إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

متفرقات..5..محمد الماغوط

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • متفرقات..5..محمد الماغوط

    اشكالات صحية


    نصيحة لكل مواطن عربي يمينياً كان أم يسارياً، مع الحل السلمي أم مع الحل العسكري، اذا ما أصابه عارض صحي، ألا يراجع طبيباً مختصاً.

    كنت أردد هذا الكلام وسواه. وأنا في طريقي إلى آخر عيادة رسمية أو خاصة لم أطرق بابها بعد. وكانت كأية عيادة في العالم الثالث، أرضها مغطاة بالمرضى وجدرانها مغطاة بالشعارات، وعندما جاء دوري امتثلت على الفور بين يدي الطبيب ومعي كل الوثائق التي تثبت خطورة حالتي وقلت له: دكتور،استحلفك بالله، بالبنسلين، بالترومايسين، وبقضية قضايانا الكبرى فلسطين، أنقذني. أذني مسدودة منذ أمد طويل. فسألني الدكتور بصوت مرتفع: منذ متى يابني؟

    - لا أعرف يا دكتور، كل ما أعرفه أن قناة السويس فتحت وأذني لم تفتح.
    - هل أصبت بمثل هذه الحالة في صغرك، أوبالأحرى هل تحمل من طفولتك مرضاً معيناً؟
    - أبداً، لم أحمل من طفولتي حتى الآن سوى هموم القضية وكنت دائماً سليم الجسم والطوية، ودائم البهجةوالسرور لأن الله الحبيب خلقني في هذه المنطقة الحبيبة. وكنت طوال حياتي، اذا ماطنت أذني أو التهب حلقي نتيجة الافراط في السهر والتدخين والشراب، أعرج على أقرب صيدلية وآخذ حبة أو ملعقة شراب وينتهي الأمر عند هذا الحد، إلى أن التقيت ذات يوم بأحد أصدقائي المثقفين وأنا أهم بدخول احدى الصيدليات لمثل هذه الغاية: فسألني باهتمام مما أشكو، فقلت له لا شيء مجرد "وشة" خفيفة في الأذن ... برشامة وينتهيالأمر: فاستوقفني بحزم قائلاً: لا، راجع طبيباً مختصاً. لقد تطور الطب كثيراً في السنوات الأخيرة، وعلينا نحن المثقفين أن نؤمن بالاختصاص، ونشجع المختصين ونسهل عليهم مهمتهم. لا تقاطعني. واذا لم تفعل بنصيحتي، لا أنت صديقي ولا أناصديقك.
    وفي اليوم التالي راجعت طبيباً مختصاً. وفي الأسبوعالتالي كان عندي من التحاليل والصور الشعاعية والوصفات الطبية ما يعادل مؤلفاتيكلها.

    لقد كان له ما أراد واستأصل اللوزتين. وكل ماأذكره بعد ذلك هو أنني منذ غادرت المستشفى وقال الطبيب وهو يودعني "معافى ان شاءالله" لم أعرف طعم العافية. فبعد يومين التهبت أذني اليسرى واليمنى، والتهبتالمنطقة، وصارت الوشة اثنتين. وكلما شربت قدح ماء، يعود بعد قليل ليخرج من فميوأنفي. أما بالنسبة لانسداد الاذن فقد أصبح عندي تقليداً لا يناقش فيه . فصرت لاأسمع ما يقال ولا يفهم ما أقول. ولما كنت جليس مقاهي ومدمن مناقشات، فكنت لا ترانيالا ويدي حول صيوان اذني متسائلاً بصوت مرتفع عن كل كلمة تقال ومستفسراً عن كل رأييطرح على طاولتي وطاولات الآخرين. ولما كانت معظم مناقشات المقاهي سياسية، فقد أخذروادها يظنون بي الظنون، واعتقدوا أنني من المقاهي سياسية، فقد أخذ روادها يظنون بيالظنون، واعتقدوا أنني من إياهم، ولذلك صاروا يتهربون من أسئلتي اذا سألت، ويصمتوناذا ما دخلت

