إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصورة في الشعر الحر بالظواهر الفنية في الشعر الحر - فراس حج محمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصورة في الشعر الحر بالظواهر الفنية في الشعر الحر - فراس حج محمد





    الظواهر الفنية في الشعر الحر

    فراس حج محمد

    تعرض هذه الصفحات ملخصـــا لطبيعة الشعر الحر، وأهم الظواهر الفنية التي اعتمدها الشعراء في تركيب البناء الشعري، فألقت الضوء على مجموعة من هذه الظواهر: مثل الإبهام والغموض، والتكرار، والصورة الشعرية، بالإضافة إلى بعض القضايا المتعلقة باللغة الشعرية.
    وارتأيت أن أقف أولاً عند تحديد مفهوم الشعر الحر، متجاوزا الخلافات في هذا الجانب، متبنيا رأيا خاصا قد يتفق أو يختلف مع الآخرين.


    الصورة في الشعر الحر

    الظواهر الفنية في الشعر الحر
    فراس حج محمد


    الصورة في الشعر الحر


    اعتمد الشاعر في تركيبه للصورة الشعرية في الشعر الحر على عدة عناصر، من كناية وتشبيه واستعارة، ومجاز ورمز وتعبير حقيقي، وقد كانت الصورة في الشعر الحر مجالا لتأدية المعنى، وليس عنصر زخرفة أو تزيين.

    ومن يقرأ الشعر الحديث يجد أن الصورة الفنية فيه، إما جزئية معتمدة على المفهوم التقليدي للصورة الشعرية القديمة من تشبيه واستعارة، أو كناية، وإما صورة كلية، يرسم الشاعر من خلالها صورة مركبة، تتضافر فيها كل العناصر الجزئية لتقديم صورة شعرية مشهدية كلية.

    وقد تعددت الدراسات التي تناولت الصورة الشعرية في الشعر العربي، ومن هذه الدراسات ما قدمه د. عدنان حسين قاسم في دراسته للصورة في الشعر، وتعرض في هذه الدراسة للصورة في الشعر الحر، والعناصر المكونة لها، وتحدث كذلك عن وحدة أجزاء الصورة الكلية، موضحا كل ذلك بالأمثلة من الشعر قديمه وحديثه33، وقد وقف الناقد شاكر النابلسي عند الصورة الشعرية في كتابه" مجنون التراب- دراسة في شعر وفكر محمود درويش" وعرض في دراسته لــ "25" نوعا من الصورة في شعر هذا الشاعر، وقد جاء هذا التفصيل في الصورة مبنيا على عدة اعتبارات رآها الدارس، فقد أخذ في الحسبان حالات المتلقي أو الوظيفة التي تؤديها الصورة أو العناصر الداخلة في تركيبها34"، ويمكن أن يرد المرء هذه الأنواع المتشعبة للصورة إلى نوعين فقط: الصورة المشهدية الكلية والصورة الجزئية.

    وفيما يلي أقدم مثالين للصورة الشعرية كما يبينهما المؤلفان السابقان، الأول للشاعر سميح القاسم، وذلك في قوله:
    ألسنة النار تزغرد في أحشاء الليل
    ويدمدم طبلْ
    وتهد بقايا الصمت طبول ضاربة وصنوج
    ويهيج الإيقاع المبحوح يهيج
    فالغابة بالأصداء تموجْ

    ففي هذه الصورة تتضافر العناصر التقليدية لبلاغتنا العربية في تركيب صورة مشهدية كلية، يظهر فيها أثر النار وحريقها، ومآل ذلك من تمزيق جدران الصمت وارتفاع الأصوات وانفجار الثورة، ففي هذه الحركة، وفي هذا الصوت تتفاعل كل العناصر لإظهار المعنى في صورة شعرية مشهدية35".

    أما المثال الثاني، فهو من شعر درويش، ورد في كتاب النابلسي المشار إليه آنفاً، يقول درويش:
    والصوت أخضر
    قال لي أو قلت لي : أنتم مظاهرة البروق
    والصوت موت المجزرة
    ضد القرنفل، ضد عطر البرتقال
    أنتم جذوع البرتقال

    وقد نعت شاكر النابلسي هذه الصورة بــ"الصورة الملونة"، وعلق عليها بقوله: " وهي صورة بسيطة من الصور الشعرية التي لا تعتمد على لون واحد....، والغرض من هذه الصورة تقليد الطبيعة وليس نقلها، بأن يقف الشاعر مكان الطبيعة في التلوين ،أو يقوم بما تفعل، وليس كما تفعل بالضبط"36.

    وهذه الصورة كما تحسها معي، تؤدي مشهدا شعريا متكاملا، يعتمد على الطبيعة كأحد مرتكزات الصورة الشعرية، بألوانها المختلفة ؛ لتأكيد تجذر الإنسان بأرضه، وتوحده بعناصرها المميزة.

    ذلكم كان عرضا لبعض ظواهر الشعر الحر عند شعرائنا العرب ممن استفادوا من تجارب إنتاج المعنى والصورة لشعراء عالميين كبار، فأفاضوا على تلك الجوانب روحا خاصا، فأضحت تعبر عن أحاسيسهم وقضاياهم ورؤاهم الفنية الخاصة، وإن اشتركوا مع غيرهم في بعض الجوانب والمظاهر، فهو مدعاة للقول: إن الإنسانية بمجملها ذات شعور واحد فياض بما هو مشترك فيما بينهم جميعا، إقرارا بمبدأ أزلي بوحدة الوجود والموجودات، والتي يقف على رأسها جميعا هذا الإنسان المبدع الذي أطلقت عليه الحياة لقب "شاعر"!!

