إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"العائلات المسيحية الكبيرة" -2-2- إعداد : المحامي بسام - سمير جورج عنحوري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "العائلات المسيحية الكبيرة" -2-2- إعداد : المحامي بسام - سمير جورج عنحوري

    سمير جورج عنحوري
    إعداد : المحامي بسام
    "العائلات المسيحية الكبيرة"
    2-2
    في دمشق

    وبالعكس، فقد استقبلت سورية موجات متتالية من المهاجرين المسيحيين الغرباء الذين تعاقبوا إلى البلاد منذ بدء القرن العشرين. ويمكن اعتبارهم بدلاء للمهاجرين المسيحيين السوريين الأصل والمنشأ الذين رحلوا عن البلاد. وكان هؤلاء المهاجرون الجدد إلى سورية من الأرمن الذين قدموا من تركيا ما بين 1905 و 1915، والآشوريين والكلدانيين الذين قدموا من العراق خلال العشرينات والثلاثينات، ثم العرب المسيحيين اليونانيين الذين لجأوا إلى سورية في الثلاثينات نتيجة ضم الدولة الكمالية التركية للواء الاسكندرون وأنطاكية (وهي بالأصل أراضٍ سورية). كما جاء الروس البيض والجورجيون الهاربون من الثورة البلشفية في روسيا القيصرية عام 1917.
    وقد حلَّ قسم من هؤلاء المهاجرين في دمشق، حيث استقبلهم السكان المحليون استقبالاً حسناً. وقد اتصف هؤلاء المهاجرون الجدد بالنزاهة والجدية في العمل، وخاصة في الأعمال الحرفية اليدوية. كما امتهن بعضهم المهن الحرة: أطباء، معلمون، محامون، تجار، إلخ. وتميز بعضهم الآخر في الوظائف الرسمية، فكان منهم موظفون كبار في الدولة، وضباط في قوات الجيش والدرك، ونواب في المجلس النيابي، إلخ...
    يضاف أخيراً لهؤلاء المهاجرين اللاجئون الفلسطينيون، من مسيحيين ومسلمين، الذين شُرِّدوا من بلادهم في عامي 1947 و 1948 نتيجة للاحتلال الإسرائيلي لبلادهم وقيام الدولة العبرية. وقد لجأ جزء من الفلسطينيين المسيحيين إلى دمشق، وخاصة منهم من كان له رباط عائلي مع عائلات دمشقية.
    أورد هنا، للذكرى، أسماء بعض هذه العائلات المهاجرة التي جاءت إلى دمشق من نواحٍ وبلدان مختلفة. وقد هاجر بعضهم من جديد بعد سنوات عديدة، مغادرين سورية إلى بلاد أخرى ومصير جديد.
    الأرمن (وكان القليل منهم يقيم في دمشق قبل عام 1900):
    كريكوريان، قشيشو، يعقوبيان، كيلاجيان، مالويان، قره مانوكيان، شاهينيان، قلبقجيان، أريسيان ملكونيان، شهبندريان، أرسلانيان، ييتيريان، منصوريان، كشيشيان، هيرفيان، أوستيان، مارديروسيان، أرتينيان، بوياجيان، باشايان، سميرجيان، زيتونيان، موشيان، شدرفيان...
    من ماردين (تركيا حالياً):
    بصلة، أصلو، سركه، مارديني، سعده، دولباني، عبدال، باهو، ملكي، باشوره، أميرزا، حبيب، صوفيا، مرشو، معمرباشي، ترزي باشي، زرومبا...
    من الاسكندرون وانطاكية:
    سابا، زخُّور، الياس، لوقا، ورد، خوري، مارين، أنطاكي...
    من يونان تركيا:
    باباسراندس، ستيفانو، قطِّيني، كريازيس، بطش، كوسوأوغلو، باتساليدس، مارنغو، ديامندس، سكامندس، ترياندافيليدس، مانغلو، سوتيروبولس، بابادوبولوس...
    الروس والجورجيون:
    غوزيليتسي، مخيدزة، شيكبازوف، أرسوف، مالكوف، بورادا، بيدالين، كيركولوف، زاخاروف، دافيديك...
    الفلسطينيين:
    فروجي، عنحوري، جلاد، فينان، صيداوي، جبجي، ديبة، جبُّور، طلماس، جهشان، خنوف، صباغ، عبد النور، كرعوبة، درخم، جدع، قرط، الفار، خباز...
    *
    منذ القرن الثامن عشر، وطوال القرنين التاسع عشر والعشرين، نزحت عائلات مسيحية من القرى السورية إلى دمشق. وقد جاء أولهم من حوران في جنوب سورية واستقر في الميدان، وهو حي هام يقع خارج أسوار دمشق القديمة في الجنوب الشرقي من المدينة. وتبعهم آخرون في وقت لاحق نزحوا خاصة من مدن الشمال والساحل، أي من مدن حمص وحماه وحلب واللاذقية، ثم من المدن الواقعة في شرق سورية، كالقامشلي والحسكة، أو من القرى المحيطة بدمشق، مثل يبرود والنبك وقاره ودير عطية ومعلولا وقطنا وجديدة عرطوز وبلودان والزبداني. وقد سكن أكثر هؤلاء في حي القصاع (خارج السور)، وهو حي يقع على امتداد الحي المسيحي (باب توما) داخل السور. ثم، خلال القرن العشرين، في أحياء دمشق الجديدة، مثل عين الكرش وشارع بغداد وشارع العابد والحبوبي والمزرعة. كما أن بعضهم سكن في الأحياء المسيحية القديمة داخل السور، حيث حلُّوا مكان الدمشقيين القدماء الذين انتقلوا إلى المناطق الجديدة الراقية في دمشق، مثل الصالحية، الروضة، أبو رمانة، المالكي، شارع حلب، وشارع القصور، أو هاجروا إلى الخارج...
