إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بقلم : العقيد بن دحو - ( جميلة بوحيرد / من عبد الرحمان الشرقاوي الى نزار قباني )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم : العقيد بن دحو - ( جميلة بوحيرد / من عبد الرحمان الشرقاوي الى نزار قباني )

    جميلة بوحيرد
    من عبد الرحمان الشرقاوي الى نزار قباني

    بقلم : العقيد بن دحو/ادرار/الجزائر


    حين تصير المرأة ثورة وقضية,بل المجتمع كله,ولودا ودودا,ليست الولادة النمطية الفيزيولوجية المتعلقة بالمحافظة على قوى النوع والعرق والجنس البشري,وانما ولادة انسانية ثورية للأفكار وللأحاسيس,التي تقود الى الثورة بكل تجلياتها الحضارية المادية والمعنوية,ومن تمة الى التغيير,تغيير يهز المجتمع من جذوره,اذا ما ووضع في موضع ابداعي منظم عن وعي وادراك وخلفية انسانية خلاقة راشدة,سوف ترددها الأجيال على مختلف العصور والأزمان كابرا عن كابر أغنية محبة بلسان الملائكة والأنبياء الى أبد الأبدين.
    جميلة بوحيرد,بطلة من أبطال الثورة الوطنية الجزائرية الخالدة ,أشهر من نار على علم,شاء من شاء وأبى من أبى .ملحمة انسانية خالدة,جسدت مكانها وزمنها وفعلها امرأة جزائرية ثائرة ضد الظلم والبطش الإستدماريين.استطاعت بفضل شجاعتها وعزيمتها التي اوشكت أن تصير أسطورة الخليقة جمعاء,استطاعت ان تسجل اسمها بأحرف من نور ونار في مسرد المناضلين والمناضلات دوما وفي مجرى التاريخ.وكونها بطلة واقع المشهد الثوري 1945 وأكثر من الواقع والطبيعي,عجزت الحركة الأدبية المحلية والعربية,عبر مختلف الأجيال وعلى مختلف تياراتهم ومذاهبهم الفكرية والفلسفية في اعادة قاعدة تمثالها المقدس ضمن نص أدبي معين ,الا وكان هذا النص شفافا,يكشف عن جوهر ما فيه,لتبزغ جميلة طقسا مهيمنا مستحيل العبور,يسيطر على العملية الإبداعية برمتها,بل يغرقها في لجج القول دون الفعل,والحدث دون عظمة الشخصية وسمو اللغة,بل مهيمنا على الفن,وتصير الفن مقلدا للواقع,وما يكتبه الفنان مقلدا لجميلة بوحيرد ,عوضا أن تكون الطبيعة هي التي تقلد الفن.لقد كانت جميلة ما تكونه ,وما يجب أن تكون,الثورة والنصر,وعظمة الفن واللغة.لقد عودتنا الكتابة الكلاسيكية حول المرأة,فان الكاتب يقدم خدمات جليلة للبطلة في مجرى الزمن ,سواء ما قبل التاريخ او في مجرى التاريخ / (انتجون) صوفوكليس ,/ (ليستراتا) / ارستوفان ,(الكترا) / اسخيلوس و(كليوباترا) / عند أحمد شوقي,لأن الكتابة وفق النهج الكلاسيكي تصير شبيهة بالتاريخ,وميراثا للفن.حين يتطلب النص الإبداعي اضفاء النص الخرافي / الأسطوري / الحكاية الشعبية ليستقيم الهائل المذهل المدهش ,وانقاذا للديباجة الأدبية ,ذاك أن لم يعد في الإمكان أبدع مما كان...! ناهيك ,ان كانت الشخصية تاريخية واقعية,بل,أكثرمن واقع وأ
    كثر من تاريخ ,بل هي مغامرة تدريب على السقوط من ارتفاعات شاهقة,قبل أن يدق عنق الكاتب الأديب .ذاك أن عظمة شخصية البطلة تكون لها الفضل عن العمل الأدبي,بتلك القوى الخارقة الساحرة الآسرة للألباب والعقول,بل تصير الشخصية هي الخالقة للذات المبدعة وللنص في آن معا.
