إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العبقري الكسندر سوكوروف ( مخرج سينمائي ) يعالج فكرة علاقة الفنان بالسلطة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العبقري الكسندر سوكوروف ( مخرج سينمائي ) يعالج فكرة علاقة الفنان بالسلطة

    الكسندر سوكوروف ..مخرج سينمائي يعالج فكرة علاقة الفنان بالسلطة

    RIA NOVOSTI Ekaterina Tchesnokova

    يعتبر الكسندر سوكوروف من المخرجين السينمائيين القلائل الذين يكرسون اعمالهم للبحث الفني وليس لأغراض الكسب التجاري.
    ويبدي سوكوروف في هذا المضمار اصرارا لا نظير له في عالم السينما المعاصرة وبذكرنا بعمل المخرجين الشهيرين ايزنشتين وتاركوفسكي. وابداعه ظاهرة تجسد العمل الفني الضخم والمتنوع. ولا تقف في طريق سوكوروف تقلبات السياسة ومتطلبات الثقافة الاستهلاكية بل انه يمضي بدأب نحو بلوغ الهدف المنشود. ان اعماله تثير الجدل في روسيا ، بيد ان اسمه اصبح بالنسبة للجميع رمزا لمسؤولية الفنان عن ابداعه وموهبته. وقال الفنان عن منحه الجائزة الكبرى –"الاسد الذهبي للقديس مرقس" في مهرجان البندقية السينمائي بدورته الى 68 في عام 2011 انه" سار طوال حياته الابداعية لبلوغ هذا الهدف". كما حصل فيلمه " فاوست" في المهرجان على جائزة روبير بريسون لقاء رصيده في " البحوث الروحية في السينما". وكان فيلم سوكوروف " نحن نقرأ كتاب الحصار" قد حصل في مهرجان البندقية في عام 2009 على تقدير مماثل. وقدم المخرج ثلاثيته " مولوخ " عن هتلر و"الثور" و"الشمس" في مهرجانات البندقية السابقة وحصل على جوائز مختلفة عنها. لكن منحه الجائزة الكبرى للمهرجان في هذا العام عن فيلم " فاوست" يمثل فعلا خاتمة مسيرته الابداعية لبلوغ ذروة التقدير في هذا المهرجان. وهذا الفيلم يعطي تأويلا حرا لمسرحية غوته حيث يبدو فيها فاوست في شخصية السوبرمان التي صورها نيتشه في كتابه " هكذا قال زرادشت". ان فاوست يتحرر هنا من جميع الاوهام التي حطمها نيتشه بصورة منهجية في اعماله الفلسفية عن علاقة الانسان بالمجتمع والدين. ويبدأ الفيلم باظهار فاوست وهو يشرح جثة انسان بحثا عن الروح فيها. لكنه لا يجد هذه الروح. وقد انتزع من الفيلم جميع السمات الرومانسية والغلو في تصوير شخصية البطل الفذ والتي تذكر المشاهد بابطال هوفمان البرجوازيين الذين يبتعدون عن الرومانسية تماما. وشخصية فاوست في الفيلم الذي تنقل احداثه في الفيلم الى القرن التاسع عشر لا تشبه شخصيات فاوست فهو يتاجر بكل شئ ...بالارواح وبلوازم اداء الشعائر الدينية في الكنيسة وتماثيل المسيح والعذراء، ويحول القيم الدينية كلها الى سلعة للبيع والشراء بعد ان باع نفسه للشيطان. وفي هذا يربط المخرج بين شخصية فاوست وشخصيات الحكام الذين استبدوا ابان وجودهم في السلطة مثل هتلر ولينين وهيروهيتو في افلامه السابقة. انهم الحكام الذين يتسمون بصفة الكاريزما (الزعامة المطلقة) وقد افرزهم العصر الصناعي والتقدم العلمي والاقتصادي والتكنيكي وجاءوا الى السلطة بصورة غير شرعية ويظهرون عادة في فترة الازمات في اوطانهم. وفي عهودهم تهيمن البيروقراطية والروتينية في ادارة شئون الدولة. ويحتاج هؤلاء الحكام الى الزعامة لتبرير عدم شرعية وجودهم في السلطة. بينما يبرز مفيستوفيل(الشيطان) بدور مزدوج حيث يذكر فاوست باستمرار بان وراء رغباته وتطلعاته الحسابات الانانية العادية . وفي نهاية الفيلم يلبس الشيطان فاوست دروع فرسان القرون الوسطى ويجلسه على صهوة حصان بغية اكتساب هيئة " السوبرمان"- الرجل الاعلى. لكن فاوست يتخلص من الدروع والحصان بعد ان يدرك ان مظهر" الفروسية البطولي" زائف وانه يمثل في الواقع الانانية والعدمية في سلوكاته.
    وصور الفيلم في الاماكن التاريخية بالمانيا واسبانيا وسجل الحوار في النسخة الاصلية باللغة الالمانية ، وشارك فيه فنانون من 75 بلدا. ويمكن القول ان سوكوروف اخرج فيلما فريدا من نوعه مترعا بالجد والهزل في آن واحد ، ومتكاملا من الناحية الجمالية لروعة المشاهد المصورة.
    ويتميز ابداع سوكوروف سواء السينمائي او الادبي بالفرادة في اساليب التعبير وطرح الافكار. وعمل سوكوروف على الجمع بين التوثيق والابداع الروائي. وبالرغم من اخراجه اكثر من 40 فيلما وثائقيا وروائيا فأنه يواصل البحث عن لغته الخاصة في التعبير السينمائي في عمليات بحث طويلة تشمل كل شئ – معالجة الفكرة واساليب التصوير وعمل الممثلين والتدرب على المشاهد قبل التصوير واختيار اماكن التصوير في الطبيعة. ويتجه ليس في عجلة من أمره في العمل .ويهتم سوكوروف بالانسان ومصائره وتدور جميع اعماله حول هذا المحور.


