إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدكتور ( جوزيف كلاس ) الحكيم الإنسان والأديب المبدع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدكتور ( جوزيف كلاس ) الحكيم الإنسان والأديب المبدع

    في وداع الحكيم الإنسان والأديب المبدع
    الدكنور : جوزيف كلاس
    نذر حياته لخدمة المجتمع.. وأسهم في تقدمه طبيباً وإدارياً ومثقفاً شاملاً


    محمد مروان مراد
    قبل أن يكتشف الإنسان أن له عقلاً في أعلى عموده الفقري، كان قد مد يده إلى صدره، واكتشف أن فيه خافقاً غريب الحركة يهز كيانه، يلعب به عشقاً ونبضاً وعصياناً وفرحاً وحقداً وتمرداً.. اكتشف قلبه،

    وسرعان ما جعله معبداً لألف نوع من الصلاة.. مضغة صغيرة في الصدر ومعبد وهمي للحب ودهليز للروح والحياة.. وسر عظمة القلب أن الله تعالى ميزه عن بقية أعضاء الجسد، حين زوده بعقدة عصبية صغيرة بحجم حبة الصنوبر، ومقرها بين الأذنين والبطين، تولد شحنات كهربائية حقيقية، تطلقها حيناً فتحدث انقباض القلب، وتحسرها حيناً آخر فيكون انبساطه، وبذلك يتحقق دوران الدم المنطلق من القلب ثم يعود إليه بفضل مجموعة صمامات في داخله وشبكة واسعة من الأوعية في خارجه تنتشر في جميع أنحاء الجسم.‏
    بهذا الأسلوب الأدبي والفني المتميز يحملك الطبيب الأديب اللامع الدكتور «جوزيف كلاس» معه على جناح العبارة الأنيقة، والمعلومة الدقيقة، في رحلة شائقة عبر مئتي صفحة في عالم القلب، فسيح الأرجاء واسع الآفاق، يرى فيه المؤمنون وعاء للعقل والضمير ويرى فيه العلماء الآلة التي تستمر بها الحياة، ويرى فيه الأدباء والشعراء القيثارة التي تزين بأنغامها أناشيد الحب.‏
    هو ابن الشام من مواليد حماة عام 1921، حاز الدكتوراه في الطب البشري (جامعة دمشق) 194٩، وشهادة الدكتوراه في أمراض القلب من جامعة باريس عام 1953، وأصبح بعدها عضو الجمعية الفرنسية لأمراض القلب، وسكرتيراً عاماً للندوة الدولية حول وقاية القلب من أمراض الشرايين الإكليلية ومعالجتها.‏
    مارس مهنة الطب منذ العام 1956 رئيساً لشعبة أمراض القلب في مشافي دمشق، وشغل فيها العديد من المناصب الإدارية القيادية.‏
    وعضواً في العديد من نقابات الأطباء والمنظمات الطبية العالمية وفي الجمعيات الأهلية، جال الدكتور كلاس في العالم ورأى الناس يقرؤون بنهم في الحدائق والمقاهي، والحافلات، فقرأ أكثر وأكثر، ثم كتب ما قرأ واحتفظ به وتجمعت لديه على مر السنين ذخيرة غنية من المعلومات في الطب والأدب والفلسفة والعلوم، قام فيما بعد بتنقيتها وترتيبها لتغدو مؤلفات شائقة وكتباً علمية وتاريخية موثقة.‏
    يعتبر الدكتور كلاس بحق واحداً من الأطباء العرب القلائل الذين استهواهم الأدب والتاريخ فجال في الميدانين فارساً مجلياً عاين قلوب مرضاه وقدم لهم العلاج والشفاء بتمكن الطبيب الناجح ومقدرته، وأمتع قراءه وهو يطوف بهم في سرادقات التاريخ والحضارة والسياسة.‏
    وكان في كل ما أنتجه كاتباً معتمداً على الصدق ونزاهة العمل البحثي، وعلى مكنوز كبير من الثقافة العلمية والأدبية.. إنه بحق وجه متميز في كوكبة الأطباء الأدباء، سوف ينصفه التاريخ بالتأكيد، وسيحله في المكانة السامية التي يستحقها..‏
    برز محاضراً وباحثاً أكاديمياً ورصعت المحافل الدولية صدره بأوسمة خمسة استحقها عن جدارة في مسيرته المتميزة في ميدان الطب والفكر..‏
    من الصعب جداً أن نختصر مسيرته في هذا الحيز الضيق، ولكن من المثير للدهشة أن نسأل: كيف استطاع هذا المفكر القدير أن يجد الوقت للوظائف الكثيرة المرموقة التي شغلها في إدارات الدولة ومؤسساتها الطبية، وفي ميادين الأنشطة المهنية والعلمية، وكيف وجد الوقت للدراسات العلمية والبحوث الأكاديمية، وللمؤتمرات الطبية، والأنشطة الثقافية محاضرات وندوات.. ثم وليس آخراً المؤلفات الراقية: مسيرة الطب في الحضارات القديمة، القلب بين الطبيب والأديب، أناشيد من الفرودس المفقود، أعلام الفكر الأندلسي، الحياة السياسية في العصور العربية القديمة.. دمشق الفيحاء أرض الرسل والأنبياء.‏
    ولا نفكر في الإجابة طويلاً، بل نعرف على الفور، أنه نذر عمره وضوء عينيه ليؤدي دوره المتميز في خدمة المجتمع ونهضة الوطن.. فكان جديراً بتقدير الأمة وعرفانها، وأن تكون في وداعه جماهير من طلابه وأصدقائه وقرائه وكل من عرفه إنساناً رائعاً، وشخصية متألقة في ميادين الطب والعلوم والإدارة والثقافة والعمل التطوعي بعزم لا يكل، ووطنية صادقة وقبل ذلك كله قلب كبير نابض بالمحبة والإيثار طوال مسيرته د. جوزيف كلاس شكراً لك.‏
يعمل...
X