    القارئ الثقاف الحصاف عن جميلة بوحيرد,وسواء كان الكاتب هو الروائي العربي عبد الرحمان الشرقاوي ,نموذجا عن رواية / الأرض المفجوعة / او مأساة جميلة او الشاعر السفير,نزار قباني شاعر المرأة,فانه ومن دون شك يلتمس النص الذي يجدد نفسه بنفسه من أول كلمة الى أخر كلمة.كما ان القارئ الفنان المثقف قد يتحسس بفضل خبرته واطلاعه على الجدار الذي اصطدم به الكاتبين,فحتى عندما استعانا بما لايجوز لغيرهما,للمؤرخ او للسياسي و للمفكر,وحتى ان اتكأ كل منهما على قوة المخيلة وعلى الشبيه بالتاريخ,وقوة الذاكرة الثقافية وجدا نفسيهما أمام طقس مهيمن على كل عوامل اللحظة المسحورة,لن تسمح برصد الخلق
    ,بل حتى على الحالة المتواجد عليها وفيها النص.بالمقابل بامكان القارئ ان يلتمس جليا مدى السلطة التي مارستها المرأة على سلطة النص الفنية,لذا لاغرو ان لم يقبل اسم جميلة بوحيرد حتى الساعة أية تأويلات او تداعيات لأسماء أخرى ,او اية جميلات أخرى,حين أتخذت بعض وسائل الإعلام من اسم جميلة اشتقاقات أخرى (جميلات الجزائر)...!بعلم اومن دونه...!جميلة واحدة موحدة,في المكان والزمن والحدث,(في يوم واحد ومكان واحد يتم حدث واحد).لذا يذهب بعض المغمورين ان نص جميلة كتب نزار,وحينما أراد بشعره أن يفقد عزيزا فقد نفسه ,فهو في دوامة يبحث عن نفسه عن مخرج لها ولم يخرج أبدا.لم يتصبب عرقا بقدر ما أرقه النص الثوري معقود على ثائر,خصوصا حين أراد أن يفرض على النص اسلوبه النسائي المعهود,كخلفية عاطفية شعرية,حين أدرك بمنتصف الطريق لاعودة بوجود اسلوب ولغة ونص سابق عن مخيلته الإبداعية الإلهامية وكذا قدرته الثقافية التفكيرية,وها النص يكشف عن عجز الفنان عن لعبة فن المحاكاة الشعرية,مهما كانت درجة استعانته بالأسطورة كرمز او جواز عبور في سبيل تسلق الجدار الثوري بروح المقاتل والنبي.
    وطن الحلول:
    اما عن الرواية والروائي عبد الرحمان الشرقاوي عن جميلة بوحيرد,تعود الى النكسة العربية سنة 1967 وعندما بحث يمينا وشمالا عن فعل يجسد المقاومة,يشحذ همم بنو قومه,خاصة عندما اصبحت الهزيمة تلو الأخرى,وبعد ان جاب الروائي التراث العربي والإنساني قديمه وحديثه ,لم يبق له الا الثورة الجزائرية للوصول الى الخيال الخارق عالمي وثوري عن حب وقصد كوطن للحلول كما تقول الصوفية,اينما حل أصاب وجاء بالكرامة والحرية المفقودتين اسما وروحا,صورة وصوتا ودما وجسدا وعقلا لأمرأة من شمال افريقيا اضاءت شعوب المعمورة التواقة الى الحرية وتقرير المصير.هكذا استطاع الكاتب أن ينقذ نفسه والشعوب والجيوش العربية,من الإنتكاستين,انتكاسة الجيوش في ساحات الوغى,وانتكاسته الذاتية الإبداعية على الورق المادية والمعنوية.هكذا اذن صارت جميلة بوحيرد شفاعة أدبية وسياسية وثقافية,بل هي صرخة مدوية ضد سياسة الإنبطاح والتماطل وضياع الأوطان في سبيل المحافظة على ظلال الكراسي الفارغة.صرخة كانت كافية لإطاحة بالقادة والرؤساء والملوك المدبرين المذهولين المصدومين من حروب اسرائيل ,او الإتفاق الضمني مع الإختلاف,منذ وعد بلفور الى يومنا هذا.بحث اذن عبد الرحمان الشرقاوي في سحر الشرق,ولم يجد ما يهز به كبرياء بني وطنه وقومه ,وبحث في حضارة الغرب ولم يجد ما ينشده لأهله من توعية وتعبئة وسلاح,غير تلك الأسلحة الفاسدة المشتراة المتبقية من اعقاب المعسكر الشرقي الإتحاد السوفياتي سابقا,او غير تلك الموجهة للأسواق الداخلية اوتلك الدفاعية المحضة,اوتلك المغذية للنزاعات الطائفية والنعرات القبلية في دول العالم الثالث وافريقيا خاصة.فطار دون جواز سفر الى المخيال المبدع الأصيل,حيث سحر الكلمة وصدق المعنى,والثورة تجر الثورة,وحيث النجاح يجر النجاح,الى الجزائر,ليفوز بكل التكريم,وبكل الصيد,وجاء هذا في حرب 1973,حين شارك الجيش الجزائري مع اخوانه من الجيوش العربية وأبلى البلاء الحسن.
