إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنان حمود شنتوت - للوحاته طعم التاريخ ورونقه وجاذبيته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان حمود شنتوت - للوحاته طعم التاريخ ورونقه وجاذبيته

    العدد 5 ... تشكيل
    المعرض الأحدث للفنان
    "حمود شنتوت"
    للوحاته شكل مرور الزمن ووقعه وجاذبيته


    يقدم الفنان "حمود شنتوت" مجموعة من أعماله الأخيرة في قاعة" أرت هاوس" في المزة، وتمثل هذه الأعمال المدى الذي وصلته تجربته التشكيلية المتميزة التي اعتمدت على ثنائية الإنسان- المكان منذ انطلاقتها قبل ما يقرب من الثلاثين عاماً.
    منذ مشروع تخرجه في كلية الفنون الجميلة بدمشق عن الغرفة- المرسم سلك حمود شنتوت درباً سيؤدي إلى توظيف كل ما يراه لصالح مناخ تعبيري خاص يحكي حكاية الإنسان والمكان. و عبرت تجربته بثبات طريقاً طويلة بدأت من عوالم الغرف الضيقة والحميمية التي تخلقها، ووصلت إلى الفضاءات المليئة بالنور التي تسبح فيها أطياف ملائكة وبشر في لوحاته الأحدث.
    ولكن صنع عالم خاص وشخصي كان قد مر بمرحلة تأسيس ضرورية، اهتم فيها بما يعتبره بعض المتفذلكين، المتسلقين على جدران الفن التشكيلي كالطحالب، شيئاً يمكن الاستغناء عنه. أقصد هنا قوة الرسم، إتقانه، واختبار التقنيات، وهو ما شكل أساساً متيناً جداً نهضت عليه إنجازاته التشكيلية اللاحقة.
    يخلط حمود، مثلما قد نرى في مرايا خاصة، عالماً واقعياً، نرى أصولاً له في مرسمه ومزرعته وفي قرى وشخصيات حقيقية إلى جانب عالم خيالي، افتراضي، وكأنما يجمعهما مثل صورتين على ورق شفاف تشكل كل حركة من إحداهما فو ق الأخرى رؤية مختلفة وعالماً يزداد غرابة عند أية حركة، ولكن الأجمل هو أننا سنستمتع حتى برؤية أعماله مقلوبة بسبب غنى السطح الذي يغلي بحبكات وألوان وسماكات وأضواء وظلال، وهو يمسك سطحه هنا مثلما قد يفعل أي مايسترو في قيادة فرقته، يبعث كل ركن لوناً أو ضوءاً أو حبكة تسهم في الموسيقاالعامة للمشهد.
    الجديد في معرضه الحالي قياسات اللوحات الضخمة، ربما ساعد المكان على إظهارها أو حتى رسمها إذا ماافترضنا أنها أنجزت للمكان.
    نرى ثلاثيات ضخمة عن أمكنة رحبة. حدائق وواجهات بأقواس كبيرة في نوع من احتفاليات وأعراس دون زمن ،تجري في أجواء سديمية، وتنبثق الأضواء والظلال من أماكن غير متوقعة ومنابع مختلفة.
    يجمع حمود مساحات خشنة إلى جانب أخرى ناعمة، ونرى الأشخاص يرسمون بخطوط فقط بقع ظل ملونة تتوزع إلى جانب مساحات نور في جو يجمع الديني إلى الدنيوي تحت غبش بعد ظهر ما.
    أو نرى في ثلاثية أخرى احتفاء بالمرأة على مساحة ضخمة تتناغم فيها مساحات الضوء والعتمة. يرسم بخطوط خفية عدة نساء، أكبرهن حجماً في الوسط، تعزف الناي وأخريات يحملن أقنعة ويسبحن في فراغ اللوحة. تشكل الخطوط هنا فصلاً لأشكال النساء عن الخلفية التي تزخر بالنور، كما يستخدم سماكات كبيرة تشكل نتوءات على السطح. هنا أيضاً يجمع حمود على سطح واحد بين الواقع وسديم الخيال، وهو برسمه أشخاصاً، لا يرسم أحداً بعينه بل يحور الشكل الإنساني ويقربه من فكرة الإنسان المطلق ويؤكد على التأثير البصري والنفسي لينقلنا إلى حالة يود التعبير عنها.
    ولكن ولعه باستخدام الخامات يبرز إلى جانب ولعه بأجواء الأيقونة التي جعلها دنيوية، وهو باستخدامه رؤى أيقونية ذات بعد زمني يؤجج ناراً رومانسية روحانية وشرقية، ربما تأصلت لديه خلال عمله في كنيسة قديمة في باريس إبان دراسته للفن هناك في الثمانينيات.
    نرى في معرضه الأحدث أيضاً حرصه على موتيفاته الحميمية: الجدار الأبيض، العشاء الأخير، منظر خلوي من خلال الغرفة، مشاهد خلوية، وقد رسم بعض هذه الموتيفات على لوحات بقياسات متنوعة. هذا الحنين المتواصل لنبش الذاكرة هو نوع من التعاطف مع ما نرسمه، ويشكل عودة إلى أماكن زرناها، ونرغب في تكرار الزيارة، أوربما نرغب في إضاءات جديدة على خشبة المسرح التي صنعناها وربما مشاهد جديدة على المسرح الثابت الذي أحببناه.
    هذه الأجواء الساحرة التي رافقت تجربة شنتوت وألعاب الظل والنور وتعدد منابع الضوء وفروقات الملامس داخل السطح الواحد والتلاعب بالخطوط التي تنساب رهيفة وقوية الحضور يظهر بعضها ويغيب بعضها الآخر تحت ألوان أخرى يعيّن إلى حد بعيد ذلك الشغف الذي تخلفه أعماله لدى المشاهد. ورغم أننا سنلحظ، إذا ما دققنا، ألواناً كثيرة، أحمر أزرق أخضر.. كبقع صغيرة تملأ اللوحة، إلا أننا نرى في النهاية جواً عاماً يوحي بلون واحد قديم وعتيق له شكل مرور الزمن ووقعه وجاذبيته. ع.د

يعمل...
X