    مشهد من فيلم "فاوست"

    * * *
    ولد الكسندر نيقولايفيتش سوكوروف في 14 يوليو/تموز عام 1951 في قرية بودورفيخا بمقاطعة اركوتسك في سيبيريا في اسرة ضابط. وبحكم عمل والده كان الكسندر يتنقل من حامية عسكرية الى اخرى حيث يؤدي والده الخدمة.فتعلم في المدرسة الابتدائية في بولندا بينما تخرج من المدرسة الثانوية في تركمانيا. وفي عام 1968 التحق بكلية التأريخ في جامعة غوركي.
    وفي فترة الدراسة بدأ العمل في في تلفزيون المدينة واخرج اولى البرامج التلفزيونية في سن 19 عاما. وفي عام 1974 تخرج من الجامعة وفي العام التالي 1975 التحق بكلية الاخراج في معهد السينما بموسكو ومنح جائزة ايزنشتين لتفوقه في الدراسة. وتعرف في المعهد على كاتب السيناريو المعروف يوري ارابوف الذي اصبح شريكه في العمل السينمائي لاحقا. وفي فترة الدراسة اتهمت ادارة المعهد سوكوروف بالشكلية وبمعاداة الاتحاد السوفيتي. ورفض فيلمه الاول لنيل شهادة الدبلوم" صوت انسان وحيد" المقتبس عن قصة للكاتب اندريه بلوتونوف وقررت الادارة اتلافه. لكن سوكوروف وارابوف عمدا الى سرقة الفيلم من ارشيف المعهد ووضعا بدلا منه فيلما آخر جرى اتلافه. وفي هذه الفترة اعرب المخرج المعروف اندريه تاركوفسكي عن تأييده له و كتب عن الفيلم المذكور :"توجد لدةى سوكوروف اشياء غريبة غير عادية وحتى قد تبدو حمقاء وغير مفهومة وغير مبروطة ببعضعها البعض .. لكنه .. عبقري .. ان الفيلم صنعته يد عبقري..". وبتوصية من تاركوفسكي بدأ سوكوروف العمل في استديو " لينفيلم" بعد رفض قبوله في استديو"موسفيلم". لكن لم يسمح بعرض افلامه من قبل السلطات ورفض سوكوروف عروض تاركوفسكي للسفر والعمل في خارج البلاد لأنه يعتقد ان ابداعه مرتبط باللغة الروسية وبالمجتمع الروسي. وفي عام 1980 بدأ تقديم افلامه في المهرجانات السينمائية العالمية وحيث حققت نجاحا كبيرا.وحصل المخرج على 23 جائزة دولية منها جائزة تاركوفسكي وجائزة الفاتيكان وجائزة الفهد البرونزي(لوكارنو) والدب الذهبي(برلين) و"نيكا"(موسكو) وجائزة الدولة الروسية وغيرها. وفي عام 1995 قررت اكاديمية السينما الاوروبية وضع اسمه في قائمة افضل المخرجين السينمائيين في العالم.
يعمل...
X