إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إبراهيم جوهر - عناق الأصابع - بقلم جميل السلحوت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إبراهيم جوهر - عناق الأصابع - بقلم جميل السلحوت



    «عناق الأصابع» في اليوم السابع

    بقلم جميل السلحوت
    وقال إبراهيم جوهر:
    (عناق الأصابع) لعادل سالم
    عناق التوثيق والخيال الأدبي
    يقدّم الكاتب عادل سالم في روايته (عناق الاصابع ) توثيقا للحركة الفلسطينية الأسيرة معدّدا أسماء أبطالها الذين ذاقوا مرارة الاعتقال فصمدوا من أجل الاعتراف بهم كأسرى حرب وفق القانون الدولي . ويتطرق بإسهاب الى تجربة معركة الأمعاء الخاوية وشهدائها، منتقدا في مقارنة فنية لافتة التغيّر الحاصل على القناعات الفكرية والوطنية في شخصياته التي أنطقها مستعينا بخيال أدبي وفّر له التشويق والمتعة بعيدا عن فخ التوثيق الهادئ، رغم حرارة التجربة الاعتقالية المعبّر عنها.
    زاوج الكاتب في روايته بين الوثيقة التاريخية للمرحلة الاعتقالية، وقصة حب جارف غريب بين الفتاة خولة والأسير على النجار . تلك التجربة التي تتكلل بالزواج في المعتقل انتظارا لإتمامه حين الخروج الى بر الحرية. وهو يشير في أكثر من موضع في الرواية الى الروح المعنوية العالية الواثقة بأن الثورة لن تترك مناضليها في السجون، ولن تتخلى عنهم ...ليبدأ بتوجيه الانتقاد الى الصفقات التي استثنتهم فعلا ، وصولا الى اتفاق أوسلو. لتكون واقعة الاغتيال بصاروخ استهدف سيارة الزفاف، نهاية مأساوية لقصة عشق وانتظار فلسطينية، كان مهد لها الكاتب في ثنايا الرواية التي لم توفّر للعاشقين الغريبين(!!) فرصة اكتمال اللقاء، أو الحديث إذ كان الجندي ينهي الزيارة لتبقى الأحلام معلقة في الخيال.
    (عناق الأصابع) إشارة إلى الشبك الفاصل بين المعتقل وذويه وقت الزيارة، هذا الشبك ذاته شهد عناق أصابع المحبين، والآباء والأمهات، ولم يكن مهيّأ ليشفي الغليل بقدر تخصيصه للتنغيص وإشعار المعتقل بواقعه الصادم.
    يسجّل للرواية موقفها من المرأة، فقد انتصر الكاتب للمرأة؛ أما، وعشيقة، وأختا، وزوجة، وطالبة، وأومأ إلى ضرورة منحها حقها في الحياة والمساواة بلا تفريق مع الذكر.
    وانتقد الكاتب التغيّر الحاصل على معتقدات اليساريين في المجتمع الذين يتخلون عن مبادئهم ورؤاهم وأحلامهم التي بشروا بها لصالح التوجه إلى الكسب المادي، وكأنه يقارن بين المادة والفكر لصالح الفكر، لأننا وجدناه هازئا ولائما لمن يعجبون بالنقلة الجديدة تحت ذرائع التطور والتغيّر ...
    هكذا تغيّر فلاديمير الروسي، وعمران الفلسطيني، والثوار الذين كانوا يعملون في الثورة قبل العودة إلى الوطن، وهكذا انهار الاتحاد السوفييتي نفسه.
    (عناق الأصابع) رواية جريئة في طرح قضاياها، وانتقادها. وهي تضيف إلى الأدب الذي يوثق لتجربة الاعتقال بعدا مهما بأشخاصه، وأحداث، ومواقف أصحابه. إنها تعانق التاريخ بالمتخيل الواقعي، لتكون الملحمة الفلسطينية التي لم تنته بعد.
    ولعل مخرجا سينمائيا يختارها لإخراجها سينمائيا. لقد أحسن الكاتب صنعا حين استعان بلغة المونولوج العاطفية لشخصياته، وفي استخدامه لتقنية المونتاج الفني، وفي نقل قارئه من أجواء السجن إلى البيوت وشوارع القدس ومستشفياتها وصحفها.
    لقد زاوج بين الواقع الذي يوثق له والخيال الأدبي الذي يقول فيه رسالته: هذا هو العرس الفلسطيني الذي لا يلاقي فيه الحبيب حبيبه إلا شهيدا أو إسيرا ، كما قالها من قبل (أديب نحوي) في (العرس الفلسطيني).
    وقالت مريانا عفيف:
    
