العمر -
    لا تغفل عن حياتك
    إعداد المحامي :بسام المعراوي

    إن من الضروري للإنسان أن يستشعر و يعي قيمة الوقت، و يعرف ماذا يعني بالنسبة لحياته ؟ وما أثره سلبيا و إيجابيا في مسيرته .
    وكيف أنه سيسخر عمره إن أضاع لحظاته ؟.
    وكيف أنه سيخرج من دنياه منتصرا باستثماره للحظاته أيضا ؟، هذه اللحظات التي هي الحياة عينها.
    وقد مثل الشاعر هذه الحقيقة بأسلوب رائع إذ قال :
    دقات قلب المرء قائله له إن الحياة دقائق و ثوان
    ولو تأملنا حياة الناجحين و العظماء، لخلصنا إلى أن حياتهم كانت مجموعة فرص استثمروها فحازوا على النجاح.
    وعلى العكس تماما نجد أن حياة الفاشلين، مجموعة من الفرص الضائعة .
    ومن هنا تبرز السمة الحضارية لدى الإنسان المؤمن الرسالي، الذي يغتنم فرص حياته لحظة فلحظة في بناء ذاته، و مجتمعه، و أمته .
    إن الإسلام في منهجه يقدر حتى اللحظة من الزمن فيحث على استثمارها فيما ينفع .
    فمثلا " لا اله إلا الله " جملة لا تستغرق منك قولها سوى لحظات، لكنك ستحصد ثمارها في الجنة إذا اغتنمها في دار الدنيا، و تعودت على تكرارها ولو في قلبك .
    وقد ترك لنا الإسلام من مناهج الخير و العمل الصالح ما يشغل لحظاتنا وحياتنا المليئة بالفراغ .
    ولنا في حياة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم و أهل بيته عليهم السلام خير نموذج يتحدى به، إن أردنا أن نربح الحياة.
    لقد كانوا يقومون بما لا يقوم به الكثير من الناس، فهم مثال حقيقي لما جاء في دعاء كميل بن زياد الذي علمه إياه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إذ يقول :
    (( يا رب، أسألك بحقك و قدسك، و أعظم صفاتك وأسمائك، أن تجعل أوقاتي من الليل و النهار بذكرك معمورة، و بخدمتك موصولة . . . ))
    فكانوا – عليهم أفضل الصلاة و السلام – لا يجدون في حياتهم فراغا من عبادة أو خدمة، و الكتب و الدراسات التي تتناول سيرة النبي وأهل بيته عليهم السلام ، تزخر بهذه الشواهد العظيمة .
    فهذا مالك – إمام المذهب الملكي – يقول عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام :
    (( كان جعفر لا يخلو من إحدى ثلاث خصال : إما مصل، و إما صائم، و إما يقرأ القرآن )) .
    وهذا الإمام زين العابدين يسأل :
    ما بال أبيك قليل الأولاد ؟
    فأجاب :
    (( أنه كان يصلي في كل ليلة ألف ركعة، فمتى يحرث ؟)).
    وروي أن الإمام الكاظم عليه السلام حين كان في السجن كان يصلي نوافل الليل و يصليها بصلاة الصبح،ثم يعقب حتى تطلع الشمس، ويخر الله ساجدا فلا يرفع رأسه من السجدة و التحميد حتى يقرب زوال الشمس .
    وكانت حياته عليه السلام مزدحمة بأعمال الخير و الفضيلة، و كان كما قال بعض عيونه :
    كنت أسمعه كثيرا يقول في دعائه :
    (( اللهم انك تعلم إنني كنت أسألك أن تفرغني للعبادة، اللهم و قد فعلت، فلك الحمد ))، وكان حينها في السجن، و هذا مقدار كاف ليكون حجة على المؤمنين من اتباع آل بيت محمد صلوات الله عليهم اجمعين ، كي يملأوا أوقاتهم بأعمال الصالحات، وليتركوا ما فات، و ليتفكروا في ساعتهم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام:
    ما مضى فات و ما تأتي فأين قم و اغتنم الفرصة بين العدمين
    وهذه حقيقة حياته، يبينها لنا الإمام عليه السلام ، بأن لا حظ لنا فيما مضى، و لا ضمان لنا في المستقبل، و رزقنا رهن الحاضر الذي نعيشه .
    يقول الإمام علي عليه السلام :
    (( إن ماضي يومك منتقل، و باقيه متهم، فاغتنم وقتك بالعمل )) ( غرر الحكم ) .
    إن هناك ثمة عادات سيئة قد يعتادها الإنسان، فتكون سببا في خسارته، دنيا و آخره، و من هذه العادات و الصفات السيئة : التسويف، و الخمول و الكسل، و التبرير .
    و تمر علينا في حياتنا اليومية شواهد و أمثلة كثيرة من هذا النوع من التصرفات الخاطئة فعندما تطلب من أحدهم القيام بعمل ما يجيبك قائلا: ((ليس هذا وقته)) والحقيقة ما هذا إلا تبرير قاتل، إذ إن أفضل أوقات العمل هو اللحظة التي تبدأ بها العمل، و ((خير البر عاجله )) كما تقول الحكمة الشهيرة.
    و مما يؤسف له بحق أن كثيرا من الناس ليستهين بعمره، لا ستهانته بوقته، فيجهل، أو يتجاهل أن أنفاسه ثمن الجنة كما يقول الشاعر الشيخ حسن الدمستاني (رض ) :
    أنفاس عمرك أثمان الجنان فـلا تشري بها لهبا الحشر يشتعل
    يا منفق العمر في عصيان خالقه أفق فانك من خمر الهوى ثمل
    و هذا تشبيه رائع للوقت، فهو كالعملة النقدية التي تشتري بها ما تشاء، إذ بإمكانك أن تشتري بها السم، و أن تشتري بها الدواء و العقل هو من يشتري الدواء، و لو كلفه ذلك كل ما يملك، و لا يدفع حتى فلسا واحدا من أخل السم بلا تردد .

