إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصياغة الشعرية عند ( ابن الرومي ) والشعر في العصر العباسي - بقلم مزكان حسين بور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصياغة الشعرية عند ( ابن الرومي ) والشعر في العصر العباسي - بقلم مزكان حسين بور


    بقلم مزكان حسين بور
    ناقدة وكاتبة إيرانية

    ابن الرومي: حياته الشخصية والأدبیة

    الشعر في العصر العباسي:
    أبرز مظاهر الأدب في العصر العباسي يشتمل علی الشعر المولّد و«إذا وازنت بين الشعر القديم و الشعر المولّد فلاشک إنَّک تجد في الأخیر أثر التقدم ظاهراً للعيان، علی أن ذلک لم يبلغ به مبلغاً يخرجه عن المناهج التي اختطاها الأقدمون.خذ الوصف مثلاً فإنک تجده عريقاً في الشعر يرجع إلی ما قبل الاسلام. علی أنه کان قديماً ينحصر في البداوة وما يشاکلها، فصاربعد أن اتسع الأفق العمراني لدي المسلمين، بعد أن طما بحر الرفه علی بغداد وسواها من حواضر العصر العباسي يتفنن في نعت أسباب الحضارة کالقصور و البرک والجنائن والولائم و الجيوش والمراکب ومثل ذلک تفننه في الخمر وأنواع الغزل و المديح،وما إلی ذلک من ضروب النظم. ولاينکر أنَّ المولّدين فاقوا الأقدمين في ذلک،و لکنهم لم يبتدعوا أساليب جديدة أو مواضيع جديدة تجوز لنا أن نقول أن الشعر طرأ عليه في زمانهم تطور کبير.» [26]
    و الشعر نوعان رئيسيان: « وجداني و موضوعي،فالوجداني يدور علی نفس الشاعر _ علی تأثره من أمرٍ، وإظهار ذلک بالکلام المنظوم ومن ذلک مدحه لأميره،أو تغزّله بفتاته، أو هجاؤه لعدوه، أو وصفه لما تقع عليه عينه،أو تحريضه علی ما يشعر بصلاحه. أما الموضوع فيدور علی شيء خارج عن نفسه – علی صفات يتخيلها أو يراها فيما حوله من ظواهر الطبيعية أو النظر في حياة الانسان، و ما إلی ذلک من المواضيع الأخلاقية والأدبية التي تمثل للجمهور ما يشعربه في الحياة، أو تحملهم علی أجنحة الخيال إلی ماوراء المحسوسات، فتثیر فيهم حب الجمال و تدفعهم في سبيل الکمال.» [27]
    إذا نظرنا إلی معظم دواوين الشعر في العصر العباسي، ثم إلی المقاييس الأدبية التي وضعها علماء البلاغة و نقدة الشعر أمثال، قدامة والاصفهاني و الآمدي و العسکري و الثعالبي و الجرجاني و الآخرين، رأيت إن التجدد الشعري في العصر العباسي لم يتعدی في الأغلب صناعة الشعر، و إنَّه منحصر في الوجداني منه. وهو يظهر لنا في أربعة مظاهر: 1- رقة العبارة 2- التوفر علی البديع اللفظي 3- التفنن في المعاني 4- التوسع في المصطلحات اللفظية. [28]

    الصياغة الشعرية عند ابن الرومي:

