إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بين الجمود والارتقاء - من كتاب الاسلام في رسالتيه - انطون سعاده

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بين الجمود والارتقاء - من كتاب الاسلام في رسالتيه - انطون سعاده




    المفكرالكبير: أنطون سعادة ( 1904-1949 )


    كتاب الاسلام في رسالتيه - انطون سعاده
    الإسلام في رسالتيه : المسيحية والمحمدية
    الكاتب الكبير: أنطون سعادة ( 1904-1949 )

    1- الضلال البعيد
    2 - الجهل المُطبق
    3 - الفهم المغلق
    4 - ما لم يعط للجهّال
    5 - ولم يتمكن منه المنافقون
    6 - خرقاء ذات نيفة
    7 - ليس من علم كمن لا يعلم
    8 - تأويل الجاهلين
    9 - ضعف الإدراك من نقص العقل
    10- بين الجمود والارتقاء
    11- بين الهوس والتديّن
    12- أغراض الدين واختلاف المذاهب
    13- مدار الخلاف بين المحمدية والمسيحية
    14- مدار الخلاف بين المسيحية والمحمدية
    15- بين الدين والدّولة
    16- الدين والفلسفة الاجتماعية
    17- نصوص المحمديّة كدولة
    18- في الدولة والحرب الدينية
    19- الدين والدولة
    20- العُروبة الزائفة والعروبة الصحيحة
    21- العُروبة الدّينية والدّعاوات الأجنبيّة
    22- العُروبة كقوّة إذاعيَّة للمطامع السّيَاسية الفردية
    23- التعنتات المسيحية
    24- الخلاصة

    بين الجمود والارتقاء - من كتاب الاسلام في رسالتيه - انطون سعاده



    بين الجمود والارتقاء
    قلنا، في ختام البحث السابق، إن تعاليم المسيح المناقبية القائلة بالتساهل في الحقوق الفردية لا تعني مطلقاً ما يفهمه المصابون بالعجز الفكري كرشيد الخوري الواغل بسفسطته على العلم والفلسفة، وهو الخمول والاستكانة وقبول الذل والتسليم للظلم، بل، على العكس، إنها تعني سلامة المجتمع وفلاحه، وهو نفي الخمول والذل والظلم بوضع قاعدة البطولة الاجتماعية المتلائمة مع حالة التمدن السوري الذي صار أساس التمدن العالمي الحديث في مكان البطولة الفردية أو القبيلية التي هي خصائص الشعوب الأولية والمتبدّية والتي لا تصلح أساساً لإنشاء مجتمع، متَّحد، راق. هذه البطولة الاجتماعية هي بطولة التضحية الفردية في سبيل خير المجتمع، وهي البطولة التي يكتشفها الدارس الخبير في صميم النفسية السورية منذ بدء التاريخ. وإن جذور مبدأ التضحية الفردية في سبيل الخير العام موجودة في تضحيات الكنعانيين (ومنهم الفينيقيون) لمولوخ وداجون التي استفظعها بعض الدارسين لقساوتها المتفقة مع درجة التمدن الأولية، ولكنها، في الحقيقة، تمثّل مبدأ فدية المجموع بتقديم الفرد ذبيحة تضحية من أجل استرضاء الإله واستعطافه ليُسبغ النعمة على الوطن والأمة. إن هذا المبدأ أساسي لكل مجتمع جدير بالبقاء والارتقاء، الذي ظهر بمظهر وحشي في عهد مولوخ هو هو عينه الذي عاد فظهر في تعاليم المسيح بمظهره الإنساني الراقي الخالص من أوهام العصور القديمة التي كانت في فجر التاريخ.
    وقد لازم مبدأ التضحية الفردية الحضارة السورية في جميع أدوارها فكان من أفعل العوامل في ازدهارها وامتداد نفوذها وبسط سلطان الدول السورية الهكسوسية ثم الفينيقية على شاطئ أفريقية الشرقي والشمالي وعلى جزر البحر المتوسط وعلى إسبانية وشاطئ فرنسة نحو المتوسط. ومن الروايات المدونة عن هذه البطولة الاجتماعية في تاريخ الدول الفينيقية أنّ رُبّان أحد المراكب، التي تكوّن الأسطول الفينيقي التجاري، عندما رأى المراكب الإغريقية لاحقة به تصوّر وخامة العاقبة على التجارة الفينيقية من جلب مزاحمين إغريق إلى بعض الأسواق أو مصادر المعادن ففضَّل التضحية بنفسه فخرق مركبه وأغرقه فارتدَّت المراكب الإغريقية خاسرة.
