Announcement

Collapse
No announcement yet.

تدمر .. مدينة الحضارة والتاريخ والعراقة - نجاح حلاس‏

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • تدمر .. مدينة الحضارة والتاريخ والعراقة - نجاح حلاس‏

    مدينة تدمر ..

    مدينة الحضارة والتاريخ والعراقة

    7-9-2010
    تشكل بادية تدمر بمجموعها هضبة ارتفاعها بين 400-1400م تمتد على سطحها سلسلتان جبليتان تتفرعان عن سلسلة جبال لبنان الشرقية والسلسلة الأولى تبدأ من جنوب دمشق وتنتهي في وهدة تدمر وأشهر جبالها جبل الرواق وجبل النصراني وجبل هيان .والسلسلة الثانية تبدأ شرقي حمص ومنها جبل شاعر والجبل الأبيض وجبل البلعاس وجبل المنشار وبين السلسلتين سهل الدو الممتد حوالي 100كم بعرض 30كم ويقع بين القريتين وتدمر .وعلى
    حواف الجبال تتوضع بعض الواحات والقرى في بادية تدمر , عند الينابيع المتفجرة (تدمر- السخنة – الطيبة) وفيها وديان كثيرة تتحول في بعض السنين الى أنهار تدوم بضعة أيام مثل (وادي التياس , وادي حجار , وادي الرمل , وادي عبيد , وادي تدمر , وادي صواب)وتسود في بادية تدمر الرياح الغربية والجنوبية الغربية القادمة من البحر المتوسط عبر هوة طرابلس – حمص .وهذه الرياح ماطرة شتاء وتكون الأمطار غزيرة بعض السنين خاصة في مطلع الربيع كما تهب على بادية تدمر الرياح الشمالية الغربية حاملة موجات البرد والصقيع شتاء . وتهب عليها أحيانا الرياح الشرقية والشمالية الشرقية وهي باردة شتاء حارة وجافة صيفاً .والأساس الجغرافي لتدمر هو نبع غزير المياه يتفجر من الصخر عند معبر جبلي وهذا النبع خلق واحة خضراء أصبحت مكان استراحة بين العراق والشام ومحطة للقوافل بين الخليج العربي وبلاد فارس والبحر المتوسط .. ومياه الواحة صالحة للشرب منها ما هو كبريتي دافئ يستشفي به المرضى كما يصلح جدا لسقاية أشجار الزيتون والنخيل والرمان وهذا الموقع الممتاز كان ملائماً لقيام تجمع بشري هام منذ أقدم الأزمنة .ومدينة تدمر كغيرها من مدائن بلاد الشام تعاقبت عليها موجات شعوب الجزيرة العربية البائدة كالكنعانيين - الأموريين والآراميين وغيرهم ثم أخذ العنصر العربي يغلب عليها تدريجيا اعتبارا من مطلع الألف الأول قبل الميلاد حتى أصبح هذا العنصر في العهد السلوقي هو النواة الثابتة والغالبة في تدمر .ولم يعبد التدامرة من أرباب العرب اللات فحسب بل كانوا يعبدون إضافة الى اللات العزى ومنوة وأشر و معن وأبجل .... ولم يعثر في النصوص ولا في تمثيل الأرباب , ما يدل على وجود الرب حدد ولا على أي معبود آرامي آخر فضلا أن معبد الرب (بل) الذي هو بالأصل رب بابلي رافدي لا يعرف إلا طقوسا ومراسم عربية .أما اللغة العربية بلهجاتها الشمالية على الأرجح كانت لغة أصلية في تدمر ويتخاطب بها التدمريون في حياتهم اليومية .... ولغة الكتابة هي بالتأكيد الآرامية .... وكانت اليونانية مع الآرامية تستخدم في الكتابات المنقوشة الدينية والتذكارية . والآرامية كلغة مكتوبة كانت تسود الشرق الأوسط بكامله في ذلك الحين ولاقت أكبر انتشار لها في الألف الأول قبل الميلاد واستعملت في كل بلاد الشرق القديم .... وفي العهدين الهيلنستي والروماني ظلت اللغة الآرامية أكثر اللغات المكتوبة استعمالا في الشرق على الرغم من وجود اليونانية رسميا كلغة للسلوقيين ومن ثم للرومان في الشرق .