    *****
    "1" مجدي وهبة، معجم مصطلحات الأدب، بيروت، 1974، ص "181".
    "2" سميح القاسم، القصائد، المجلد"3"، دار الهدى، كفر قرع، ط1 ،1991، ص"136".
    "3" السابق، المجلد"2"، ص"135"، قصيدة بعنوان" سكتش".
    4" يُنظر على سبيل المثال: محمود درويش، الجدارية، رياض الريس للكتب والنشر، ط1، 2000، وتقع القصيدة في "105" صفحات مــــن الــــقـــطع
    الصغير.
    : سميح القاسم، مجلد"4" السربيات، وهي سبع سربيات : إرم، إسكندر في رحلة الداخل والخارج، مراثي سـميح القاســم
    إلهي لماذا قتلتني، ثالث أكسيد الكربون، الصحراء، رحلة السراديب الوحشية.
    "5" محمود درويش، ديوانه، المجلد الأول، دار العودة – بيروت، ط14، 1994، ص "189-190".
    "6" جودت نور الدين، مع الشعر العربي- أين هي الأزمة؟، دار الأدب – بيروت، ط1، 1996، ص "75-76".
    "7" عبد الرحمن محمد القعود، الإبهام في شعر الحداثة، العوامل والمظاهر وآليات التأويل، عالم المعرفة "279"، الكويت، مارس ،2002،ص" 180"
    "8" يُنظرُ، السابق، الفصل الخامس ص"205-242" والفصل السادس "245- 290".
    "9" جودت نور الدين، مع الشعر العربي، " مرجع سابق"، هامش "3" والبيت للشاعر اللبناني عبد الحسين العبد الله.
    "10" محمود درويش، لماذا تركت الحصان وحيدا، دار رياض الريس للكتب والنشر، لندن، ط1، 1995، ص"54-57".
    "11" القرآن الكريم، سورة المائدة الآيات "27-31".
    "12" محمود درويش، لماذا تركت الحصان وحيدا، " مرجع سابق"، ص"56-57".
    "13" محمود درويش،سرير الغريبة، دار رياض الريس للكتب والنشر، لندن، ط1، 1999.
    "14" إبراهيم نمر موسى، توظيف الشخصيات التاريخية في الشعر الفلسطيني المعاصر، عالم الفكر، المجلد"33" ،"2"، أكتوبر2004، ص"117-157"
    "15" يُنظر: إحسان عباس، اتجاهات الشعر المعاصر، دار الشروق، عمان، ط2، 1992، ص"121-134".
    "16" يُنظر: يحيى محمد الحلح، قراءة في أدب نزار قباني ،منشورات دار علاء الدين- دمشق، ط1، 2001،ص"39- 45"
    "17" محمود درويش، ديوانه، المجلد الثاني، دار العودة – بيروت، ط1، 1994، ص "473- 557". وخاصة القصيدة الأولى في الديوان وهي: "أحد عشر كوكبا على آخر المشهد الأندلسي" .
    "18" يُنظر: محمد عبد الله الجعيدي، حضور الأندلس في الأدب الفلسطيني الحديث، مجلة عالم الفكر، مجلد"28"،ع"4"، أبريل، 2000، ص"7-52".
    "19" جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، دار الكتب العلمية - بيروت، ط1، 1998، تحقيق : فؤاد علي
    منصور، الجزء الأول، ص"262". يقول المؤلف تعليقا على الأبيات:" فكرّر قوله : " قرّبا مربط النعامة مني " في رؤوس أبياتٍ كثيرة عنايةً
    بالأمر وإرادة الإبلاغ في التنبيه والتحذير.
    "20" أبو عبد الله الحسين بن أحمد الزوزني، شرح المعلقات السبع، دار الكتاب العربي- بيروت ،ط4، 1993،ص"118".
    "21" تكررت آية " فبأي آلاء ربكما تكذبان " في هذه السورة أكثر من ثلاثين مرة.
    "22" نازك الملائكة، قضايا الشعر المعاصر، دار العلم للملايين- بيروت، ط11، 2000، ص"280".
    "23" السابق، ص "284".
    "24" السابق، ص "287".
    "25" السابق، نفسه.
    "26" السابق، ص "276".
    "27" السابق، ص "277".
    "28" السابق، ص "290-291".
    "29" يُنظر: كتاب العربي"42"، قوافي الحب والشجن، تقديم عبد القادر القط، ص"142-144".
    "30" يُنظر: " يُنظر: يحيى محمد الحلح، قراءة في أدب نزار قباني ،" مرجع سابق"، ص "245-249".
    "31" يُنظر: ناديا بشاي، باقات من شعر بدر شاكر السياب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت، ط1، 1986، ص"9-14".
    "32" ينظر: محمود درويش، ديوانه، المجلد الأول، "مصدر سابق" ،ص " 324-331".
    "33" يُنظر: عدنان حسين قاسم، التصوير الشعري، " رؤية نقدية لبلاغتنا العربية"، مكتبة الفلاح، الكويت، ط1، 1988.
    "34" يُنظر: شاكر النابلسي، مجنون التراب " دراسة في شعر وفكر محمود درويش"، المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت، ط1، 1987، ص"623-644".
    "35" يُنظر: عدنان حسين قاسم،، التصوير الشعري، "مرجع سابق"، ص "228".
    "36" شاكر النابلسي، مجنون التراب " مرجع سابق"، ص "639".

يعمل...
X