    وكنت لا أنفك أراجع الطبيب تلو الطبيبوالمستشفى تلو المستشفى دون نتيجة، لقد كانوا يتقاذفونني ككرة القدم، شعبية الأذنيةحولتني إلى العينية، ومن العينية إلى العصبية، ومن العصبية حولوني إلى الداخلية،ولو تابعت الانصياع لأوامرهم لحولوني إلى الخارجية والدفاع

    ولذلك عيل صبري وسلمت أمري لله، ورتبت أموري على أساس أن أعيش بقية عمريباذن واحدة خاصة وأنه لم يعد في المنطقة ، بشعاراتها وسياساتها وخطبائها واذاعاتهاوأخبارها وأغانيها ما يستحق أن يسمع

    لكن يا دكتور،لاحظت في الآونة الأخيرة أن الضجر قد زال من النفوس وحل محله الهياج والترقبوالانفعال، وحمى وطيس المناقشات من جديد في المقاهي. واستنفر الجميع حول أجهزةالاذاعة والتلفزيون، فثار فضولي خاصة وأنه صار يتناهى إلى سمعي بكثرة اسم ساداتسادات - بيغن بيغن، فقلت: الحالة غير طبيعية ولا بد أن أنباء هامة تتواتر فيالمنطقة، ويجب أن أسمعها، وبأذني الاثنتين، لا بأذن واحدة. فقال لي الطبيب بصوتمرتفع كعادته منذ أول المعاينة: من الأفضل ألا تسمعها. فقلت له: ما الفائدة؟ اذاكنت سأعيش نتائجها
    فقال: هل قمت بتحليل دم؟
    طبعاً. أنظر هذه هي التحاليل وهذه هي الأدوية وهذه هي الصور الشعاعية. أنظرهذه صورة للجيوب الأنفية، وهذه صورة للرئتين، وهذه صورة للأذن الملتهبة ... وهذه ... لا لا هذه لا علاقة لها بالموضوع
    فسألني مقطباً: ما هذهالصورة العجيبة التي تحاول اخفاءها وراء ظهرك
    فقلت له: هذهصورة للوضع السياسي في المنطقة ولا علاقة لها بالموضوع
    فقالوهو يحدق إلى الصور والتحاليل: من الواضح أن في أذنك سوائل تؤدي إلى انسدادها. ماءأم زلال أو ما شابه
    فقلت له: حتى لو كان فيها بترول يجب أنتفتح
    فقال بعصبية: يا بني اذنك بحاجة إلى عمليةجراحية
    فقلت له: وأنا استلقي بثيابي على طاولة العمليات: انني جاهز، هات أمواسك ومشارطك
    قال: إنهض لا يوجد عنديمخدر
    قلت: لا داعي لذلك، انني مخدر منذ عام 1948




    الفراشة


    مواطن عربي قتل في احدى المظاهراتالشعبية ابان الحماسة الوطنية التي اجتاحت المنطقة بعد الاستقلال. يشتاق وهو إلىجوار ربه إلى زوجته وأطفاله وبلاده. فترف روحه من الشوق والفضول في كبد السماء،ويجري الحوار التالي مع زوجته التي كادت أنتنساه:

    الزوج: كيف الصحة والاولاد والجيران؟
    الزوجة: بخير. وأنت؟
    الزوج: وهل هناك أروع من أن يموت الانسان في سبيل بلاده ومبادئه. ولكن فراقكم أدمى قلبي أكثر من جراحي.
    الزوجة: وماذا نقول نحن. آه لو تعرفماذا فعلت خالتك أم حمود، وماذا قالت عمتك أم حميدان عندما اذيع نبأموتك.
    الزوج: لا أريد أن أستنفذ المكالمة في أخبار شخصية. أريد أن أسأل عنالقضايا الكبرى التي قضيت من أجلها. طمنيني: ما أخبار حركة التحررالعربي؟
    الزوجة: عال.
    الزوج: وحركة عدمالانحياز؟
    الزوجة: ممتازة.
    الزوج: والحرية في الوطنالعربي؟
    الزوجة: بتبوس ايدك؟
    الزوج: والسجون؟
    الزوجة: فارغة.
    الزوج: عظيم. عظيم. لأن حلمي الكبير كان الاستفادة منتلك القاعات الرهيبة بعد اخلائها، اما كمسارح لرقص الباليه، أو معاهد لتطويرالموسيقى الشرقية. فبماذا تستغلونها الآن؟
    الزوجة: ما زلنا حائرين بين الباليهوالموسيقى.
    الزوج: عظيم. عظيم. وبرامج الاصلاح الزراعي هلاكتملت؟
    الزوجة: إلى حد كبير.
    الزوج: اذن أصبح كل شيء متوفراًورخيص الثمن بالنسبة للطبقة الكادحة.
    الزوجة: طبعاً وخاصةالفاكهة.
    الزوج: رائع. رائع. ولكن حذار، لا تكثروا من التفاح. فهو يسبب "الكتام" ولا تسرفوا في التهام الموز على الطالع والنازل فهو يزيد نسبة النشوياتويشوه اجسام العمال العرب ويعيقهم عن أداء واجبهم.
    الزوجة: اطمئن من هذهالناحية.
    الزوج: وبالنسبة للمشاريع الاقتصاديةالكبرى؟
    الزوجة: كالمطر. ونحن الآن نقطفثمارها.
    الزوج: اذن فالأموال العربية لعبت دورها كما يجب. فنحن أغنياء كماأذكر.
    الزوجة: بل من أغنى أهل الأرض. ولولا هذه الأموال لانهار الإقتصادالبريطاني والامريكي، منذ سنوات.
    الزوج: "بعد تفكير" على كل ما دامت هذه الأموال فائضةعن حاجة الوطن العربي، بعد أن قضى على الفقر والجهل والأمية والبطالة، فلا مانع منمساعدة الغير. إنها من شيم العرب كما تعرفين؟
    الزوجة: هل تريد شيئاًآخر؟
    الزوج: ما أخبار فلسطين؟
    الزوجة: ارفع صوتك انني لااسمع.
    الزوج: لا استطيع ذلك. وإلا استيقظت ارواح الشهداء العرب منحولي.
    الزوجة: معك حق. وأنا تعبت والطبخة على النار. ماذا تأكلونعندكم؟
    الزوج: لا تغيري الموضوع. ما أخبارفلسطين؟
    الزوجة: ولو، وهل هذا سؤال يسأل بعد هذهالسنين؟
    الزوج: اعرف ذلك. ولكنني ما زلت قلقاً على اليهود. لا تلقوهم فيالبحر. خيروهم بين العيش بيننا بسلام أو العودة إلى بلدانهمالأصلية.
    الزوجة: تكرم.
    الزوج: ولا تقسوا عليهم أثناء التسفير، فالعفو عندالمقدرة، لأن العرب كما تعلمين أثناء الفتح الإسلامي وأثناء حربهم مع الفرس والرومكانوا ...
    أحد الجيران: ولك سد بوزك العمى شو أجدب.




    سوبر ماركت الشرق الأوسط


    طالب: عندك ديوان (قرارةالموجة) لنازك الملائكة؟
    البائع: عندي ديوان (كيف تركبالموجة).
    الطالب: من تأليف من؟
    البائع: أبرز الشعراء والكتاب العرب.

    * * *


    عامل: عندكخبز؟
    البائع: بالخبز وحده لا يحيا الإنسان.

    * * *


    مثقف: اذناعطنا كيلو حرية.
    البائع: ليس عندي سوى حرية استيرادوتصدير.
    المثقف: وحرية التعبير؟
    البائع: بالمشمش.

    * * *


    المرضعة: عندك "حفاظات" أجف من القماش بمرتين؟
    البائع: كان عندي كميةكبيرة ونفذت. الطلب عليها كثير هذه الأيام.

    المرضعة: عجيب،مفقودة في جميع المحلات. ما السبب؟
يعمل...
X