    فمبدأ التضحية الفردية في سبيل خير المجتمع هو أهم مبدأ مناقبي قام عليه فلاح أي مجتمع متمدن أو متوحش. ولولا هذا المبدأ السامي لما سقط جندي واحد شهيداً في ساحة الحرب دفاعاً عن شرف أمته أو طموحاً إلى مجد قومي أو إلى موارد جديدة للحضارة. ولولا هذا المبدأ لما عرَّض نفسه طبيبٌ خبير لخطر الموت في تجربة بعض السموم أو الجراثيم في جسده، ولما جازف طيّار بحياته بامتحان طيارة، ولا غوّاصٌ بامتحان غوّاصة. ولولا هذه التضحيات الفردية لما حدث هذا التقدم الباهر في الحضارة.
    والتضحية ليس لها شكل واحد لأنها ليست حالة شكلية، بل مبدأ عاماً. فالذي لا تكون التضحية قاعدة عامة عنده لا يعرف البطولة الاجتماعية ولا يقدم عليها، ففائدته للمجتمع قليلة أو سلبية. ومن أشكال التضحية تضحية الشهوات الحادّة وتضحية الأنانية العمياء التي يسميها سفسطائي الخلود رشيد الخوري "تقييداً للفطرة بالسلاسل الثقيلة". وهذه التضحية صعبة جداً على الذين لم يروّضوا أنفسهم على الفضائل واندفعوا وراء المثل السفلى. ولذلك يصف رشيد الخوري المسيحية بأنها "عدوة نفسها" لأنها، في تسميته لها، "ديانة التضحية" ومن أجل ذلك يراها عديمة الفائدة. وهو يفضل المحمدية عليها، لأن المحمدية، في عرفه، كما جاء في حارضته "دين الفطرة" فيقول فيه: "فهو في اعتقادي موجود قبل وجوده أي قبل ظهور الدعوة، وما محمد بن عبد الله إلا منبه له ودالّ عليه، فهو مكتشفه لا مخترعه" وهو يريد بذلك أن المحمدية رسالة إبقاء الإنسان على فطرته الأولى بكل ما فيها من شهوات وأنانيات ومحبة للكسب بلا حدود؛ وهو يعني، أيضاً، أن المحمدية ليست رسالة الحكمة الإلهية، بل "دين اكتشاف الفطرة"؛ وهو، بعد بلوغه هذا الأوج من السفسطة السفلية، يعود فيقول إن "شريعة محمد وإن سايرت الطبيعة فهي كاسرة من حدتها مقلّمة أظفارها" ، فلا تدري تماماً ما يريد أن يقول هذا الجاهل المخلّط ولا تعرف للإسلام المحمدي صفة ثابتة، فهو مرة "دين الفطرة الموجود فيها قبل وجوده" ومرة أخرى هو دين "مساير للفطرة ولكنه كاسر من حدتها، مقلم أظفارها"، وبعد كل هذا وذاك لا تعرف، مما يقوله، نتيجة فكرية ثابتة، سوى أنه يهرف عن الإسلام المحمدي بما لا يعرف ويقول كلاماً لا مُحصَّل له كمن يتكلم عن أمور مغيَّبة. وإنك لو قتلت نفسك جهداً لما استنتجت من كل هذا التخليط أية فكرة ثابتة عن الحالة الاجتماعية المثلى أو المستوى الاجتماعي ـ النفسي التي يرمي الإسلام المحمدي إلى إيجادها.
    إن رشيد الخوري يفضل الإسلام المحمدي على المسيحية لأن هذه تطلب مقداراً أكبر من الرياضة النفسية والجسدية لتحويل معظم قوة الإنسان نحو الأرقى والأنفع للمجتمع كمجد البطولة والتضحية والمناقب العالية التي تبلغ ذروة الشهامة والعفو وبذل المقدرة في سبيل خير المجتمع، ولأن الإسلام المحمدي، في عرفه، يكتفي بالكسر من حدة الفطرة غير المروَّضة وتقليم أظفارها. فماذا يعني ذلك غير الاكتفاء بحدّ من الارتقاء تجمد الإنسانية عنده جموداً يشبه جمود الحيوانات التي يمكن المرء أن يكسر من حدة فطرتها ويقلم أظفارها، كما يفعل مروضو الوحوش، دون أن يكون من وراء ذلك أيُّ ارتقاء اجتماعي ـ نفساني عند تلك الحيوانات، ذلك لأن كسرَ الحدة وتقليم الأظافر لا يغيّران النظرة إلى الحياة تغييراً نفسياً جوهرياً بمعنى الارتقاء.
    إذا كانت هذه هي النظرة الإنسانية المثلى في ما يجب أن يكون غرض الفلسفات الدينية، فأكثر قبائل أفريقية وأسترالية وأميركة المتوحشة قد بلغت "قمة الجودي التي يستقر عليها فلك الإنسانية الغارقة في طوفان العقائد والنظريات والفلسفات المتباينة" لأن لجميع هذه القبائل أدياناً تكسر من حدة الفطرة وتقلِّم أظفارها!