    لقد تعرفنا ابن الرومي في أشعاره الشاعر المولّد و الشاعر الغنائي الذي لجأ إلی الأشعار الموضوعية الوجدانية يعبر عن مصائبه و استطاع أن يخلق فنوناً وجدانية محکمة و استطاع أن ينعکس صور التجديد بهذ الأسلوب القديم الّذي وقع في صياغته وأسلوبه. ومهما يکن فإن الشعر حطّ رحالة في ساح العصر العباسي وقد تهرم و تثاقل و أعيت عليه حيلة الإبداع واستقرت معانيه و موضوعاته، فعمد الشاعر العباسي إلی التجديد أو إلی جهده بأسلوبين متقاربين متباعدين: أسلوب البديع له أسباب عديدة في أصل نشأته و تنوعت عليه الأقوال ، الاَّ إنَّ الباعث الأجدر يظل الترف الحضاري و مجتمع الوشي و التنميق والزخرفة. فوشح الألفاظ بالجناس وزواج وعارض بينها بالطباق وتفرغ للتأمل بالمعاني، وکأنّها أداة داخلية خارجية و جعل يمازجها بعضاً ببعض،کما مازج الأشکال و الألوان و ولد منها ما حسبه معان جديدة و في عصور الترف المادي تحول الشعر إلی أداة لَهو و زخرفة. إلاّ أن ضمير العصر کان يعاني أزمة أخری مزیجة من التعاطي بين الفلسفة والدين وکان المسلمون الأوَّلون قد أخذوا ابن البداوة النسبية و إن کان معظمهم قد نعم بترف الحضارة.» [29]يفکر ابن الرومي بالجزالة و الرصانة وبعدم متانة في اللفظ و قد يصف معنی الجيد في العبارة الجيدة ولم يسرف في المحسنات اللفظية. [30] وجدير بالذکر إلی أن «يترک ابن الرومي نفسه علی سجيتها ليصور أحاسيسه والعواطف الصادقة وکان فکره الدقيق وما انطبع في عقله من طوابع الثقافة و الفلسفة حرياً به أن يصبح من أصحاب مذهب التصنيع» [31]. لکن ابن الرومي في أسلوبه لإنشاد الشعر «فقد دفعته الفلسفه إلی تحليل المعاني تحليلاً مستقصياً حتی لکأنه يريد حين يلم بمعنی ألاّ يترک فيه بقية لأحد يأتي بعده وهو تحليل يُشفَعُ بالأدلة و الأقسية المنطقية،بحيث تتلاحم الأبيات في القصيدة تلاحماً وثيقاً، وکل بيت يسلم إلی تاليه،بل يدخل في تکوينه وتشکيله،وفي تضاعيف ذلک يستقصي ابن الرومي جوانب المعنی الَّذي يريد أن يعرضه إلی أبعد غاية ممکنة،مسترسلاً ما وسعه الاسترسال،مما جعل القصيدة تطول طولاً مسرفاً،إذا امتدت إلی مئات الأبيات،و هو إمتداد يشهد بقدرته البارعة علی التعمق و النفوذ إلی أقصی الأغوار وکان يضيف إلی ذلک حسّاً مرهفاًحاداً،جعله يجسِّد لا عناصر الطبيعة فحسب،بل أيضاً الخوارج والخواطر علي نحو ما هو مشهور من حواره في أشعاره.» [32]
    يتميز ابن الرومي عن غيره من الشعراء بخصائص فنية و جعلت منه فريداً في الخصائص الشعرية. «يُعَّدُ ابن الرومي من الشعراء الَّذين کان لهم أسهامهم في الفن الشعري في العصر العباسي وحری بمن يتحدث عن معالم الحداثة في الشعر العباسي أن يبحث عن الجديد المستحدث الَّذي أضاف هذا الشاعر المبدع ولست بصدد بيان ما أصاب الشاعر في حياته،وملازمة من سوء الطالع،فذلک ليس من الأمور الّتي تهتم بها هذه الدراسة وقد تکفل غير واحد من النقاد بالحديث عنده،وحسبي أن أشير إلی أنَّه تتلمذ علی أبي تمام،کما تتلمذ البحتري،فکلاهما أفاد لايعين الباحث علی فهم فنه،بل قد يزيد عماية علی نحو ماسنری من أقوال النقاد.» [33] و الواضح «يحدث تطور في المرحلة "العباسية"ظن بعض الدراسين أنه قام علی يد ابن معتز وابن الرومي فتظهرمدرسة الصورة الشعرية الَّتي يقدم الشعر العربي من خلالها لوحات عديدة دقيقة الرسم بارعة الألوان بهيجة حيناً ولکنها في جملتها دفعت بالشعر إلی الأمام مثله ما يمکن أن يطلق عليه"مدرسة الصورة الشعرية" » [34]
يعمل...
X