تويت
لمحة حول عروبة حمص وعلاقتتها بالعرب قديما
يخيل الى الكثيرين أن حمص لم تتعرف على العرب إلا بعد الفتح الاسلامي والحقيقة أن عروبة حمص قديمة العهد جدا لا نستطيع أن نحدد عهدها الاول بها ، فقد ورد ذكرها في أقدم ما تصل بنا من المنظومات الشعرية ، وممن ذكرها امرؤ القيس الكندي في رائيته التي مطلعها : سما لك الشوق ... اذ يقول أبيات منها :
لقد أنكرتني بعلبك وأهلها ...... ولابن جريح في قرى حمص أنكرا
وممن ذكرها أيضا الاعشى الكبير ـ ميمون بن قيس ـ اذ يقول :
لقد طفت للمال آفاقه ..... عمان فحمص فاورشليم
فنجران فالسرو من حمير ..... فإني مرام له لم أرم
وكلا الشاعرين سبق الاسلام اذ توفى الاول سنة 80 قبل الهجرة وأدرك الثاني الاسلام في أواخر حياته ولكنه لم يسلم وتوفى سنة 7 هجرية الموافق 629 م
لقد توزعت في بادية الشام قبائل كثيرة من العرب كانت تسرح فيها ماشيتها وترعى ابلها في الربيع حتى اذا ما اشتد الحر قصدت ضفاف الفرات . وذكر المسعودي في مروج الذهب (ج4 ص46 ) : ان أول من نزل الشام قضاعة بن مالك بن حمير ، انضافوا الى ملوك الروم فملكوهم " بعد ان دخلو النصرانية " على من حوت الشام من العرب : فكان أول ملوك تنوخ ـ النعمان بن عمرو بن مالك .... ثم وردت سليم الشام فتغلبت تنوخ وتنصر من مكنته الروم على العرب الذين بالشام
وقال دوسو : لم تكن هجرة العرب الى سورية مما ينسب لادارة الرومان كما يظن بعضهم بل ان الاحوال قد سهلت طرقها في تلك الايام وضمنت لهم رسوخ قدمها في ظل السلام ... فقد كانت مدينة حمص في يد حكومة عربية قبل وصول القائد بومبيني الى سورية وان الاقيال الذين تولوا أمر تلك البلاد ألقابهم عربية صرفة كما يفهم من الآثار ولما جاء الاسكندر المقدوني الى الشام كان العرب يحتلون لبنان ( الخطط1 ص63 )
وقال الهمذاني عن القبائل العربية التي سكنت الشام " ان جزت جبل عاملة نريد قصد دمشق وحمص وما يليها فهي ديار غسان من آل جفنة وغيرهم فإن تياسرت من حمص عن البحر الكبير وهو بحر الروم وقعت في أرض بهراء ثم من أيسرهم مما يصل البحر ديار الفضيض ساد تنوخ ومنها اللاذقية على شاطئ البحر ، ثم تقع في نصارى وغير ذلك الى حد الفرات الى بالس في قرية خساف وهي من الدهناء ومنها تخرج الى تدمر وهي جانب السماوة وما وقع في ديار كلب من القرى تدمر وسلمية وهي حميرية "
ومما ذكرة اليعقوبي : إن اهل حماه قوم من يمن والاغلب عليهم بهراء وتنوخ وأهل حمص جميعا يمن من طيء وكندة وحمير وكلب وهمذان وغيرهم من البطون ( الخطط لكرد علي ص 65 )
ومن الادلة الظاهرة على عراقة العرب في حمص المثل المشهور " أذل من قيسي في حمص " وأصله كما يروي الرواه : إن رجلا اسمه قيس من بني عدنان تخاصم مع رجل من بني قحطان وطالت الخصومة بينهما حتى تحولت الى حقد قاتل ، وتعصب لكل فريق منهما من العرب وأدى ذلك الى حدوث فتنة شديدة بين الحجازيين واليمنيين سقط فيها ضحايا كثيرة من الفريقين وتوارث الخلف حقد السلف وامتدت هذه العصبية الى الحضر فحدث بينهم ما حدث بين البدو وغلبت اليمنية في حمص وذل القيسي وهجر أفرادها المدينة ولم يبق منهم فيها غير رجل واحد فكان ذليلا في الغاية ، حتى ضرب به المثل في المذلة ( مجمع الامثال للميداني ص 243 ) و ( اليتيمة لسركيس ص 128 )
ومن أظهر الادلة على وجود العرب في حمص قبل الاسلام رغبة العديد من المسلمين الاوائل في استيطان هذه المدينة مع ذرياتهم واننا لنذكر منهم القائد خالد بن الوليد و الحصين المبراني وحابس بن سعيد الطائي و مالك بن يخامر السكانسكي وسترحبيل بن السمط الكندي والعلاء بن عتبه الخصبي وعبد الله بن مسعود الهذلي " حليف بني زهرة " وغيرهم من الصحابة والمحدثين الذين عاصروا النبي العربي " صلى الله عليه وسلم " وسمعوا عنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
قصة مدينة حمص
تاريخ حمص : منير عيسى اسعد