إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أنا و عفاشي و الحارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أنا و عفاشي و الحارة

    أنا وعفاشي والحارة


    د.محمد عبد الله الأحمد



    ربما احتجت لفترة حتى أعرف حلاوة الحارة ، بعد أن أكلت (قتلة) لمجرد نزولي من سيارة مرسيدس في عام 1974م في حارة بيت جدي (حارة عكرمة) !


    و لقد لعبت حنية و كرم جدي دوراً كبيراً لأحب المكان بعد أن ولدت و كبرت في الشام . و بعد جدي - رحمه الله - بدأ التأقلم مع الحارة بالتدريج و كان التعرف على


    (الدكنجي) ! و الدنكجي في ذهن الطفل لا تقل أهميته عن الأهل !! و كيف لا و هو يقدم (الأسكا) و (النوغا) و (النعومة) و فرد الفلين !؟


    بعد مرور وقت صار لدينا قائمة بأسماء تعتبر علامات فارقة في الحارة مثل : (أم كاسر) و (أبو طحين) و (سيبورا) و (عفاشي) و لاحقاً (أبو وهب) و (أبو عبده الحلاق)


    و علامة هؤلاء ضرورية فهم مراكز رئيسية في الحارة و لا تكتمل القائمة إلا ب (أبو شاكر) بياع الفول حيث كانت طاسة المرقة بالكمون و ملح الليمون تسوى بلد !


    قصتي مع (عفاشي) رحمه الله و عفاشي هو صاحب ما بات يعرف لاحقاً ب (السوبر ماركت ) مع فرق مهم أن دكانه أربعة أمتار مربعة فقط يجمع فيها كل شيء من الشحاحيط إلى البراغي و الحلاوة و الملفوف و الباذنجان و الدفاتر ... و لقد سمي العم عفاشي بهذا الاسم لأنه كان يدير بنطاله بطريقة خاصة قد تظن أن قفاه أمامك برغم أنه يحدثك وجهاً لوجه !


    لعفاشي – رحمه الله- فضل علي حيث ضعت من جدي مرة ووجدت أقدامي تسوقني إلى حيث الحلوى في دكانه و بدأ يطعمني دون أن يعرف من أنا حتى وجدني المرحوم (ابراهيم الطويل)


    و هو قريب غال توفي شاباً في حادث أليم .


    و لأبي شاكر بياع الفول مأثرة لا تدعو للفخر بل للضحك المؤلم حيث قرع أمامنا رجلاً مع ولديه لأنه طلب فولاً و مرقة بفرنك لثلاثة أشخاص و قال له :


    - شو طقم سموكن و فرنك !!


    و ظللنا نضحك سنين على هذا حتى وعينا على نظرية


    (دور الفرنك في إحياء ربيع الكادحين )


    و كان أبو شاكر ذا لسان فضائحي بالفعل و كان يصيح على بضاعته بعبارات يقوم بتشفيرها فوراً إذا مرت امرأة !!


    أما (سيبورا) فلقد كان علماً للجميع و صار رمزاً فيما بعد عندما صار حبيبنا المرحوم غسان كوسا يغني (جيفارة مات) هكذا (سيبورا مات) حتى لا يظنن أحد أنه يغني أغنية خارجة عن الرقابة !!



    ربما يعرف العزيز فريد ظفور قصصاً أكثر مني بالتأكيد لأنني أصغر عمراً و أخلط بين حمصيتي و دمشقيتي حتى إذا انقسما على اثنين أصير نبكياً بحكم قياس الطريق بالسيارة أسبوعيا و نحن قادمين إلى بيت الجد من الشام التي كان عمل الوالد فيها .. لكنني لن أنسى أبداً خبز الكماج و حجار القلعة من فرن (أبو صلاح) و مشروح (أبو غنيم) و (مطعََم) أبو رزاح و كرة القدم في البرية التي هي الآن ما يعرف بعكرمة الجديدة وصولا إلى وادي الذهب الذي لم يخطر ببال أحد منا أنه سيصير يوماً ما كما هو الآن !


    هي حارة عكرمة بكل ما فيها و أهم ما فيها التحول الفلاحي إلى حياة المدينة حيث تخلينا عن أشياء جميلة و بسيطة و صرنا أولاد مدن دون أن نعرف كيف تعيش في المدينة بأفضل طريقة ممكنة .


يعمل...
X