    كل قبيلة من قبائل الشعوب الأولية أو الفطرية لها عادات من خرافات أو دين تكسر من حدة الفطرة وتقلِّم أظفارها. ففي الجاهلية كان للعرب أيضاً عادات من خرافات أو سحر أو دين تكسر من حدة الفطرة أو تقلم أظفارها، فكان لهم شهر حرام يترك فيه حمل السلاح ويرفع الثأر والانتقام، وعادات في الزواج والمعيشة والاجتماع، وشورى في القبائل. فإذا كانت هذه هي قمة الجودي فلماذا جاء الإسلام المحمدي إليهم إذا لم يكن درجة فوق تلك الدرجة الأولية لقبائل العربة، واتجاهاً نحو درجة أعلى في الإنسانية عامة يشترك فيها مع درجة المسيحية؟
    ليس هذا البحث مدار الكلام في هذا الموضوع، فسنعود إليه في بحث تالٍ. فلنعد الآن إلى إشباع ما بدأناه في البحث الأخير.
    رأينا في البحث المذكور أن المقصود من تعاليم المسيح هو شيء غير "تقييد الفطرة بالسلاسل الثقيلة" وأن هذا الشيء الذي لا تقدر العقول الناقصة أو العاجزة على إدراكه هو سيطرة الوعي النفسي على الأفعال الحيوانية وما هو بمعنى الغريزة، وتحويل مقدار غير يسير من حيوية الإنسان التي كانت تنفق في المتع الجسدية إلى الأعمال المفيدة من ميكانيكية وصناعية وزراعية وعلمية وأدبية وفنية واجتماعية واقتصادية. وقد ذهب المسيح إلى هذه النظرة المناقبية رأساً لأن البيئة السورية كانت قد ارتقت عن درجات كسر حدة الفطرة وتقليم أظفارها، وأصبحت تتطلب مستوى أعلى من الارتقاء النفسي.
    ببلوغ هذه الذروة المناقبية ابتدأ نجاح الأمم المسيحية، وليس بالتخلي عنها، كما يدعي هذا الواغل على المواضيع الاجتماعية، الملقَّب "بالقروي" أما أسباب تأخّر الشعوب الإسلامية المحمدية وجمود المحمديين فبعضُه لا دخل للدين فيه حيث البيئة الطبيعية قاسية لا زرع فيها ولا معادن، وضرعها قليل. ولكن حيث أسباب العمران متوفرة فأهمّ أسباب الجمود هي ترك العمل بالتعاليم المحمدية العالية المشتركة مع روحية التعاليم المسيحية واكتفاء بعض الشعوب المحمدية من الدين "بكسر حدة الفطرة وتقليم أظفارها" وترك ذروة المثل العليا النفسية، فبعدت عقولهم عن طلب التفوّق العلمي والتكني والفني، فقد قيل: "من طلب العلى سهر الليالي"، ولكن الذي يقضي لياليه مرتمياً مع فتاة فوق أغصان الربى "ليذوق شهدها غصباً عنها" ويزدري شعورها ويحتقر كرامتها، كيف السبيل لخروجه من جمود السفولية ومثالب المثل الدنيا؟
    بين الأمم التي أكثرُ عددها من المسلمين المحمديين نجد سورية أرقاها وأشدها نشاطاً وأسبقها في العلم والفنون والصناعات، وما ذلك إلاّ لمؤهّلات جنسها وعملها بموجب النظرة المناقبية السورية المتجلّية في تعاليم المسيح وأرقى تعاليم محمد؛ فأكثر السوريين المحمديين لا يميلون إلى تعدُّد الزوجات والانغماس في الشهوات المكسورة الحدة، ويفضلون توجيه قواهم إلى الأفيد للمجتمع. وقد جمد العلم عندهم في القرون الأخيرة بتوالي الفتوحات البربرية. ولكنك لا ترى هذه النظرة أو الحالة عينها عند محمديي أفريقية حيث مزيجُ الشعوب وطبيعة الأرض تجعل المجتمع أكثر ميلاً إلى اللهو والأفعال الغريزية.
    وقد أثّرت تأثيراً كبيراً في حالة جمود الشعوب المحمدية تعاليم الجهاد الديني الحزبي السياسي التي هي من الخصائص العربية في الدين، وليست من المبادئ الإنسانية العامة، أي إنها تعاليم لا توافق البيئات المتمدنة. فلو كان المحمديون السوريون، ولا نتكلم عن غيرهم، "يرفعون راية المسيح البيضاء" وراية محمد البيضاء فيتساهلون في حقوقهم الفردية ويحسنون إلى الذين يسيئون إليهم ويعفون عمن ظلمهم ويصلون من قطعهم لكانوا أزالوا أعظم عقبة من عقبات الاتحاد القومي بفضل النظرة المناقبية التي يشترك فيها محمد والمسيح. ومتى حصل التساهل من الجانبين المسيحيّ والمحمديّ في الحقوق الفردية أو الحزبية، الدينية، الداخلية، بفضل هذا الفهم العميق لغاية دينهما، وتمّ من وراء ذلك الاتحاد القومي المسالم كل المسالمة في الداخل، أمكن حينئذ أن تنهض الأمة السورية كرجل واحد، وتسير إلى فلاحها، فلا تكون في وحدتها هذه محمدية ولا مسيحية، بل قومية اجتماعية، ينظر أفرادها إلى الحياة نظرة واحدة، ويفهم كل منهم رسالة الدين بهذه النظرة.
