إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بدوي الجبل والمرحلة والبدايات الوطنية الأولى والثانية والسجن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بدوي الجبل والمرحلة والبدايات الوطنية الأولى والثانية والسجن



    بدوي الجبل

    إكتشف سوريا



    البدايات الوطنية الأولى
    يذكر الباحث ديب علي حسن عن البدوي قوله: «بانتقالي من القرية إلى المدينة، قفزت إلى الرجولة دفعة واحدة، بدأت حياتي السياسية، وأنا بعد في سن الحداثة، ولقد عبرت بي السنون مسرعة لم تترك في حياتي سوى ذكريات ضاعت ملامحها، وصرت أتجشّم الصعاب كلما حاولت استعادة شيء منها. غريبة هذه الحياة، تدهمنا كالعاصفة تسبقنا أحياناً، ونلهث، ونحن نركض وراءها».
    كان نزول الفرنسيين على الساحل السوري في 15/11/1918 أي قبل احتلال دمشق بزهاء السنتين، وفي هذه الأثناء كان أن الملك فيصل عيّن رشيد طليع آنذاك وزيراً للداخلية، في حين أن ثورة الشيخ صالح العلي كانت في بدايتها، وصدرت إرادة ملكية بإرسال وفد حكومي إلى الشيخ صالح العلي للحديث حول أمور الثورة، فتألف الوفد من وزير الدفاع آنذاك يوسف العظمة، الذي استشهد في معركة ميسلون، وكان يرافقه نسيب حمزة أحد أقطاب الكتلة الوطنية بدمشق.
    وقد نصح طليع الملك فيصل بأن يرسل فتى عنده مع الوفد، حيث أن لأبيه منزلة كبيرة لدى الشيخ صالح العلي، وأنه إذا ما رآه في رفقتهم سيسر به، ويأنس إليه. فوافق الملك فيصل وانضم البدوي إلى الوفد، فركبوا القطار إلى حماه، ثم نقلتهم عربة خيل إلى بيت الشيخ صالح.
    ويروي بدوي الجبل ذكرياته عن تلك الرحلة قائلاً أن الأمن كان ضعيفاً، والمسافر يتعرض لمخاطر، ومنها عصابة فهد الشاكر، وبينما كانوا في الطريق تصدّت لهم العصابة، وأخذت بالسطو على ما في العربة، غير أن وجود فتى في مثل سنه بين أعضاء الوفد قد أثار دهشة اللصوص، وسألوه: أأنت حقاً ابن الشيخ سليمان الأحمد؟ فقال: نعم، فصرخ أحدهم مردداً اسمه، وقال: لن يحرسكم في الطريق إلى بيت الشيخ صالح العلي إلا وجود هذا الفتى بينكم، وأخلت العصابة لهم الطريق.
    سجنه الأول
    لازم بدوي الجبل الشيخ صالح العلي شهوراً، حتى كان استشهاد يوسف العظمة في معركة ميسلون الشهيرة 24/10/1920، واحتلال الفرنسيين لدمشق، فصدر أمر بتوقيف بدوي الجبل الذي تخفى حينذاك في دمشق في بيت البطريرك الشامخ الوطنية غريغوريوس حداد، الذي ظل متمسكاً ببيعة الملك فيصل، ثم يمّم شطر حماه هارباً من بطش الفرنسيين، وكان ذلك سيراً على الأقدام، وبقي فترة متخفياً عن الأنظار، إلى أن دل عليه أحد المتعاملين مع جيش الاحتلال، عندما كان يتزوّد من الهواء الطلق وأشعة الشمس، أمام المنزل الذي كان يتوارى فيه، وما هي إلا نصف ساعة حتى كان البيت مطوَّقاً، وسيق الشاعر مصفّداً حيث اعتقلوه في أحد خانات المدينة الرطبة، وقد عُذِّبَ، وضُرِبَ بالسياط، حتى أُدْمِيَتْ قدماه، وعوقِبَ بالحفر وتكسير الأحجار قبل أن يُنْقَل إلى سجن حمص، فسجن الديوان الحربي في بيروت حيث قضى ستة عشر شهراً، اقتيد بعدها إلى سجن قلعة أرواد فكان وربيع المنقاري أول من عرف هذا المعتقَل من الساسة الوطنيين السوريين. وقد وَشَمَ البدوي على ذراعه ذكرى ذلك بهذه العبارة «تذكار السجن الفرنسي».
