إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القلعة أقدم موقع مأهول - خالد الأحمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القلعة أقدم موقع مأهول - خالد الأحمد

    أقدم موقع مأهول في المدينة:

    قلعة حمص

    ((مدينة ملكية دفاعية مصغرة))

    الصحفي خالد عواد الأحمد
    أول مايبدوللقادم نحو مدينة حمص السورية ذلك التل الجاثم في مدخلها بجلال وروعة متسامقاً يشد الناظر رغم كل صروح الحضارة العمرانية الحديثة التي ارتفعت بجواره وماذالك التل سوى قلعة حمص التي تعتبر من أهم المعالم الأثرية والتالايخية في المدينة بلا ريب.

    تقع قلعة حمص في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة. .. وقد شيدت فوق تل يرتفع عن البحر 533 متراً، ويرجح أن اسفل التل طبيعي صخري وأعلاه صناعي، وهو على شكل مخروط ناقص، محيطه في الأسفل نحو 900 متر وارتفاعه عن سطح الأرض المحيطة به ثلاثون متراً، وسفحه الشمالي الملاصق للمدينة شديد الانحدار يكاد يكون عامودياً، وقد تبدو القلعة على غرار القلاع الأيوبية والمملوكية المبنية الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، والتي تعتبر قلعة حلب أفضل نماذجها المتبقية، تعلو منحدرها الذي يحيط به الخندق ابراج مربعة، وكأنها مدينة ملكية، ما زال احدها في الشمال الشرقي متكاملاً في مظهره الخارجي.

    يعتقد الكثير من المؤرخين وعلماء الانثربولوجيا أن أقدم موقع نشأ فيه السكن في حمص هو تل حمص (( مكان القلعة الحالي )) وأثبتت الدراسات التي أجريت على اللقى الفخارية السطحية المكتشفة في الطبقات الدنيا من التل، أن الموقع كان مأهولاً في النصف الثاني من الألف الثالثة قبل الميلاد، والتل الحاي التي تتوضع القلعة عليه يفترض أنه يدفن ضمن طبقاته حمص القديمة قبل توسعها خارج حدود التل ابان العصر الروماني، وأن الخندق المحيط بالتل كان ضمن النظام الدفاعي للمدينة لأنها كانت تتعرض لغزوات البداوة والرعاة. ومع غزو الرومان لمدينة حمص ووصول (( جوليا دمنة ))ابنة كاهن معبد الشمس إلى عرش الامبراطورية الرومانية اتسعت حمص من سور دائري حول التل إلى مدينة لها شكل المستطيل (( 1400 – 999 )) ق.م وخضعت للمخطط الكلاسيكي للمدن الهلنستينية الرومانية، وفي الفترة الممتدة من نزول السكن من التل وحتى انتشار المسيحية اخذ تل حمص ينفرد بكونه مكان عبادة مقدس في شكل (( اكروبول )) للمدينة الجديدة (( المركز الاداري والديني للمدن القديمة )) فقد ضم معبداً لإله الشمس الاسطوري الذي دعاه الحمصيون (( ايلاغابال )).

    وقد تأكد قيام المعبد على التل عندما عثر على حجر من الصخر الكلسي القاسي ارتفاعه 57سم وضلع قاعدته 30سم وقد نقش في وسطه بالخط اليوناني القديم مايلي (( تقدمة من مايدولس بن غولاسيس )) أي إله الشمس ((ايلاغابال))هذا المذبح مشكوراً ، ولكن بعد انتشار المسيحية والقضاء على الوثنية بدأ التل يتحول وخاصة في العصر البيزنطي إلى قلعة عسكرية.

    مدينة ملكية

    تبدو قلعة حمص من الداخل وكأنها مدينة ملكية مصغرة فيها دور السكن والمسنودعات والمسجد وكل مايلزم الاقامة والدفاع للحاكم وحاشيته وحامية للقاعة، وتدل الكتابات المنقوشة على البرج الشمالي أن من بناها هوأسد الدين شيركوه، وثمة نص منقوش على حجريقول (( أمر بعمارته شيركوه بن محمد في سنة أربع وتسعين وخمسمئة )) ويبدو أن شيركوه هو اكثر من حصن القلعة واهتم بها بسبب طول مدة حكمه التي امتدت إلى 45 عاماً، ويقول ابن نظيف الحموي صاحب كتاب (( التاريخ المنصوري )) عند الكلام عن أحداث سنة 624 للهجرة، وفيها شرع السلطان الملك المجاهد صاحب حمص في حفر خندق القلعة وتوسيعه وحصانته، لأنه من الثغور الاسلامية المندوب إلى حصانتها وقد كانت قلعة حمص أيضاً قبل ذلك مترجلة صغيرة فعلاها وكبرها وحصنها ))

    وقد اشتهر مسجد القلعة الذي دعي أيضاً مسجد السلطان باحتوائه على نسخة من المصحف لبعثملني الذي أرسله عثمان بن عفان إلى حمص وظل هذا المصحف محفوظاً في جامع القلعة حتى خاف الناس عليه من الفقدان فنقلوه إلى جامع خالد بن الوليد وبقي فيه ردحاً من الزمن إلى أن استولى عليه جمال باشا السفاح ونقله إلأى القسطنطينية.