    بهذا التعليم السوري القومي الاجتماعي تنهض الأمة السورية وكل أمة عربية تتخبط في محاولة عقيمة للتوفيق بين حزبية الدين والواقع الاجتماعي وليس "بسيف الرسول"، كما ينادي رشيد الخوري المأجور ليقول هذا القول.
    إن سيف الرسول لا يفيد في النهضات القومية، ففائدته الوحيدة كانت لنصرة الدين في بيئة يتعذّر فيها الانتصار بالفكر والفهم في العربة. وما نسبة السيف إلى محمد في القضايا القومية إلاّ من باب التزلّف إلى متهوِّسي المحمديين. فالسيف انتضته الدول والأمم في حروبها وفتوحاتها قبل المحمدية وقبل المسيحية. ولقد شق سيف هاني بعل إيطالية من شمالها إلى جنوبها في فتح لم يشهد التاريخ له مثيلاً قبل محمد بنحو ثمانية قرون. وكان السيف يشهر في العربة قبل محمد. ومزية محمد الوحيدة في استعمال السيف هي أنه أدخله في المسائل الدينية أيضاً. أما في المسائل القومية فلم يكن لمحمد أيّ فضل فيه.
    وهذه الحقيقة، التي لا غبار عليها، تمكّننا من إدراك مبلغ سخافة البيت الذي نظمه رشيد الخوري تزلفاً وتمهيداً لوغوله على العلم، وصفّق له السيد حسن كامل الصيرفي الكاتب في بعض المجلات المصرية وهو:
    إذا حاولت رفع الضيم فاضرب بسيف محمد واهجر يسوعا
    ً فنسبة رفع الضيم إلى سيف محمد الديني ليس سوى إقحام يخالف جميع الحقائق التاريخية، فالأمم، من قبل محمد بعشرات القرون، تعمد إلى السيف أو الرمح أو النبلة لرفع الضيم. أما تهكمه بعد هذا البيت على تعاليم المسيح بقوله:

    "أحبوا بعضكم بعضاً" وعظنا
    بها ذئباً فما نجّت قطيعا

    فمن أغرب ما عُرف في باب التخليط والخبل، "فأحبوا بعضكم بعضاً" هي لوعظ الرعاة وجمع الخراف وليست "لوعظ الذئاب". ولذلك أوصى المسيح تلاميذه، حين أرسلهم ليكرزوا، قائلاً: "ها أنا مرسلكم مثل خرفان بين ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات وودعاء كالحمام" (متى: 10 ـ 16) وهذا يعني ألاّ يبقوا مع الذئاب كالخرفان، بل أن يصيروا كالحيات في دهائها وإدراكها مع محافظتهم على الوداعة وسلامة النية، لأن مهمتهم تعليمية وليست حربية.
    أما هذر رشيد الخوري القائل: "ليس الإنجيل في نظر النصارى إلاّ ملحقاً أو ذيلاً لتوراة اليهود يكمل ما ابتدأ من شرها الفظيع ويتمم نبوءاتها القاضية بتجديد عهد العداء والتعدي على أهل فلسطين" فمن أحط النفاق والزندقة والتدجي، وكذلك قوله "فماذا استفاد المسيحيون من إنجيلهم وقد علقوه في قفا التوراة للفرجة" فإذا كان رشيد الخوري يتظاهر بالنقمة على المسيحية لمجرد أن المسيحيين جمعوا الكتابين، التوراة والإنجيل، في مجلد واحد أحياناً، فما قوله بوجود قسم كبير من سيرة اليهود وفرائض دينهم في القرآن كما بيّنا آنفاً؟
    المسيح هو الذي حرَّر الإنسانية من الشرائع التي جعلها اليهود أحكاماً أبدية: أما أن المسيحيين أرادوا جمع التوراة إلى كتابهم ليؤيّدوا ألوهية المسيح وصحة مجيئه موعوداً به في النبوءات فلا يُفيد ذلك ما يفيده وجود شرائع موسوية كثيرة وقصص يهودية في صُلب القرآن.