«عناق الأصابع» يا له من اسم يعبر عما يحويه الكتاب .. مأخوذ من تعانق أصابع الاسرى و أصابع أهاليهم، فتلك التحايا وتلامس أيديهم المفعمة بالحب، كانت من خلال فتحات الشبك الصغيرة التي تفصل بين الزوار و الأسرى و تمنعهم من «عناق الأجساد». 
«عناق الأصابع» رواية أحضرت القليل من معاناة الأسرى إلى مخيلة قارئها .. تثير الحقد فيه و الفخر بأبناء شعبه ... ترصد أحزانهم مشاكلهم مصادر إلهامهم بالصمود وعلاقاتهم الغراميه والإنسانيه ... تنقل لنا كيفية متابعة العدو الشرس لأوضاع الأسرى ودس الجواسيس بينهم ، وكيفيه معاملة الأسرى للجاسوس عند اكتشافه ... تحملك إلى عالمهم إلى قلب الحدث ووسط الزنزانة ... لترى كم من عمر أفنوه خلف قضبان الظلام ... تراهم يحسبون الدقائق والثواني والأيام ... أو تأخذهم الآلام لعالم الاستشهاد .... يموتون كما (تموت الأشجار واقفة). 
يملأونك بالأمل ... فهم مصدر أمل .. شعارهم الأمل ... فذلك الأمل لن يفقدوه فهو مفتاح العودة إلى المنزل وتقبيل جبين الأرض ... ومداعبة أغصان الزيتون.
روى لنا فيها قصة عشق «أعجتني» راقت لي... استمتعت بها كثيرا ... 
فقد روى لنا بروح متفائله قصة عشق تعدت حدود الجنون .. أصبحت مثلا للتضحية والفداء، فــ «علي النجار» أسير وشم النضال على جبينه ... عاش في السجن في غرف التحقيق و المحاكم …و«خولة شاهين» المرأة الجبارة التي لم تتخلّ عن تراب الأرض .. تلك هي الصحفية العظيمة ... 
أوقعت شباك الحب هذين العصفورين وحملتهم فوق غيوم الأمل ... تزوجا رغم قسوة القيد ... و حُكم علي بالمؤبد ... باتا يحلمان بيوم التحرير. 
أصبحت خوله حمامة بيضاء تطير من سجن لآخر حتى تصب حبها بلسمه .. بعناق لأصابعهما ... تصف عشقها حبها أملها في دقائق معدودة تجري بسرعة الرياح ...لتنتهي معاناتها يوم تبادل الأسرى ..و تبدأ من جديد عند اغتياله يوم زفافه .. 
فسحقا للاحتلال. 
بعيدا عن عالمهم وبغض النظر ... 
فقد استخدم الكاتب أسلوبا سرديا سلسا يسهل للجميع فهمه .. مجّد النضال فيه وأعطى كل شخصية حقها في كتابه ... احتوى على أسماء وأحداث حقيقية .... رواية رائعة بالنسبة لي ... أخذتني إلى عالم النضال وتقديس كل شبر في الأرض ..... 
رغم تلك الآلآم و المآسي .. أظن أن السجن للرجال والأبطال ... و رغم مرارة الذكرى ... فتلك هي الذكريات التي يجب أن يفخر بها السجين فيكفيه شرف المحاولة بالسجن ....
يعمل...
X