Announcement

Collapse
No announcement yet.

الرائد نذير إسماعيل فنان عرض في عشتار

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الرائد نذير إسماعيل فنان عرض في عشتار

    نذير إسماعيل
    في معرضه الأحدث في عشتار


    ينتمي إلى تلك الحلقة التي تعنى بالجمع بين الجماليات البصرية والمعنى الإنساني العميق للتعبير الفني
    36 عملاً بتقنيات متنوعة عرضها الفنان نذير إسماعيل في صالة عشتار للفنون الجميلة بين 2 و12 نيسان الجاري. أعمال على قماش وورق فيما يشبه نقلاً لمختبره من المرسم إلى فضول المُشاهِد.
    ونذير إسماعيل الودود الهادئ يُجري بدراية تامة صراعاً ذا امتدادات وأبعاد على السطوح البريئة والحيادية لأوراقه وأقمشته، ومنذ اللحظة الأولى التي اكتشف فيها قدرة ذلك المربع أو الدائرة أو المستطيل في الانبعاث كوجه بشري في تحويرات لا تنتهي أمسك بطرف الخيط الذي قاده في ذلك السعي الذي استغرق عقوداً من تجربة فنية غنية إلى إدراك قوته السحرية في نفوس من يشاهده وأيضاً في داخل من يصنعه، وقادته هذه الجدلية لاحقاً إلى اكتشاف عوالم أشد عمقاً وتعقيداً وأبعد عن التماس الراحة، والخلود للجماليات الراهنة، وأحسب أنه حدد منذ زمن طويل انتماءه واصطفافه إلى تلك الحلقة من البشر التي تعنى بالجمع بين الجماليات البصرية للفن والمعنى الإنساني العميق للتعبير الفني.
    ولا تبتعد لوحات معرضه الحالي عما ألفناه من أجوائه وعوالمه إلا في ذلك التجويد والغوص الذي لا يكل في اكتشاف أبعاد تقنية جديدة، وفي الشغف في ملاحقة المواد التي يعمل عليها: الورق والأقمشة والألوان والأحبار وطائفة يصعب حصرها من مواد لا تخطر على بال. يدخل بحثه في مختبر تقنياته إلى صلب عمله الفني ولا يمكن تصور أعماله دون هذه القدرة الاستثنائية في اختيار حلول دائمة التجدد في صناعة المواد، الورق والألوان خصوصاً، والبحث التقني هنا لا يمكن فصله عن العوالم البشرية التي يجري إغناؤها مع كل عمل جديد ولن نظفر، إذا ما استبعدنا التأثير التقني والبراعة والحنكة التشكيلية، إلا بأعمال تشبه الأفيشات البطولية لبشر أضاعوا مصيرهم، وسيختفي الجزء الأهم من القدرة التعبيرية التي تشع مع كل عمل لنذير إسماعيل.
    الإنسان
    تشبعت ذاكرة نذير إسماعيل في رحلته التشكيلية الطويلة بوجوه لا تحصى لمجايليه ومعارفه. وجوه قريبة ومألوفة لأهله وأصدقائه وأخرى غريبة وبعيدة، سديمية ومجهولة. وجوه مطمئنة وسمحة ، وأخرى خائفة سمّرها الرعب. وجوه اللوحات التي أحبها وأخرى للوحات مرت دون أثر، ولكنه عندما بدأ يرسم كان قد أزال كل ذلك ورسم وجوهاً أخرى تبحث عن عملية تصفية هائلة وإعادة صياغة لتصبح وجوهاً تخرج من عالمه الداخلي وتصب في عالمنا ونعرف أنها نحن لأنها تشبهنا ولأنها تخاطبنا بلهجتنا رغم الصمت العالي الذي يلفها.
    نرى وجوهاً كأن على رؤوسها الطير ورؤوساً علاها الطير فعلاً.
    نرى رؤوساً تحتل المقدمة ضمن مجموعة أبعدت للظل، ورؤوساً لفها نسيان الخلفيات الضبابية الفاتحة. يلعب نذير إسماعيل بمصائر بشره مثل إله فينيقي قديم، وربما بعد رحلة مضنية وتوالف يستبد بشرُهُ بفراغه ويتنقلون في لوحاته على هواهم ويلعبون لعبة الحياة والموت، نجدهم دون عيون تارة وأخرى دون آذان وغالباً دون أفواه. وهو يمسك بتكويناته بالمقدار اللازم لرؤيتها قوية ومتماسكة ومعبرة من جهة وللإفلات من قبضة نمطيتها واختراع عدد لا يحصى من احتمالاتها من جهة أخرى.
    استغرق العمل في الوجوه بعض تجارب الفن السوري قبل تجربة نذير إسماعيل، ولكن التجارب التي احتفت بالوجه الإنساني وقدرته التعبيرية بعد تجربته لن تفلت من التفاتة أكيدة نحو تجربته الجدية والشديدة الخصوصية في الفن التشكيلي السوري.

Working...
X