    إن الأمم المسيحية المتفوّقة لم تبلغ ما بلغته من التقدم بتجريدها "سيف الرسول" بل بتجريدها سيف الوطنية أو القومية أو الفتح المعروف من قبل زمن محمد. هذا من الناحية الخارجية، أما من الناحية الداخلية فكان تقدُّمها بترك السيف واتّباع تعاليم العدل والرحمة التي لا قيام لأيّ مجتمع بدونها، ولذلك نزلت الآية القرآنية بجعل الرحمة قاعدة الترابط بين المحمديين، واعتماد السيف في المسائل الخارجية فقط. ولما كان الدين الإسلامي في المحمدية قد تحول من مجرَّد تعليم روحي إلى دولة قائمة على قاعدة الدين غرضُها جمعُ مصالح المنضمين تحت لوائها وبسط نفوذها إلى الدنيا بأسرها، عملاً بما جاء في القرآن: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم} وقوله {إن الأرض يرثها عبادي الصالحون} كان لا بُدَّ له من الأخذ بأسباب قيام الدول من تجنيد الرجال ومباشرة الحرب. ولكن هذه الغاية ليست غايتها القصوى، بل هي وسيلة إلى الغاية القصوى التي هي: الرحمة في المجتمع والعدل في الحكم. وهذه هي زبدة التعاليم المسيحية. فإذا افترضنا أن الله جعل الأرض كلها ميراث المسلمين وورثوها فعلاً فماذا بعد ذلك؟ أليس القصد من هذا الوعد تعميم الصلاح من الرحمة والعدل؟ ألا يقول القرآن: {محمد والذين معه رحماء بينهم}؟ وقال أيضاً {من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالرحمة} {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}.
    أما المسيحية فلم تنشأ نشأة دولة، ولم تسر على خطة دولة، بل كانت تعليماً فلسفياً مناقبياً منزّهاً عن خطط الدولة، غرضه خير المجتمع الداخلي؛ وما نريد بالمجتمع هنا هو ما أوضحته في كتابي "نشوء الأمم" وسميته "الواقع الاجتماعي". وهو يعني كلّ مجتمع أو كيان اجتماعي. فالتعليم المسيحي ليس غرضه إنشاء دولة تجمع أتباعه وتحارب الدول الأخرى، وليس قصده جمع أشتات شعب وتنظيمهم في دولة كما جرى لليهود والعرب، لأن البيئة السورية عرفت الدولة من زمان فقامت فيها دول فتحت الفتوحات وجنّدت الجنود وأنشأت الأساطيل البحرية وسنت القوانين، وإنما كان غرضه إيجاد القواعد المناقبية التي تثبت المجتمع وتزيد فاعليته الروحية تجاه زعازع السياسة والحروب. والأمم تتعرض، في تاريخها، للانكسار، كما تتعرض للانتصار، فإذا انكسرت فلا إقالة لعثارها إلا بمبادئ مناقبية متينة. أما إذا فقدت هذه المبادئ واعتمدت السيف فقط فإن السيف يأخذها ولا يعود يقوم لها قائمة.
    في الحرب الحاضرة(5) تسقط أمام أعيننا دول ضخمة حاربت حروباً كثيرة وفتحت الفتوحات العديدة ولم تحد ولا مرة عن نهج السيف السويّ، فما هو السر في سقوطها؟ السرّ في فقدها القوة الروحية والمبادئ المناقبية. إن سبب سقوط فرنسة، مثلاً، هو في ترك الثقافة المناقبية وتقطيع "السلاسل الثقيلة التي قيدت الفطرة" (على تعبير رشيد الخوري)، وإطلاق أبنائها العنان لشهواتهم المقلّمة الأظفار الناعمة الملمس. وإن سبب انتصارات ألمانية الأخيرة هو في كبح جماح الشهوات وسلك سبيل "الشدة المتناهية" في ترويض النفوس والأبدان.
