إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عمر أبو ريشة ( السنونو المهاجر ) نجول في رحاب حياته الأدبية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عمر أبو ريشة ( السنونو المهاجر ) نجول في رحاب حياته الأدبية



    وُلد الشاعر الكبير عمر أبو ريشة بمدينة "منبج" بسورية عام (1910)م نشأ يتيماً وتلقَّى تعليمه الإبتدائي بحلب، ثم انتقل إلى بيروت والتحق بالجامعة الأميركية وظل بها حتى حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم عام (1930)م.

    بعد تخرُّجه من الجامعة أرسله والده إلى "إنجلترا" ليدرس صناعة النسيج، لكنه فُتن بالأدب وكان الشعر أغلب في نفسه من دراسة صناعة النسيج، وعن بداياته في كتابة الشعر ذكر أبو ريشة في إحدى لقاءاته قائلاً: "أول ما كتب الشعر كان للتسلية, سافرت من حلب إلى لندن بالقطار, وعلى الطريق مررت بظروف غريبة, وهناك بدأت أكتب الشعر كتسلية, وما كنت أعتقد في يوم من الأيام أني سأكون شاعراً, لكني غيرت رأيي في الشعر عندما تعرفت على (اللورد هيدلي), وعندها كتبت أول قصيدة باللغة الانكليزية ثم تبعتها بقصائد باللغة العربية".

    في عام (1932)م عاد إلى حلب واشترك في الحركة الوطنية في سورية ضد الاحتلال الفرنسي، وآمن بوحدة الوطن العربي، وانفعل بأحداث الأمة العربية.

    من أشهر قصائده وأقواها سبكا تلك التي قيلت في الحفلة التذكارية التي أقيمت في حلب ابتهاجاً بجلاء الفرنسيين عن سورية:


    يا عروس المجد تيهي واسحبي.... فـي مـغانينا ذيـول الـشهب


    لـن تـري حـفنة رمــل فوقهــا.... لـم تـعطـر بدما حــر أبـيّ

    كـم لـنا مـن ميسلون نفضت.... عـن جـناحيها غـبار التعب

    كـم نـبت أسـيافنا في ملعب.... وكـبت أفـراسـنا فـي مـلعب

    مـن نـضال عاثر مصطخب.... لـنـضال عـاثــر مـصطخب

    شرف الوثبة أن ترضي العلى.... غـلب الـواثبُ أم لـم يغلب


    عمل مديراً لدار الكتب في حلب، ثم انتُخب في عضوية المجمع العلمي عام (1948)م.

    بدأ عمله الدبلوماسي كملحق ثقافي لسورية في الجامعة العربية، ثم عُيِّن سفيراً لسورية في البرازيل، وتنقل في عمله الدبلوماسي بين الأرجنتين وشيلي والهند والولايات المتحدة وشغل عدّة مناصب:

    • عضو المجمع العلمي العربي دمشق

    • عضو الأكاديمية البرازيلية للآداب كاريوكا- ريودي جانيرو

    • عضو المجمع الهندي للثقافة العالمية

    • وزير سورية المفوض في البرازيل (1949) م (1953) م

    • وزير سورية المفوض للأرجنتين والتشيلي (1953) م (1954) م

    • سفير سورية في الهند (1954) م (1958) م

    • سفير الجمهورية العربية المتحدة للهند (1958)م (1959) م

    • سفير الجمهورية المتحدة للنمسا (1959) م (1961)م

    • سفير سورية للولايات المتحدة (1961) م (1963)م

    • سفير سورية للهند (1964) م (1970) م

    يحمل الوشاح البرازيلي والوشاح الأرجنتيني والوشاح النمساوي والوسام اللبناني برتبة ضابط أكبر والوسام السوري من الدرجة الأولى وآخر وسام ناله وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى وقد منحه إياه الرئيس اللبناني إلياس الهراوي.

