إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الجنبية أوالخنجر زينة يمنية على عرش الأصالة لعربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجنبية أوالخنجر زينة يمنية على عرش الأصالة لعربية




    حضر في قصائد الشعراء
    وارتبط بالرجولة والأصالة والهيبة وزينة الرجال
    الخنجر.. سلاح من حرير

    أحمد علي البحيري
    زينة يمنية
    تتربع الجنبية اليمنية على عرش الخناجر العربية الأصيلة، فلا تكاد محافظة من محافظات اليمن تخلو من ورش أو أسواق لصناعة وبيع الخناجر التقليدية، وهي الأداة الحادة التي عرفها اليمنيون منذ قرون عديدة، ولا تزال صناعتها باقية حتى اليوم، محافظة على مفرداتها القديمة. أما بالنسبة لليمني فتعتبر الجنبية في نظره مظهرا مهما للزينة الرجالية وأهم مكون للزي الشعبي التقليدي. ووجدت في اليمن وفي مراحل تاريخية مختلفة أسواق متخصصة لصناعة وتجارة (الجنابي) في صنعاء وذمار وتعز ومأرب، وغيرها من المحافظات.
    لقد ارتبطت عراقة هذه الصناعة التقليدية بعراقة “الجنبية” حيث تؤكد كتب التاريخ وبعض النقوش المنحوتة على تماثيل، أنها تعود إلى ما قبل العصر الحميري، وهو ما تؤكده بعض التماثيل الحميرية للملوك الذين تظهر في وسطهم (الجنبية) اليمنية، كما تؤشر النقوش المختومة على بعض الجنابي القديمة أن صناعتها تعود إلى ما قبل 800 عام. في حين تذكر بعض المدونات التاريخية أن استخدام الإنسان لليمني لهذا السلاح يعود إلى القرن الأول للميلاد. لقد اشتهرت محافظات بعينها في صناعة وإعداد الأدوات المستخدمة في الجنبية، ومنها صنعاء وذمار، اللتان اشتهرتا أكثر من غيرهما بصناعة المقبض (الرأس) بأنواعه المختلفة، إضافة إلى صناعة الجلود والخيوط المستخدمة في صناعة (العسيب). واشتهرت منطقة رداع بصناعة النصلة الحديدية، واليها نسبت أشهر أنواع النصال وأغلاها ثمنا.
    تتكون الجنبية في هيئتها من قطعتين الأولى: عبارة عن النصلة الحديدية، وتكون ملتوية من أسفلها على شكل حرف (واو) ويعلوها المقبض ويكون بقاعدة عريضة يدرج فيها النصل ومقعرة من الجانبين باتجاه الداخل وتعرض عند الرأس قليلا. أما القطعة الثانية فهي الغمد المثبت في حزام من الجلد المكسي بالقماش المخملي والمطرز بخيوط حريرية وذهبية، وتسمى هذه القطعة “عسيب” أو “توزة”. وتتوزع مراحل إعداد وصناعة مكونات الجنبية على مجموعة من الحرفيين المهرة، حيث يعنى كل واحد منهم بصناعة وإعداد جزء معين منها. وتبدأ صناعتها الجنبية بالمقبض أو الرأس أو النصلة الحديدية، وتستخدم في صناعة المقابض قرون الحيوانات، حيث يعد قرن وحيد القرن أفضلها وأجودها وأغلاها ثمنا. أما النصلة فتصنع من الحديد الصلب. المرحلة الثانية تختص بوضع الزهرات والنقوش على الجهة الأمامية للمقبض وأعلاه بتثبيت القطع الذهبية المدورة في وسط الجهة الأمامية من أعلى ومن أسفل. ويتم في المرحلة الثالثة تصنيع (المبسمة) الذي يثبت بقاعدة المقبض، ويكون من الفضة الخالصة، بحيث يتم شقَه وتركيبه على النصلة الحديدية. كما يشترك في صناعة (العسب) الذي يتكون من الغمد والحزام عدد من الحرفيين، منهم النجار الذي يتولى مهمة تقطيع (الحب) وتجويفه وصقله بشكل يتلاءم مع الجنبية، كذلك (الدَباغ) الذي يقوم بدبغ الجلود التي تستخدم كأحزمة، ثم (المجبس)، وأخيرا ما يقوم به حرفي التزيين وتجميل الجنبية لتصبح جاهزة للاقتناء.
    منذ القدم ارتبطت الجنبية بشخصية الإنسان اليمني في معاملاته، وكأداة في قانون العرف القبلي، أو ما يطلق عليه اسم (شرع القبائل)، كما احتلت مكانة متميزة في الأدب الشعبي والحكم والأمثال الشعبية. وهي في شرع القبائل رمز للرجولة والنضج، كما أنها وسيلة مثلى للتحكيم عند بروز خلافات بين طرفين، بحيث يطرح المتنازعون (جنابيهم) عند شيخ القبيلة أو كبيرها تعبيرا عن الشكوى وطلب التدخل. أو أن يضعها لديه طرفا النزاع للدلالة على القبول بحكم المحكم. وارتبط ارتداء الجنبية بأعراف كثيرة منها ألا تخرج من غمدها إلا في حالات الضرورة كالدفاع عن النفس من العدو أو الحيوانات المفترسة في الخلاء وغيرها من الضرورات الملحة. في حين أن إخراج الجنبية والتلويح بها في الأوقات العادية يدخل في إطار ما يعرف بـ(العيب الفادح) وتفرض التقاليد القبلية عقوبات بحق من يرفع الجنبية على شخص آخر بغرض تهديده، أو التلويح يطعنه أو تخويفه دون سبب مقنع، ويتم تغريمه بمبالغ مالية كبيرة تحت مسمى (دية السلامة). ويدل نوع الجنبية من حيث قيمتها ونوعها على مكانة من يرتديها وعمله ومركزه، فغالبا ما يرتدي كبار القوم أغلى الأنواع وأكثرها قدما وعراقة، في حين يرتدي علماء الدين والفقهاء والعاملون في سلك القضاء والمحاكم النوع المعروف باسم (التوزة) والتي غالبا ما يكون حزامها موشى بالفضة. من جانب ثان يكون ارتداء الجنبية أمرا ضروريا في مناسبات الأعراس والأعياد، والحفلات الأسرية، حيث يرتدي العريس أو أب (المولودة) الجنبية بشكل يميزه عن الآخرين، وعلى الرغم من أن حرفة صناعة الجنابي في اليمن ظلت من أكثر المهن الجاذبة للحرفيين، إلا أن هذا الأمر شهد تحولات خلال السنوات الأخيرة، ولم تعد هذه الحرفة محببة لدى الكثيرين من أبنائها نظرا لانخفاض الطلب على الجنبية لأسباب كثيرة منها فقدان المواد الأساسية الخامة في هذه الصناعة، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الإبداع في إنجاز هذا السلاح الشعبي القديم والعريق الذي يعود بتاريخه إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وما زال ذلك المثل اليمني شائعا بين الناس ويقول: (مظهرك من خنجرك).
يعمل...
X