إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

واشنطن ولهيب النار الديبلوماسية في وجه سوريا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • واشنطن ولهيب النار الديبلوماسية في وجه سوريا

    أطلقت واشنطن لهيب النار الديبلوماسية في وجه سوريا، تارة عبر استخدام الجار التركي، وطوراً من خلال فرض عقوبات اقتصادية أوروبية وأميركية، ثم لجوءاً إلى قرارات مجلس الأمن الدولي، وصولاً إلى الخاصرة الرخوة للأمة العربية .... جامعة الدول العربية. غير أن الجنوح إلى الخيارات الدبلوماسية حتى الآن لم يكن وليد تواضع أو رأفة أميركية، بل أتى نتيجة صمود دمشق في وجه قوى دولية، غالباً ما اعتادت النجاح في تنفيذ مخططاتها عبر العالم، وقد شهدت الساحة السورية، منذ بدء الأزمة تصاعداً في محاولة حصارها، في محاولة


    لفك الترابط العضوي للمجتمع، وقد تم استخدام أقسى الأسلحة الإعلامية في هذا المجال، إما عبر نفث نار الفتنة الطائفية والاتنية، عبر اغتيال شخصيات دينية وعرقية واتهام السلطات بذلك (نجل مفتي سوريا سارية حسون، والمعارض الكردي اسماعيل تمو)، أو بواسطة ضرب شرائح اجتماعية والزعم إن لقوات الأمن يداً في قتلها (علماء، ومسؤولي جامعات، وعمال وتجار مرموقون).


    مصدر سوري مطلع على مجريات الأحداث، تحدث لـ"الخبر برس"، عن "استغراب دمشق للطلبات الصادرة عن اجتماع الجامعة العربية، والتوصيات التي صدرت عن هذا الاجتماع، خصوصاً إسناد رئاسة اللجنة العربية الوزارية إلى طرف يحرض على العنف في سوريا (رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني)"، وذكَّر المصدر بأن "جامعة الدول العربية لم تجرؤ على طلب الحماية الدولية لفلسطينيي غزة من نيران الطائرات الإسرائيلية عام 2008، بينما شكلت غطاءً لتدخل حلف شمال الأطلسي عسكرياً ضد ليبيا، وهو المفتاح الذي دخلت منه دول "الرأسمالية المتوحشة" لافتراس نفط الصحراء الكبرى، أحد أهم الاحتياطات البترولية في العالم"، وأضاف أن "التئام الجامعة العربية كان تجلياً لرغبة أميركية واضحة في محاولة تطويق سوريا ضمن محيطها العربي، بعد الفشل في استصدار قرارات دولية ضدها"، وإذ طمأن المصدر السوري إلى أن "دمشق تعمل على أساس أنها تجاوزت مرحلة الخطر"، إلا أنه أوضح أن "موقف عواصم عربية معينة كان أسوأ بكثير من الغرب نفسه"، وكشف المصدر أن "كواليس الاجتماع شهدت استعجالاً خليجياً، لا سيما من قبل قطر لفرض شروط إستسلام على القيادة السورية، بالوكالة عن الإدارة الأميركية".


    الحجر الآخر الذي حاولت رميه الإدارة الأميركية في سوريا كان مسار العقوبات الاقتصادية، وهو قد فشل نظراً إلى طبيعة النظام الاقتصادي في البلاد، على العكس من أنظمة أخرى في المنطقة قد تتهاوى بمجرد سحب ودائع أو حجز أموال، كما هو الحال لدى دول الخليج العربية، يضاف إلى ذلك نوعية التعاون التجاري والمالي بين دمشق وطهران، وتأسيس المشاريع الانتاجية الكبرى بين البلدين، خارج إطار التحكم الذي يتميز به النظام المالي العالمي (أكثر من مئة مشروع حيوي مشترك)، كون سوريا وإيران غالباً ما تستهدفان بالعقوبات والحصار الاقتصاديين، وهو الأمر الذي دفع الإدارة الأميركية إلى إدراك أن من عوامل تحقيق انتصارها على دمشق ضرب أو استنزاف حليفتها القوية في المنطقة ....إيران، وقد فهمت واشنطن الرسائل الإيرانية التي تحدثت أكثر من مرة عن أن "المواجهة مع سوريا تعني أن المواجهة ستعم المنطقة".