    وإن من أسباب جمود المجاميع الإسلامية المحمدية غير ما ذكرنا، بعض أحكام الشرع التي لا تتفق مع عوامل التقدم المدني كمعاملة المرأة وتحجيبها. فتصوَّر أن مدينة لندن أو برلين أو نيويورك بملايينها وصناعاتها ومكاتبها ودوائرها آهلة بمجموع إسلامي محمدي محافظ على قاعدة تحجّب النساء حتى لا تسفر المرأة إلا لزوجها وأخيها وأختها وابنها وأقرب الأقربين إليها، فهل يمكن هذا المجموع أن يقوم بمتطلبات حاجات عمران مدينة من هذه المدن على مستواها التمدني الحاضر، الذي لم يبلغ هذه الدرجة إلاّ باشتراك المرأة كزوجة وأم وأخت ومدبّرة بيت ومربية أولاد ومعلمة مدرسة وممرضة وكاتبة على الآلة الكاتبة ومشتركة في المعاهد الثقافية والدور العلمية وفي كل شأن من شؤون الحركة الاجتماعية وفي الأدب والفنون وفي جميع أشكال الحياة الاجتماعية والقومية؟
    ألم تجد تركية أن تمسّكها بفهم الإسلام القديم لا بدّ أن يقضي عليها فقامت بحركة تجديدية من فوق إلى تحت وصارت من الأمم العصرية التي لها منزلة خطيرة في مجمع الأمم الحية، فكان الفضل في نهضتها للوعي القومي الذي قاد كمال أتاتورك الأمة التركية إليه، على الرغم من صياح شيوخ الدين الغيورين على نصوص الشرع ومن صخب الغوغاء الذي عمد الشيوخ إلى تهييجه؟
    ألم يكن الفضل في نهضة الأمم المسيحية من قبل أنها نهضت في وجه تحويل المسيحية إلى دولة دينية رئيسُها البابا؟
    نقول كل ذلك لنبين أن الموضوع القومي هو غير الموضوع الدّينيّ، وأن أسباب تقدّم الأمم وتأخرها ليس ما ذكره رشيد الخوري في حارضته وأثبتناه في البحث السابق، ولنوضح أن المبادئ الدينية الوحيدة التي تفيد الأمم في نهضاتها القومية هي المبادئ المناقبية التي يقول رشيد الخوري برفضها ويعيّر المسيحية بها ويمدح الإسلام المحمدي لاعتقاده أنه مخالف لها.
    ألم نرَ أنه في "الأعاصير" الذي جمع فيه أخلاطاً من النظم سماه "شعره الوطني" يقول أيضاً:
    بلادك قدّمها على كل مـــلة
    ومن أجلها أفطر ومن أجلها صُم

    فقد مزّقت هذي المذاهب شملنا
    وقد حطمتنا بين ناب ومنســـم

    سلام على كفر يوحّـــد بيننا
    وأهلاً وسهلاً بعده بجهنـــــم


    ويقول أيضاً:

    ما أضاحي عرفات ومنًى
    بل ضحايا الشام بالمجد غنيه


    فمن أين جاءته الآن هذه الحمية الجاهلية على عرفات ومنى والبئر؟
    أثبتنا، في ما سبق، أنه ليس لرشيد الخوري تفكير خاص، وأن معظم ما في نظمه ونثره مستعارٌ إما من بعض أقوال كبار المفكرين والكتاب أو من عاميين نيّري الذهن. وأكثر ما اقتبسه من غير ذكر أو شكر هو سطحي ويوافق مقدار عقله. وقد قلنا في البحث السابق أنه لولا الانحطاط العلمي والثقافي العام عند عامة السوريين والسواد الأعظم من خاصتهم لما وجدنا حاجة بنا للنظر في قوله الهراء الرامي إلى إيقاد نار الفتنة الدينية العمياء. ونزيد الآن أن من الدوافع التي دفعتنا إلى مناقشة كلام هذا الجاهل الأحمق كون بعضه مقتبساً من كلام بعض مشاهير كتاب العصر الماضي الرجعيين الذين انتشرت كتاباتهم في أوساط محمدية واسعة وعدها سوادهم النور الذي يجب أن يُسترشد به، أمثال الكاتب المشهور جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده.
    فإن كلام رشيد الخوري، الذي أثبتناه في الأبحاث السابقة الأخيرة وفندناه وأظهرنا بطلانه وفساد تأويله، يكاد في بعضه يكون منقولاً بالحرف عما جاء في مقالتين وردتا في "العروة الوثقى" التي أصدرها الكاتبان المذكوران في باريس سنة 1884؛ وهاتان المقالتان هما "النصرانية والإسلام وأهلهما"؛ والثانية "انحطاط المسلمين وسكونهم" وفي بعض مقالات أخرى كمقالة "القضاء والقدر". فمن المقالة الأولى أخذ رشيد الخوري هذا القول كله، بتحريف قليل:
    "إن الديانة المسيحية بُنيت على المُسالمة والمُياسرة في كل شيء، وجاءت برفع القصاص وإطراح الملك والسلطة ونبذ الدنيا وبهرجاتها، ووعظت بوجوب الخضوع لكل سلطان يحكم المتدينين بها، وترك أموال السلاطين للسلاطين، والابتعاد عن المنازعات الشخصية والجنسية، بل الدينية. ومن وصايا الإنجيل: "من ضربك على خدّك الأيمن فأدر له الأيسر" ومن أخباره أن الملوك إنما ولايتهم على الأجساد وهي فانية؛ والولاية الحقيقية الباقية على الأرواح وهي للّه وحده", ويتلو ذلك وصف لتقدم الأمم المسيحية بما يخالف تعاليم دينها، ووصف لتأخر المسلمين المحمديين خلافاً لتعاليم دينهم. ولما كان قد بلغنا إلى هذا المصدر الأساسي للأقوال والأفكار التي وردت في حارضة الخوري، فإننا سنتمم معالجتنا لموضوع المذهبين المسيحي والمحمدي وأغلاط فهمهما وما ينتج عن ذلك من نظرات شاذة عن العلم والمنطق في الاجتماع والسياسة بناء عليه، تاركين ما تبقى من حارضة الخوري، وهو معظمها، لعدم وجود أية وحدة فكرية فيها، فهي فسيفساء خطابية جُمعت موادّها "من كل واد عصا". ونعود بعد الفراغ من النظر في هذا الموضوع إلى تناول تعريضه بالنهضة السورية القومية الاجتماعية ومسألة "العروبة".