    ومن المسلَّم به أن جميع الذين انتقوا مدينة دمشق كمكان للإقامة الدائمة وقطنوا فيها بشكل مستمر على طول ما لا يقل عن ثلاثة أجيال قد أصبحوا دمشقيين. كما أن من المؤكد بأن بين هؤلاء النازحين أفراداً من "العائلات الكبيرة" الخاصة بهم، كما هي الحال في كل مجتمع إنساني. لكن هؤلاء، باستثناء القليل جداً منهم، لاقوا صعوبة كبيرة في الاندماج مع "العائلات الكبيرة" المحلية القديمة. ولم يحصل هذا الاندماج إلا في النصف الثاني من القرن العشرين بسبب انتشار التعليم العالي الجامعي وتعميمه للجميع، مهما كان منشؤهم ووضعهم الاجتماعي، مما وضع كل الحائزين على الشهادات العالية في مستوى اجتماعي واحد يعترف به الجميع.
    ومن المفيد لفت الانتباه هنا إلى أن تسمية "العائلات الكبرى" لا تعني الانتماء إلى درجة أو مرتبة رسمية. وبالتالي، فإن أفرادها لا يتمتعون بوضع قانوني وراثي معين. إنما أطلقت هذه التسمية بشكل عفوي وتلقائي أكثريةٌ معينة من المجتمع على أقلية منه كانت، بإجماع الناس، تتمتع بصفات جعلتها مميزة في هذا المجتمع بسبب أخلاقها أو ثقافتها أو مالها أو شجاعتها الشخصية. وقد كسب هؤلاء الأشخاص المميزون وعائلاتهم على مرِّ الزمن وجوداً حقيقياً في مجتمعهم يتمتع بالقوة والشهرة، نقلوه بدورهم إلى أولادهم وأحفادهم مورِّثين إياهم القيم الأساسية التي جعلت منهم أناساً معتبرين ومحترمين.
    وقد بقي بعض هذه العائلات متمسكاً بهذه المبادئ والقيم عبر العصور، علماً أن منشأ بعضها يعود إلى القرن السادس أو السابع عشر. وقد قطنت هذه العائلات منذ القدم في "الحيِّ المسيحي" في دمشق. وقد سمَّاه كذلك جميع المؤرخين منذ تاريخ الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي. يقع هذا الحي داخل سور دمشق القديمة ويمتد جنوب/شمال، ويضم حارات القيمرية، باب توما، الطريق المستقيم، باب شرقي. كما ضمَّ في وقت لاحق حي القصاع وبرج الروس وقسماً من حي العمارة أو مسجد الأقصاب، المسمى أيضاً "مزَّ القصب". ولا تزال بعض هذه العائلات القديمة تقطن في هذه الأحياء، متمسكة بتراثها وبيوتها القديمة المبنية على الطراز الدمشقي التقليدي، كعائلات قشيشو، قيومجي، نعسان، أشقر، بنَّا، قزح، قبوات، كاتب، عبد النور، قرواني، مباردي...
    أما أكثرية العائلات القديمة فقد اختارت الانتقال منذ الثلاثينات من القرن الماضي، وخاصة في الخمسينات، إلى الأحياء الجديدة وأبنيتها الحديثة.
    *
    لقد ذكرت في دراستي هذه عائلات ينتمي أكثرها إلى ما يسمى بـ"العائلات الدمشقية القديمة"، وقد زال، مع الأسف، بعضها أو هاجر إلى الخارج. أما الذين بقوا في دمشق فهم يشاركون في مختلف المجالات والنشاطات المهنية والإدارية في البلد. فمنهم المهنيون والحرفيون والأطباء والصيادلة والمعلمون والتجار والصناعيون والموظفون في الدولة أو في القطاع الخاص وفي المنظمات الدولية والسفارات إلخ. ويبرز بين هؤلاء نخبة ممتازة تلقى احترام الجميع وتتوارث من جيل إلى جيل القيم النبيلة التي جعلت منها ما يسمى بـ" العائلات المسيحية الدمشقية الكبيرة".
    ***
    إلى جميع من أشرت إليهم أذكر في هذه السطور الأخيرة ما جاء في إحدى المقالات عن المؤرخ البريطاني أرنولد ج. توينبي (1889-1975) للعبرة والتفكير: "يدافع توينبي عن الفكرة التي تُظهِر بأن جميع الحضارات مرتبطة بعضها ببعض بأوساط عديدة ومستمرة. وتطور هذه الحضارات نابع من أشخاص أو جماعات محدودة من الناس يطلق عليهم اسم "الأقليات الخلاقة". فالتقدم والرُّقي منوط بقدرة هذه الأقلِّيات على جرِّ الجماهير عن طريق ظاهرة التقليد التي يطلق عليها اسم "المحاكاة" mimesis. فعندما تفقد النُخَب قوتها الخلاقة وتعزف الأقلية المسيطرة عن تقديم شكل مثالي يحتذي به مجموع الشعب، عندئذٍ يبدأ مسار التلاشي والزوال."
    *** *** ***
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    "العائلات المسيحية الكبيرة" -2-2- إعداد : المحامي بسام - سمير جورج عنحوري
يعمل...
X