    ويذكر أ.طارق عريفي عن البدوي قوله: «وذات يوم زار قلعة أرواد حيث سُجِنتُ الحاكم العسكري لمدينة اللاذقية، وكان يُدْعَى الكولونيل نيجر فلما شاهدني – ولم أكن قد تجاوزت السادسة عشرة من عمري – قال: هذا خطأ، بل فضيحة كيف يُحْكَم على فتى في هذه السن بالسجن ثلاثين عاماً»، وهكذا أُطْلِقَ سراحُه وكان ذلك عام 1922.
    المرحلة الوطنية الأولى
    يبدو أن تجربة السجن كانت قاسية على البدوي، وهو غضّ الإهاب، وأن الاضطهاد قد أوهن جلده فجنح إلى مهادنة المحتل حيناً، ويذكر أ.نبيل سليمان أن الاستعمار الفرنسي أعلن تقسيمه لسورية، فأنشأ دويلات خاصة في الساحل السوري وشمال سورية وجنوبها، وقد انتُخِب بدوي الجبل في 25/4/1930 عضواً في المجلس التمثيلي (البرلمان) عن منطقته، وكذلك في انتخابات عام 9/3/1935. إلا أن نداء الوحدة كان صاخباً، وكانت هناك أقلية تطالب بتكريس الانفصال، إلا أن في رأس خصوم هذه الأقلية وقف زكي الأرسوزي الذي كان يتصدّر عصبة العمل القومي في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو أحد مؤسسي حزب البعث العربي بعد أقل من عقد، والذي أصبح منذ مطلع الخمسينيات حزب البعث العربي الاشتراكي. ولعل قصيدة البدوي «حياة أسير القيد بلا معنى» في العشرينيات إشارة إلى تقطيع الاستعمار لأوصال الوطن، وإلى النزوع الوحدوي في جبال الساحل السوري.
    المرحلة الوطنية الثانية
    يشير أ.نبيل سليمان إلى أن عودة الأجزاء المقسّمة إلى الوطن الأم (15/12/1936) قد أرّخت بداية المرحلة الوطنية الثانية عند بدوي الجبل.
    ففي عام 1938 احتُفِلَ باليوبيل الذهبي لوالد الشاعر الشيخ سليمان الأحمد، الذي حضرته شخصيات من كامل أنحاء الوطن، من اللاذقية وحلب ودمشق وطرطوس، وأرسلت إليه القصائد من المغتربين العرب في كل مكان، ومنهم الشاعر الكبير زكي قنصل. وفي العام نفسه حضر البدوي في القاهرة المؤتمر البرلماني العربي من أجل فلسطين، بصفته نائباً في مجلس النواب السوري.
    كما يذكر د.شاهر امرير إلى أنه حين نقض الفرنسيون بالعهد عام 1939، وخاسوا بالوعد فقوّضوا الحكم الوطني، وراحوا يغرون أبناء الوطن الواحد بالانفصال عن بعضهم، وتكوين دويلات لا قيمة لها، ظل البدوي يدافع عن الوحدة مع المدافعين، وأسقطَت الحرب الحصانة عن النوّاب فأيقن الشاعر أنه مستهدَف، ومطلوب، فقطع البادية هارباً إلى العراق حيث التحقت به أسرته.
    وفي ملجئه البغدادي عمل الشاعر مدرساً في معهد المعلمين في بغداد. وبلغ نشاطه من أجل سورية حداً، جعل فرنسا تطالب بإخراجه من بغداد.


يعمل...
X