إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نسب أديب حسين - «عناق الأصابع» - بقلم جميل السلحوت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نسب أديب حسين - «عناق الأصابع» - بقلم جميل السلحوت




    «عناق الأصابع» في اليوم السابع

    بقلم جميل السلحوت


    وبعده قالت نسب أديب حسين:

    يأتينا الكاتب المقدسي عادل سالم بروايته الأولى بعد إصدارات سابقة في الشعر والقصص والدراسات (عناق الأصابع) التي صدرت عن دار شمس المصرية. هذا الكاتب الذي وُلد عام 1957 في البلدة القديمة في القدس وقضى 33 شهرًا في سجون الاحتلال، وخاض تجربة السجن، وتنقل بين العديد من السجون كسجن بئر السبع ونفحة والرملة وغيرها.. قرر أن ينقل تجربة السجن بقالبٍ روائي، يتناول شخصيات حقيقية كعمر القاسم الذي لُقب بمانديلا العرب واستثنته عملية تبادل الأسرى عام 1985، قضى في سجون الاحتلال 22 عامًا حتى انتقل الى جوار ربه شهيدا. وليتناول شخصية خيالية هي شخصية علي النجار ابن القدس الذي سُجن لمدة 38 عامًا الى أن أفرج عنه بتبادل الأسرى. هذا البطل الخيالي كان صديقًا لسجناء حقيقيين ذكرهم الكاتب مثل عطا القيمري ومحمد عليان وسمير قنطار، نقل الكاتب عن طريقه الكثير عن حياة السجن والسجناء. أما الحياة خارج السجن فكانت عن طريق عائلة عليّ ووالديه، وأخواته وإخوته وزوجته خولة.
    لقد صدرت العديد من الكتب التي تتطرق إلى السجن والسجناء ومرارة التعذيب، لكن أحد ما يميز هذه الرواية عن غيرها هو القالب الروائي الذي يجعل القارئ أقرب الى مفهوم السجن. الرواية تتطرق الى وصف السجن مثل وصف سجن نفحة ص 52 (غرفة صغيرة تكاد تتسع لهم للنوم بجانب بعضهم بعضا، الباب كله من الصفيح مغلق لا ترى منه شيئًا يوجد به شباك صغير يفتحه السجان من الخارج إن أراد شيئًا، لا يوجد لتهوية الغرفة سوى شباك واحد صغير في أعلى أحد الجدران، في آخر الغرفة توجد غرفة حمام واحد بدون ماء ساخن، وحنفية ماء داخل الغرفة..) في موقع آخر يزيد الكاتب في التفصيل ليقول أنّ الشباك الذي في باب الصفيح مساحته (٢٠ سم *٢٠سم) سم فيه ثلاث قضبان حديدية سمك كل واحد منها ٢ سم. نجد الكاتب مجتهدًا محاولا أن لا تغفله غافلة، يصف السجن، والتقسيمات والإدارة في داخل السجن، والبرنامج اليومي للسجناء، دراستهم وكتاباتهم وتنظيمهم، كل هذا يساعد القارئ الجاهل لهذه التفاصيل والذي لم يقف قريبًا من تجربة من هذا النوع، في فهم هذا العالم.. عالم السجن، ليرى أنّ السجين لا يتوقف دوره في الحياة أو في النضال في السجن، بل هناك عالمٌ كامل ومجتمع يحيى في إطار هذا العالم الصغير الكبير، الذي قد تنحصر مساحته عمليًا بمساحة الزنزانة أو مبنى السجن، لكن أبعاده أكبر من هذا بكثير.
    يحاول الكاتب أن يعطي كل ذي حق حقه، فنجده أحيانًا يذكر أسماءَ الكثير من الاشخاص والمؤسسات، كنوع من الشكر والاشارة، لكن هذا أبعده عن المجال الأدبي وأضعف الرواية. هذه الرواية قوية بأحداثها وبطرحها، أكثر من قوة نصها الأدبي. لغة الرواية بسيطة فيها الكثير من التفاصيل والجُمل التي لو حُذفت لكان النص أقوى. فلك الرواية الزمني الذي يمتد من عام 1978 حتى عام 2008 ، امتلأ أحيانًا بفجوات زمنية. فيجد القارئ نفسه منسجمًا مع أحداث الرواية الآنية ليجد نفسه فجأة على بُعد خمس أو عشر سنوات من هذا الحدث، مما يشعره بالارتباك. لقد أراد الكاتب بهذا أن يؤرخ ويسلط الضوء على أحداثٍ تاريخية مهمة على مدار ثلاثين عامًا كعملية تبادل للأسرى، أو إضراب عن الطعام، أو الانتفاضة الفلسطينية عام ١٩٨٧. لكنه غفل عن أحداث أخرى لنكون في ص (٣١٨) في عام ١٩٩٣، ونجد أنفسنا فجأة ص ٣٢٢ في عام ٢٠٠٨، أي عبر الكاتب بُعدًا زمنيًا هو خمسة عشرة عامًا في أربع صفحات، بينما نالت الخمسة عشرة عامًا الأولى في حياة الرواية ٣١٧ صفحة، وهذا يُضعف النص الأدبي. وفيما يبدو أن الكاتب قد نال منه التعب وأراد أن ينتهي من هذا العمل فقرر أن يختصر، لكن في اعتقادي بأنه لو تريث وتوقف عند عام ١٩٩٣ لتكون الجزء الأول من الرواية ويستمر في الكتابة ليصدر الجزء الثاني عن الحقبة الزمنية التالية لكان العمل أنجح.
    نقلت الرواية حياة السُجناء ببعدها الإنساني، فالكاتب لم يُصور السجين كبطل خارق يتحدى دائمًا كل الصعوبات، بل هو يحزن أحيانًا، ويُصاب بالخذلان، ويشعر أحيانًا باللاجدوى، كما أنه يفرح ويحلم بحياة أجمل حتى لو كان قد حُكم بالسجن المؤبد.
يعمل...
X