تويت
معرض الفن التشكيلي في طرطوس
لوحات إبداعية وفنية مرهفة عكست
جمال الطبيعة الساحلية
وكرست بيئة فنية عالية الثراء والخصوبة
طرطوس-سانا
مواهب متميزة وأنامل تضع بصماتها على اللوحة فتجعل من الفخار والرولييف والخزف والأكليريك والنحاس روحا تنطق وتتكلم أنها أنامل 32 فنانا وفنانة تشكيلية من طرطوس خلقوا بحسهم الفني المرهف لوحات صورت البيئة الساحلية بأنماطها المختلفة الريف والمدينة والبحر والطبيعة والدروب الجبلية والبيوت القديمة .
وأرخى الفنانون المشاركون في معرض الفن التشكيلي الذي أقامه اتحاد الفنانين التشكيليين بطرطوس ضمن فعاليات مهرجان صيف طرطوس2010 العنان لحسهم الفني في 52 لوحة تشكيلية جعلت من الطبيعة الصامتة تتحدث مقدمين بانوراما واسعة للمشهد التشكيلي للساحل السوري.
ولا يتوجه المعرض الذي استمر شهرا كاملا إلى النخبة من الجمهور إنما يخاطب جميع الفئات الاجتماعية ما جعله يحمل سمة وطنية خالصة في إطار صيغة فنية ترضي الحس الفني لدى جميع الرواد عبر عرض موسع لكل التيارات والمدارس الفنية التقليدية والحداثية التي تعكس تطور الفن التشكيلي على مدى عقود من عمر المسيرة الفنية في مختلف جوانبها.
وقال علي حسين رئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين بطرطوس إن وجود هذه اللوحات في مهرجان صيف طرطوس أعطاها قيمة وبعدا آخر من خلال تفاعل الناس على اختلاف إنتماءاتهم الاجتماعية وجعل عدد المشاهدين لهذه الأعمال الفنية يبلغ نسبة أكبر بكثير من عدد جمهورها في حال وجودها في معارض مغلقة. 
بدوره بين الفنان سليمان أحمد المشرف على المعرض أن المعرض يستمد أهميته من التنوع الإبداعي الذي تنطوي عليه الأعمال المشاركة والتي تطرق في مضامينها الفنية والفكرية الى كل حقول التشكيل والتصوير الضوئي والنحت والحفر وسواها ضمن مناخ تتلون فيه الخامات والأساليب والتقنيات المنفذة ما يكرس بيئة فنية عالية الثراء والخصوبة.
وأشار أحمد إلى أن هذا اللقاء الفني الواسع يقدم فرصة غنية للفنانين المشاركين للتلاقي والتفاعل بين شتى التجارب المبدعة من مختلف الأطياف الفنية الأمر الذي يمهد لحوار فاعل من شأنه أن يتمخض عن مجموعة كبيرة من الرؤى والتصورات المبتكرة لدى كل فنان على حدة إلى جانب ما يتيحه المعرض من خيارات تغني ذائقة المتلقين البصرية وتوسع آفاقهم الوجدانية والفكرية على حد سواء.
وبالنسبة لمشاركته في المعرض أوضح أحمد أنه قدم 7 لوحات بألوان زيتية مأخوذة من الطبيعة الساحرة في الدريكيش حيث الطبيعة الخلابة مبينا أن معظم أعماله تنتمي إلى المدرسة الانطباعية ذات التأثير القوي .
وكان لرولييف الخزف حضوره في المعرض حيث يقول الفنان جمال حمود إن مشاركته تضمنت عدة لوحات مستمدة من البيئة الساحلية التي اقتبس منها أفكاره .
من جانبه أوضح الفنان علي فاضل الذي غلب على أعماله الأسلوب السرياني أنه قدم لوحة عن الشطرنج مقتبسا موضوعها من قصة تعود إلى العصر الروماني سعى من خلالها لاستلهام العلامات التي يستخدمها في عمله لتكون رموزا معبرة على سطح اللوحة تجعل المشاهد يرى مجالا خصبا لقراءة أسرار اللون الأبيض والأسود الذي يضفيه على السطح إضافة إلى تقديمه لوحة عن المراة حاول من خلالها الدمج بين الحصان العربي الاصيل والمراة العربية بالأسلوب السرياني .
وامتازت أعمال الفنان جورج شمعون بالتركيز على الألوان الزيتية وكانت لوحاته السبع تعبيرية تجريدية وحاول من خلال إحدى لوحاته ترجمة قصيدة الشاعر الفرنسي كيفيك التي اقتبسها من أدونيس واشتغل فيها على علم الجمال المقارن من خلال تحويل الفن الأدبي إلى نص بصري ووصف مفردات القصيدة بأسلوب خاص .
أما تجربة الفنانة لونا سليمان فتركز على الحوار الداخلي بين الفن والإنسان عبر أرواح نسائية شفافة تملأ فضاء اللوحة وفي لحظة التجلي تكشف اللوحة بكل عناصرها الفنية عن إمكانية الوصول إلى اللحظة الصوفية عبر اللون .
وكان للضغط على النحاس حضور واضح وتأثير على المشاهدين الذي لم يعتادوا على هذا النمط من الفنون وهذا ما أوضحه الدكتور محمد الحاج صالح الذي قدم لوحات رسم بالضغط على النحاس تضمنت ثلاثة جوانب ظاهرة ومكشوفة للمشاهدين الأولى مستوحاة من عالم الشاعر عمر الخيام وهي تعبير عن حالة صوفية والثانية مأخوذة من تصاميم فارسية يمثلها شعريا عمر الخيام أما الأمر الثالث فهي الزخرفة والدقة في تنقير اللوحة التي تحتاج إلى وقت طويل.
وأشارت الفنانة سماهر دلا المشاركة بلوحتين تمثلان الطبيعة إلى أنها اعتمدت في تلوين لوحاتها الألوان الشرقية القوية الأحمر والأزرق والأصفر وهي ألوان كانت مستعملة في أثاث البيت قديما الحصائر و أطباق القش لافتة إلى أنها تعمل في رسوماتها على معالجة قضايا المرأة والتعبير عن آمالها وأحلامها .
وقال الدكتور إياد هيجاني من المهتمين بالفن التشكيلي من دمشق إن المعرض يظهر قدرة فناني طرطوس الفنية الجميلة بتنويعات وأساليب مختلفة ولغة جمالية بصرية حسية ملموسة ولوحات تجمع بين جمال الشكل والمضمون وتترجم ما يعتلج في صدور الفنانين التشكيليين من مشاعر وانفعالات وتأثرهم بمدارس فنية متعددة.
تقرير: عادل عيسى -ديمة الشيخ