    الوطن/ الشعر /الرواية
    وهكذا تم ميلاد جميلة بوحيرد أخرى,بطلة معركة أخرى, في الميدان وعلى الأوراق,حين تخمد معارك الثوار ويأتون بالإنتصار,تظل رائعة كل الأوطان في كل زمكان,على اعتبار الكاتب الروائي يكتب رواية عندما يوشك أن يخسر وطنا ,ويكتب الشاعر شعرا عندما يوشك ان يخسر صديقا او حبيبا.اما نزار قباني كتب لمواطن واحد ولشعب واحد ولجغرافية واحدة,على محور المسافة والتاريخ والإنسان.الإنسان صديق الشاعر اينما حل ووجد وكتب شعرا عندما أدرك بأنه سيخسر هذا الصديق لامحالة.لكنه ,سواء خسر كل من الأديبين صديقا أم وطنا فانهما ربحا معا الحرب,حين ردا عاملي الربح والكسب للإنسان الشامل الأعم ,بغض النظر عن جنسه وعرقه,وتنازلا ايضا لسلطان أسلوبهما واعترفا بعجزهما حين وظفا ما فوق التوظيف جميلة بوحيرد لقضيتهما الأم الوطنية والقومية,ولو أن الإعتراف جاء غير معلنا,لاتكتبه صحف ولا يقره قانون ,وانما يتلو في بهو صفحات العدالة الشعرية,من حيث صوت الشعب هو من صوت الإله ,ومن حيث القانون لايجب أن يكون مناهضا للعدالة.لهذا جاءت نصوصهما الروائية الشعرية تعزية تشير الى الإنهزام بالمعار ك او فشل بعض الدول ليست قضاء وقدر,وانما يبقى أملها متعلقا في كيفية كسب الحرب آجلا ام عاجلا,خاصة حينما تكون مهندسة الكسب مبعث فخر وأعتزاز لوجودهما الإبداعي,سواء على صعيد الفرد او الجماعات,سواء كانوا شعراء او روائيين ,اومجرد اشخاص عاديين يصبون الى تحقيق حلمهم الجمعي ,مثلما يكون تماما الحلم ثورة الفرد في الجماعة.
    هكذا يكون جواهر الأدب الملتزم,حينما تصنع من الثورة,وهكذا تكون صفاء الثورة حينما تصنع من الأدب ليجسد الشاعر والروائي والجندي المحارب المقاتل بجبهات القتال,والأدب والثورة ملحمة الإنسان الخالد في دورة الإنسانية الخالدة عبر مجرى الزمن . فالثورة ثورة الجزائر الكبرى المضفرة,والملحمة ملحمة نوفمبر,والمأساة مأساة شعب بأكمله,بل أمة جراء وطأة الإستدمار,والبطلة هي جميلة بوحيرد.هي تماما عكس الأسطورة الناتج عن أثر أدبي مجهول الهوية,كما أن في ميلاد ثورة الشعوب ينمو جنين الملحمة والشعر والرواية والكلمة والفكرة التي تهز الخلق من ديباجته.أي الرحم الذي يخرج منه الأدب الراقي الملتزم تاريخيا وسيكولوجيا.هذا ,ان كان في فيلم جميلة بوحيرد / الأرض المفجوعة / او / مأساة جميلة بوحيرد / قاما ببطولته الممثلة القديرة العربية ماجدة والبطل يوسف شخصية جزائرية يقوم ببطولته الفنان العربي العالمي / احمد مظهر / والمخرج العالمي العربي / يوسف شاهين / فانه ,يكاد يتوافق بطولة الفن الفكري الواقعي مع بطولة الفن الفكري الخيالي كما هو عليه الحال,وكما يجب أن يكون عليه الحال,فالفن والوقع وجهان لهدف انساني نبيل واحد,فالفن يقلد الواقع ,بل الواقع هو الذي يقلد الفن ,وسابق عن الحياة ذاتها.
يعمل...
X