إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السيرة الذاتية والتجربة الشعرية - باستطرادات حاتم محمد الصكر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السيرة الذاتية والتجربة الشعرية - باستطرادات حاتم محمد الصكر


    استطرادات
    حاتم محمد الصكر

    السيرة الذاتية والتجربة الشعرية
    تحظى كتابة السير الذاتية بعناية متزايدة تشجع عليها أجواء الانفتاح الثقافي، والأفق الذي تدخله المجتمعات العربية في فضاء من الحرية المنتزعة، وتتنوع كيفياتها، وتتوسع متمددة لفنون مجاورة؛ فتغدو السيرة الشعرية ـ الذاتية ـ نوعا ممكنا تستطيع القراءات النقدية أن تتقصاها، وتضع لها قواعد نظرية وجماليات قراءة، تستجلي صلتها بالسيرة كفن نثري، وبالشعر عبر القصيدة ذات الأعراف المستقرة والمستقلة. وهذا شأن السيرة الذاتية النثرية أيضا؛ فهي جامع نصّي تلتقي في هيكله فنون مختلفة وأنواع متباينة، كالتاريخ والرواية والمقالة. وهكذا راحت القراءات تلاحق ما يندّ من كِسَر سيرية في القصائد، وتستعين بتمظهراتها الفنية وتجسداتها النصية، لرؤية ما تعطي للقصيدة من طاقة السرد، وما تأخذ من شعريتها إيقاعاً وموضوعاً.
    لكن دراسة الناقد والأكاديمي محمد صابر عبيد “السيرة الذاتية الشعرية ـ قراءة في التجربة السيرية لشعراء الحداثة العربية” توهمنا بتأمل اللحظة الشعرية التي تدخل فيها السيرة الذاتية حقلا جديدا، كما جرى في السيرة الروائية مثلا، حين راح الروائيون ينصّصون أجزاء من سيرهم ضمن الشكل الروائي، وأتاحوا لتلك السير أن تأخذ بنية الرواية وشكلها ولكن بتعاقد واضح مع القارئ على أن الواقعة والفعل السردي والحدث لها ارتباط بالمعيش المباشر لكاتبها، وعائديتها إليه ككائن سيري تجعل التلقي في أفق متطابق مع موجهاتها. لكن الدراسة تتجه لفحص تفوهات الشعراء حول نصوصهم وفهمهم للقصيدة ورؤيتهم لتجاربهم الشعرية تحت مسمى السير الشعرية الذاتية، وهو نوع مختلف يظل على حافة النقد وهوامشه، لأن الأعمال التي يقدمها الشعراء عن نصوصهم وتجاربهم لا تمنح القارئ فرصة التعرف على سيرة ذاتية ضمن الشعر نفسه؛ لنشهد كيفية استيعاب القصيدة للتجارب الحياتية وما عاش الشاعر وعلق في ذاكرته وتشكل في وعيه وما أضاف خياله لتنبثق لدينا قصيدة سيرة ذاتية، أما دراسة كتابات الشعراء (حول) تجاربهم، وإطلاق مصطلح السيرة الذاتية الشعرية عليه؛ فهو يضيف بلبلة اصطلاحية إلى ما يشهده النقد الحديث من تكاثر اصطلاحي أو تكثير تفريعي، فالسيرة الشعرية الذاتية تترحل كما في كتاب الدكتور محمد صابر عبيد من داخل النص ومن التنوع السيري: سيرة ذاتية نثرية، سيرة روائية، سيرة شعرية، وربما مسرحية كذلك، لتكون مسمى لما يكتب الشاعر عن أعماله، وتكوّن شخصيته الشعرية. وهي ضرب من سيرة ثقافية تناول بعض الشعراء ضمنها المؤثرات التي شكلت تجاربهم، وما تفاعلوا معه من عوامل وتيارات، وما شهدوا من احداث تحسسها وعيهم وانعكست في شعرهم.
    ولا أجد السيرة الذاتية تستفيد من دراسة ما قدم الشعراء تحت عناوين مثل تجربتي الشعرية أو حياتي في الشعر، كما أن النصوص الشعرية لا تغتني بتلك الشهادات كثيرا، فضلا عن كونها تابعة لها ومتأخرة عنها، وليست بالصدق والموضوعية والحيادية التي تتطلبها السير والشهادات والمذكرات وسواها من تنويعات الكتابة السيرذاتية المعروفة.
يعمل...
X