    ويبرز في لعبة التطويق الأميركية التي تمارسها واشنطن في المنطقة، ما أعلن مؤخراً عن اتهام طهران بـ"مؤامرة" تستهدف اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وفي هذا المجال يقول الخبير الاستراتيجي الإيراني أمير موسوي، في حديث خاص لـ"الخبر برس"، إن "عجز الإدارة الأميركية عن إسقاط النظام السوري بالتزامن مع الصعود العسكري للجمهورية الإسلامية، قد دفع واشنطن إلى الدخول من الخاصرة الرخوة للمنطقة وإعادة بث نار الفتنة بين دولها ومكوناتها"، ويلفت موسوي إلى أن "القوة العسكرية الإيرانية تشكل عامل دعم إستراتيجي لقوى الممانعة في المنطقة، ومن بينها سوريا"، ويرجح عامل كسر العنفوان العسكري الإيراني، كمحرك للإعلان الأميركي عن المؤامرة المفترضة، "خصوصاً بعد حديث طهران عن ممارسة حقها في كسر الاحتكار الغربي للمياه الدولية".


    ويشير الخبير الإيراني إلى زاوية أخرى ينظر إليها الأميركيون وهي "قيام بعض القوى الإقليمية بالتكتل في المنطقة، بعد التطورات التي شهدتها، في إطار مشهد مختلف عما تريده واشنطن التي غالباً ما تروج لديمقراطيتها، وتحاول إسقاط مفهومها الخاص لهذه الديمقراطية على تحركات الشعوب في المنطقة"، ويذكر موسوي بمؤتمر دعم الانتفاضة (الذي عقد في طهران مؤخراً) "حيث ظهرت جبهة مناوئة وواسعة في مواجهة المشروع الأميركي الغربي الجديد في المنطقة، وربما تحاول الدعاية الأميركية الأخيرة السعي إلى تحييد أو إحباط قوى إقليمية فاعلة عن رسم صورة المشهد العام في المنطقة".


    غير أن الملفت في مشهد المنطقة أن بعض أوراق النار الأميركية، بدأت تحرق أصابع الاقتصاد التركي، فقد اكتسبت أنقرة عداء دمشق بعد أن فشلت في تحقيق الأهداف العسكرية التي رسمتها لها واشنطن في الداخل السوري، ولم تقدر على تأمين قاعدة خلفية آمنة لمناوئي النظام (جلب الضابط السوري الهارب "حسين الهرموش" من تركيا)، وهو الأمر الذي أثر في صورة النموذج التجاري التركي، ففي "قيزلجه حمام" (أنقرة) حيث يعقد حزب العدالة والتنمية الحاكم خلوة عمل منذ عدة أيام، تطرق رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلى "ضرورة التقشف، ورفع الضرائب على السلع الكمالية"، ودعا "الناس إلى الامتناع عن شراء السيارات الفخمة، والتدخين"، ليخلص إلى أن "مسألة شد الحزام ستكون حتمية"، وقد أرجع معارضو أردوغان التدهور الاقتصادي التركي إلى "غباء" الأخير السياسي فهو قد ناصب العداء للمجال الحيوي السوري، في الوقت الذي يعاني المحيط الأوروبي من انكماش اقتصادي وأزمات مالية.


    ويبدو أن عرب الخليج لن يتعظوا بالنموذج التركي، الذي بدأت الأرقام الرسمية تتحدث عن انخفاضٍ في نموه الاقتصادي، ولن يلتفتوا إلى احتمالات تقليص الغرب لاعتماده على نفط الخليج بعد استيلائه على ليبيا، وإذ يرضى هؤلاء العرب بأن يبقوا ضعفاء أمام الأميركي خشية بطشه، فإن كأس اللااستقرار لن يطول به الأمر حتى يصل إلى عروش وتيجان طال مكوثها و"تلك الأيام نداولها بين الناس".
    **منقول**
يعمل...
X