والتدمرية كلهجة آرامية ذات ميزات شرقية كما أن فيها بعض خصائص اللهجات الغربية .والكتابة التدمرية من أجمل الكتابات المعروفة وقد أدخلت تحسينات مستمرة عليها حتى أصبحت تضاهي الكتابة اليونانية المعاصرة لها في تناسق حروفها وتناسبها وتكتب التدمرية بنوعين من الخط : الخط القاسي والخط اللين .الخط القاسي وهو الذي ينقش على الحجارة بالازميل ومعظم النصوص على الأوابد الأثرية في تدمر محررة بهذا الخط ... أما الخط اللين فيكتب بالفرشاة أو الريشة أو القلم وبعض النصوص المحررة به تكتب من الأعلى إلى الأسفل في المدافن , وهو بالأصل يكتب به على أوراق البردي ورق الغزال.أما الفن التدمري فإنه لا يخرج عن التقاليد المعروفة للفن السوري عامة في القرون الميلادية الأولى وغيره من الفنون الشقيقة فالمنحوتات التي وجدت في حمص ومنبج والمنحوتات الوطنية في حوران وجبل العرب (متحف دمشق ومتحف السويداء) والسرير الجنازي الدمشقي (حديقة المتحف الوطني بدمشق) وبعض آثار النحت في القلمون ومنطقة الزبداني والتماثيل النصفية التي عثر عليها في مقابر اللاذقية كلها شرقية ذات نسغ محلي ونسب مع بلاد ما بين النهرين وحتى فارس والهند وأوضح بكثير جداً من نسبها مع إيجة واليونان وكريت ومصر في عهد الفراعنة . ولعل النحت هو من أبرز آثار الفن التدمري إذ كان الفنانون التدمريون يعالجون الحجر بسهولة ويسر وبعض زخارفهم توحي بأنها منفذة على الخشب لا في الحجر .والذي سهل مهمة النحاتين التدمريين جبالها الغنية بأنواع عديدة من الحجر الكلسي منها ما هو ضارب إلى الصفرة طري نسبياً سهل المعالجة وهناك نوع آخر ناصع البياض قاس جداً شديد التبلور أشبه بالمرمر ولكنه خال من اللمعان ونجد نوعاً ثالثاً يميل إلى اللون الوردي .أما الجص وعجينة الجبس فاستعمالها مقتصر على تزيين الأفاريز والنوافذ وبعض التفاصيل الصغيرة الأخرى ... ولم يعثر في تدمر إلا على أجزاء قليلة من تماثيل البرونز وهي على كل حال تشهد بمهارة التدمريين في صب ومعالجة هذا المعدن .وتدمر في عهدها الأول لم تتبع مخططاً عمرانياً محددا بل تجمعت بين نبع أفقا ونبع المياه الحلوة ولها مركزان رئيسيان أولهما معبد بل القديم والثاني عند التقاء طريقي حمص ودمشق في المكان المعروف بالساحة البيضوية , وكانت أكثر بيوتها من اللبن أو الأجر وبعض الحجر .ومع ازدهارها الاقتصادي والسياسي خلال القرن الأول الميلادي أخذت المدينة تتسع وتنتظم بشكل رائع والمدينة محاطة بسور منذ عهد زنوبيا مدعم بأبراج مربعة أو دائرية وهناك قبل عهد زنوبيا سور قديم.أما العمارة الدينية التدمرية فتتجلى فيها تقاليد العمارة الشرقية الواضحة ... فالمعبد التدمري شرقي بحت يحتوي على صحن مقدس عبارة عن باحة ذات شكل رباعي محاطة بأربعة جدران وحولها أروقة وفي وسطها الهيكل المركزي الذي هو بيت الإله الذي يحتوي على تمثاله وسدنته وفي الباحة حوض للتطهر والمذابح للتقدمات .وهاهي تدمر مازالت قبلة للسائحين تؤمها المجموعات السياحية من كافة البلدان الواحدة تلو الأخرى للتعرف على أوابدها الشامخة التي تحكي حضارة من أعرق الحضارات في هذا الشرق العظيم .المصدر : تدمر والتدمريون 0 د0 عدنان البني‏
    نجاح حلاس‏
Working...
X