    واستطاع أبو ريشة أن يجمع ما استطاع أن يقوله الشعراء في العراق وفي الشام وفي مصر وفي المغرب، فهو سفير أمته، لم تسيطر عليه الوظيفة التي كان يشغلها، ولكنه كان يحمل هموم أمته، يتغنى بأمجادها، ويتحدث عن تاريخها، ويصور آلامها وأحزانها ونكباتها، لم تصرفه السفارة عن أن يرفع صوته وعقيرته بأن يصور الأحداث وأن يذكِّرَ والذكرى تنفع المؤمنين بأن هذه الأمة كانت لها أمجاد، وكان لها تاريخ عميق، وكانت لها فتوحات، وكانت لها صولات وجولات، وكانت إمبراطورية قهرت الإمبراطوريات في عصرها الغابر، ثم دار الزمن دورته ففعل فعلته وتأخّرت هذه الأمة، والتاريخ شاهد على هذا، فدويلات الطوائف في الأندلس كانت إحدى نكبات أمتنا.

    يروي الشاعر "أبو ريشة" إحدى القصص التي صادفته وهو على متن الطائرة التي كانت تقله من تشيلي إلى البرازيل قائلاً: "كان إلى جانبي على في الطائرة فتاة بالغة الجمال والروعة, كل حديث جلنا فيه كانت تُجلي فيه, فأعجبت فيها كل الإعجاب, فسألتها مَنْ تكونين؟
    فأجابتني «بالإسبانية»: "الدم العربي يسري في عروقي", فأنا أطرقت, فظنتني احتقرتها!!, فقالت لي: "أنك ربما وعلى الرغم من سعة اطلاعك تجهل من هم العرب", وأخذت تحدثني عما تركه العرب من آثار في الأندلس, وعند نزولنا من الطائرة شاهدت حشود المستقبلين فعرفت حينها من أنا, فكتبت في تلك الليلة قصيدة بالإسبانية, وكتبتها بالعربية في يوم ثاني قلت فيها:


    وثـبت تـستقرب الـنجم مجالا.... وتـهادت تـسحب الذيل اختيالا


    وحـيـالي غـادة تـلعب فـي.... شــعرها المائــج,غـنجا ودلالا

    كـل حـرف زل عـن مرشفها.... نـثر الـطيب يـمينـا وشـمــالا

    قـلت يـا حـسناء مـن أنـت ....ومن أي دوح أفرع الغصن وطالا

    فـرنـت شـامـخة احـسـبها.... فـوق انـســاب الـبرايــا تـتعالــى

    وأجـابـت أنـا مـن أنـدلس.... جــنة الـــدنيا سـهــولا وجـبــالا

    وجـدودي الـمح الـدهر عـلى.... ذكـرهم يـطوي جناحيه جلالا

    بـوركت صحراؤهم كم زخرت.... بالمروءات ريـاحا ورمـــالا

    أطـرق الطرف و غامت أعيني.... بـرؤاهـا وتـجاهلت السؤالا


    لعمر أبو ريشة ديوان مطبوع، طُبع عام (1971)م، ويحتوي على معظم شعره وهو الديوان الوحيد، له عدة ملاحم شعرية ما تزال مخطوطة، توفي يوم السبت الثاني والعشرين من ذي الحجة عام 1410هـ، الموافق 14/6/1990م.

    ويبقى شاعرنا الراحل من الشعراء الكبار الذين يشار إليهم بالبنان، فهو موضع إجماع مختلف التيارات الأدبية والمذاهب الشعرية, إذ يعتبره الجميع صوتاً متميزاً, لا يكاد يشبه شاعراً عربياً آخر. فهو يحقق كثيراً من مطالب وتمنيات المجددين ودعاة الحداثة في الشعر.


    كان يرى أن العمر سراب ماض لا يبقى منه إلا محطات وربما اختار هو المحطة الإبداعية الأكثر جمالاً وبهاءً وقدرة على التعبير لأنه هندسها برؤى مختلفة, يرى "عمر أبو ريشة" أن ليس هناك شعر حديث أو شعر قديم, وليس هناك شعر منظور أو شعر منثور, هناك شعر وشعر فحسب! المهم هو ما تحمله الكلمات من أحاسيس وما تخلعه من أجواء.. أما الكلمات التي لا معنى لها ولا غاية في ضرب من العبث ابتدعته الصهيونية لتشويه مفاهيم الجمال ولترك الفرد في حالة ضياع.
يعمل...
X