إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أم كلثوم ( تسع وثلاثون سنة ) على وفاة سيدة الطرب العربي - بقلم : الشيخ قدور بن علية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أم كلثوم ( تسع وثلاثون سنة ) على وفاة سيدة الطرب العربي - بقلم : الشيخ قدور بن علية

    كوكبُ الشرق .. يوم الفن ..
    بقلم : الشيخ قدور بن علية




    بتاريخ 04 فبراير 2013 ، تكون قد مرّت على وفاة سيدة الطرب العربي " أم كلثوم " تسع وثلاثون سنة .. إنها وقفة مع سيّدة حازت تقدير كل متذوّق للإيقاع الأصيل و استأثرت بإكبار الساسة و إعجاب الطبقة المثقـفة ، المحتكة بأصالة اللغة العربية والشعـــر الراقي ، بل استحوذت حتى على عقول عامة الناس ، هل باستطاعتنا تجاهل رائعة " سَلوا قلبي " أو " وُلد الهدى " ؟؟ ، هل " أغـَـداً ألقاك " ، " ثورة الشك " " فـكـّروني " ، أو......... ، بالإمكان نسيانها سريــعـــا ؟؟؟
    هل بإمكان الهجمة ( الرايَــويّـة ) طمس معالم هذه القامة الفنية وأخواتها ، أو إفسادَ طـعـْـم قصائد لطالما تمايلت بإلقائها ، وهي تشدو بها قـُبالة الميكروفون ماسكة بألباب مُقدّري الكلمة النظيفة والنوتات غير القابلة لأن تولد مرّتيْن ؟؟ ،،إنها وقــفة في ذكراها :




    إذا صحّ الاعتقاد بكينونة الفنّ في الجانب الحِسّيِّ من الفـــرد البشري ، فهذا لا يعني بالضرورة ، استحالة خروج هــــذا الأخير في شكل يكاد يكون مجسّما و ذا صِيتٍ ، أجمع المقتفون لآثاره ، أنه لا حَوْلَ لأيٍّ كان ، مهما بلغ حِياده ، إلاّ أن يُسَلِّــمَ به مُرغما حينا ، ومُنصاعا عن طيبِ خاطرٍ منه أحايين أُخَر !

    لـــذا كــان حريّــا بــنا ونــحن نعيش مع الفــنِّ من خـــلال أمِّه ، أمِّــهِ التي احتضـــنــته إلى صـدرها ، وهَـوَتْ علــــيه تــُـقبل تارةً ، وأخرى تُناغيه ، الأمر الذي جعلها تخلقُ منه قناةً لا تلين لجساسٍ ، ولا لذي سـوء إنصافٍ ، إلاّ أن نُنصف خَدَمَهُ و رُوّاده !

    فمع انفلاق صُبح الرابع من شهر فبراير ( شُباط )،من سنة خمسٍ وسبعين ،تِسْعِمئةٍ وألف ، طفقت عَبَرَاتُ الفن الرفيع تتحرر من مآقي العيون ، لتستحيل إلى شلالاتٍ من الهموم والأحزان ، شلالاتٍ لطالما عهِدت من هذه العملاقة غيرما طَعم وتذوّق ، تذوّقٍ يُـنبي عن رسوخ قدم المفروغ من ذكرها في الميدان الفنّي ، واستوائها على عرشه !

    أحبّتها منا القلوب وشُغفت ، وأمطرت تابوتها منا الدموع ، كان لجُرحها الذي لا يندمِل، أكثرُ من أثر على نفسية القاصي عن الدنيا ، والداني منها من بني الإنسان ، ناهيك عما أحدثه الخَطبُ في سويداء مُقدّري الفن من ذوي الصلة بالعروبة !

    إنه لحقٌّ علينا ونحن نحيا هذا المشهود من أيام الحَوْلِ في الأوساط الفنية ـ ليس في مِصْرَ فحسب ـ بل في كل صقع عربي ، باعتبار أن الآخذة بزمام الفن ، كانت سفيرَ العروبة الحاملَ لأكاليل الورد ، سفيرا إلى كافة أنحاء المعمورة ، سفيرا ذا شاعرية مُرهفةٍ وحنجرة شاء التاريخ تخليدها في جَنَبَاتِ العقول ، وأشرطة الدهر المُطَــوَّلَهْ ! .

    ــ فهلاّ راعـيْــنا هذا الكوكب ؟؟

    فأنتِ يا " كُلثومُ " أسطورة ، وأيُّ أسطورة ، بل معجزةٌ حبانا بها الدهرُ واجتبانا ! ، فإذا كان يا " كُلثوم " للحب دُستوره ، فإلى غير سواكِ يؤولُ فضلُ تقـنينه ، وإذا كان للفن مرجع يستشيره حين الإصابة و الخطأ ، فشطرَ رحابك يهفو الفؤادُ منه والجوارح ! ، فيا أمَّ الملايين ، أتركي الحبل على غاربي ولا تُبعديني ، لا تُبعديني عن رحاب أطلالك ، لا تدعيني للزمن ، للعذاب ، فما للفن بعدك رائدٌ ، ولا رُبّان !