    إنما أنت عدد أيام
    إن الله سبحانه و تعالى يعد علينا أنفاسنا، و يحاسبنا عليها و النفس تعتبر دقيق من اللحظة، و سواء طال العمر أو قصر، فانه له نهاية و أجلا مكتوبا عند الله سبحانه و تعالى، و على الإنسان أن يزرع في هذه الحياة لكي يجني في الآخرة ثمرة زرعه .
    يقول تعالى : (( و ما يعمر من معمر و لا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير )) ( فاطر / 11 ) .
    إن (( الدنيا مزرعة الآخرة )) كما جاء في الحديث الشريف .
    لذلك ينبغي للمؤمن أن يسعى بكل ما يملك من طاقة نحو تسخير هذه المزرعة من أخل ثمار أينع وظل أوفر، فبل أن يغمض عينه و يفتحها و يرى نفسه و قد سلبت قوتها و شبابها و صحتها و غناها و حياتها كلها، و هذه هي الفرص الأهم في هذه الحياة، كما أوصى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أبا ذر بها حيث قال :
    يا أبا ذر، اغتنم خمسا قبل خمس :
    شبابك قبل هرمك .
    و صحتك قبل سقمك .
    و فراغك قبل شغلك .
    و حياتك قبل موتك.
    إن الزمن يقرض حياتنا، فهو كالمنشار الذي يعمل في الشجرة حتى يجعلها تهوي أرضا .
    قال الإمام علي عليه السلام :
    (( ما نقصت ساعة من دهرك إلا بقطعة من عمرك)) ( غرر الحكم ) .
    و في حديث آخر يقول عليه السلام :
    (( إنما أنت عدد أيام، فكل يوم يمضي عليك يمضي ببعضك )) ( غرر الحكم ) .
    إن معدل حياة الإنسان في عصرنا هو ما بين الستين و السبعين عاما، و لكنها ما تلبث أن تنقضي، و لتجرب يوما أن تسأل شيخا مسنا عن شعوره تجاه أيام عمره السالفة،و ستجده يجيبك : لقد مضت كلمح البصر .
    * * *
    عندما جاء ملك الموت إلى نبي الله نوح عليه السلام، سلم عليه، فرد نوح السلام عليه، و قال له :
    ما حاجتك يا ملك الموت ؟
    جئت لأقبض روحك .
    دعني أنتقل إلى الظل .
    تفضل
    فانتقل نوح إلى الظل، ثم قال لملك الموت : (( يا ملك الموت، كأن ما مر بي من الدنيا مثل تحويلي من الشمس إلى الظل، فامضي لما أمرت به )) .
    وقد كان عمره عليه السلام – آنذاك – ألفي سنة و أربعمائة و خمسين ! فكيف بنا نحن، مع أن الثابت تاريخنا أن عمر الإنسان اليوم أقصر بكثير من عمر السابقون .

    لا تغفل عن حياتك
    يقول الإمام الصادق عليه السلام :
    (( إذا بلغت ستين سنة، فاحسب نفسك من الموتى )) بحار الأنوار ( ج 73، ص 390 ) .
    بيد أننا نجد الكثير من الناس يتمادى في غيه و غفلته، فلا يحسب للوقت حسابا في حياته، فالآكل، و النوم، و الأحاديث الباطلة تأخذ جل وقته، و قلما تجده يقرأ كتابا، أو يتصفح صحيفة، أو يقوم بعمل خير، وبعبارة أخرى : يصرف من وقته على اللعب أكثر مما يصرف في الجد، و عندما تذكره أو تعظه، يجيبك قائلا : لدي وقت طويل .
    إن الجهل سبب من أسباب الغفلة عن اغتنام الوقت و استغلاله، فيحسب المضيع لوقته أن المال أغلى و أولى بالاهتمام، بينما يقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :
    (( كن على عمرك أشح منك على درهمك و دينارك))، بحار الأنوار ( ج77، ص76 ) .
    انك تبخل بدينارك على دينك، و تبيح أوقاتك للعدم، أفلا تفكر في الأعداد لأخرتك ؟
    فماذا سينقذك غدا إن لم تسخر دقائق و لحظات حياتك من أجل آخرتك ؟
    و هل يحسب الإنسان أن الوقت سينتظره ؟
    إن الوقت لا ينتظر الإنسان بل سيخطفه خطفة لا يشعر بها ليجد نفسه أمام الميزان في يوم الحساب .
    لقد قال الإمام علي عليه السلام:
    ((ما أسرع الساعات في اليوم، و أسرع الأيام في الأشهر، و أسرع الشهور في السنة، و أسع السنين في العمر ! )) نهج البلاغة ( ح188 ) .
    و كما يقول الشاعر :
    تمضي الدهور كما الشهور كأننا في غفلة لا تنتهي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعمل...
X