    القلعة والصومعة

    في فترة العثمانيين تضاءل دور القلاع زنظراً لاكتشاف الاسلحة النارية وخاصة المدفعية التي اعتمدها العثمانيون، ولكن قلعة حمص ظلت مركزاً استراتيجياً لترييض مدافع الحامية، وفي فترة شق المدخل الحالي للقلعة من الغرب وذلك لسحب المدافع إلأيها، واذاقت مدافع القلعة الحملة المصرية بقيادة إبراهيم باشا الويلات فقر فور دخوله حمص تخريب منشأت القلعة وأمر بأن تنزع الطبقة البازلتية من على سطوحها لتستخدم في بناء المستودع العسكري
    ((الدبويا )) وهي كلمة محرفة عن الفرنسية وتعني المستودع.


    واكملت بلدية حمص المهمة1911 عندما أقدم رئيسها إبراهيم الأتاسي على اقتلاع ما تبقى من احجار البازلت من سفوح القلعة وشيد بها مخازن في القسم الشرقي من الصومعة اتخذت مستودعاً للمحروقات السائلة (( كازخانة)) ولا تزال هذه المخازن قائمة حتى اليوم،وهكذا نشأت التقليعة الشعبية في ذلك الوقت (( ركبت القلعة على الصومعة )).

    منبت الحظوظ

    في أواخر العهد العثماني تحولت وظيفة القلعة الدفاعي لتصبح مكاناً لاحتفال طريف هو (( خميس النبات )) أو خميس القلعة، إذا يقاطر الناس من كل مكان ويتجمعون على سطحها يتدافعون حول بئر واسعة قديمة، ويتنافسون على قذف الحجارة في جوفها ثم يتنصتون لسماع أصوات ارتطامها في القاع، فإذا تركت دوياً وطنيناً كان صاحبها ذو حظ رائع – يفلق الصخر - واذا لم يصد إي صوت دل ذلك أن حظه، أو حظها هامد خائب ذلك أن البئر هي ( جب البنات ) حيث تنبت الحظوظ كما يقولون- وكان خميس القلعة هذا يعقد بعد زوال الشمس وجنوح النهار إلى الاصايل فتتقاطر على القلعة جموع النساء والصبيان والفتيات يتجمعون عند سفحها الغربي فإذا ضاق بهم توغلت النسوة في الجبانات المجاورة.

    بقيت هذه العادة حتى دخول الفرنسيين إلى حمص صباح 28 تموز / يوليو عام 1920 واتخاذهم من القلعة موقعاً عسكرياً فحيل بين الناس وبين الصعود إلى القلعة لاختبار حظوظهم، وبعد أن أقام الفرنسيون حامية عسكرية شيدوا بعض الابنية فيها كما وسعوا المدخل الغربي ورصفوه لتحرك آلياتهم، وحظروا الأهالي من الاقتراب منها وغدت القلعة مصدراً لموت والدمار عندما قصفت الحامية مدينة حمص بالمدفعية وقامت بعمليات قنص للسكان في الشوارع وداخل البيوت كرد فعل على الثورات السورية في 29 ايار- مايو 1945.

    اكتشاف وترميم

    من معالم القلعة المغارة الكبيرة التي يتجه مدخلها نحو الجنوب، وعلى سوية أرض الخندق بعرض وسطي قدره 15سم وبعمق75 سم وهي كهف طبيعي في أساس التل، ربما لم يكن موجوداً في الماضي، وأنه كان اصغر من ذلك وكشف بإزالة التصفيح، وتوسع بهدم جدرانه الكلسية لاستخدامها في صنع الكلس.

    وفي أعلى لقلعة فسحة منبسطة إذا أن الفرنسيين قاموا بتسوية أرضها وهدم ما تبقى من مبانيها بدليل أن سوية الأرض تناسب تماماً مع أرضية المباني الفرنسية التي لاتزال محافظة على وجودها، ومن الخارج نجد أن القلعة قد ردم خندقها وفقدت تصفيحها عدا بعض المناطق التي لاتزال تحتفظ بطبيعة التصفيح الداخلي (( البطانة )) وتهدمت أسوارها جميعاً. وقد تم كشف اساسات قسم كبير من الأسوار. كما كشف عن الباب الشمالي الشرقي وهو الباب الاساسي للقلعة ومدخله يماثل مدخل قلعة حلب، كما رمم البرج الشمالي عام 1952 واكتشف في القلعة صهريج بعمق 27 متراً مكون من بضعة طوابق لها أدراج طول ضلع مربعه 5 أمتار ويعتبر من الفن المعماري الأيوبي النادر….



يعمل...
X