    فمن لي بعدكِ يا لحنَ الخُلود ؟؟ ، أإلى أشباهِ أغاني " الرّاي 2 " تحجّ السرائر حينئذ ؟ ، أم إلى بصماتِ أناملك التي هي نوتاتٌ موسيقيةٌ في جبين الفنّ الأصيل ؟؟

    لا عدمتكِ اللحظات و لا السّنون ، فلا يُساورك شك إذن ، في أن نُودِعَ رنين صوتِكِ جَدَثَ العَدم والنّسيان ، فأنتِ منا قريــبه ، وطيفُـك حيالنا لا يفتأ يُذكّرنا بِعَظمةٍ لا شِيـّـــةَ فيها ، تمثلت في عظمتكِ الفنيّة الخلاّقهْ ، فضلا عما يُداعبُ طَبْلاَتِ السمع فينا ، ونحن في حَلّنا و تَرحالنا !! .

    فإلى قصيدِ " الأطلال " أخطو خُطوتي ؟ ، أم فــي" هذه ليلتي " أجد ضالتي ؟ " ، " أَرُوحْ لِمين " يا أمّ الفن ؟ فحُبّ الفن " كُــلُّ حَبّيْتُ فِــيكْ ، و زماني كُـلُّ أنا عِـشْتُ لِيكْ " ،، " حَـاسِـيـبَكْ للزّمن " ، فهو الكفيل بعد هذا بإحقاق الحقّ الـفــنيِّ وكذا الجَداره ، وإزهاق روح كلّ مُتطفل على الساحة الفنية المقدسة !!!


    كُلثومُ أيتها الغريقةُ في يَـمِّ الأصالة الفنيـهْ، فَــيَـدُ الطربِ ساعتئذ ، تمتدّ نحوك من خلال الموج لتصافحك ، ولتؤشر على جواز سفرك ، وهي عليمةٌ مُدركهْ ،أنك رفعتِ للنفس بعد الفـُرقةِ ذِكرها ، و سجّلتِ في سِفر الدّنيا ، للدّنيا تـَرِكَتهَا ، فكانت أشرطةً ذاتَ صوتٍ حنون تتهافتُ على ابتياعها الأرواح ، وتخفق في المسعى إليها الألباب !

    فلا تحسبي ـ والحالةُ هذه ـ نأيَكِ عنّا يجتثّ يا " كُلثومُ " ما عَمِلَتِ الكلماتُ منكِ ، والحركاتُ على ترسيخهِ ، وإغرازهِ ، وشدّهِ إلى جذور العقل فينا !! .

    فــتَقَـبّلها يا فنّ الفقيدةِ تحيّةً و عزاءً ، واسمعهُ منا يا فنّها اعترافا و إكباراَ !!!؟؟؟.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    هامش/ 1 : العبارات بين مزدوجتين هي عناوين بعض أغانيها .

    هامش/ 2 : أغنية " الرّايْ " ، ضرب من طُبوع الغناء الجزائري ذي الأصل البدوي ، تؤدَّى به قصائد منظومة باللهجة العامية ، المنطوقة لدى سكان الغرب الجزائري ( نواحي وهران ، سيدي بلعباس ، سعيدة .. ) ، تُسمى تلك القصائد ذات المضامين التي تشعُّ حِكمة وأدبا بقصائد ( الشعر الملحون ) ، غيرِ المقيد بقواعد النحــــو والصرف ، كما هو الحــــال في الشعر العربــــي الفصيح ، و له هو الآخر عَروضه ، أوزانُه المعتمدة لدى فحوله ، الذين هم أشهر من نار على عَلم ، لدى سكان الغرب الجزائري خاصة ، لكن الهجمة العصرية التي اجتاحت الحقل الفـني في قلعة " الضاد " هذه ، دفعت بفئة من الشبان / الكهول ، إلى إشهار سلاح التقصير في وجه ذاكرة رُوّاده ، فاستحال في معظمه إلى مجرد كلمات مكررة على استطالة مدة الأداء ، خادشة في الغالب للحياء ، موسيقاها مستوردة ، وآلاتها لم تتردد في إمطار " الرّباب" و اللباس التقليدي ... ، بوابل من الألفاظ والعبارات الناكرة لهذا التراث ، المتجاهلة لعَراقة هذا الشّعر ، هذا الطرب الأصيل !!.
يعمل...
X