إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من ديوان ( ترجمان الأشواق ) قصيدة سُحَيْرا أناخوا -لإبن عربي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من ديوان ( ترجمان الأشواق ) قصيدة سُحَيْرا أناخوا -لإبن عربي


    شرح ترجمان الأشواق



    مختارات من ديوان «ترجمان الأشواق»



    من قصيدة «سُحَيْرا أناخوا»


    ....................... .......................
    أفيقوا علينا، فإنا رُزِئنـا ..|.. بُعيدَ السُّحيْرِ قُبيْلَ الشروقِ
    بيضـاء غيداء بهتـانةً ..|.. تُضوّعُ نشراً كمِسكٍ فتيقِ
    تمايَلُ سَكرى، كمثل العضونِ ..|.. ثنتها الرياح كمثل الشـقيق
    برِدفٍ مهولٍ كدعص النقا ..|.. ترجرج مثل سَـنامِ الفنيقِ
    فما لامني في هواهـا عَذولٌ ..|.. ولا لامني في هواهـا صديقي
    ولو لامني في هواهـا عذولٌ ..|.. لكان جوابي إليه شـهيقي
    فشوقي ركابي، وحزني لباسي ..|.. ووجدي صبوحي، ودمعي غبوقي

    الشرح:
    البيت الأول والثاني:
    يقول: ولا تشغلكم أحوالكم التي قد أضعَفتكم وأفنتكم عن أن تفيقوا للنظر في حالنا لتعلقنا بكم، وطلبنا المعونة على ما نحن بصدده بهمتكم ودعائكم وقوله: «فإنا رزئنا» من الرزية. يقول: أخذنا عنا، ولم نصل إليه وصول من حصل بيده شيء لمكانة العزة. وقوله: بعيد السحير، قبيل الشروق، وهو زمان العروج من النزول الإلهي إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل إلى طلوع الفجر. يقول: انقضى الوقت. ولم نحصل على مطلوب وجعل ذلك رزية.

    يقول: رزئنا بفقد بيضاء، أي ما فيها شك، يريد هذه الصفة الذاتية التي هي مطلوبة، وقوله: غيداء يقول: مع كونها جليلة القدر فها ميل إلينا، وهو النزول الذي ذكرناه، ومع هذا فلا نحصل منه ما يضبطه علم أو عقل أو وهم أو خيال، والبهتانة: الطيبة الريح.
    يقول: إن لهذه الصفة في قلوبنا طيباً ونشراً، يقول وإن لم تشهد ذاتها فإن لنا منها ما لنا من المسك رائحته، وإن نشهد عينه، وهذه هي الآثار الإلهية التي في قلوب العباد، غير أن كل أحد ليس له مشم إدراك ما هي عليه من العطرية. والنشر: الطيب. وشبهها بالمسك لأنه أطيب الطيب ولاسيما إذا كان مفتقاً فهو أطيب، وأليق بالمشام الإنسانية، ولو كان ثم ما هو أطيب من تلك الرائحة إذا أوقع التشبيه.
    البيت الثالث والرابع:
    يقول: تمايل، أي تتمايل وهو النزول كما ذكرناه، وقوله: سكرى، يشير إلى مقام الحيرة، لأن السكران حيران، فإن الميل إلينا لا يكون إلا بقدر ما يقع به التفهيم عندنا مما يناسب كأحاديث الضحك، والفرح، والتبشيش وما أشبه ذلك.

    وقوله: كمثل الغصون، لأنها محل الثمر أي ميلها للإفادة، وقوله ثنتها الرياح أي أمالتها الهمم بطلبها إياها، فإنه تعالى يقول {ادعوني أستجب لكم} ومن تقرب إلي شبراً تقربت منه ذراعاً فقربك شبراً أدى تقريبه إليك ذراعاً شبراً لشبر جزاء الزائد للمنة الإلهية والفضل الخارج عن الكسب.
    وقوله: كمثل الشقيق، وهو الحرير الخام الذي لم تدخله صنعة الآدمي. يقول أي أنها ما هي عليه.
    يشير إلى ما أردفه من النعم المعنوية، وغير المعنوية على عباده، وقوله مهول لمن فكر في ذلك عظم عليه، وهاله ما أردفه سبحانه من جسيم مننه التي لا طاقة للعبد على القيام بشكرها. وشبهها بكثيب الرمل لارتكا بعضها على بعض ونضدها وكثرتها، وتميز بعضها من بعض كما تنفصل دقيقة الرمل من الرمل، أي لا تمتزج فتختلط فلا تعرف، ثم شبه حركتها في قلوب العارفين بها مثل سنام الجمل العظيم في الرفعة والسنم فإنه دهن كله والدهن ممد الأنوار للبقاء فكذلك هذه العلوم إذا قامت بقلوب من قامت بها، أورثتها البقاء الأبدي في النعيم الأبدي.

    البيت الخامس والسادس والسابع:
    يقول: لاتساعها لا تتعلق غيرة العباد بها لأنها مع كل أحد كالشمس لو اتفق أن تهواها القلوب لقطعت بأسها من تماسها ذاتها، لنزاهتها وعلوها من مقام محبيها، ولنالت منها مقصودها بمجرد النظر على الانفراد لأنها متجلية لكل عين، فلهذا لا تصح الغيرة على محبوب بهذه الصفة، فإن المصلي يناجي ربه وكل شخص في زاويته على انفراده، يناجي ربه بقلبه، فلا يقع في ذلك ازحام فلا غيرة ولا لوم من عاذل ولا من صديق أصلاً.

    يقول: لو تصور اللوم إلي من أحد في حبي إياها لكان جوابي الإعلان بالبكاء والزفير.
    ويقول: فشوق ركابي إليها وهو الذي ينزلني عليها. يقول الحق تعالى: «أين المشتاقون إليّ (أنزههم في وجهي) وأرفع لهم الحجب عني يروني فطوبى لهم ثم طوبى لهم ما أحسن تلك المناظر العلى بالمقام الأجلى والمكانة الزلفى»، ثم قال: «إن وجدي بهم غذائي الذي هو سبب حياتي»، والصبوح شرب الغداة والغبوق شرب العشى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} كما للمحجوبين النار يعرضون عليها غدواً وعشياً.

    وختاماً لهذه الرحلة المتواضعة مع شخص عظيم من عظماء الأرض الحقيقيين أي شيخنا الأكبر محي الدين بن عربي أحب أن أستشهد بهذه الآيات الكريمة من القرآن الكريم:
    يقول الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} (سورة محمد، الآية 25)
    وأيضاً، قوله تعالى: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان} (المجادلة، 21)
    وأيضاً، قوله تعالى: {أما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} (آل عمران،7) صدق الله العظيم.
يعمل...
X