    والذي يقابل كلام "العروة الوثقى" الملقى على عواهنه على ما أثبتناه في هذا الصدد في ما سبق من هذا البحث يجد أن أقل ما يقال فيه إنه اجتهاد مشوّه مشوّش لا تدّبّر فيه للإنجيل والقرآن.
    فالقول إن المسيحية جاءت برفع القصاص باطل، وإنها جاءت بإطراح الملك والسلطة باطل، وإنها قالت بنبذ الدنيا وبهرجتها باطل، إلاّ في وجوه مخالفة للفضائل الاجتماعية أيّدها فيها القرآن، وقد بيّناه.

    المسيح قال: "لا تحكموا بحسب الظّاهر، ولكن احكموا حكماً عادلاً" ، وهذا لا يرفع القصاص؛ ولا يوجد في الإنجيل قول باطراح الملك والسلطة. وأما أن المسيحية "وعظت بوجوب الخضوع لكل سلطان يحكم المتدينين بها وترك أموال السلاطين للسلاطين" فقد حوّره الخوري وجعله هكذا "لا بأس في شريعته أن تعيش عبداً رقيقاً مدى الحياة تُسام الخسف والهوان الخ" وقد بيّنا فساده في ما سبق وأثبتنا أنه تأويل سطحي مغرض. على أن في هذا الكلام اجتهاداً في فهم قول المسيح للذين كانوا يبحثون عن جريرة يأخذونه بها ليهلكوه "أوفوا ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه". ولكن ما أبعد هذا الاتجاه عن حقيقة ما عناه المسيح. فإن هذه الآية ليست مطلقة ومستقلة، بل هي متعلقة بحادث وعبارات سابقة؛ وذلك أن رؤساء الدين اليهود، لما عجزوا عن أخذ المسيح بجرم من تعاليمه يهيّجون الشعب به عليه، صاروا يطلبون أن يجدوا فيه مخالفة لسلطان الدولة الأجنبية الحاكمة ليسلموه إليها. وعلى هذه القاعدة جرى الرجعيون في سورية ليسلموا زعيم النهضة السورية القومية الاجتماعية إلى سلطان الدولة الأجنبية الحاكمة بعد أن عجزوا عن أن يجدوا نقصاً في تعاليمه يثير الشعب عليه. والواقع الذي اقتضى قول المسيح هو كما يلي: "فهمّ رؤساء الكهنة والكتبة أن يُلقوا عليه الأيدي في تلك الساعة، ولكنهم خافوا من الشعب لأنهم علموا أنه قال هذا المثل عليهم، فرصدوه وأرسلوا إليه جواسيس يراؤون أنهم صدّيقون لكي يأخذوه بكلمة فيسلموه إلى رئاسة الوالي وسلطانه؛ فسألوه قائلين: يا معلم، قد علمنا أنك بالصواب تتكلم وتعلّم ولا تأخذ بالوجوه، بل تعلّم طريق الله بالحق. أيجوز أن نعطي الخراج لقيصر أم لا؟ ففطن لمكرهم فقال لهم: لماذا تجبرونني؟ أروني ديناراً. لمن الصورة والكتابة؟ فأجابوا وقالوا: لقيصر. فقال لهم: أوفوا ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه" (لوقا: 20: من 19 إلى 25).
    كلّ متدبّر لهذه الآيات يجد أنّها أبعد ما يكون عن الاجتهاد القائل بأن المسيحية تقول بوجوب "الخضوع لكل سلطان يحكم المتدينين بها". ولو كان هذا قصد تعليم المسيح لكان قاله في مواعظه ولكان أجاب السائلين على الفور: "يجوز أن تعطوا الخراج"، ولكنه لم يقل ذلك، بل قال إنه يجوز رد دنانير قيصر المطبوعة صورته وكتابته عليها إليه. ولذلك لم يقدر اليهود أن يأخذوه بجرم ضد الدولة، ولم يقدروا أن يدّعوا أو يقولوا إنه يعلم الخضوع لسلطان أجنبي ويهيّجوا الشعب عليه؛ وهم إنما سألوه ليوقعوه في إحدى الجريمتين السياسية أو المناقبية، فتغلّب على مكرهم برفض الموافقة على دفع الجزية، ولكن من غير الوقوع في مكيدة أعدّت له ليسلموه إلى المحكمة الأجنبية. والقرآن يقول: {والله خير الماكرين}.
    أما الإشارة إلى "المنازعات الشخصية والجنسية، بل والدينية" ففيها تشويه كبير. وقد رأينا أن المسيح ألقى نزاع العقائد بين الناس، ولكنه علّم بالابتعاد عن المنازعات الشخصية حرصاً على وحدة المجتمع وسلامته. ولم يقل بترك الدفاع عن حقوق المجتمع تجاه المجتمعات الأخرى، وهو ما يرمي الاجتهاد المذكور إلى إيهامنا بأنه قاله أو علم به وهو باطل كما رأيت.
    ومن استعارات رشيد الخوري قوله في الرسالة المحمدية "الدين الإسلامي" إنها "مدرحية" أي "مادي روحي معاً". فقد يظنّ القارئ غير المطلع أن هذا القول هو فكرة جديدة فلسفية الخوري، والحقيقة أنه مأخوذ من كتابي "نشوء الأمم" ومن شرحي لمبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي. فهو فكرة فلسفية اجتماعية أبديتها في مناسبات عديدة. وآخر ما أعلنته من أمر نظرتي الفلسفية كان في خطابي في أول آذار سنة 1940، الذي نشر في "سورية الجديدة" في العدد الصادر في 27 نيسان من السنة المذكورة. قلت:
    "إن الحركة السورية القومية الاجتماعية لم تأتِ سورية فقط بالمبادئ المحيية، بل أتت العالم بالقاعدة التي يمكن عليها استمرار العمران وارتقاء الثقافة. إن الحركة السورية القومية الاجتماعية ترفض الإقرار باتخاذ قاعدة الصراع بين المبدأ المادي والمبدأ الروحي أساساً للحياة الإنسانية، ولا تقف الحركة السورية القومية الاجتماعية عند هذا الحد، بل هي تعلن للعالم مبدأ الأساس المادي ـ الروحي للحياة الإنسانية ووجوب تحويل الصراع المميت إلى تفاعل متجانس يحيي ويعمر ويرفع الثقافة ويسير الحياة نحو أرفع مستوى".
    إن المبدأ الذي جاء به سعادة هو نظرية فلسفية شاملة تتناول قضايا العالم الاجتماعية والاقتصادية وشرحها، ويقتضي كتاباً على حدة يبحث في المبادئ الماركسية المادية لتنظيم المجتمع والمبادئ الفاشية المازينية الروحية لتنظيم المجتمع والصراع بين هاتين الفئتين من المبادئ، ثم مبدأ سعادة الذي يخرج من القاعدتين المتصادمتين بقاعدة واحدة عامة يمكن أن تجمع عليها الإنسانية. وهو بحث واسع بل فلسفة كاملة في الاجتماع والتاريخ.
    أخذ رشيد الخوري هذه الفكرة الفلسفية العظيمة التي لا يطيق عقله إدراك عمقها وأهمية القضايا الاجتماعية التي تشتمل عليها، فمسخها وجعلها مجرد كلام سطحي بسيط يقصد به إيجاد مقابلة استبدادية بين "الأديان" الثلاثة المسيحي والمحمدي واليهودي؛ فقال "فالدين المسيحي دين تصوّري لا ينفع الدنيا لانفصاله عنها، ولا الآخرة لعدم حاجتها إليه. وهو نقيض الدين اليهودي الذي هو ماديّ صرف. أما الدين الإسلامي "فمدرحي" إذا صح النحت والتركيب، أي مادي وروحي معاً".
    وليس غير الجهال أعطيت لهم حكمة أخفيت عن الحكماء يفهمون ما هو محصّل هذا الكلام الاعتباطي. فإذا كان المذهب المحمدي مادياً وروحياً معاً، فالمذهب الموسوي أيضاً كذلك، وكذلك المذهب المسيحي. فكلّ مذهب ديني من هذه المذاهب، بل كل دين على الإطلاق يزعم أنه جمع شؤون الروح والجسد، وهذا لا يعني شيئاً جديداً في الدين والاجتماع، إلا أن رشيد الخوري خص الإسلام المحمدي به من دون المسيحية والموسوية ليوهم الغوغاء وناقصي العلم بأنه عالم بهذه "الأديان" وبأن له نظرة فيها لها طابع فلسفي. وهذا التقليد أقبح من تقليد السعدان للنجار الذي أدخل إسفينا في خشبة فشقّها وترك الإسفين فيها، فجاء القرد يقلّده فركب على الخشبة فتدلّى ذنبه في شق الخشبة فرفع الإسفين ليقلّد النجار فأطبقت الخشبة على ذنبه!.
يعمل...
X